- د. محمد مرسي: مجرد شائعات الغرض منها تعطيل حركة الجماعة

- عبد الحليم قنديل: الصحف تتبع سياسة التمنِّي وتخلط الخبر بالرأي

- خليل العناني: طبيعي أن يكون الإخوان تحت ميكروسكوب الإعلام

- مرسي الشيخ: حرب إعلامية مكشوفة تستهدف تشويه صورة الجماعة

 

تحقيق- حسونة حماد:

روَّجت بعض الفضائيات والصحف شائعةً حول استقالة فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين، والتي نفاها فضيلته مساء أمس في تصريح بثَّه (إخوان أون لاين)، وإن كان معنى الاستقالة في حدِّ ذاته- كما يؤكد المحللون- أمرًا يدلُّ على حيوية جماعة الإخوان المسلمين وديمقراطيتها ومؤسسيتها، وتم الإعلان عنه من قبل.

 

ولا شك أن جماعةً بحجم الإخوان المسلمين تشكِّل مسارَ اهتمام إعلاميٍّ كبيرٍ لكافة الصحف ووسائل الإعلام، لكن ما تقوم به الصحف الحكومية- التي تعمل تحت مسمى الصحف المستقلة- يكشف أن هناك شراذمَ من ذوي الأقلام المغرضة تتربَّص بالجماعة وتروِّج للشائعات حولها وتضخِّمها في "مطابخ" أجهزة الأمن المركزية التي تتخذ من تلك الصحف أدواتٍ لها، بل وتحتجز صدارة الصفحات الأولى لتنفيذ عملياتها العدائية ضد الجماعة؛ بهدف تشويه صورتها، في حين تغض تلك الأقلام الطرف عن الحملات الأمنية المسعورة ضد رموز الجماعة وقياداتها، وغلق شركاتهم، وترويع أسرهم؛ لا لشيء سوى أنهم يحبون وطنهم، ويصرُّون على استكمال مسيرة الإصلاح حتى لو كان على حساب حريتهم الشخصية.

 

المتابع للصحف ووسائل الإعلام المختلفة يجد نفسه أمام "طبخة" إعلامية مجهولة المصادر حول شائعة الاستقالة بنكهة الإثارة، تمَّ إعدادها في "مطابخ" الأجهزة الأمنية، وهرول لنشرها والترويج لها عدد من الأقلام والألسنة التي اعتادت تلك "الطبخات" دون أن يدققوا فيها، ولو دقَّقوا لوجدوا أن الأمور تسير بشكلها الطبيعي والمعتاد داخل مكتب الإرشاد اليوم وأمس.

 

وهو ما أكده فضيله المرشد العام ونائبه الأول الدكتور محمد حبيب، كما أكده أيضًا وفد ائتلاف "مصريون من أجل التغيير" الذي زار مكتب الإرشاد أمس؛ لعرض البيان التأسيسي للائتلاف، وتبادل الرأي والمشورة حول قضايا الإصلاح في مصر، وآليات التواصل بين القوى السياسية المصرية بألوان طيفها كافة، وشارك فيه كلٌّ من الدكتور عبد الحليم قنديل، والدكتور عبد الجليل مصطفى، والمهندس يحيى حسين، والدكتور مجدي قرقر، وعبد العزيز الحسيني.

 الصورة غير متاحة

د. محمد مرسي

 

وفي تحليله للشائعة ينتقد د. محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد ما وصفه بالتصعيد ضد الجماعة، ومحاولات إظهارها كغيرها من الأحزاب والهيئات، بما فيها النظام الحاكم نفسه؛ بأن الانشقاقات تسيطر عليها، موضحًا أن الشائعات التي روَّج لها الإعلام الحكومي وغيره من الإعلام المحسوب على النظام تستهدف في الأساس محاولة ضرب إسفين داخل الجماعة، إلا أن الله عز وجل يقف لهم بالمرصاد؛ حيث تعتمد الجماعة على آليات الحوار والشورى في أي قرار تتخذه، والجميع يحترم هذه الآلية، سواء كان المرشد العام أو أصغر فرد في الجماعة.

 

ويقول د. مرسي: كان أولى بهؤلاء المروِّجين الذين ظهروا وكأنهم خائفون على مستقبل الجماعة أن يوجهوا جزءًا من هذا التركيز إلى مئات المعتقلين من صفوف الإخوان، الذين تمتلئ بهم سجون مصر ومعتقلاتها دون ذنب أو اتهام حقيقي، كما كان أولى بهم- إن كانوا حريصين على الجماعة كما يزعمون!!- أن يفضحوا ممارسات النظام ضد الجماعة، سواء بغلق شركات الإخوان، أو تشريد البيوت، وقطع الأرزاق، واعتقال الشرفاء، وإحالتهم إلى محاكمات عسكرية ظالمة غيبتهم في السجون لسنوات.

 

ويضيف د. مرسي أن مصر تعاني من أزمات عديدة أولى بالاهتمام من شئون الغير الداخلية، فالنظام المصري مستمر في عمله العشوائي الذى يضاعف من هموم المواطنين ومشكلاتهم، سواء بالأسعار التي ترتفع كل يوم، وتكوي المواطن صاحب الدخل المحدود، أو البطالة التي باتت تهدِّد الغالبية العظمى من الشباب خرِّيجي الجامعات وغيرهم؛ ما يمثِّل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي المصري، فضلاً عن الانحدار الواضح في المنظومة القيمية للمجتمع، وتدني وسائل الإعلام، وانشغالها بالترويج للنظام، والدفاع عن فشله، وعدم قدرته على حلِّ المشكلات، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها.

 

ويكمل قائلاً إن الوضع على المستوى الإقليمي والعالمي لا يختلف كثيرًا؛ حيث تراجعت السياسة المصرية، ولم تعد مصر فاعلةً في مجال العلاقات الدولية ولا الإسلامية ولا العربية، فأين دور مصر في السودان؟ والمسجد الأقصى وحصار غزة؟ وأين دورها تجاه السلطة الفلسطينية التي اتهمت كل الدول العربية والإسلامية- بما فيها مصر- بأنها كانت ضالعةً في جريمة تأجيل نظر "تقرير جولدستون"؟!

 

شاهد عيان

 الصورة غير متاحة

د. عبد الحليم قنديل

ويعلِّق د. عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة "كفاية" معلقًا على شائعة الاستقالة، قائلاً: "لا أتصور أن جماعة الإخوان المسلمين بحجمها وتاريخها الطويل وبطريقة إدارتها لشئونها التنظيمية؛ تنتقل فيها السلطة على هذا النحو، خاصةً في شيء بحجم تحديد اسم المرشد العام للجماعة".

 

ويضيف: "أنا شاهد شخصي على قيام المرشد العام للإخوان المسلمين بأداء دوره الطبيعي أمس الأحد؛ حيث قُمت بزيارة مكتب الإرشاد أمس مع وفد ائتلاف "مصريون من أجل التغيير" في لقاءٍ استمر لمدة ساعة ونصف الساعة، قام فيه الوفد بعرض وثيقة حول الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ تتضمن دعوةً لمقاطعتها إذا لم تتحقق بعض الشروط، وجرى النقاش حول هذا الموضوع وموضوعات أخرى كثيرة.

 

ويستطرد قنديل: وكان الدكتور محمد حبيب- كما عهدته- يقوم بدوره كنائب أول للمرشد العام للإخوان المسلمين، ولم نشعر طوال الفترة التي قضيناها داخل المكتب بأي شيء غريب أو لافت للنظر، ولو حتى من قبيل الهمهمات بين الموجودين في المكتب، وكان منهم الدكتور محمود عزت، والدكتور محمد مرسي، والدكتور محمد بديع، والدكتور عبد الحميد الغزالي.

 

ويشير د. قنديل إلى أنه من الطبيعي أن يحدث في أي جماعة بشرية- بما فيها جماعة الإخوان المسلمين- سجالات أو خلافات في التقدير، سواء السياسي أو التنظيمي لدى رأي الجماعة، ويفترض أن يكون هذا محل ترشيد لدى الإعلام وليس العكس؛ لأن هذا يدل على حيوية تلك الجماعة وديمقراطيتها وليس على موقف ضعف.

 

ويوضح أن فضيلة الأستاذ عاكف أعلن من قبل أنه لا يريد الاستمرار مدى الحياة في منصبه، وهذا يعدُّ تطورًا ديمقراطيًّا علينا تشجيعه، رغم أني أشهد أن الأستاذ عاكف واحدٌ من أكثر قيادات الإخوان إخلاصًا للجماعة.

 

ويستنكر د. قنديل عدم اهتمام الإعلام بحجم الظلم الواقع على الإخوان المسلمين من قِبَل النظام المصري بقدر اهتمامه بقضايا تقوم بافتعالها الصحف الحكومية وشبه الحكومية التي تنشر خبر استقالة مرشد الإخوان على أنه تصدُّع وتهدُّم داخل الجماعة، وهذا- والكلام لقنديل- خلطٌ بين فكرة الخبر والرأي، ولا أعتقد أن هذه الصحف لها رأي، بل يتحكم فيها رأي الأمن.

 

ويؤكد أن هذه الصحف تعتمد على سياسة التفكير بالتمني، وهذا تفكير قيادات الأمن التي تتمنَّى أن "تنشق الأرض وتبلع الإخوان"، وتتصور قيادات الأمن أن هذه الأخبار المفتعلة تتويجٌ لجهودها الرامية لتحطيم الجماعة!.

 

معركة إعلامية

 

خليل العناني

ويرى خليل العناني الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بـ"الأهرام" والمتخصص في شئون الحركات الإسلامية؛ أن جماعة الإخوان المسلمين هي كبرى الجماعات السياسية في مصر، ومن الطبيعي أن يتم وضعها تحت الميكروسكوب الإعلامي، وهذا لا ينفي أن هناك معركةَ إعلاميةً بين الجماعة والنظام؛ ما يدفع الصحف الحكومية إلى تضخيم مشكلات الجماعة والتركيز عليها، وعدم التقيُّد بالمعايير الموضوعية والحيادية فيما يتعلق بأخبار الجماعة.

 

إرضاء النظام

ويؤكد المستشار مرسي الشيخ (وكيل حزب الغد السابق) أن هناك أياديَ أمنيةً تحرك الصحف الحكومية والصحف الخاصة التي يسعى أصحابها لكسب رضا النظام، من خلال تسخير صحفهم للهجوم على خصومه السياسيين.

 

ويوضح أن جماعة الإخوان المسلمين تتمتَّع بوفرة كبيرة في القيادات الناجحة والقوية التي لها وزنها السياسي الكبير، وأن استقالة المرشد العام للإخوان المسلمين التي أعلن عنها من قِبَل هي استقالة احتجاجية ضد ممارسات النظام وتدلُّ على أن هناك ديمقراطيةً في تداول السلطة داخل الجماعة، وليست استقالةً على خلافات بين قيادات الجماعة كما تروِّج الصحف ووسائل الإعلام.

 

ويشير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تتعرَّض لحرب إعلامية شرسة بجانب الحرب الأمنية اللتين تستهدفان تحجيم أنشطة الجماعة، سواء علي الصعيد السياسي أو على الصعيد الاجتماعي، مؤكدًا أنه عندما يقرأ تلك الأخبار في تلك الصحف لا يثق بها؛ لأنه يعلم أنها توجهاتٌ وتعليماتٌ أمنيةٌ ليس إلا.