لقد أصبح اليهود والصهاينة أكثر الناس نقدًا للنازية الألمانية التي حكمت ألمانيا وغزت أوروبا في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، ومع أنَّ هذه النازية قد شَمل اضطهادها شعوبًا كثيرة غير اليهود، فلقد نسي الغرب ونسي اليهود هذه الحقيقة، فَسُلِّطَت كل الأضواء على جرائم النَّازية ضد اليهود فقط.. وصدرت القوانين الغربية التي تعاقب على العيب في "الذات اليهودية" وحدها!.. وخضعت ألمانيا- ولا تزال- للابتزاز اليهودي والصهيوني ماديًّا ومعنويًّا.. فدفع الألمان- ولا يزالون يدفعون- المليارات على جرائم لم يرتكبوها، ولم يشهدوها.. بل لقد كان آباؤهم ضحايا للنازية التي اقترفت هذه الجرائم في ذلك التاريخ البعيد..

 

وإذا كان ذلك كله غريبًا وعجيبًا؛ فإن الأغرب والأعجب هو اتِّهام العرب والمسلمين ضحايا العنصرية الفاشية الصهيونية بالعداء للسامية، إذا هم اشتكوا- مجرد شكوى- من الخطاب الديني اليهودي الذي فاق في عنصريته ودمويته خطاب النازية الألمانية؛ وهو الخطاب الذي صنع على أرض فلسطين ما لم تصنعه النازية باليهود عندما حكمت ألمانيا!..

 

إن الغرب الذي يطارد كلَّ الأحرار الناقدين للخطاب العنصري الصهيوني، وللممارسات العنصرية الصهيونية على أرض فلسطين، والذي يُضَخِّم- هو وأتباعه- سلبيات الخطاب الديني الإسلامي، ويتهم علماءنا ودعاتنا وكُتَّابنا بالعداء للسامية، وعدم التسامح مع "الآخر".. هو الذي يصمت- صمت الرضا- عن الخطاب الديني اليهودي، خطابهم "المقدس".. وليس فقط "الفكري.. والسياسي" الذي يدعو، بل يوجب إبادة اليهود لكل الأغيار؛ حتى ليفرض عليهم هذا "الخطاب المقدس" أن "يأكُلوا أكل الشعوب أكلاً"!!.

 

كذلك يصمت الغرب على "النازية الصهيونية" التي تفوقت على "النازية الألمانية" عندما جعلت من نفسها- وفق خطابها الديني المقدس- شعب الله المختار.. والمقدس.. دون كل الشعوب وفوق جميع الشعوب!!..

 

نعم.. صَمَت الغربُ- ويصمت- ومعه في هذا الصمت كل عملائه؛ عن "النازية اليهودية" التي تتلو في القرن الواحد والعشرين، ما كتبه أحبارها وحاخاماتها قبل آلاف السنين، ونسبوه إلى الرب- تعالى عن ذلك- في سفر التثنية إصحاح (7: 1- 3 ،6 ،7 ،14- 16) من دعوة إلى العنصرية.. وإلى إبادة كل الأغيار.. دون شفقة..

 

"سبع شعوب دفعهم الرب؛ إلهك أمامك، وضربتهم، فإنك تحرمهم- (تهلكهم)- لا تقطع لهم عهدًا، ولا تشفق عليهم، ولا تصاهرهم.. لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبًا أخص من جميع الشعوب الذي على وجه الأرض.. مباركًا تكون فوق جميع الشعوب، لا يكون "عقيم" ولا "عاقر" فيك ولا في بهائمك، ويرد الرب عنك كل مرض وكل أدواء مصر الرديئة التي عرفتها، لا يضعها عليك، بل يجعلها على كل مبغضيك. وتأكل كل الشعوب الذين الرب إلهك يدفع إليك، لا تشفق عيناك عليهم"!!.

 

لقد قررت الكهانة الكنسية عصمة البابا.. وقرر الشيعة عصمة الإمام.. وقررت النازية تفوق الجنس الجرماني.. أما الخطاب الديني للعنصرية اليهودية؛ فلقد قرر العصمة لعموم اليهود شعب الله المقدس والمختار، بل وحتى لبهائم هذا الشعب المختار.. فهم فوق جميع الشعوب!!..

 

ومع هذا "الجنون العنصري".. فلا كلمة واحدة ضدّ عنصرية هذا الخطاب؟!