محمد السروجي

 

هدأت نيران مجلس الشورى بعد صراع تسع ساعاتٍ بين رجال الإطفاء وألسنة اللهب التي يبدو أنها كانت مصرَّةً على إحراج النظام المصري وجهازه التنفيذي في وقتٍ لا يحتمل الحرج!.

 

وعلى الطرف الآخر اشتعلت نيران من نوعٍ جديدٍ حول التساؤلات الحائرة التي لم ولن تجد إجابات صحيحة ودقيقة حول ملابسات الكارثة والأسباب الحقيقية، والغموض الذي ما زال يكتنف ظروف اندلاعها، بدايةً من تعطل أجهزة الإنذار الآلي ضد الحرائق، مرورًا بتأخر وصول سيارات الإطفاء لأكثر من ساعة، وانتهاءً بحجم النيران وطبيعتها التي استعصت على الإخماد طوال 9 ساعاتٍ كاملة.

 

هذا بخلاف التضارب في تقدير حجم الخسائر المادية والبشرية والوثائقية، والتي تعتبر أفدح الخسائر على الإطلاق! من هنا طرح السؤال: هل حقًّا احترقت ذاكرة مصر السياسية؟! ولمصلحة مَن؟! وللإجابة أذكر طرفًا من الخسائر وأترك للقارئ الكريم الإجابة.

 

حجم الخسائر

* احتراق وثائق برلمانية تاريخية إضافةً إلى المضابط البرلمانية ومحاضر اللجان منذ بداية الحياة البرلمانية عام ‏1866وخرائط التصميم الهندسي لمبنى مجلس الشعب- والذي تم بناؤه عام ‏1922 وأول ميكروفون تم استخدامه في قاعة البرلمان خلال رئاسة سعد زغلول لأول حكومة وفدية عام ‏1924م.

 

* مضبطة الجلسة السرية لمناقشة دخول مصر حرب فلسطين عام ‏1948م ومضبطة الجلسة التي ناقش فيها البرلمان كتاب طه حسين في الشعر الجاهلي واتهام النواب له بالكفر‏‏ ومضبطة مناقشة استجواب مصطفى النحاس لوقائع الكتاب الأسود لمكرم عبيد‏‏ ومستندات ترشيح جمال عبد الناصر لرئاسة الجمهورية عام ‏1957م‏ في أول مجلس نيابي بعد الثورة مجلس الأمة‏.

 

* مضابط مجلس الوحدة بين مصر وسوريا وأرشيف البرلمان‏ ووثائق إلغاء معاهدة ‏1936‏م بين مصر وبريطانيا والمضابط والوثائق الخاصة بثورة التصحيح التي قادها الرئيس الراحل أنور السادات وأرشيف البرلمان المصري كاملاً في ظل دستور ‏1923‏ وحتى عام ‏1952 وجميع المضابط المهمة حول استجوابات الحكومة حول قضايا وطنية خلال مسيرة الحياة البرلمانية.

 

هذا فضلاً عن حجم الخسائر المادية في المنشآت والأجهزة والتجهيزات التي قدَّرها البعض بـ150 مليون جنيه.

 

وعلى الطرف الآخر جاء نفي المسئولين وعلى رأسهم السيد صفوت الشريف- رئيس مجلس الشورى- لوقوع أي خسائر تُذكر بخلاف الجدران! كما أكد السيد صفوت الشريف أن المجلس سيظل رمزًا مهمًّا من رموز مصر، والرموز لا تحترق!! وبعيدًا عن مثل هذه التصريحات التي وفي أبسط الأحوال لا تستحق التعليق، يطرح السؤال: هل احترقت ذاكرة مصر السياسية؟! ولمصلحة مَن؟!

----------

* [email protected]