عمّان- حبيب أبو محفوظ
بدأت فعاليات المؤتمر العلمي الخاصة باحتفالية مئوية الإمام الشهيد حسن البنا المقامة حاليًّا في الأردن بمناقشة الورقة التي قدمها المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة حول مشروع نهضة الأمة في فكر الإمام الشهيد حسن البنا.
وتناولت الورقة نشأة وحياة الإمام وكيفية تأسيسه لجماعة الإخوان المسلمين ومعالم التجديد في مشروعه الحضاري، والجمع بين النظر العقلي، والنظر الشرعي ومرونة الشريعة والانفتاح على الحكمة الإنسانية وإسلامية النظام النيابي الدستوري ورفض التغريب، ونقد الحضارة المادية الغربية والتمييز بين المقدس المعصوم وبين التراث الفكري والنقد لتاريخ الدولة ولمناهج الفكر في التاريخ الإسلامي والاستقلال الحضاري الشامل وسيادة الأمة وفقه الواقع وبرنامج الإصلاح.
وأضاف د. عمارة بأن البنا نبَّه على أن الجماعة ليس في نيتها استخدام العنف الثوري الذي تخشاه الحكومات؛ لأن منهج الجماعة هو الإصلاح بالإسلام، وفق منهاج التدرج، وعبر الإعداد المرحلي، إلا إذا فرض الآخرون على "الجماعة" هذا العنف الثوري، باستخدامه ضدها، وعندئذ تكون مكرهة على رد العدوان بمثله.
وأوضح أنه في صياغة هذه المعادلة الصعبة ميز بين إعداد القوة التي هي طريق الإصلاح والتغيير وبين الثورة التي هي أعنف مظاهر القوة، والتي لن يلجأ إليها "الإخوان" ابتداءً، ولن يسلكوا سبيلها إلا إذا فُرض عليهم ذلك.
كما ناقشت الورقة الثانية من الندوة والتي أدار جلستها الدكتور إسحاق الفرحان، وتحمل عنوان "البنا وتجربة الفن" عصام تليمة السكرتير السابق للدكتور يوسف القرضاوي، تناول فيها مكانة الفن في دعوة الإخوان المسلمين.
وقال تليمة إن البنا لم يقف من الفن مجرد المنظر أو مبدي الرأي الفقهي، أو الداعي نظريًّا إلى تبني الفن، دون الولوج إلى ذلك عمليًّا، بل ربما سبق عند البنا جانب التطبيق الجانب التنظيري؛ فقد جعل الأستاذ البنا - رحمه الله - للفن مساحة ليست بالصغيرة في دعوة الإخوان المسلمين، فأنشأ فرقة مسرحية ـ بل فرقًا مسرحية ـ لعل أبرزها وأشهرها فرقة "القاهرة"، فأقام البنا في معظم شُعَب الإخوان المسلمين فرقًا مسرحية، كشعبة السيدة عائشة والتي قدمت عددًا من المسرحيات للناس، منها ما هو تاريخي، ومنها ما هو خُلقي، ومعظمها كان من اللون الفكاهي النظيف الراقي.
وزاد تليمة بأن مسرح الإخوان المسلمين يعتبر أول مسرح تنشئه جماعة إسلامية في مصر، فقد نشأ في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي، وقد تولى هذا الأمر الأستاذ عبد الرحمن البنا- شقيق حسن البنا- المعروف بميوله الأدبية، والذي صدر له عدة مسرحيات ومؤلفات أدبية، وكانت أولى مسرحيات مسرح الإخوان المسلمين؛ مسرحية (جميل بثينة) وقد أنتجت المسرحية (لجنة تشجيع التمثيل) التابعة لوزارة المعارف (التعليم) وقررت إخراجها على نفقتها عام 1934م.
وقد نجحت المسرحية الأولى للإخوان المسلمين نجاحًا مبهرًا، مما حدا بأحد الباحثين وهو الدكتور شوقي قاسم في رسالته للدكتوراه (الإسلام والمسرح المصري) أن يقرر أن مسرحية جميل بثينة قد صارت موضع المقارنة مع درة أمير الشعراء (مجنون ليلى).
وتحت عنوان علاقة البنا بالفنانين قال تليمة إن البنا كوَّن علاقة بالفنانين الذين تيسر له الوصول إليهم، فقد كان يتعامل مع الفنانين بروح أخرى غير التي كان يتعامل بها معظم إسلاميي عصره، من مقاطعتهم والسخرية منهم والتنقص من امتهانهم للتمثيل.
وأكد أن الإمام البنا- رحمه الله- أقام علاقات مع الفنانين، تركت أثرًا طيبًا عن دعوة الإخوان في نفوسهم، سواء كانت العلاقة بلقاء عابر لا يفوته فيه غرس معنى من معاني الإسلام الحسنة، أو بإقامة علاقة تواد وتودد معه، أو بظهور الدعوة أمامه بمظهر لا يدعوه للريبة من حملتها.