الحديث الحكومي عن فوائد اتفاقية السلام المزعوم في "كامب ديفيد" بين مصر والعدو الصهيوني لم يعد يجدي؛ بعد إصرار الموساد على التجسس على البلاد مرات عديدة، طوال 30 سنة مضت في حقبة النظام، الذي يزعمون أنه حامي حماهم في المنطقة.

 

إن سقوط شبكة تجسس جديدة في البلاد مسمار أخير في نعش الاتفاقية المزعومة، التي ألغت حقوق مصر؛ التي من المفترض أن تكون زعيمة العرب والمسلمين لصالح الكيان الصهيوني اللقيط، ويجدد المطالب الوطنية بإعدام هذه الاتفاقية في ميدان عام، وتجميدها من أجل مرحلة جديدة، ننعم فيها بالسلام الحقيقي.

 

إن الاتفاقية دفعت مصر إلى تقديم تنازلات متتالية إلى الكيان الصهيوني، تشين أبد الدهر، ولكن لا أحد من الحكومة يستحي ويقف خلف إنجازات جهاز قومي محترم، عنده من اليقظة والحذر ما تتحطم عنده آمال الصهاينة، ومبررات كذَّابي الزفة في الحزب الوطني الحاكم.

 

ومن نافلة القول، أن نذكر أن إعادة النظر في الاتفاقية أو تجميدها أو إلغائها من جانب واحد لا يعني على الإطلاق إعلان الحرب؛ لأن الحرب على مصر يقودها الكيان الصهيوني بشكل سافر من دول منابع حوض النيل، وفي جنوب السودان، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

والجميع يعلم أن مصر خسرت بسبب الاتفاقية من مكانتها وحقوقها وهيبتها وانتشارها ما لا يمكن أن تخسره بأي حال عند إلغاء الاتفاقية وإعدامها، فمستقبل مصر بدون الاتفاقية أفضل اقتصاديًّا وسياسيًّا وإقليميًّا؛ حيث ستُتاح لها خيارات تحرك  إيجابية على الأصعدة كافة، ويومها سيركع الكيان الصهيوني على ركبتيه أمام مصر العظمى، إن بقي أثر لوجوده فعلاً.

 

إن دغدغة مشاعر البسطاء من المصريين الطيبين بضرورة الإبقاء على الاتفاقية هو ابتزاز حكومي ضد الوطن وأمنه القومي بمفهومه الصحيح، الذي حرسته أجهزة أبية يقظة، غطت على فشل الساسة في ميدان السياسية الخارجية.

 

إن التلاعب الحكومي المستمر بحقائق الواقع المرير للاتفاقية- الذي أنجب جواسيس يجب إعدامهم في ميدان عام، وضيَّع معظم ثروات مصر، وأودى بحياة الجنود المصريين على الحدود- يجب أن يتم وقفه مباشرة؛ إنقاذًا للمستقبل الذي يحاول الكيان الصهيوني الاستيلاء عليه عنوة، وسط غياب للمبادئ الوطنية العليا، التي لا تقبل المناقشة أو المساومة أو التبرير تحت أي ظرف من الظروف.

 

وإن لم يستطع النظام المصري امتلاك قراره الآن وبحسم لإلغاء الاتفاقية، فإن الكيان الصهيوني على موعد مع جيل جديد في مصر، لن يقبل عندما يصل لسدة القرار أن تبقى الاتفاقية دقيقة واحدة ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا (51)﴾ (الإسراء).