إن كل يوم يمر علينا يؤكد أن هناك مؤامرةً تحاك في الظلام على منابع الإسلام ككل والمنطقة العربية بالأخص، وإن كنت لا أجعل نظرية المؤامرة هي المحددة لفكري ولأسلوبي في الحياة والحكم على الآخرين، ولكن ما يدور من حولنا من أحداث في مصر والعالم العربي بعد انتفاضة الشعوب العربية وهذا الربيع العربي الذي تشهده المنطقة منذ عام ولم يتمخض عن واقع حقيقي واستقرار، ولا شك يحتاج وقتًا طويلاً، هذا إن تَرَكَنَا اللهو الخفي وأصحاب المصالح ومَن يحركهم من الغرب نبني ونفكر بهدوء.
ولست متعجلا في الحكم على نتيجة ما نحن فيه، فما هذا إلا مخاض ليخرج المولود وتسود الحرية، لكن هذا يجعلنا نحاول أن نصل إلى حقيقة عمن يقال عنهم اللهو الخفي أو الذيل أو الطرف الثالث، والكثير يبحث عنهم.
وهل هم مَن وراء ما يحدث في مصر؟ أهم الفلول والبلطجية في مصر؟ أم الحركات الاحتجاجية المدعومة بتمويل من الغرب؟.
دعونا ننظر للمسألة من جهة أخرى ونرفع الغطاء قليلاً عما يحدث في مصر، لا شك أن المنطقة العربية والإسلامية كانت وما زال يخطط لها منذ زمن لكي يحدث فيها فوضى خلاقه فيما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، وهذا ما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كوندليزا رايس" وكانت البداية من العراق.
وبعد أن بلغ الأمر مبلغه ووصل احتقان الشعوب العربية إلى ذروته القصوى وأدى كل صعلوك دوره بامتياز مع مرتبة "الأرف" في تخريب وتمزيق وتفكيك مقدرات دولهم، ولم يعد بإمكانهم أن يخربوا ويفعلوا بشعوبهم أكثر مما فعلوا "فليس بالإمكان أفظع وأشنع مما كان" فحانت نقطة الصفر لبداية الشرق الأوسط الجديد" والفوضى الخلَّاقة، وانطلقت الشرارة الأولى من مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) والإعلام والفضائيات المتأهبة والمعدة سلفًا لاستقبال الحدث المرتقب، وقد كان ما كان.
وأصبحت لفظة "شباب الثورة" هي الشائعة وحتى وقتنا هذا، وانطلق الشباب الغير منظم العشوائي وانخرطت معهم الشعوب المسكينة المحتقنة، وكاد أن يحدث المخطط الإبليسي فيما يسمى "بالفوضى الخلاقة"، وما يريده من إشاعة الفوضى في شعوب المنطقة، ثم يضع الغرب يده على مقدراتها وخيراتها، فكيف لهؤلاء العرب الأوباش الجهلة!! أن يمتلكوا كل هذه الثروات من بترول وغاز وذهب وموارد مائية وسياحية ويرى من وجهه نظرة أي الغرب أنهم لا يستحقونها.
وبعد أن قامت الثورات كانت المفاجئة!! انطلق المارد المسلم المحب لدينه ووطنه من حبسه واضطهاده ومعه محبيه من الشعوب المسكينة المحتقنة، والذين استجاب الله دعوتهم، بعد أن علم الله فيهم خيرًا، فصنع الله لهم هذه الثورات.
وقد أعد للمظلومين والمساكين ما لم يكونوا يحتسبون، كما أعد للظالمين والمتآمرين أيضًا ما لم يكونوا يحتسبون؛ حيث تسلَّم الراية التيار الإسلامي المنظم، فنظم وحشد وثَبَتَ وثبَّتَ من معه بإذن الله، وكانت بمثابة الصفعة المفجعة الموجعة لمن دبَّر وخطط؛ حيث جاءت على غير ما توقع وخطط.
والآن هو هو ومَن معه في حالة ذهول عما يجري ويحدث؛ حيث يكاد ينسحب البساط من تحت أرجلهم رويدًا رويدًا، والوقت يمر من بين أيديهم، ولا يدري هؤلاء أنهم لما كانوا يمكرون أن فوقهم قوة عليا هي "الله" تمكر للمؤمنين وللمستضعفين من الشعوب المسكينة، وهو خير الماكرين.
والآن ها هم ومن معهم من اللهو الخفي والذيول والأطراف يحاولون أن يعيدوا التوازن بافتعال أحداث تلو أحداث في مصر؛ حيث يُستخدم الأمن الوطني وفلول الوطني وهو ذاك الذيل (جيش من البلطجية يتحرك بمعرفة الأمن الوطني 30 ألف بلطجي - ومحطات بنزين معظمها ملك لفلول الوطني تتوقف عن العمل وتُلقي حصتها من البنزين والسولار في الصحراء- وتخريب ومحاولة تصفير الميزانيات- والسماح بتهريب ماشية مصابة بالحمى القلاعية من الصهاينة للمزيد من الأزمات- إدخال البلطجية لإستاد بورسعيد لإشعال الأزمة وما سبقها من أحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء والمجمع العلمي ومحمد محمود، وتتوالى الأزمات بتنفيذ من الأمن والفلول، وبإخراج مجلس العسكر!!، وما زال عندهم نفسْ بل أنفاس وأمل بل آمال في أن تتحقق بُغيتهم، وتعود ريمة لعادتها القديمة، وتتحمل الأجيال القادمة ما تحملناه ننحن بل وأسوأ!! وربما في الأيام القادمة سيفصح (مجلس العسكر) عن وجهه والآن هو يهدد ويتوعد بأن لا ننسى التجارب السابقة (أحداث 1954م) وكما كان يفعل سلفهم الطالح "اللامبارك" وسيفضح نفسه فلم يأخذ العبرة ويعي الدرس بعد أن ستره الله وأعطاه الفرصة تلو الأخرى، لكن (وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ) (الأنفال: من الآية 23) ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كرهوا.
دعونا ننظر إخوتي إلى بلاد المسلمين جميعها كيف كانت وكيف أصبحت؟ وعودوا لتاريخنا وراجعوا حاضرنا لتعلموا مَن هو الطرف والذيل واللهو، ومن هو المستفيد من كل ما يحدث في مصر خاصةً، وكل البلاد العربية عامةً من انهيار مؤسسي ومجتمعي وجغرافي قديمًا وحديثًا، وهذا ما يريدونه.
وانظروا إلى كل بلد عربي إسلامي كل على حدة، وانظروا كيف كان الاحتلال القديم؟ وكيف هو الاحتلال الجديد؟ وانظروا لماذا العالم الغربي والشرقي لا يريد نجاحًا لثوراتنا في منطقة الشرق الأوسط؟، وانظروا لماذا العالم لا يريد أن تستقر مصر وليبيا واليمن وتونس؟ ولا يستطيع الوقوف لجانب سوريا؟ وانظروا ماذا يفعل الغرب بنا إذ أصبحنا ألعوبة بأيديهم؟ وانظروا إلى تصريحاتهم وحاولوا أن تراجعوا أنفسكم ولو لمرة واحده وصدقوني سنجد الطرف الثالث موجود ومعروف، ونراه بيننا كما نرى عين الشمس، وربما يكون من بني جلدتنا، فلا تخدعوا أنفسكم فما يقال عنهم فلول أو بلطجية أو شبيحة أو حركات مشبوهة من هنا أو من هناك فهؤلاء ليسوا بطرف ولكنهم ذيول الطرف فإذا قضينا على هؤلاء فتستطيع العقول المدبرة الماكرة أن يأتوا بغيرهم إنه "اللوبي الصهيوني والغرب المتربص بنا، ومن توافقت مصلحته مع ما يُرى ويُدبر من العسكر".
واقرءوا الماضي إن شئتم فمن ليس له ماض ليس له حاضر أو مستقبل، فانظروا إلى ماضيكم وتدارسوه كي تعرفوا الطريق الذي نحن فيه، فما الذيل واللهو الخفي والطرف الثالث إلا ذيول لرأس حية (الغرب)، يخطط من بعيد ويعطي الأمر لحامي الحمى وهو العسكر؟؟
------------------------------
* عضوا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
MSJ_AALMOHAMMADI @ISLAM.QA.GOV.COM
ت. 66911097 00974