بقلم: خالد حمدي

سألت أحد من عاصروا الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله: كيف كان وقع خبر استشهاد الإمام البنا عليكم يومئذ؟!

فقال: كنا على يقين أن مثله لن يموت إلا ميتة تليق به!!

كذلك كان ظني بميتة مثلك يا سيدي الرئيس..

كنت أوقن أن أسدا مثلك وطودا شامخا مثلك لن يموت على فراشه رغم ما كنا نأمله من فك أسرك، واستكمالك مسيرة عدلك..

علمت أنك أخبرت أهلك عندما زاروك في المرة الأخيرة بعد منعهم سنين أنك ستخرج قريبا.. وكنت أظنها رؤيا فرج قريبة لنا فإذا بها رؤيا فرج قريب لك.. أراحك الله بها من ظلم الظالمين، وغدر الغادرين.

سيدي الرئيس..

أشهد أنك من النوع الثالث الذي جاء به الله على قدَر، بعدما صنعك على عينه لتُري الدنيا كلها كيف هو حكم المصلحين، وثبات أصحاب اليقين، وقوة بأس المحقِّين المعتقدين؛ حيث يقول الإمام البنا رحمه الله:

القادة ثلاثة:

قائد يصنع نفسه..

وقائد تصنعه الظروف..

وقائد يصنعه الله على عينه..

ونحسبك والله حسيبك كنت مصنوعًا على عين الرب، ومأتيًا بك على قدر؛ لتقيم الحجة على الظالم الخائن وعلى المظلوم الخانع.

سيدي الرئيس.. بموتك اليوم تتحرك قوائم عروش الطغاة.. لأن الطاغية يظن أن خلوّ الأجواء من مناوئيه من المصلحين تثبيت لحكمه بينما هي عد تنازلي لانتهاء أمره وحلول قدره!!

لأن ملف القضية قد انتقل بالكلية من الخلق إلى الخالق، بعدما استفرغ المخلوق وسعه، حتى انتهى أجله..

لما أعدم عبدالناصر الشهيد سيد قطب لم يأت عليه يوم بخير حتى لحق به عند ربه هالكًا نافقًا عليه من الله ما يستحق.

فمن النكسة إلى تشاكسه مع أصحابه المفسدين إلى نفوقه فجأة في بدايات الخمسين.

سيدي الرئيس.. طبت حيًّا بثباتك وحسن صنيعك بقومك رغم استعجالهم في إنهاء أمرك.

وطبت ميتًا بأن جعلتنا نشعر أن في الدنيا بقية خير وكثير أمل، أن فينا من ثبت على الحق حتى لقي الله الحق في زمن حورب فيه الحق مثلك.

نستودع الله جبلا كان راسخا في الحق، وقلبا لم يغش الخلق، وعقلا جاء بعلمه لينفع أمته وضن به على بلاد الغرب.

نستودع الله من حافظ على البنات، ولم يزحزحه الحكم عن مبادئه ولو خطوات.

نستودعك الله يا رئيسًا عمريًا أرانا الله به بقية خير في الأمة، رأيناه بأعيننا، وآمنا معه أن أمة فيها مثله تستطيع وتستطيع..

أما أنتم يا تلاميذ مرسي فاجعلوا من موته منهضة للهمم، ونفضا للغبار، ووحدة للصف، وتجديدا للنوايا، وتقوية للعزائم، وإعادة الجولة على الطغاة.

فمن كان له دليل كمرسي لا يضيع له طريق.

رحمك الله يا أعظم رئيس في أقسى فترة وبين أخون ملأ.

رحمك الله ورفع في العالمين قدرك.. وعوضنا عنك خيرا.

ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون.