في يوم (12 من فبراير 1949م) تم اغتيال حسن البنا، وقصة هذا الاغتيال: أنه بعد عشرين يومًا من صدور الأمر العسكري بحل الإخوان المسلمين، تم اغتيال محمود فهمي النقراشي، رئيس الوزراء، وكان الحادثان: حادث الحل وحادث الاغتيال، كفيلين باعتقال كل من تعرفه الحكومة من الإخوان.. ولقد أضيف إلى الحادثين حادث آخر جعل الأمور أكثر تعقيدًا، وهو محاولة نسف محكمة الاستئناف؛ لما بخزانتها من أوراق تدين الإخوان في قضية السيارة الجيب- حسبما رأى الذي حاول نسف هذه المحكمة.

 

في ظل هذه الأجواء، تركت الحكومة حسن البنا طليقًا، بعدما جردته من إخوانه وأهله وسلاحه وسيارته وقلمه.. ولقد كان البنا على استعداد لفعل أي شيء، في مقابل الحفاظ على وحدة البلاد وإطلاق سراح الإخوان، وقد سعى سعيًا حثيثًا لدى الحكومة من أجل إصلاح ما فسد، سواء ما قامت به الحكومة من إغلاق دور الإخوان واعتقال أعضاء الجماعة، أو ما قام به نفرٌ متهور من الشباب الذي انحرف عن المناهج والأفكار التي يدعو إليها البنا وجماعته، حين أقدموا على قتل النقراشي ومحاولة نسف المحكمة.

 

لقد طلبوا منه أن يكتب بيانًا يدين قتل النقراشي، فكتب، ثم أمروه بكتابة بيان آخر يدين حادث نسف المحكمة، فكتب، واحتفظوا به- أي بالبنا- كي يغدروا به، في الزمان والمكان المناسبين.

 

كانت هناك مراقبة دائمة من البوليس السياسي لمنزل المرشد العام، وكان هناك رفض قاطع لطلباته، بزيارة إخوانه بالمعتقل، أو بالإفراج عنهم، أو بمساعدته في تنقية الأجواء وتهدئة الحال؛ لكن فجأة تغير موقف الحكومة؛ حيث سمحت له بمقابلة أعضاء مكتب الإرشاد.

 

كان حلقة الوصل بين البنا والحكومة هو الأستاذ محمد المناغي- العضو المؤسس لجمعية الشبان المسلمين وقريب إبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء- الذي أرسل في طلب المرشد ليبلغه بهذا التطور الإيجابي الذي قد يفيد القضية ويقود إلى حل الأزمة المتصاعدة.

 

بعد مقابلة المرشد العام للأستاذ الناغي في مقر جمعية الشبان المسلمين، غادر الأخير الجمعية الساعة الثامنة إلا عشر دقائق من مساء ذلك اليوم (12 من فبراير 1949م)، وحوالي الساعة الثامنة والنصف خرج المرشد وبصحبته الأستاذ عبد الكريم منصور (زوج شقيقته)، ومعهما الأستاذ محمد يوسف الليثي (رئيس قسم الشباب بجمعية الشبان المسلمين والرسول الذي أرسله الأستاذ الناغي إلى الشيخ البنا ليقابله بالجمعية)، وقد طلب الليثي من أحد سعاة الجمعية استدعاء تاكسي، فجاءت السيارة وركب فيها المرشد، وعلى يساره زوج شقيقته، ولم تكد السيارة تبدأ في السير حتى انقض عليها الجناة.. لقد فتح أحدهم باب السيارة من ناحية عبد الكريم منصور، فقاومه، إلا أن الجاني تغلب عليه وضربه بالمسدس الذي هشم زجاج السيارة، ثم ضربه مرة أخرى فأصابه في ساعده، ثم قام الجاني الثاني بضرب الإمام البنا بالرصاص، إلا أن البنا نزل من السيارة وأخذ في العدْوِ وراءه، وقد التقط البنا أرقام السيارة التي فر بها الجناة وعاد إلى زوج شقيقته فأبلغه الرقم.

 

لقد كانت جراح المرشد بسيطة وعلاجها سهلاً، في حين كانت إصابة زوج شقيقته خطيرة، حيث لم يستطع الرد على الطبيب حين سأله عن عنوانه، فتولى البنا الرد عنه؛ لكن بعد ساعات أعلنت وفاة البنا.. لقد صدر أمر عالٍ بترك البنا دون علاج.. تنزف جراحه حتى يموت.

 

ثم جاءت الطامة الكبرى، بحفظ التحقيق في القضية وقيدها جناية ضد مجهول.

 

لقد تمت الجريمة بتخطيط من رئيس الحكومة ووزير الداخلية، بتوجيه من الملك وحاشيته ووكيل الداخلية للأمن العام، ومدير المباحث الجنائية بالوزارة، أما المنفذون فكانوا ثلاثة مخبرين من الصعيد.

 

كيف كانت جنازة الإمام؟

كانت جنازة الإمام الشهيد حسن البنا، مشهدًا من الغرابة والإثارة في آن واحد، لقد أصر الظالمون على أن تكون جنازة القائد الذي تبعه الملايين أشبه بجنازة رجل مات في صحراء ليس بها أحد.. لقد قبضوا على المعزين، ومنعوا الصلاة على جثمان الفقيد، ومنعوا تلاوة القرآن على روحه.

 

نُقلت جثة الإمام إلى بيته في سيارة تحرسها سيارات مملوءة بفريق من رجال البوليس المسلحين.. وفي أحد شوارع الحلمية وقفت القافلة ونزل الجند فأحاطوا ببيت الإمام الفقيد ولم يتركوا ثقبًا ينفذ إليه إنسان إلا سدوه بجند وسلاح.. أما والد الإمام الذي جاوز التسعين عامًا فقد عرف بخبر وفاة ولده ساعة مقتله، وقد ظل يردد: سبحانك وعدالتك يا ربي.. لقد قتلوا ولدي، وكان أشقاء الفقيد جميعًا داخل المعتقلات.

 

فتحوا الباب وأدخلوا الجثة وقالوا لوالده المكلوم: لا بكاء ولا عويل، بل لا مظاهر حداد، ولا أحد يصلى عليه سواك.. وظل الحصار مضروبًا حول البيت، بل حول الجثة نفسها؛ لا يسمحون لإنسان بالاقتراب منها.. وقام والده بإعداد الجثة للدفن، ثم أنزلت الجثة ووُضعت في النعش.. وبقيت مشكلة من يحملها إلى مقرها الأخير.

 

يضيف والده: طلبت إلى رجال البوليس رجالاً يحملون النعش فرفضوا، قلت لهم: ليس في البيت رجال، فأجابوا: فلتحمله النساء.. وخرج نعش الفقيد محمولاً على أكتاف النساء!

 

ومشت الجنازة الفريدة في الطريق، فإذا بالشارع كله قد امتلأ برجال البوليس، وإذا بعيون الناس من النوافذ والأبواب تكاد تصرخ من الحزن والألم والسخط على الظالمين.

 

وعندما وصلت الجنازة إلى مسجد قيسون للصلاة على الفقيد، كان المسجد خاليًا حتى من الخدم.. ووقف والده يصلى ودموعه منهمرة، لم تكن دموعًا بل كانت ابتهالات إلى السماء أن يدرك الناس برحمته.

 

ويضيف الوالد: ومضى النعش إلى مدافن الإمام الشافعي، فوارينا التراب هذا الأمل الغالي، وعُدنا إلى البيت الباكي الحزين، ومضى النهار وجاء الليل ولم يحضر أحد من المعزين؛ لأن الجنود منعوا الناس من الدخول، أما الذين استطاعوا الوصول إلينا للعزاء فلم يستطيعوا العودة إلى بيوتهم، فقد قُبض عليهم وأودعوا المعتقلات إلا شخصًا واحدًا هو مكرم عبيد باشا الذي كان يتحدى الظالمين.

 

أما بعد دفنه -رضي الله عنه- فقد حدثت مهازل من جانب الظالمين الذين كانوا يحسبون كل صيحة عليهم، فإنه لما تم دفن الإمام أقاموا على قبره الحراسات الكثيفة، كأنهم يخافونه حيًّا وميتًا، بل كانوا يفتشون كل جثة جديدة في طريقها إلى المقابر خوفًا من أن تكون جثة حسن البنا قد قامت من قبرها، وقبضوا على كل من يلبس السواد، واتهموهم (بالحزن) على حسن البنا! بل اتهموا رجلاً بقراءة الفاتحة على روح الشهيد عندما مرت جنازته عليه وهو ينظر إليها وأولاده من نافذة منزله، وقد أوسعوا الرجل ضربًا وأهانوه كثيرًا.. وشن البوليس حملة عنيفة على المساجد، فكانوا لا يسمحون لأحد بصلاة السنن، بل لم يسمحوا لأحد بالتطويل في الصلاة وإلا عرّض حياته للخطر وأسرته للتشريد والألم.

 

محاكمة الجناة

في عهد وزارة حسين سري، ثم في عهد وزارة الوفد، استأنفت النيابة التحقيق في القضية، ولم تسفر التحقيقات عن شيء.

 

ولما وقع انقلاب يوليو، أمر قادتها بالقبض على الأميرلاي محمود عبد المجيد وكان محافظًا لجرجا، كما أمروا بالقبض على باقي المتهمين، وأودعوا السجن الحربي.. ثم تولت دائرة الجنايات نظر القضية في 10 من نوفمبر 1953م، وقد تنحت هذه الدائرة عن نظر القضية في إحدى جلساتها (19/11/1953).. ثم تولت دائرة أخرى نظر القضية في 16/4/1954، وانتهت من نظرها يوم 7 من يوليو 1954م، وبلغ عدد جلساتها 34 جلسة، سمعت خلالها 33 شاهدًا، وقد نطقت المحكمة بأحكامها في القضية يوم 2 من أغسطس 1954م، حيث قضت بمعاقبة أحد القتلة بالأشغال الشاقة المؤبدة، واثنين منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عامًا، وبحبس محمد الجزار، ضابط البوليس السياسي، سنة واحدة، وبتبرئة باقي المتهمين.

 

محاولات لاغتيال البنا قبل العملية التي قُتل فيها

لم يكن الغرض من اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا، القضاء على حياة شخص، إنما كان الهدف هو القضاء على دعوة وجماعة الإخوان المسلمين، ومحو المبادئ التي تؤمن بها هذه الجماعة وتدعو إليها.

 

لقد حاولت قوى متباينة اغتيال الإمام الشهيد أو احتواءه هو وجماعته، وإن اختلفت الدوافع، فكان دافع البعض الحقد والحسد والغيرة العمياء من زعامته وقوة جماعته، أما القوة الرئيسية التي كانت وراء الكثير من المحاولات فكان دافعها هو كراهية الإسلام وكراهية أتباعه، ولأن الجماعة أصبحت عقبة كئودًا في وجه مخططاتهم وأطماعهم.

 

وفيما يلي بعض هذه المحاولات:

أولاً: محاولات الإنجليز:

في عام 1941م طلب الجنرال «كلايتون» مدير عام المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط لقاء الإمام البنا، وفي هذا اللقاء عرض كلايتون جوانب الاتفاق بين ما ينادي به الإسلام من حرية وشورى، وبما ينادي به العالم الحر «يقصد الحلفاء: أمريكا وإنجلترا وفرنسا» من المبادئ نفسها، وأن هناك جوانب اختلاف بين الإسلام وبين ما ينادي به هتلر، وطلب من الإمام الشهيد أن يقوم الإخوان بالدعاية لذلك، وإظهار جوانب الاتفاق بين الإسلام وما يدعو إليه الحلفاء، وجوانب الاختلاف بين الإسلام وما تدعو له دول المحور الوثنية، وكان ذلك في مقابل إصدار جريدة للإخوان، ومقر لهذه الجريدة، مع إمدادها بأحدث أدوات الطباعة، بالإضافة إلى مبلغ قدره نصف مليون جنيه دفعة أولى تتبعها دفعات أخرى، وشفع طلبه بأن كل زعماء مصر يحصلون على المال لمساعدة بريطانيا، والأوْلى أن يُصرف هذا المال في مساعدة الدعوة الإسلامية.. وقد رفض الإمام البنا هذا العرض ثم أوضح له ما جرّته السياسة البريطانية على مصر والعرب من خـراب ودمار، وذلك رغم تسليم الإمام البنا بأن الإخوان يرفضون دعوات دول المحور وسياستها.

 

ولما لم تنفع محاولة الاحتواء عن طريق المال، دبر الإنجليز حادثًا لاغتيال الإمام الشهيد، عن طريق قيام سيارة من سيارات الجيش البريطاني بصدم الإمام الشهيد وقتله، بحيث يظهر الأمر كأنه قضاء وقدر، لكن الإخوان علموا بهذه المؤامرة عن طريق أحد الإخوان الذي كان يعمل مع أحد أعوان الإنجليز وهو الأخ عبد اللطيف سيد أحمد [مهندس زراعي من إخوان بني سويف]، وأبلغ الأستاذ عبد الحكيم عابدين بذلك، فقام الأستاذ عابدين بإذاعة الخبر بطريقة غير رسمية حتى انتشر بين الناس؛ مما منع الإنجليز من الإقدام على تنفيذ تدبيرهم.

 

ثانيًا: محاولة الوفد:

في عام 1946م احتكّ بعض شباب الوفد في بورسعيد بجوالة الإخوان وقذفوهم بالبيض والطماطم، أثناء استعراضهم في شوارع بورسعيد، وذلك بإيعاز من أحد كبار رجال الوفد في بورسعيد، فتصدى لهم جوالة الإخوان، وعندما دخل الإخوان المسجد لبدء احتفالهم بدأ أنصار الوفد يتحرشون بالإخوان، فأمر الإمام الشهيد الإخوان بالانصراف، فانصرفوا جميعًا ولم يبق معه في دار الإخوان إلا الشهيد محمد فرغلي والحاج عبد الله الصولي، فاستغل أنصار الوفد الفرصة وحاصروا دار الإخوان وظلوا يرمون الدار بالحجارة وكرات النار المشتعلة، وكان ذلك في وجود البوليس الذي تواطأ معهم، واستمر الحال حتى قبيل الفجر.. حتى قام الأستاذ علي رزة هو وبعض إخوانه بحيلة أخرجوا بها الإمام الشهيد ومن معه من بورسعيد.

 

ثالثًا: محاولات مصر الفتاة:

وكان لـ"مصر الفتاة" نصيب في محاولات اغتيال الإمام الشهيد، وإن كنا لا نرجح أنها تمت بإيعاز من قوى أجنبية، إنما كان دافعها الغيرة والحسد، فقد كانت هناك محاولتان تم رصدهما وقام الإخوان بإفشالهما:

 

1- كانت المحاولة الأولى في مدينة المحلة، وكانت تقوم فكرتها على حرق السرادق المقام فيه الحفل، عن طريق خلع الأعمدة التي يقوم عليها السرادق في توقيت معين، فيتهدم السرادق وتشتعل فيه النار عن طريق قناديل الإنارة. وقد علم الإخوان بتلك المؤامرة واستعدوا لها، وأمسك الإخوان بالمنفذين عندما شرعوا في التنفيذ.

 

2- أما المحاولة الأخرى فكانت تقوم فكرتها على وضع قنبلة زمنية تحت المنصة التي يخطب عليها الإمام الشهيد، وكانت هذه المؤامرة بأمر من أحمد حسين نفسه، واستطاع الإخوان الإمساك بهؤلاء النفر ومعهم المتفجرات، واستدعى الإمام البنا الأستاذ أحمد حسين وسلمه رجاله ومتفجراتهم، ومن يومها توقفت محاولات مصر الفتاة.

 

رابعًا: محاولة الحزب الشيوعي:

لم تكن روسيا وسفارتها لتترك هذا الميدان، بل أسهمت فيه بنصيب، وذلك بأن اتصلت السفارة الروسية بالحزب الشيوعي في «طنطا» وكلفته بتنفيذ مؤامرة لاغتيال الإمام الشهيد عن طريق إلقاء قنبلة عليه وهو يخطب في الإستاد الرياضي بطنطا، وكان الذي تلقى الاتصال وكُلف بتنفيذ هذه المؤامرة أحد أفراد النظام الخاص وهو الحاج «فرج النجار» وكان قد انضم إلى الحزب الشيوعي بناءً على تكليف من النظام الخاص وأصبح مساعد سكرتير الحزب بطنطا الذي قام بإفشال هذه المؤامرة، وتم القبض على أعضاء الحزب الشيوعي.

 

خامسًا: محاولات حكومة النقراشي:

1- أما حكومة النقراشي الأخيرة فقد كان لها نصيب وافر في محاولات اغتيال الإمام الشهيد، بل إن حادث اغتيال الإمام قد رُتِّب قبل حل الجماعة واغتيال النقراشي بوقت طويل، فعندما أراد الإخوان القيام بمظاهرة تخرج من الأزهر لتشد من أزر النقراشي -وهو يعرض قضية مصر على مجلس الأمن- وسمح لهم البوليس بهذه المظاهرة، إلا أنه اتخذ هذه المظاهرة فرصة لاغتيال الإمام البنا، يقول الأستاذ محمود الجوهري- وكان بجانب المرشد طيلة فترة هذه المظاهرة- إنه لاحظ كما لاحظ الأستاذ نفسه أن تصرف رجال البوليس في ذلك اليوم كان يُشعر بأن هناك خطة مرسومة لاصطياد الأستاذ المرشد منفردًا للتخلص منه.. ذلك أن قوات البوليس حاصرت الأزهر وكانت تعمل على تفريق من يخرجون منه وتشتيتهم أولا بأول، حتى إذا خرج البنا اصطادوه وحده.. وكان هو آخر من خرج من المسجد، وكأنهم ظفروا بما أرادوا، فحاصروه بالقوة كلها راكبة الخيل وهو منفرد.. وهنا تصرف المرشد تصرفًا مذهلاً، إذ اختطف عصا من أحد أفراد القوة وأخذ يضرب بها كل حصان على أنفه فيرفع الحصان رجليه الخلفيتين فيهوى الجندي الذي يمتطيه على الأرض، وبذلك تمكن من إسقاط القوة كلها، وكان الإخوان قد لحقوا به في خلال هذه المنازلة البارعة والتفوا حوله.

 

واستمرت المظاهرة في خط سيرها في شارع الأزهر متجهة إلى ميدان العتبة، ولم تكد المظاهرة السلمية تصل إلى ميدان العتبة الخضراء وفي مقدمتها سيارة تحمل الشيخ البنا وبعض الأعضاء حتى انطلقت الأعيرة النارية في كل صوب، فنزل الشيخ ليستطلع الخبر فإذا بعيار ناري يُطلق عليه وتستقر رصاصة في ساعده، ثم اقتيد عقب إصابته إلى قسم الموسكي فاعتدى رجال الشرطة على أتباعه، ودارت معركة بينه وبين ضابط بوليس هدده بمسدس وسدد فوهته في صدره، فهجم عليه الشيخ البنا، وأمسك بالمسدس من يده، وأصيب زوج شقيقته عبد الكريم منصور بإصابات نُقل على إثرها إلى مستشفى قصر العيني وانتهى الحادث بالحفظ.

 

2- وعندما وقف المرشد العام يتحدث في الشركة العربية للمناجم والمحاجر لتوديع كتيبة من الإخوان قبل سفرها إلى فلسطين، وقع انفجار في المكان الذي كان مقررًا أن يتحدث منه قبل وصوله بدقائق، وتبين أن قنبلة زمنية وُضعت في هذا المكان.

 

3- وعندما توجه حسن البنا إلى مطار القاهرة للحج في 23 من سبتمبر 1948م ومعه جواز سفر يتيح له السفر إلى جميع أنحاء العالم.. وعلى الجواز أيضًا تأشيرة تسمح له بأن يستقل طائرة شركة «سعيدة»، قام العقيد حسن فهمي مفتش الجوازات بسحب الجواز منه، وألغى جميع الدول المصرح له بالسفر إليها، واكتفي منها بالمملكة العربية السعودية، وقال إنه فعل ذلك بناء على تعليمات من عمر حسن- مدير القسم المخصوص- وسافر المرشد العام إلى المملكة العربية السعودية فأبرقت وزارة الداخلية إلى القنصل المصري في جدة بعدم السماح للبنا بالسفر إلى أي دولة عربية أخرى، وقد قال اليوزباشي عبد الباسط- شقيق المرشد-: إن الحكومة المصرية أعدت العدة لقتله في السعودية على أن تنسب الجريمة إلى بعض اليمنيين!

 

كان أمير الحج المصري حامد جودة- رئيس مجلس النواب الذي ينتمي إلى الحزب السعدي- قد صحب معه بعض الأشخاص الخطرين، ولكن الحكومة السعودية استشعرت ذلك، فأنزلت المرشد العام ضيفًا عليها، وأحاطت مقره بحراسة شديدة، وقدمت إليه سيارة خاصة بها جندي مسلح لمنع الاعتداء عليه.