تحقيق- أحمد رمضان

عندما قررت حركة الضباط الأحرار القيام بالانقلابِ ضد نظام حكم الملك فاروق لم يكن لهؤلاء الضباط أي سندٍ شعبي أو جماهيري، وكان في ذلك الوقت قوتان تتنازعان الشارع المصري هما الإخوان المسلمون وحزب الوفد، ولما كان للإخوان المسلمين تنظيمٌ في الجيش يعرفه زملاؤهم كان الأقرب إلى الضباطِ التعاون مع الإخوان دون الوفد الذي كان مجرَّد التفكير في التعاون معه كارثة ساحقة ماحقة، وقد تمَّ الاتفاق على عددٍ من الشروط تعهَّد بها الثوار والتقت إرادة التغيير من الجانبين.

 

وشارك ضباط الإخوان في الحركةِ ودعمت جماعة الإخوان التغيير وقامت بوضع ترتيبات الأمن والحراسة على المنشآت العامة والأجنبية، بالإضافة إلى الاستعدادِ للدفاع عن القاهرة ضد القوات الإنجليزية إذا ما قررت التحرك صوب القاهرة.

 

وكان القدرُ في صفِّ التغيير لكن سرعان ما كشَّر الضباطُ عن أنيابهم وأسفروا عن وجههم الحقيقي وأصبحت مصر تحت حكم أحد عشر ملكًا مستبدًا بدلاً من ملكٍ واحدٍ؛ الأمر الذي أدى إلى ضرورةِ المكاشفة بين الشريكين الذين قاموا بالثورة، وهنا بدأ الخلاف يحتدم، وطالب المرشد العام للإخوان الضباط باستحقاقاتِ الوطن والوفاء بالعهود وتحول الخلاف إلى انتقام من جانبٍ واحدٍ هو جانب الثوار، وكانت الاتهامات والاعتقالات والسجون والتعذيب والإعدام والتشويه.

 

وقد نال المرشد العام للإخوان النصيب الأوفر من كلِّ هذه الجرائم، فألقوا به في غياهبِ السجون وأصدروا ضده الحكم بالإعدام وعذبوا وشردوا إخوانه وأعدموا الكثيرين منهم، وقد استخدم إعلام السلطة كل ما أمكنه من وسائلَ لتشويه هذه الدعوة وقيادتها في هذه المرحلةِ والمتمثلة في شخص المرشد العام الأستاذ حسن الهضيبي، ولكن ما لبثت سحابة الظلم أن انقشعت وعاد الناس إلى الجهرِ بكلمة الحق، واليوم نحن نسأل أصحاب كلمة الحق أن يقولوا رأيهم في الإمام الهضيبي حول الافتراءاتِ التي وجهها إليه الظالمون.

 

هجوم شرس

 

 د. عبد الصبور شاهين

في البداية يقول المفكر الإسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين- الأستاذ بكلية دار العلوم-: إنَّ المرشد الثاني لجماعة الإخوان المستشار حسن الهضيبي كان من أكثر المرشدين الذين لاقوا هجومًا ونقدًا وتجريحًا رغم أنه الشخصية التي تكاد تكون الوحيدة التي استطاعت أن تحل محل الإمام حسن البنا في هذا التوقيت بما كان يمثله من عظمةٍ في شخصيته وقدرته على القيادةِ والاقتراب من قلوبِ الناس فكانت شخصيته متكاملة الخصائص والصفات فلم يكن أنسب منه لهذا الموقع.

 

ويضيف: إنَّ شخصيةَ المرشدِ الثاني كانت تتميز بأنه يعمل من ضميرِ قاض إذا أصدر حكمًا كان بمثابةِ أمر يجب الالتزام به وتنفيذه، وورث عن الإمام البنا تركة مثقلة لم تكن بالأمر الهين، ولذلك اختلفت الأقوال والتقديرات في موافقه مع أنه كان في واقع الأمر الشخصية القادرة على تحمل المسئولية وقيادة الجماعة في هذا التوقيت.

 

ويرى الدكتور شاهين أن كتابه "دعاة لا قضاة" يعتبر خلاصةً لتجاربه المريرة التي مرَّ بها سواء في مجال القيادة أو في السجن؛ فهو من أنفس الكتب التي ترسم للحركة الإسلامة طريقَ دعوتها، ومن هنا يدعو الذين يخوضون في سيرة المستشار حسن الهضيبي أن يراجعوا الظروف التي تم فيها اختياره مرشدًا عامًا للإخوان بعد استشهاد الإمام البنا والصعوبات التي كانت تكتنف مهمته وكيف ضحَّى بحياته من أجل دعوته.

 

الثوابت