- د. أحمد دياب: رد طبيعي على حكم القضاء بحلِّ المجالس المحلية

- عبد العزيز الحسيني: المجلس العسكري والحكومة مسئولان عما حدث

- مجدي أحمد حسين: تباطؤ محاكمات الفاسدين وقتلة الثوار السبب الرئيسي

- جمال عيد: عزل الضباط المتورطين في قتل المواطنين قبل الثورة وبعدها

 

تحقيق: مي جابر

أثارت مشاهد ميدان التحرير، أمس، الحزن في نفوس المصريين؛ حيث أعادت للذاكرة مشاهد جمعة الغضب، من استخدام للقنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي من قبل قوات الأمن؛ حيث شعر البعض بالتهديد الحقيقي لثورة 25 يناير، التي قامت من أجل المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة.

 

وعلى الرغم من ضبابية الصورة بالميدان؛ حيث لا يستطيع أحد تفسير الأسباب الحقيقية لإشعال هذه الأحداث، إلا أن عددًا من الخبراء والمتخصصين أرجعوا ذلك إلى بطء سير محاكمات قتلة المتظاهرين، وعدم تطهير المؤسسات الحكومية من فلول الحزب الوطني المنحل، هذا إلى جانب عدم صدور قرار حظر أعضائه من ممارسة الحياة السياسية بعد إفسادها لمدة 30 عامًا.

 

(إخوان أون لاين) استطلع وناقش الأسباب الحقيقية لاندلاع أحداث ميدان التحرير في سطور التحقيق التالي:

 الصورة غير متاحة

 د. أحمد دياب

 

يصف الدكتور أحمد دياب، الأمين العام لحزب "الحرية والعدالة" بالقليوبية، أحداث ميدان التحرير بـ"الملتبسة" والمؤسفة، مستنكرًا تحويل ميدان التحرير الذي شهد أعظم ثورة شعبية نادت بقيم عليا مثل الحرية والعدالة والكرامة إلى ساحة لمعركة بين الشرطة والمواطنين أيًّا كانت توجهاتهم، وأحداث شغب تهدد تنفيذ مطالب الثورة.

 

ويتابع: "الصورة بالميدان ما زالت متداخلةً بدرجة كبيرة؛ ما يصعب معه استيضاح حقيقة الأمر؛ ولذلك على شباب الثورة التأني قبل تلبية أي نداء للنزول للميدان؛ ليتحروا ويعلموا من المعتصمين؟ وما مطالبهم؟، فإذا كانت المطالب الوطنية المتفق عليها مثل حق الشهداء، والتعجيل بمحاكمة القتلة، فالجميع ينادي بذلك، ولكن يجب ألا نحولها إلى معركة دامية يسقط فيها عشرات القتلى والجرحى".

 

ويضيف أن المشهد الذي نقلته وسائل الإعلام أمس يسعد فلول النظام المخلوع، الذي طالما خطط لذلك من خلال المجالس المحلية، التي شكلت المعقل الرئيسي للثورة المضادة، موضحًا أن تزامن أحداث التحرير مع صدور حكم حلِّ المحليات يثير الكثير من علامات الاستفهام، ويجعل فصل الأمرين عن بعضهما صعبًا للغاية.

 

ويستنكر د. دياب تعامل رجال الشرطة مع الحدث؛ حيث عادت إلى سياسة ما قبل الثورة، واستخدمت القنابل المسيلة للدموع التي ظن الشعب المصري أنه لن يراها مرة أخرى بعد جمعة الغضب، مطالبًا الداخلية باتباع ضبط النفس إلى أقصى درجة، وإنهاء الشغب ومحاولة فرض سيطرتها على الأوضاع داخل الإطار القانوني والمهني، بعيدًا عن استخدام اليد القمعية والباطشة.

 

حظر الفلول

 الصورة غير متاحة

عبد العزيز الحسيني

بداية يوضح عبد العزيز الحسيني، عضو حركة كفاية والقيادي بحزب الكرامة، أن هناك صلةً وثيقةً بين صدور حكم حلِّ المجالس المحلية والأحداث بالميدان؛ حيث اعتاد الشعب مشاهدة أحداث شغب وعنف بعد أي قرار يتم اتخاذه ضد النظام السابق، سواء كانت محاكمات أو حلِّ الحزب والمجالس المحلية، مؤكدًا أن هذه الأحداث مخططة ولا تحدث بشكل تلقائي؛ حيث إن من مصلحة رجال النظام السابق ضرب الثورة الشعبية في مقتل.

 

ويحمل الحكومة مسئولية هذه الأحداث الدامية؛ بسبب تباطؤها في تحقيق أهداف الثورة، ومحاكمة الفاسدين وقتلة الثوار، وهو ما زاد من احتقان الشعب المصري، مضيفًا أن التعامل الأمني العنيف مع المواطنين أسهم في زيادة هذا الشعور؛ حيث مَن يحاكم هم الشباب وليس البلطجية أو فلول الحزب المنحل.

 

ويرفض تحميل مسئولية التعامل الأمني العنيف مع المتظاهرين لوزير الداخلية وحده، مؤكدًا أن المجلس العسكري ومجلس الوزراء شريكان معه في تحمل المسئولية.

 

ويضيف الحسيني أن البعض تغافل مبدأ تطهير المؤسسات الحكومية التي خرجت من أجله أول مليونية بعد إسقاط النظام، مبينًا أن التراشق والاتهامات التي شنَّها البعض على شاشات الفضائيات، تهدم ما بنته الثورة التي احتضنت جميع القوى الوطنية بميدان التحرير دون استثناء.

 

وينتقد عدم اتخاذ قرار بحظر أعضاء الحزب الوطني المنحل من الممارسة السياسية، وخاصة أعضاء مجلس الشعب والمجالس المحلية، متسائلاً:" كيف نسمح لمن قام بتزوير الانتخابات والاستفادة من سلطاته في نهب ثروات الشعب بخوض الانتخابات مرة أخرى، وممارسة العمل السياسي؟ على الرغم من أن المحكمة أدانت الحزب المنحل، واتهمته بإفساد الحياة السياسية طوال العقود الثلاثة الماضية".

 

ويرى أن القوى الوطنية ساعدت في الصورة التي خرجت أمس من ميدان التحرير بدخولها في جدل عقيم حول قضية "الدستور أولاً أو الانتخابات أولاً" مع أنها محسومة، والقضية التي يجب أن تأخذ الحيز الأكبر من التفكير هي إعادة الأمن للبلاد، وتنفيذ القوانين، واحترام المواطن، ويقترح الاستعانة بخبراء أمنيين واجتماعيين؛ لعلاج مشكلة الانفلات الأمني، وتعقد العلاقة بين الشرطة والشعب؛ حيث ترسخت ثقافة القمع لمدة 30 عامًا بعقول الضباط، بالإضافة إلى ثقافة الشعب المصري الذي كره البطش والتعذيب".

 

الكيل بمكيالين!

 الصورة غير متاحة

جمال عيد

ويعرب جمال عيد، المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، عن استيائه من عودة الشرطة إلى استخدام القوة المفرطة في التعامل مع المواطنين، وسقوط عشرات الجرحى، مؤكدًا أن النوايا الحسنة لوزير الداخلية اللواء منصور العيسوي لا تكفي؛ ولكن يجب أن يثبت قدرته على إدارة الوزارة والسيطرة على العديد من الضباط المعروف ولاؤهم لـ(حبيب العدلي) صاحب مدرسة بطش العسكر.

 

ويشدد على ضرورة إقالة وعزل كل الضباط المتورطين في قمع وقتل المواطنين قبل وبعد الثورة، كما يجب أن يقوم وزير الداخلية بعمله بشكلٍ واضح وحازم أو الرحيل، معتبرًا أن تنفيذ العدالة وسيادة القانون على الجميع هي سند الديمقراطية التي ينشدها الشعب المصري بعد إسقاط النظام الظالم.

 

ويستنكر تباطؤ سير إجراءات المحاكمات والتسويف والمماطلة في محاكمة رموز النظام السابق، وعلى رأسهم المخلوع حسني مبارك، وعلى النقيض محاكمة الثوار والمواطنين بشكل سريع أمام القضاء العسكري، متهمًا النائب العام بالاشتراك في تطبيق سياسة الإفلات من العقاب، ومحاولة الضغط على أهالي الشهداء للتنازل عن القضايا الموجهة لوزير الخارجية الأسبق حبيب العدلي.

 

ويطالب عيد المجلس العسكري بعزل النائب العام ومساعده وتعيين نائب عام جديد، كخطوةٍ لتهدئة المواطنين في مصر وإعادة الثقة في النيابة العامة، مبينًا أن ذلك سيعمل على إعادة الثقة في الأجهزة المسئولة عن تطبيق العدالة بمصر، وسبيل من سبل جلب الاستقرار الناتج من سيادة القانون والديمقراطية، وليس عن طريق القمع البوليسي أو المحاكمات العسكرية.

 

بطء المحاكمات

 الصورة غير متاحة

مجدي أحمد حسين

ويرجع مجدي أحمد حسين، الأمين العام لحزب العمل، أحداث التحرير إلى حالة الغضب التي تسود الشارع المصري والشباب الثائر على المحاكمات الهزلية ضدَّ قتلة الثوار والرئيس المخلوع حسني مبارك، مضيفًا أن تأجيل محاكمته لشهر أغسطس القادم وبقائه بمستشفى 10 نجوم، بالإضافة إلى الإفراج عن سوزان وبعض المتورطين في قتل الشعب المصري يثير بركان الغضب الكامن لدى أهالي الشهداء والشارع المصري.

 

ويضيف أن أسر الشهداء تشاهد يوميًّا قتلة أبنائهم يمارسون أعمالهم بأقسام الشرطة كما كانوا قبل الثورة، مبينًا أن هناك عددًا كبيرًا من الضباط المتورطين في قتل المتظاهرين حصلوا على ترقيات بعد الثورة، وكأنها مكافأة على ما فعلوه من جرائم أثناء محاولتهم قمع المظاهرات وحماية النظام الفاسد.

 

ويؤكد أن الشعب المصري الذي ثار في 25 يناير ليسقط أكبر طاغية بالوطن العربي أذكى من أن يتم خداعه بمحاكمات هزلية، قائلاً: "هناك محاولات للعفو عن مبارك وزبانيته، بدليل تأجيل محاكمة مبارك وحبس حبيب العادلي على ذمة قضايا أخرى غير قتل الثوار".

 

ويلفت النظر إلى أن القوى السياسية تسعى لاتباع سياسة ضبط النفس، وذلك من أجل أن يسود الهدوء البلاد حتى إجراء الانتخابات البرلمانية، وانتهاء الحكم الانتقالي المرتبك الذي تسبب في ظهور مثل هذه الحوادث، موضحًا أن الحكومة الحالية مرتعشة وهناك العديد من تصريحات بعض الوزراء تثير غضب الشعب المصري مثل تصريح وزير المالية سمير رضوان أن الاقتصاد المصري كان عظيمًا في عهد مبارك!.

 

حماية الثورة

 الصورة غير متاحة

حمدي البطران

من جانبه يشير حمدي البطران، لواء الشرطة السابق، إلى أن هناك أمرًا غريبًا يهدد أمن الوطن، موضحًا أنه لا يمكن تحميل الشرطة ما لا تطيق؛ حيث إنه يجب تدعيمها لتؤدي دورها وواجبها في حفظ الأمن وإعادة الاستقرار، معتبرًا ما حدث من رجال الشرطة بالميدان وأمام وزارة الداخلية هو دفاع عن النفس، على حدِّ قوله.

 

ويشيد بقرار انسحاب قوات الأمن من الميدان، حتى يسود الهدوء بالمكان، ويتضح من يحتل الميدان الآن، مستبعدًا أن يكون من أشعل الأحداث هم أسر الشهداء المعروف عنهم حسن الخلق والتعامل برقي، منتقدًا المشادات التي دارت حول تكريم بعض الأسر دون غيرهم، حيث إن هناك أموراً أكثر أهمية يجب التركيز عليها.

 

ويتوجه البطران بالنداء إلى شباب الثورة: "أطالبكم بالنزول لحماية ثورتكم بأنفسكم من اللصوص والمفسدين الذين يستفيدون من إشاعة الفوضى وانهيار البلاد".