- د. رفعت سيد أحمد: الرعب يسيطر على الأنظمة العربية من التغيير

- د. عمار حسن: الإعلام الحكومي يُركِّز على جانب الثورة السلبي

- د. عبد المنعم المشاط: الشعوب العربية جاهزة للانفجار

- د. طارق فهمي: الوطن العربي في انتظار ثورات متكررة

 

تحقيق: الزهراء عامر

على مدار أسابيع تابع العالم كله انتفاضة الشعب التونسي التي أطاحت يوم الجمعة الماضي بديكتاتورها زين العابدين بن علي، الذي فرَّ بأسرته إلى خارج البلاد بحثًا عن ملاذٍ يأويه، فقبلت السعودية لجوءه إليها، بعد أن رفضت مطارات الغرب استقباله رغم عمالته الطويلة في خدمة بلادها.

 

أسئلة عديدة طرحتها ثورة تونس، التي فجَّرها تفشي البطالة وتردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، حول إمكانية تكرارها عربيًّا مع توافر المسببات نفسها، وتأثيرها الاجتماعي والسياسي بالوطن العربي، والدروس الشعبية المستفادة منها، ما نحاول الإجابة عليه في التحقيق التالي:

 

عدوى نفسية

 الصورة غير متاحة

 د. رفعت سيد أحمد

يرى الدكتور رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات، أن ما يجري الآن في تونس من أحداث واحتجاجات سيؤثر فعليًّا على الوطن العربي ككل؛ ولكنه سيكون تأثيرًا نفسيًّا أكثر منه سياسيًّا؛ بما ستضعه في نفوس الشعوب العربية من بصيص أمل في التغيير، وأن الثورات التي يسمعون عنها في الدولة المتقدمة باتت تتجلى في دولهم العربية، وأن الاستبداد مهما طال أمده فلا بد أن ينتهي عصره.

 

ويضيف أن التأثير النفسي سيمتد إلى النظم العربية الراهنة، فهي نسخة كربونية من نظام الرئيس المخلوع زين العابدين، من حيث الاستبداد وفساد الأسرة الحاكمة؛ لذا قد تشعر الآن بقلقٍ أو رعب من طوفان التغيير الذي يقتلع الجذور المستبدة.

 

ويُحذِّر من مؤامرةٍ تحيكها حاليًّا الأنظمة العربية وأصحاب المصالح بالشرق الأوسط لإجهاض وسرقة ثورة التغيير التونسية، مشيرًا إلى استقبال السعودية للرئيس المخلوع وحمايته، بعد أن رفضت الدول الأوروبية التي عمل لحسابها استقباله، وعلى رأسهم فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.

 

ذريعة الفوضى

 الصورة غير متاحة

د. عمار علي حسن

ويؤكد الدكتور عمار علي حسن، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط أن انطلاق الثورة من دولةٍ بمواصفات تونس يُقدِّم تحذيرًا شديدَ اللهجة للأنظمة العربية التي تعمل على إقصاء المعارضة، وقتل السياسة بشكلٍ منظم، لافتًا إلى أن دولة تونس كان يُنظر لها من قِبل الحكام العرب على أنها الدولة النموذجية من حيث إحكام الرئيس قبضته على السلطة، وأنها دولة مستقرة ونظامها بقيادة زين العابدين باقٍ فيها حسبما شاء!.

 

ويُرجِّح أن يحاول إعلام الأنظمة المستبدة العربية المأجور إبراز التركيز على لحظات الفوضى لتخويف الشعوبِ من الانقلابات.

 

ويقول: إن الصورة الكاملة للثورة لم تتضح حتى الآن، ولكن إذا ثبت للناس أن الذين ينهبون ويستبدون هم ميليشيات عاملة للنظام التونسي الراحل، فسوف تسقط ذريعة سيستخدمها أنظمتنا المستبدة لوأد الثورات الشعبية.

 

ويشدد على ضرورة استفادة الشعوب العربية من هذا الدرس، بمواجهة استبداد وبطش الأنظمة المهيمنة على الحكم والمسئولة فعليًّا عن أي فوضى حين تسقط وترحل وتترك بلادها في مهب الريح.

 

ويوجه د. عمار حسن رسالة إلى الأنظمة العربية التي تنشغل بالحديث عن أمنها القومي في غير موعده، وتترك ما يدور حولها من أحداث، فيؤكد: أن الأمن القومي لبلاد الأنظمة المستبدة دائمًا في خطر؛ لأن كل الدول التي لديها طموح ومطامع وتمتلك القوة تتطلع لمثل هذه الدول الضعيفة، لاستغلالها في تحقيق مصالحها.

 

ويوضح أن الرفض الدولي لاستقبال الرئيس الهارب كان طبيعيًّا رغم خدماته للأجندة الغربية؛ لأن الرئيس التونسي تم إسقاطه عن طريق ثورة شعبية وليس عن طريق انقلابٍ للجيش، وبالتالي فلن تتدخل هذه الدول في حماية عميل وتخسر مصالحها بتونس كلها.

 

الدروس المستفادة

 الصورة غير متاحة

د. عبد المنعم المشاط

ويبلور الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة، الدروس المستفادة من الثورة العربية التونسية: أولها أن الاضطهاد السياسي والحرمان الاقتصادي يؤديان بالمواطنين حتمًا إلى العنف، وثانيًا أن محاولة الأنظمة السياسية إخفاء أية معلومات متعلقة بالفساد في الدولة، أصبح أمرًا مستحيلاً، خاصةً في ظلِّ التدفق الكبير للمعلومات حتى أصبح العالم قريةً صغيرةً ومنفتحًا بعضه على بعض.

 

ويضيف: أما الدرس الثالث فهو أن الشعوب العربية مستعدة للانفجار في أية لحظة والانتفاض للتغيير، ما سوف ينعكس على الأنظمة العربية السادية بما فيها الأنظمة العربية الملكية.

 

ويشير إلى أن أنظمة الغرب التي تدعم الأنظمة المستبدة لن تستطيع أن تحمي هؤلاء القابضين على الحكم في الدول العربية، ولن تستطيع حمايتهم ولا حماية مصالحها من غضبة شعب يرفض الاستبداد والديكتاتورية، مضيفًا: وهذا يثبت أن الغرب منافق وآفاق واستعماري لا يهمه ما يحدث في تونس أو غيرها.

 

تكرار التجربة

ويؤكد الدكتور طارق فهمي الخبير في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط أن التغيير الذي يحدث في تونس ليس بدافع البطالة والفقر والتضخم فقط، ولكن لأبعاد سياسية واقتصادية وتنموية، أولها الاستبداد ومنع تداول السلطة وحظر الصحافة والإعلام، ووأد دور المجتمع المدني.

 

ويضيف: كان من المتوقع أن تؤدي حالات الإحباط الشعبية المتتالية، إلى حدوث مثل هذه الثورات، فضلاً عن احتمالية تتكرر التجربة التونسية في كثيرٍ من الدول العربية؛ وذلك استنادًا للقاعدة السياسية التي تؤكد أن الدولة تتأثر بالدولة المجاورة لها.

 

ويطالب الأنظمة العربية بأن تراجع قضية الديمقراطية وتداول السلطة، والاستقرار الهش، وأن تراعي عناصر المجتمع العربي المؤثرة؛ لأنه لا يمكن للرئيس أن يستمر في حكمة 30 أو 40 عامًا، دون غليان شعبي قد ينتج ثورة مماثلة.