شنَّت القوى السياسية الليبرالية والأبواق الإعلامية المتحولة من الفلول وأتباعهم حملة شعواء على جماعة الإخوان المسلمين بعد قرار الجماعة بترشيح أحد قياداتها وهو المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لرئاسة الجمهورية، وأثاروا الكثير من الشبهات، واختلقوا الأباطيل والافتراءات، ونحن نرد ونوضح بعض الافتراءات والشبهات.

 

يقولون أبو الفتوح من الإخوان وأبو إسماعيل من الإخوان، فلماذا لا ترشحون أحدًا منهم؟ نقول:

نعم، هم من أبناء الحركة وإن كانوا قد استقلوا عنها ولكن إن طلبت مني أن يكون ابني في موقع ما فقلت لك إنه لا يصلح لهذا الموقع فحقي عليك أن تثق في رأيي؛ لأنني أحدثك عن ابني، ومن حقي عليك أيضًا أن لا تسألني لماذا؛ لأنه لا يليق أن أتحدث عن ولدي وابني إلا بخير، كما أنه من حقِّ الجماعة أن تختار مَن يمثلها في أي موقع وأظنه حق أصيل للأحزاب والهيئات والجماعات.

 

يقولون الجماعة غيَّرت مبدأها بأنها قالت لن ترشح أحدًا ثم هاهي ترشح الشاطر نقول:

فالذين طالبوا ببقاء العسكر هم هم مَن هتفوا: يسقط يسقط حكم العسكر، والذين كانوا يهتفون: يسقط يسقط حكم العسكر يهتفون بالعسكر أن يظل ممسكًا بقبضة الحكم، بل يطالبونه بعمل انقلاب على مجلس الشعب، كما جاء كبيرهم على قناة التحرير ممسكًا بطلب موقع عليه من 136 شخصية من الذين صدَّعوا رءوسنا بيسقط حكم العسكر يطالبون العسكر بالبقاء في الحكم، والانقلاب على مجلس الشعب، ولما همت المذيعة بقراءة الأسماء اختطف الورقة من يدها، كما رفع المجلس الاستشاري مطالبه للمجلس العسكري بإصدار إعلان دستوري جديد كما جاء على لسان الدكتور أسامة برهامي نائب المجلس الاستشاري خلال مداخلة تليفونية مساء اليوم الأحد الموافق الأول من أبريل على قناة "سي بي سي".

 

والإخوان يتخلقون بخلق القرآن، فقد نزلت آيات تعالج حوادث معينة في زمن معين ثم نسخت بآيات أخرى، ومنزل الآيات هو الله الذي يعلم الغيب، والنسخ ثابت بآيات القران والسنة والإجماع (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) (البقرة: من الآية 106)، والنبي صلى الله عليه وسلم خرج للعمرة لما رأى في ذلك المصلحة، فلما تغيرت الظروف كانت المصلحة في صلح الحديبية، ورجع عن العمرة ولم يوافق الصحابة على ذلك، وهم أهل البيعة وأصحاب الشجرة، فلم يكن ذلك تراجعًا ولكنه تقدير لموقف جديد ومستجدات جديدة، والنبي صلى الله عليه وسلم رأى أن يبقى بالمدينة يوم أحد، ونزل على رأي الشورى والأغلبية التي خالفت رأيه، وكان في ظاهرها هزيمة أحد، ولكن الله أراد أن يعلمنا أن الشورى قاعدة شرعية إلى قيام الساعة، فإن استفرغ الجهد واستعملت الشورى فاتخاذ القرار عندها (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ 159) (آل عمران)، ولا تحسب للناس حسابًا فهم لن يرضوا عنك بحال.
وهناك بعض النقاط التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار:

1- الإخوان اتخذوا قرارًا يوم 10 فبراير 2011م، وأكدوه في شهر أبريل 2011م بعدم الدفع بمرشح رئاسي، بل وأكثر من ذلك أنهم قالوا إننا لن ندعم مرشحًا محسوبًا على التيار الإسلامي، ولكن بعد عام ونصف من الأحداث الإقليمية والمحلية والدولية، وبعد فشل ذريع للمجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية تبيَّن لهم أنه لا بد من إعادة النظر في القرار بناءً على المستجدات والأحداث، وأنه لا بد من إنقاذ الثورة ومقاومة مخطط العسكر مع فلول النظام مع أمريكا والصهاينة في الإتيان بمرشح يعيد إنتاج النظام القديم الذي ما زال متغلغلاً داخل مؤسسات الدولة.

 

ثم إننا نقدِّم المهندس خيرت الشاطر مرشحًا لرئاسة الجمهورية، وللشعب كلمته التي نحترمها، فهو الذي سيقرر، فإن اختاره فهذا ما يسعدنا، وإن لم يختاره فلا نملك إلا أن نحترم إرادة الشعب.

 

ونقول للمهاجمين والمنتقدين لقرار الجماعة هونوا على أنفسكم، فالقرار قراركم، فإن لم توافقوا فلتعلموا على غيره ممن تؤمنون أنه الأجدر والأحق، ولكن طلبي منكم أن لا يكون قراركم بالعاطفة، ولكن بدراسة وروية، فإنها شهادة، وأطلب منكم طلبًا قد تلبونه ومن حقكم أن ترفضوه ألا وهو أن تستمعوا بعقولكم للمهندس خيرت الشاطر، ولتسألوا عن تاريخه ونضاله والقرار قراركم.

 

ثم ألا يحمد للإخوان هذا القرار في هذا التوقيت الذي كان فيه المخلوع متشبسًا بالحكم في البلاد مستغيثًا بالغرب أن ينقذوا مصر من وقوعها تحت سيطرة الإخوان مع وجود الصورة الذهنية السلبية عن الإخوان لدى الغرب من قبل النظام البائد، ألم يجنب هذا القرار مصر شعبًا وأرضًا من أن يحدث بها ما حدث بليبيا، وما يحدث بسوريا؟.

 

وإعادة تقييم القرار ليس عيبًا بل هو قمة الصواب أن تراجع أفكارك وقراراتك كل فترة بناءً على المستجدات والمتغيرات؛ لتتأكد أنك في الطريق الصحيح، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من المواقف، ومن أبرزها غزوة بدر التي غيَّر فيها النبي خطته وغيَّر مكان المعركة بعد أن تبين له أن هناك قرارًا أفضل، وهذا ما يؤكده حديثه صلى الله عليه وسلم: "ألا إني كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها"، وكذلك الموقف الشهير لإمام الفقه وحجته الشافعي عندما تغيَّرت بعض فتاويه بين العراق ومصر، وكذلك الكثير من المواقف المعاصرة من رؤساء دول ومؤسسات كبرى قد تغير قراراها تماشيًا مع الأحداث.

 

يقولون الإخوان سيطروا على كلِّ شيء في البلد، ونحن لا نريد حزبًا وطنيًّا جديدًا نقول:

أولاً الحزب الوطني كان مسيطرًا على كل شيء بالتزوير وبأمن الدولة والأمن المركزي، أما الإخوان لم يأخذوا أي موقع إلا بالانتخابات وبالصندوق، وفي كل بلاد الدنيا المحترمة يضربون تعظيم سلام للذي يأتي به الصندوق، ولكن الذين صدعوا رءوسنا بالحديث عن الديمقراطية لا يريدون أن يسلموا بنتائج الديمقراطية، وبالمناسبة عندي عدة تساؤلات:

كم وزير من الإخوان؟ كم محافظ من الإخوان؟ كم مدير أمن من الإخوان؟

 

كم وكيل وزارة من الإخوان؟ كم رئيس مجلس مدينة من الإخوان؟ كم سكرتير محافظة من الإخوان؟ كم سفير من الإخوان؟ لا أحد!.

 

فكيف نقول إن الإخوان سيطروا على كل المناصب مع أنه في كل دول العالم الحزب الحاصل على الأغلبية يشكل الحكومة، ويعيَّن التنفيذيين؛ حتى يستطيع تنفيذ برنامجه وسياساته التي اختاره الناس بناءً عليها، ويستطيع مَن اختاروه أن يحاسبوه، أما في مصر فبلد العجائب الحزب الحائز على الأغلبية يراد محاصرته في المجلس التشريعي الذي يقرر سياسات، والحكومة تنفذ في اتجاه معاكس لهذه السياسات، وكأنهم يريدون ويخططون أن يتحول المجلس النيابي لمكلمة ولا ينفذ شيئًا، ثم يسخِّرون الإعلام في إقناع الشعب أن المجلس الذي اختاروه لم يفعل شيئًا، وأنه لا يعدو إلا أن يكون مكلمة، فيفقد الناس ثقتهم بالمجلس، ويفقد الإخوان شعبيتهم، وتحت التهديد المتذايد من المجلس العسكري ومعه الليبراليون والعلمانيون يحل المجلس، وتُجرى انتخابات في ظلِّ أجواء فقد الإخوان فيها شعبيتهم، فينجح هؤلاء ويسقط الإخوان، وهذه أمنيتهم، ولكنهم نسوا أن مقاليد الأمر بيد الله سبحانه وتعالى لا بأيدينا ولا أياديهم.

 

يقولون إن خيرت الشاطر رجل أعمال ولم يفسد الحياة السياسية إلا تزاوج المال بالسلطة نقول:

نعم لقد أفسد تزاوج المال بالسلطة الحياة السياسية والاقتصادية في مصر، ولعله يقفز إلى أذهاننا نموذج جمال مبارك ورفيق دربه خارج السجن وداخله أحمد عز، ولكنا نقول أليس من الظلم والإجحاف تشبيه المهندس خيرت الشاطر بأحمد عز وجمال مبارك؟.

 

هل نريد أن نساوي بين من نشأ بشارع الهرم طبالاً ومن تربى في مدرسة الإخوان على القرآن والسنة؟.

 

هل من الإنصاف أن نشبّه من عاش ظالمًا مستبدًا ومَن عاش مظلومًا مسجونًا عانى الظلم وويلاته؟.

 

هل من الإنصاف أن نساوي بين من بنى شركاته وأمواله من الاختلاس والاحتكار ونهب ثروة الشعب المصري وبين من أنشأ وبنى شركاته من جده وتعبه وعرقه وخبرته وقدراته الإدارية والقيادية؟.

 

هل من الإنصاف أن نسوي بين مَن لا يخاف إلا من الصهاينة والأمريكان وبين من لا يخاف إلا الله (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ 154) (الصافات).

 

ثم آن الأوان أن نرى في مصر رجل أعمال ناجحًا يمتلك من الإمكانات والقدرات، ويمتلك مشروعًا حضاريًّا لبناء مصر الحاضر والمستقبل، يخشى الله ويعلم حرمة المال العام، وأن المال العام كمال اليتيم من يأكله فقد أكل في بطنه نارًا، وأنه سيحاسب عليه أمام ربه قبل أن يحاسبه شعبه.