- اللواء طلعت مسلم: استهداف جنوب مصر عسكريًّا بالتعاون مع الصهاينة

- العميد صفوت الزيات: تهديد لحصتنا بمياه النيل ما قد يؤدي إلى نشوب حرب

- اللواء حسام سويلم: العدو سيستخدم الجنوب كنقطة انطلاق إستراتيجية

 

تحقيق: أحمد الجندي

شدَّد خبراء إستراتيجيون على ضرورة مواجهة مؤامرة فصل جنوب السودان في استفتاء 9 يناير الجاري، لخطورتها البالغة على الأمن القومي المصري والعربي، مع زيادة النفوذ الصهيوني في العمق الإستراتيجي لمصر والوطن العربي كله، والذي سيتعدى حتمًا على حصة مصر في مياه النيل، ويهدِّد بالتالي حق أهلها في الحياة.

 

وأكدوا لـ(إخوان أون لاين) أن مصر هي الأكثر تضررًا من تعاظم التوغل الصهيوني جنوبًا مع وجود العدو الصهيوني في حدود مصر الشمالية الشرقية؛ ما يهدِّد أمن الحدود المصرية، خاصةً إذا استطاع الكيان السيطرة على بعض المنافذ المطلة على البحر الأحمر.

 

ولفت الخبراء إلى العلاقة الوطيدة بين المتمردين والكيان الصهيوني الذي يمدهم بكميات كبيرة من الأسلحة، ويفتح المعاهد العسكرية الصهيونية أمام الضباط الجنوبيين، ويشجعهم على الالتحاق بها، كما أن الكيان قام بتحويل صفقة دبابات سوفيتية كان يعتزم تقديمها إلى إثيوبيا إلى المتمردين في الجنوب، فضلاً عن الدعم المعلوماتي للمتمردين في الجنوب السوداني، من خلال ما تحصل عليه الأقمار الصناعية الصهيونية من صور ومعلومات عن مواقع القوات الحكومية السودانية.

 

وأبرم جون جارانج، رئيس الحركة السابق، اتفاقًا مع الكيان، يتضمن تزويد جيشه بالخبراء العسكريين الصهاينة، والذين توافدوا على الجنوب السوداني منذ عام 1989م، فدرَّب الكيان 35 ضابطًا من جيش جارانج في عام 1990م، ووصل أكثر من 15 خبيرًا صهيونيًّا إلى الجنوب؛ لوضع الخطط وإدارة العمليات العسكرية، وشاركوا في احتلال بعض مدن الجنوب في العام ذاته.

 

واستفاض خبراء الإستراتيجية في تأكيد خطورة استخدام العدو الصهيوني مؤامرات التقسيم في تنفيذ مخططاته وأحلامه التوسعية بالمنطقة، وتضييق الخناق على مصر، وأثر ذلك على أمن البلاد ومصالحها ما نضعه أمام القارئ في سطور التحقيق التالي:

استهداف مصر

 الصورة غير متاحة

 اللواء طلعت مسلم

   ويحذِّر اللواء طلعت مسلم، المحلل العسكري والخبير الإستراتيجي من انفصال جنوب السودان عن شماله، عقب الاستفتاء، المزمع إجراؤه في التاسع من الشهر الجاري، وخطورة ذلك على الأمن القومي المصري بتفتيت السودان إلى دويلات ضعيفة، بما يعطي فرصة للتدخل الأجنبي، ويهدد أمن مصر واستقرارها، خاصةً أن جنوب السودان يتخذ اتجاهًا غير عربي معاديًا للإسلام.

 

ويضيف أن الجنوب في حال انفصاله بدولة سيغلب عليه طابع العداء لمصر، ومحاربة مصالحها، وخاصةً المصالح المائية بنهر النيل؛ وذلك بسبب علاقاته القديمة والوطيدة بالكيان الصهيوني، والتي ستتضاعف لو وقع الانفصال.

 

ويتوقع تعرُّض مصر للخطر العسكري؛ بسبب العلاقات العسكرية الصهيونية مع الجنوب، موضحًا أنه من الممكن التخطيط لاختراق الشمال السوداني، واستهداف أهداف مصرية في جنوب مصر بأعمال عسكرية، بالتعاون مع الكيان الصهيوني.

 

ويلفت إلى أن الحركة الشعبية لتحرير السودان هي أصلاً جيش عسكري ولَّدَ جهازًا سياسيًّا، وليس العكس، وسانده الكيان الصهيوني ليخوض حروبًا مع الشمال لمدة 40 سنة، ودعمه في المفاوضات ليتم الاتفاق على مبدأ تقرير المصير.

 

وعلى مستوى الأمن القومي العربي، يقول إنه من الصعب التفريق بين الأمن القومي المصري والعربي؛ لأن مصر لها وضع خاص بين الدول العربية، وما دام أن هناك تهديدًا لأمنها القومي، فلا شك سيكون هناك تهديد للأمن القومي العربي، مشيرًا إلى أنه منذ أن أقامت مصر سلامًا مع الكيان الصهيوني بات وضع الأمن القومي العربي مفضوحًا، على حدِّ تعبيره.

 

صراعات الجنوب

 الصورة غير متاحة

العميد أركان حرب صفوت الزيات

   ويرى العميد صفوت الزيات، خبير الشئون العسكرية والإستراتيجية في انفصال الجنوب السوداني، أبعادًا عديدة تؤثر على الأمن القومي المصري، الأول: هو قيام دولة جديدة ذات سيادة في خريطة دول منابع النيل؛ ما يتسبب في وجود حاجة للتفاوض مع أطراف أكثر، وظهور مطالب ملحة لإعادة تقسيم مياه النيل، والبعد الثاني: هو مشكلة العلاقات الدبلوماسية، فعادة ما تفضل الدبلوماسية مع دولة واحدة، أما نشوء دولة جديدة ذات سيادة يجعل الدبلوماسية المصرية تتعامل مع أكثر من طرف.

 

ويضيف: أما البعد الثالث هو أن هناك احتمالاً قائمًا لبدء صراعات مسلحة بين الجنوب ومحيطه شمالاً وجنوبًا، وتزكية قادته لعودة الصراعات المسلحة مع الشمال، خاصةً أن الأسباب موجودة من حدود ونفط وغيره، فضلاً عن اتجاه حكومة الجنوب لدعم حركات التمرد في دارفور، وهو ما ظهر في استقبال حكومة الجنوب للعديد من زعماء التمرد في دارفور في جوبا.

 

والبعد الرابع: هو عدم تحديد موقف دولة الجنوب من الانضمام إلى جامعة الدول العربية، والاتجاه إلى عدم الانضمام، بدعوى أن الجامعة العربية مليئة بمشكلات معقدة.

 

والخامس: هو احتمال قيام تحالفات بين دولة الجنوب وبعض الدول المجاورة لها، مثل كينيا وإثيوبيا وأوغندا، وخاصةً أنهم قدموا دعمًا كبيرًا إلى حركات التمرد الانفصالي في جنوب السودان.

 

ويتابع قائلاً: أما البعد السادس فهو الوجود الصهيوني في جوبا، من خلال الإعلان عن فتح سفارة للعدو الصهيوني هناك؛ ما يعني أننا سنكون أمام وجود صهيوني يتربع على منابع النيل، فضلاً عن إمكانية تدخل الكيان لتعطيل مشروع قناة "جونجلي" التي ستحمل كمًّا كبيرًا من المياه لصالح مصر، فنحن أمام طرف صهيوني يتلاعب بمصالح مصر، وربما يشترط الحصول على دعم مائي من مصر بضغوط أمريكية مقابل تمرير المشروع.

 

ويوضح أن كل الأبعاد السابقة لانفصال الجنوب ليست في صالح الأمن القومي المصري، بل تشكل خطورة كبيرة عليه، مستبعدًا أن يكون هناك خطر عسكري يهدِّد الأمن القومي المصري، خاصةً أن التوازنات العسكرية بمنطقة حوض النيل تصب في صالح العسكرية المصرية، مع احتمال انفجار صراعات ونزاعات قبلية في داخل جنوب السودان حال انفصاله، مشيرًا إلى أن الأمر قد يتصاعد مستقبلاً، ويرتقي إلى المستوى العسكري في حال حدوث أزمة وصراع على حصص المياه.

 

الحصار الصهيوني

ويشير اللواء حسام سويلم، الرئيس الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية، إلى الدور الذي سيلعبه الكيان الصهيوني؛ لمساعدة الجنوب في المجالات الاقتصادية والعسكرية في حال انفصاله؛ لتمكين نفوذه المتزايد هناك، مرجحًا أن يستخدم العدو الصهيوني الجنوب كنقطة انطلاق إستراتيجية، وللتسلل إلى بعض المنافذ المطلة على البحر الأحمر؛ ما يعني محاصرة مصر وتهديد مصالحها.

 

ويضيف أن النفوذ الصهيوني المتزايد في جنوب السودان من شأنه أن يضر بمصالح مصر في السودان، وخاصة مشروع قناة "جونجلي" الذي تساهم فيه مصر، ويوظفه الكيان لمصلحته، ويعوق استفادة مصر من المشروع وغيره.