سجن الدعاة خلوة..

 

وسجن الطغاة غمة..

 

سجن الدعاة استراحة مجاهد وزاد مسافر وعبرات مقصر وسكون مشتاق.

 

وسجن الطغاة تقييد لص باغٍ وعبرات متألم آثم وشرود مذهول.

 

سجن الدعاة شرف ووسام يفخر به ويظهره ويتحدث عنه غيره لأنه في سبيل نصرة حق.

 

وسجن الطغاة عار يفر منه وتخفيه الكاميرات ويدفع لأعوانه من أجل إخفائه لأنه في باطل.

 

سجن الدعاة تسبقه تهيئة نفسية؛ لأنه سباحة ضد تيار البغي والظلم ومتوقع بين الحين والآخر.

 

أما سجن الطغاة لا تسبقه تهيئة؛ لأنه الباغي الظالم نفسه، ولا يتوقع أن يكون حيث يؤذي الأحرار.

 

نهار الدعاة في السجن مرح وتعلُّم ودعوة بين السجناء.

 

ونهار الطغاة في السجن سباب، واستهزاء وفرار من أعين الناس.

 

ليل الدعاة في السجن ابتهال، وتهجد ومناجاة بالأسحار وزادٌ للمستقبل، وليل الطغاة في السجن موحش وفراق لكل ملذات الدنيا ومعاصيها.

 

طعام الدعاة في السجن وإن قل فهو وسيلة للعيش لا غاية في ذاته.

 

وطعام الطغاة في السجن وإن جيء به من خارجه فهو مغمس بمرارة السجن والقيد.

 

ملبس الدعاة في السجن بياض شبيه بإحرام يشعر فيه بنقاء وسمو.

 

وملبس الطغاة في السجن بياض- ربما يحمر أو يزرق- بطعم السواد يلتحف به، ولكن يحتاج ليفر منه ولو في مرآته.

 

زيارة الأهل للدعاة في السجن ترويح وحب وشوق وتثبيت وتصبير وتناصح وتأكيد صحة المسير.

 

وزيارة الأهل للطغاة في السجن- إن تمَّت- فللتلاوم والتباكي والشكوى والتخطيط لجولات الفساد القادمة.

 

رسائل الأصدقاء في السجن للدعاة هي فيض حب ودعاء وطمأنة على المحبوبة- الدعوة- التي تنتظر عودته.

 

ورسائل الأعوان والغرماء للطغاة في السجن لعنات وتهكمات وخلع صفقات وتبرؤ من علاقة للأبد.

 

خروج الدعاة من السجن أفضل نفسًا وصحةً وعزمًا ويقينًا في نصر الله وفضله وأكثر اندفاعًا في استكمال المسير.

 

وخروج الطغاة من السجن يعني استمرار النهاية، فلا منصبَ ولا جاهَ ولا قبولَ مجتمعيًّا، ولا وجهةَ ولا أملَ في المسير.

 

مآل الدعاة بعد سجن الدنيا في الآخرة نعيم ورفعة وعوض عن كل لحظة ظلم قضاها خلف الأسوار.

 

ومآل الطغاة بعد سجن الدنيا- ما لم تصح لهم توبة- عذاب ومهانة وألم عن كل ظلم وبغي صار منهم في الدنيا.

 

اللهم إنا نذكر ونُوضِّح ونعتبر.. لا نشمت أو ننتقم.