- رغم التجاوزات هناك فرصة مهمة نحو الديمقراطية

- انسحاب أحزاب المعارضة غير مؤثر لغياب شعبيتهم

 

الخرطوم- أحمد سبيع:

بدأت اليوم العملية الانتخابية في السودان بإقبال شديد من المواطنين، مع بعض المشكلات المحدودة؛ تمثلت في تبادل بطاقات التصويت بين عدد من الدوائر؛ ما وضع الناخبين في أزمة، فعلى سبيل المثال فوجئ الناخبون بالدائرة 17 في الخرطوم ببطاقات الترشيح الخاصة بالدائرة 18 بنفس الولاية والعكس صحيح؛ وهو ما أربك العملية الانتخابية؛ حيث تكرر نفس الأمر في أكثر من ولاية؛ ما أدَّى إلى وقف الانتخابات بالدوائر التي حدث فيها ذلك.

 

وقال د. سامي عبد الدائم الوزير في الحكومة ورئيس القسم السياسي في جماعة الإخوان المسلمين لـ(إخوان أون لاين): إن جماعة الإخوان كانت تتوقع فوز 90% من مرشحيها لو سارت الانتخابات كما كان مقررًا لها، إلا أن هذه البلبلة التي حدثت ممكن أن تقلب الأوضاع كلها.

 

واستبعد أن يكون ما يحدث لهدف التزوير، ولكنه أرجع ذلك لعدم وجود خبرة كافية لدى مندوبي المفوضية المسئولين عن الانتخابات، موضحًا أن الموضوع كان بحاجة إلى ترتيب أفضل من ذلك.

 

وعن رأيه فيما أعلنته المفوضية في مؤتمرها أمس بأن كل الأمور تسير بشكل جيد، أكد أنه من الناحية النظرية جيد، ولكن من الناحية العملية هناك مشاكل، وكان أفضل للمفوضية أن توزع الناخبين على الأيام الثلاثة طبقًا للحروف الأبجدية، وتحدد ساعات معينة للتصويت لكل حرف؛ لأن ما يحدث الآن من تكدس وازدحام و"لغبطة" سيدفع من ذهب للمشاركة اليوم لعدم المشاركة مرة أخرى في الغد.

 

 الصورة غير متاحة

 إحدى لجان الاقتراع في الانتخابات السودانية

وعن رأيه في سير العملية الانتخابية، أشار إلى أن هناك حالة من الارتباك في عدد كبير من الدوائر مثل الدائرتين 17 و18 بمحلية بحري بالخرطوم، والدوائر 6 و7 و11 في شمال كردفان، والدائرة 28 بامتداد ناصر، والتي تبدلت أوراق التصويت بها مع دائرة توتي، إضافة إلى أن أوراق التصويت الخاصة بالمجلس التشريعي للدائرة 36 في امتداد ناصر لم تصل للمركز من الأساس؛ وهو ما أدى إلى ازدحام أكثر من 4000 ناخب؛ بسبب توقف الانتخابات، وهو ما حدث أيضًا في ولاية سنار بشمال السودان، ولكن بشكل مختلف؛ حيث فوجئ الجيلي خضر مرشح الإخوان في الدائرة الجغرافية الثانية الخاصة بالمجلس التشريعي الولائي بتغيير الرمز الانتخابي الخاص به والذي كان "القلب"، إلا أنه فوجئ برمزه في بطاقات التصويت هو "المروحة"؛ وهو ما أدَّى إلى بلبلة واضحة لدى الناخبين الذين صوتوا له بكثافة عالية، وقد قدم الجيلي خضر شكوى للجنة العليا للانتخابات بالولاية؛ وهي اللجنة التابعة للمفوضية القومية للانتخابات، وطالب بوقف الانتخابات بالدائرة، نظرًا لهذا الخطأ الذي سوف يفقده أصواتًا كثيرة حصل عليها.

 

كما تقدم الإخوان بشكوى رسمية لمفوضية الانتخابات، طالبوا فيها بتأجيل الانتخابات، مهددين باللجوء لوسائل الإعلام والمراقبين الدوليين في حالة عدم وقف الانتخابات بالدائرة.

 

كما شهدت دوائر ولاية نهر النيل مشاكل بالجملة في أسماء الناخبين؛ حيث فوجئ العشرات بعدم إدراج أسمائهم بكشوف الانتخابات رغم تسجيلهم المبكر بها.

 

وفي دائرة شندي، فوجئ عاطف حماد مرشح الإخوان للمجلس التشريعي عن ولاية نهر النيل (دائرة جغرافية) بانتشار إشاعة بتنازله لصالح مرشح المؤتمر الوطني بنفس الدائرة؛ وهو ما نفاه حماد، مؤكدًا أنها محاولة فاشلة لإسقاطه أمام مرشح المؤتمر الوطني الذي وضح ضعف فرص نجاحه، وكان المؤتمر الوطني حاول في السابق التفاوض مع الإخوان لتنازل حماد لصالح مرشح المؤتمر، إلا أن الإخوان رفضوا ذلك لتنامي فرص نجاحه.

 

انسحاب المعارضة

 الصورة غير متاحة

إقبال كبير على التصويت في الانتخابات السودانية

وفيما يتعلق بانسحاب أحزاب المعارضة وتأثيرها على سير العملية الانتخابية، أكد د. عبد الدائم أن انسحاب أحزاب المعارضة جاء بالرغم من أنهم كانوا الأكثر حرصًا على إجراء الانتخابات، إلا أنهم فوجئوا مع بدء العملية الانتخابية أن شعبيتهم التي كانوا يتمتعون بها منذ أكثر من 20 عامًا- وتحديدًا في انتخابات 1986م- اختلفت بشكل كبير عن شعبيتهم في 2010م؛ حيث تغيرت التركيبة الشعبية والولائية لدى الجمهور السوداني، كما أنهم لم يقنعوا الناخب من الأساس فهم لم يقدموا برنامجًا مقنعًا، واعتمدوا على التجريح في الآخرين، وهو ما أفقدهم رصيدًا كبيرًا في الشارع السوداني.

 

أضف إلى ذلك تراجع المفوضية القومية للانتخابات وكذلك الحكومة عن الدعم المادي الذي وعدوا به الأحزاب، وهو الدعم الذي كانت ستقدمه الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، طبقًا لما وعدت به المفوضية، إلا أن الأحزاب فوجئت بأن قانون الانتخابات به نص يقول إنه يجوز للحكومة تقديم دعم للأحزاب؛ ما يعني أن الحكومة ليست ملزمة بتقديم الدعم؛ لأنها لن تقدِّم دعمًا لخصومها، كما أن الأمم المتحدة لم تقدِّم للمفوضية إلا دعمًا لوجيستيًّا خاصًّا بعملها، وبالتالي وجدت الأحزاب نفسها في ورطة لارتفاع تكلفة الدعاية الانتخابية، فقام عدد منها بالانسحاب من الانتخابات.

 

وعن فرصة المرأة، قال د. عبد الدائم: إن الجماعة عندما قررت الدفع بالعنصر النسائي في الانتخابات كان بهدف تنمية الوعي السياسي لهن، إلا أن الجماعة فوجئت بفاعلية المرأة وقوة مشاركاتها، وإصرارها على تحقيق الفوز، متوقعًا أن تحقق قوائم المرأة نتائج جيدة بل وأفضل من نتائج قوائم الرجال أنفسهم، موضحًا أن بعض النساء تحركن في يوم التصويت من بعد صلاة الصبح مباشرة، رغم أن الانتخابات بدأت منذ الساعة الثامنة.

 

ودعا د. عبد الدائم الشعب السوداني إلى الصبر على حالة الارتباك التي تشهدها الانتخابات حاليًّا، موضحًا أنها فرصة ذهبية لإعادة السودان إلى الممارسة الديمقراطية التي يحلم بها، وأن هذه الانتخابات بداية جيدة يجب الحفاظ عليها.

 

الانتخابات السودانية.. صور حية