في الوقت الذي كانت فيه تركيا نموذجًا تحتذي به مصر لمرحلة ما بعد سقوط مبارك كانت هناك أصوات قليلة ومنعزلة تحاول توجيه المحللين وصانعي القرار إلى نموذج بعيد يمكن أن تحتذي به مصر.. إنه النموذج الإندونيسي على أساس أن لإندونيسيا سابقة تاريخية مشابهة لما يحدث في مصر.

 

وأشارت كتابات كثيرة إلى التشابه بين انتقال إندونيسيا للديمقراطية في أواخر التسعينيات عقب المظاهرات الطلابية السلمية في ميدان التحرير للإطاحة بمبارك فمصر، وإندونيسيا؛ حيث إنهما بلدان كبيران يضمان أغلبية مسلمة حكمتهما قيادات استبدادية لأكثر من ثلاثة عقود سقطت في النهاية بحركات شعبية تطالب بالحرية والعدالة، وكانت حكومتا البلدين حققتا بعض الإنجازات قبل أن يسمح الرئيسان بسيطرةٍ على النصيب الأكبر من الثروات كما أن الفقر والإهانة والمعاناة من الأسباب المباشرة المحفزة للانتفاضة الشعبية ضد النظامين.

 

تقول روبن بوش الخبيرة في شئون الإسلام والسياسة في إندونيسيا، والتي قضت فيها أكثر من 20 عامًا تعمل مع (المؤسسة الأسيوية) إن لكل بلد في الشرق الأوسط بصفة عامة ومصر بصفة خاصة تاريخه وثقافته التي تميزه عن غيره لهذا يصعب عقد مقارنات بين البلاد شرق الأوسطية مع بلاد بعيدة عنها، خاصةً فيما يتعلق بعملية التحول الديمقراطي المعقدة والمتعددة الأوجه، لكنه من الأمور المقررة أن السياق الذي نعيش فيه لا يسمح لدولةٍ أن تعيش منعزلةً عن دول العالم لا تدري ما يحصل وراء حدوها.

 

الخوف من ملء الفراغ، تشرح (بوش) تفاصيل الاهتمام بالتجربة الإندونيسية في الديمقراطية كنموذج لمصر يمكن أن تحذو حذوه فتقول: كانت إندونيسيا حتى عام 1998م تحت حكم الديكتاتور (سوهارتو الذي كان تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت المخاوف شديدة من أن يملأ (المتطرفون الإسلاميون) الفراغ بعد سقوط الرئيس، وبعد أن سقط الرئيس بدأت التنظيمات السياسية في رسم خريطة الإصلاح الديمقراطي.

-----------

 * مصري بالكويت- [email protected]