حسين رضا

تعلمنا منذ الصغر حين يُعرض علينا سؤال ولا نعرف إجابته، أو يصعب علينا، أو يستحيل؛ أن نقول: بسم الله الرحمن الرحيم.. الإجابة تونس، ونعني بذلك أن السؤال لا نعرف إجابته.

 

كنا نقول تلك الكلمة ولا ندري أن القدر سيجعل منها حقيقة لا مراء فيها، نعم لقد صارت تونس اليوم هي الإجابة على الأسئلة الصعبة بل المستحيلة التي عجزنا عن حلها، فإذا ما سألت أحدًا اليوم: ما الحل في الفساد والسرقة؟ يقول وهو يتحدث جديًّا لا هزليًّا: بسم الله.. الإجابة تونس، وإذا سألت أحدًا: ما الحل للظلم والتعذيب وكبت الحريات وتقييدها؟ قال لك: بسم الله.. الإجابة تونس.

 

لقد صارت تونس يا سادة هي الإجابة الوحيدة على كل الأسئلة المستحيلة في نظام الحكم والسياسة والإصلاح والتغيير في أي مكان تكبت فيه الحريات، وتحارب فيه الديمقراطية، وتسحق فيه المعارضة الشريفة التي ترغب في إصلاح البلد.

 

مما جرى في تونس لنا حقائق ثلاثة أثبتتها التجربة التونسية، ونتمنى أن نتيقن منها:

أولاً: أن ضريبة الإصلاح والتغيير أيسر بكثير من ضريبة الفساد والديكتاتورية والجهل والمرض، نعم انظر معي كم عدد من مات في تلك الصحوة التونسية الرائعة، إن عدد من مات أو أصيب أو اعتقل لا يساوي عدد الموتى في حوادث السيارات على الطرق أو ضحايا المنازل التي تسقط على رءوس قاطنيها، أو ضحايا عبارة تغرق، أو صخرة تسقط، نعم إن ضريبة الفساد أعلى بكثير من ضريبة التغيير لو عقل الراغبون في الإصلاح.

 

ثانيًا: خرافة مرفوضة تلك التي تقول إن الحاكم لا يعرف شيئًا عن واقع الناس؛ لأن من حوله يخدعونه، تلك أكذوبة يشيعها الحكام أو من حولهم حين يرون أن عرش الحاكم في قلق، وتلك الخرافة أراد بن علي في خطابه المنكسر من أيام أن يقنع بها شعب تونس، ولكن هيهات فإن الشعب قد انتفض، وتلك التي استند إليها شاه إيران حين ثار عليه الشعب، وهذا لا أساس له من الصحة، فالكل يعلم حال بلده، وحتى إن لم يكن يعلم فلن يُعافى من حساب الله يوم القيامة.

 

ثالثًا: هل يتعظ إخوة بن علي من الحكام والمسئولين والقائمين على الأمر، ويتصالحون مع شعوبهم، وينزلون على مطالبهم، ويرعون مصالحهم قبل أن يفلت من أيديهم زمام البلاد؛ فيجدوا أنفسهم يطيرون في الجو ولا مأوى لهم.

 

دون إطالة في الكلام وإسهاب في العبارات، الحدث أروع من أي كلام، والصحوة أرقى من أي عبارات؛ ولكني أقول لكل الدنيا: بسم الله الرحمن الرحيم.. الإجابة تونس.