- د. عبد الله الأشعل: ثورة الشعب بدأت ولن يوقفها أحد

- سعد عبود: المصريون كسروا حاجز الصمت والخوف

- د. رفيق حبيب: "الداخلية" تزداد عنفًا والتواصل هو الحل

- د. عزة كريم: المتظاهرون ردوا بقوة وخالفوا كلّ التوقعات

 

تحقيق: مي جابر ويارا نجاتي

حذَّر خبراء ومراقبون ومحللون سياسيّون من خطورة استمرار تعامل النظام الحاكم في مصر بطريقته وأساليبه الأمنية الإرهابية التقليدية مع المتظاهرين في الشارع المصري ضد سياسات النظام الحاكم وتدني المستوى المعيشي.

 

وأكدوا أن الحركات الاحتجاجية الواسعة التي شهدها الشارع المصري أمس واليوم بداية مهمة لتحريك عجلة التغيير وكسر حاجز الخوف في نفوس المصريين، وستؤدِّي حتمًا إلى تغيير مسار الحياة السياسية المصرية لتستمد شرعيتها من الشارع.

 

وثمن الخبراء انتفاضة الشعب المصري التي فاجأت الجميع وأربكت حسابات أجهزة الأمن،  مطالبين المصريين بمواصلة احتجاجاتهم؛ حتى تتحقق مطالبهم كي لا تكون الاحتجاجات مجرد هبَّة مؤقتة، كما طالبوا الشعب بالالتفاف حول المطالب التي تنادي بها القوى الوطنية المختلفة والوقوف جميعًا في خندق واحد ضدّ النظام الاستبدادي الحاكم.

 

البداية

 الصورة غير متاحة

 د. عبد الله الأشعل

"الثورة بدأت، والشعب لم يعد يثق بالسلطة المصرية التي استبدت به على مر عقود طويلة" هكذا لخص الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أحداث الأمس واليوم في الشوارع والميادين المصرية، في يوم الغضب المصري.

 

ويبين أن الصمت الحكومي حتى الآن تجاه الاحتجاجات يرجع إلى أن الحكومة تقرأ الشعب المصري قراءة قديمة، بأنه لا يثور، ويتميز بالضعف والبله من السهل إرهابه، مؤكدًا أن الشعب أصبح يتحدث عن نفسه، ولن يقبل أن يتحدث أحدٌ نيابة عنه مرة أخرى.

 

ويقول إن النظام المصري أدمن الأمن ولم يعد يستطيع التحاور مع الشعب، ويسعى للقضاء على أنات وآهات المواطنين، لكنها اشتعلت ولا يمكن إسكاتها، مضيفًا أن النظام بطبيعته فاسد خارج الشرعية والقانون، لا يجيد التعامل السياسي وكلّ السلطات المشكلة للحكومة لا تنتمي للشارع والشعب عبّر عن رفضهم.

 

ويشدد على ضرورة بقاء المواطنين في الشارع ويستمر تدفق سيل المواطنين على الشوارع والميادين، حتى يسقط النظام، فمصر تختلف عن تونس في أنها متورطة بشكلٍ كبيرٍ مع الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك ستتمسك ببقائها أطول فترة، إلا أنها ستسقط وتتماشى مع مطالب الشعب.

 

حاجز الخوف

 الصورة غير متاحة

د. رفيق حبيب

ويعتبر الدكتور رفيق حبيب أن الحركات الاحتجاجية الواسعة في الشارع المصري الآن هي بداية مهمة لتحريك عجلة التغيير وكسر حاجز الخوف، مؤكدًا أن ما سيأتي بعد ذلك سيكون مختلفًا تمامًا؛ ليغير مسار الحياة السياسية المصرية؛ حيث سيكون الشارع هو مصدر التغيير.

 

ويرجع ذلك إلى سببين أولهما: تراكم حالة الغضب وعدم الرضا عن ما يحدث منذ 30 عامًا هي عمر النظام الحاكم، وثانيهما: هو تأثر الشعب المصري بما حدث في تونس من ثورة على نظام "بن علي" المستبد، مشيرًا إلى أن النظام المصري يرفض رؤية الحقيقة والاعتراف بحالة الغضب التي تسود البلاد.

 

ويؤكد أن النظام سيستمر في تعنته وعناده مع المتظاهرين، ما يؤدِّي إلى تزايد الاحتجاجات والمظاهرات لمواجهة هذا التعنت، مضيفًا أن النظام يتعامل مع الأمر بطريقته وأساليبه الأمنية الإرهابية التقليدية، إلى جانب رفضه الأساليب السياسية المعروفة في الدول المتقدمة لحلّ مثل هذه الأزمات.

 

ويتوقع أن تستمر المظاهرات خلال الأيام القادمة، ولكن بشكلٍ متقطعٍ لتزداد وتيرتها في النهاية لتحقق المطالب الأساسية للشعب المصري، وفي نفس الوقت سيستمر النظام في عناده وإصراره على عدم رؤية الحقيقة أو تقديم إصلاحات حقيقية إلا عند إحساسه بقرب نهايته.

 

ويقول: "الداخلية تعتبر أن كلّ أشكال التعبير عن الرأي خروجًا عن القانون، وهو ما سيجعلها أكثر عنفًا خلال الأيام القادمة".

 

ويوصي د. حبيب المتظاهرين بخروج الاحتجاجات من المناطق المزدحمة سكنيًّا وحشد أكبر عددٍ من الشعب، بالإضافة إلى تنظيمها على فترات متباعدة، مشددًا على أهمية استمرارها بهذا الشكل السلمي الذي ظهرت به.

 

التخلي عن السلبية

 الصورة غير متاحة

سعد عبود

ويؤكد سعد عبود، عضو مجلس الشعب عن حزب (الكرامة) السابق، أن الصور الاحتجاجية التي شهدتها مصر أمس كشفت عن كسر حاجز الخوف في نفوس الشعب المصري، الذي تخلَّى عن سلبيته وخرج عن صمته ليعلن للنظام سخطه، مشيرًا إلى أن القوى المعارضة لم تكن متوقعة التفاعل الواسع من جميع فئات الشعب.

 

ويقول: "ويرجع هذا التفاعل إلى حالة الاحتقان التي يعاني منها المواطنون منذ عقود طويلة؛ حيث الفقر والقمع والفساد والاستبداد والطوارئ".

 

ويضيف أن الداخلية كانت تظن أن الاحتجاجات ستكون عابرة وبأعداد قليلة، وهذا يفسر ارتباكها بعد مشاركة عشرات الآلاف بالمظاهرات وإصرار المتظاهرين على المبيت في الشارع حتى تحقيق مطالبهم، مشيرًا إلى أن التعامل الأمني الفجّ في تفريق المعتصمين الذي أدّى إلى سقوط العديد من الضحايا يؤكد ذعر الشرطة من خروج الأمر من تحت سيطرتها.

 

ويرى أن التصريحات الأمنية الصادرة عن الحكومة تعبّر عن ذعر النظام وخوفه الشديد من تزايد وتيرة الاحتجاجات، مؤكدًا أن المفاجأة أخرست النظام، فلم يصدر عنه أي تصريحات سوى التصريحات الأمنية.

 

ويلفت النظر إلى أن المظاهرات خرجت أمس بشكل عفوي رائعٍ؛ حيث خرج الجميع للتعبير عن غضبهم والمطالبة بالتغيير بشكلٍ حضاري أشاد به الجميع؛ حيث لم يحدث حالة واحدة لتخريب أي سيارة، مطالبًا المشاركين في المظاهرات بالاستمرار في الاحتجاجات بهذا الشكل الحضاري وعدم ترك فرصة لأي مخرب في تشويه هذه الحركات الاحتجاجية.

 

ويستطرد قائلاً: "يجب أن تستمر الاحتجاجات حتى تحقيق مطالب التغيير ولا تكون مجرد هبّة مؤقتة، كما يجب التمسك بالمطالب التي تنادي بها القوى الوطنية المختلفة؛ ليتوحد الشعب حولها حتى ندفع النظام الاستبدادي عن أنفاس المصريين".

 

مخالفة للتوقعات

وتؤكد الدكتورة عزة كريّم تعدد ثمار يوم الغضب المصري، وتبدأ باليقظة الشعبية التي لم تكن متوقعة، وقام بها المصريون في الشارع بكلّ فئاتهم، ومستوياتهم، وأعمارهم، خاصة أن النظام الحاكم لم يتصور الصمود والأعداد الهائلة التي خرجت للتعبير عن معاناتهم الاقتصادية والسياسية، والظلم الذي يعيشون فيه، ولطالما اتهم الشعب المصري بالسلبية والخمول.

 

وتشدد على أن الشعب المصري قام بتغيير القناة التي يطالب فيها بحقوقه طوال السنوات القادمة، بعد استنفاد طريق القنوات الرسمية من صحافة وإعلام وشكاوى متكررة في كلّ الجهات، سواء الحكومية منها أو الخاصة، ولم يجد منها استجابة مطلقًا، مشيرةً إلى أن إحدى أهم ثمار "الغضب" الرسالة التي أوصلها الشعب للشرطة بأنها جزء لا يتجزأ منه، على الرغم من كونها ممثلة للحكومة، فالمتظاهرون لم يقوموا مطلقًا بأعمال تخريبية، حتى إنهم كانوا يحملون الجنود المصابين إلى المستشفيات بأنفسهم.

 

وتعبّر عن سعادتها بظهور بادرة جديدة من المعارضة المصرية، تشير إلى النضوج السياسي، وهي أن البيان الصحفي الذي ألقته قوى المعارضة مجتمعة، طالب بمطالب جذرية للتغيير السياسي، ولم يتطرق إلى الأوضاع اليومية، كالبطالة والفقر والحد الأدنى للأجور، نظرًا لأن الحلول الجادة ستحل المشكلات اليومية التي يعاني منها الشعب، مضيفة "كما أن كلّ ممثلي الطوائف السياسية والثقافية المتحدثين إلى الإعلام بالأمس لم يمتلكوا سوى تأييد الانتفاضة الشعبية، باستثناء بعض ضعاف من أعضاء الحزب الوطني الذين ذكروا إنجازات واهية للحكومة المصرية.

 

وتشير إلى ظهور الحزب الوطني بصورة سيئة أمام جموع الشعب، مرددًا حججًا غير مقنعة لتحسين أحوال المواطنين، مؤكدة أن على المصريين البقاء في انتفاضة واعتصام؛ حتى يحدث التغيير لكي لا يضيع ما تم بالأمس في محافظات مصر هباءً على غرار صمود الشعب التونسي حتى وصوله للتغيير وتحقيق إرادته، مشددة على أن التعبير الشعبي أصبح أمرًا دوليًّا ولم يعد شأنًا داخليًّا.

 

وتتابع: لذلك على المتظاهرين الاستمرار، خاصة أن الحكومة المصرية لم تظهر حتى هذه اللحظة، سواء للدفاع عن نفسها، أو لتلبية رغبات المتظاهرين، ولم يقم خلال الأسبوع الماضي غير بمسكنات وليس علاج فعلي للمشاكل الاقتصادية والسياسية، ما زاد من إدانتهم أمام الشعب.

 

وتقول: علينا أن نتقبل بعض الخسائر كتضحية في سبيل التغيير والوصول إلى حكومة ونظام يرضيان الشعب.

 

أعتاب الحرية

 الصورة غير متاحة

العميد محمود القطري

ومن جانبه يرى العميد محمود القطري، عميد الشرطة السابق، أن تعامل الشرطة مع المتظاهرين ظهر في مرحلتين: الأولى هي التعامل الراقي للشرطة في بداية اليوم، حيث بدأت الشرطة تؤمن بأحقية المواطنين في التعبير عن آرائهم، فضلاً عن اهتمام النظام المصري بتحسين صورته أمام العالم، لتجنب الضغوط الأمريكية والأوروبية لتحقيق المطالب الشعبية.

 

ويضيف: "أما المرحلة الثانية ظهرت في التعامل القمعي لرجال الشرطة من خلال فضّ المتظاهرين؛ حيث قامت بإطلاق الرصاص الحي والمطاط والقنابل المسيلة للدموع على المعتصمين في شتى أنحاء الجمهورية، وهو ما يؤكد أننا ما زلنا على أعتاب باب الحرية ولم ندخل بعد".

 

طالع ملفًا كاملاً عن يوم الغضب