واصل الثوار الليبيون صمودهم المذهل في وجه القصف الإجرامي بالطائرات لتجمعاتهم في طرابلس، واستمرت الاحتجاجات في البلاد للمطالبة بتنحي الزعيم معمر القذافي، فيما خرجت  مدينة بنغازي ومدن أخرى في شرقي البلاد من قبضة نظام القذافي.

 

وكشفت الساعات الأخيرة عن أن النظام الليبي يتعرض لتصدعات خطيرة، تمثلت في استقالة وزيرين وهروب مسئول كبير، وأنباء عن حصول عمليات تمرد في الجيش والشرطة، إضافةً إلى مسلسل استقالات متواصل في السلك الدبلوماسي الليبي بالخارج.

 

ووفق شهود عيان في طرابلس فإن طائرات حربية قصفت عدة مناطق من العاصمة، وأشاروا إلى أن مرتزقة أجانب يواصلون إطلاق النار على المدنيين في المدينة.

 

وقال شاهد عيان إن طرابلس محاصرة حاليًّا، وهناك من يوصفون بأنهم مرتزقة أفارقة يجوبون الشوارع في سيارات مصفحة، ويطلقون النار عشوائيًّا على المدنيين وحتى على طواقم الإسعاف.

 

وأضاف آخرون إن مذبحة وقعت في حييْ فَشلوم وتاجوراء، وقال شهود من تاجوراء بمنطقة شرقي طرابلس إن جثث القتلى منتشرة في الشوارع إضافة إلى الجرحى.

 

في السياق ذاته، ذكر المدير التنفيذي للتحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب الدكتور لؤي ديب أن عدد القتلى في ليبيا حتى أمس الأول بلغ أكثر من 519، إضافة إلى أكثر من ثلاثة آلاف جريح ومئات المفقودين.

 

وقال الطبيب والناشط عادل محمد صالح من طرابلس لـ(الجزيرة) إن القذافي يمارس سياسة الأرض المحروقة، وينفذ ما هدد به نجله سيف الإسلام القذافي في خطابه الأحد الذي قال فيه إنه سيقاتل حتى آخر رجل، وخيّر فيه الليبيين بين القبول بالنظام أو مواجهة الحرب.

 

وفي شرق البلاد بدأ الثوار في إدارة إذاعات كل من بنغازي والبيضاء ودرنة وإجدابيا، وبث  بيانات مؤيدة للثورة وأغاني وطنية وتوجيه الشباب لحماية المؤسسات العامة والحفاظ على النظام العام، وترفع مساجد المدينة حاليًّا التكبير والدعاء والابتهال إلى الله؛ لإزالة الطاغوت ونصرة إخوانهم في طرابلس، كما سيطر الثوار على مدن أخرى منها طبرق ومصراتة وخمس وترهونة والزاوية وزوارة القريبة من العاصمة ليبيا.

 

ويأتي ذلك بعد تواتر أنباء عن صدور بيان لضباط في الجيش الليبي دعوا فيه أفراده للانضمام إلى الشعب، والزحف على طرابلس لإزاحة معمر القذافي، وأن قوات الردع والفوج التاسع للحرس انضمت إلى المتظاهرين في ترهونة.

 

وفي انشقاقات جديدة في صفوف الجيش، قالت مصادر اعلامية إن طائرتين حربيتين ليبيتين هبطتا في بنغازي بعد رفض قائديها قصف المدينة، كما ذكرت تقارير إعلامية أن طائرتين حربيتين حطتا في مطار بجزيرة مالطا.

 

وقالت المصادر إن قائدي الطائرتين، وهما عقيدان في السلاح الجوي الليبي، رفضا أمرًا بقصف المتظاهرين، وهبطا بمطار في مالطا وطلبا اللجوء السياسي هناك.

 

من جهة أخرى أشار شهود عيان إلى أن الجنود الليبيين اختفوا من كافة شوارع طرابلس وانضموا إلى المتظاهرين، كما قال الضابط في الأمن العام الليبي المقدم أحمد عثمان لـ(الجزيرة) إن معظم ضباط الشرطة والقوات المسلحة انضموا إلى الجماهير في العاصمة.

 

وفي المقابل عرض التلفزيون الليبي كلمة مقتضبة - استمرت عدة ثوان- ذكر أنها مباشرة للزعيم الليبي معمر القذافي وهو تحت المطر؛ ليعلن أنه في ليبيا وليس في فنزويلا كما تقول الشائعات المغرضة، على حد تعبيره.

 

ونقل التلفزيون الليبي عن سيف الإسلام قوله لوكالة أنباء الجماهيرية الليبية إنه لا صحة للمعلومات عن غارة شنتها القوات المسلحة على طرابلس وبنغازي.

 

وبدوره نفى وكيل وزارة الخارجية الليبية خالد كعيم وجود مرتزقة أفارقة في بلاده، كما نفى وقوع مجازر في بنغازي بحق مدنيين.

 

وأعلن وزير العدل الليبي مصطفى عبد الجليل الإثنين استقالته من منصبه؛ احتجاجًا على استعمال العنف المفرط ضد الثائرين على نظام العقيد معمر القذافي.

 

كما استقال وزير الدولة الليبي لشئون الهجرة والمغتربين علي الريشي. وطالب- في مقابلة مع الجزيرة من بوسطن بالولايات المتحدة- القذافي بالاستقالة.

 

كما أفادت وكالة (يونايتد برس إنترناشيونال) بأن أحمد قذاف الدم، ابن عم القذاقي، هرب من العاصمة الليبية طرابلس ظهر أمس، ووصل القاهرة على متن طائرة خاصة، كما أعلن مندوب ليبيا في الأمم المتحدة استقالته من منصبه ودعا القذافي إلى التنحي، كما استقال مندوب ليبيا بجامعة الدول العربية وسفراء الجماهيرية في كل من بريطانيا والصين والهند وإندونيسيا وبنغلاديش وبولندا.

 

وذكر مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية المستقيل عبد المنعم الهوني أن الجيش الليبي امتنع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين، وأنه تم تحديد إقامة قائد الجيش الفريق أبو بكر يونس لهذا السبب.

 

كما دعت البعثة الدبلوماسية الليبية في الأمم المتحدة القذافي إلى التنحي, وقال إبراهيم الدباشي نائب السفير الليبي لدى الأمم المتحدة- في مقابلة مع الجزيرة من نيويورك- إن البعثة باقية في وظيفتها لخدمة الشعب، وإنه سيطلب من مجلس الأمن الانعقاد لفرض حظر على ليبيا لمنع تدفق المرتزقة عليها.

 

وأعلن السكرتير الأول لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا محمد أحمد فرحات استقالته، كما انشق موظفو السفارة الليبية في جزيرة مالطا وانضموا إلى محتجين أمام السفارة.

 

وأعلن السكرتير الثاني في السفارة الليبية بالعاصمة الصينية بكين حسين الصادق المصراطي وثلاثة من موظفي السفارة الليبية في السويد استقالتهم.

 

كما أعلنت أغلب القبائل الليبية انشقاقها على النظام؛ بعد عمليات القتل الجماعي التي يمارسها ضد شعبه.