شاءت إرادة الله عز وجل أن يكون التغيير الحادث في أي أمر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرة الأفراد والشعوب على البذل والعطاء والاستعداد للتضحية وامتلاء النفوس والقلوب بالأمل واليقين التام بتأييد الله ونصره لجنده العاملين ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105).

 

وقد وضح القرآن الكريم أن نهاية هذه المعركة، وهذا الصراع بين الحق والباطل سيؤول في النهاية إلى زوال الباطل وحججه وأنصاره، وإلى بقاء واستقرار قيم النهضة والفضيلة والعزة- شريطة أن يعتز بها أهلها وأن يحملوا لأممهم ما ينفعهم وأن يكونوا نماذج حية وسط أممهم وشعوبهم ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ﴾ (الرعد: من الآية 17)، ونحن الآن في مصر مقبلون على معركة تحدٍ صعبة في انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وهي عبارة عن مرحلة فاصلة ومحورية في تاريخ مصر حيث يحاول النظام الحاكم فيها التمهيد لمرحلة التوريث والإتيان بمجلس يرفع الراية ويقدم كل القرابين الممكنة وغير الممكنة لتوريث الحكم لذلك النجل النجيب!!.

 

وسيحاول النظام أن يقدم القرابين والهبات للأحزاب والقوى الشكلية حتى يدعموه ويساندوه أمام الرأي العام المحلي والدولي فيسيل لعابهم أمام هذا الطعم الخادع، كما سيحاول من ناحية أخرى منع الإخوان المسلمين- كبرى الحركات الموجودة في الشارع المصري- من الوصول للناس أو الالتحام بالجماهير أو حرية الحركة مع تشويه الصورة وطمس المعالم حتى يبعد الناس عن معرفة حقيقة دعوة الإخوان.

 

وقد بدأت هذه الحملة مبكرًا عن طريق مسلسل الجماعة وستستمر حيث نرى الآن حرية الحركة والتعبير وتعليق اللافتات والمرور على الناس لجميع الفئات دون الإخوان، وكأن رجال الإخوان رجال من عالم آخر ومن كوكب بعيد غريب، مما دعا الجميع للتساؤل: أين مرشحو الإخوان؟ أين دعايتهم؟ ولكننا نقول وبصوت عالٍ: إن دعوة الإخوان المسلمين التي بدأها وأسسها ذلك الداعية الرباني الإمام الشهيد حسن البنّا لهي موجودة في أعماق الشعب المصري، وفي كل بيت وشارع ولن ينخدع الناخبون الآن بهذه الزفة الكذابة لأن الناس تعيش مع الإخوان في القرى والمدن والمحافظات ويعلمون جيدًا حب الإخوان لأوطانهم ومدى تفاديهم لتقديم الخدمات للناس- كل الناس- دون منّ أو فضل، فقد كبر الشعب المصري وتعدى مرحلة النضج والتمييز- وما انتخابات 2005م، منا ببعيد رغم كل الذي حدث من النظام لإبعاد الإخوان وإزاحتهم عن الساحة، ولكن كانت إرادة الله هي الغالبة وسنته هي الباقية فنحن على يقين بأن يد الله تعمل وأن الله سبحانه وتعالى هو ناصر هذه الدعوة ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ (محمد: من الآية 11)، ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (الأنفال: من الآية 30).

 

وصدق الله حيث يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)﴾ (الأنفال).

 

والرسول الكريم يقول: "من عادي لي وليًا فقد آذنته بالحرب".

 

وفي الختام نقول لأبناء دعوة الإخوان:

لا تلتفتوا إلى هذا فلو كان النظام جادًا ويملك مقومات النزال والمواجهة الشريفة لواجه الإخوان في معركة محترمة فذاك هو دليل الفشل بذاته وبداية الانهزام.

 

أيها الإخوان:

عليكم بأن تكونوا نماذج مشرفة لدعوتكم وسط مجتمعاتكم، ولا تلتفتوا وراءكم، بل تقدموا الركب وكونوا في المقدمة، فأنتم الأولى بذلك، انصروا الله في أنفسكم أولاً والجئوا إليه دائمًا واطلبوا منه العون والمدد بعد البذل حتى يتحقق فيكم قوله تعالى: ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 7).

 

قولوا للناس نحن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ونحمل شرعه ونهجه، واعتزوا بالانتساب لدينكم ولدعوتكم ولا تخجلوا من رفع راية الإسلام (فالإسلام هو الحل)، فالله يقول في قرآنه الكريم: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ (طه: من الآية 124).

 

فإلى العمل الدءوب أيها الإخوان، عليكم بالأخذ بالأسباب فقط، ابذلوا ما في وسعكم وفق جهودكم وطاقتكم واعلموا ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُم﴾ (محمد: من الآية 35)، وتأكدوا دومًا أن الله لا يضيع إيمانكم، والتاريخ سيسجل هذه اللحظات الفارقة، فسجلوا فيها من صحائف من نور حتى تذكركم الأجيال وتشهد لكم الأرض والطرقات بأننا بذلنا ما في وسعنا وفوضنا الأمر لله وفي النهاية لن يتم في ملك الله إلا ما أر اد الله "واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك".

 

سدَّد الله خطاكم، وحقق آمالنا جميعًا.

--------------

* من قيادات الإخوان بالشرقية والمعتقل حاليًّا.