حين انطلقت حملة الفلول التي قادها الآسفون على خلع المخلوع الذي عشنا تحت ظلال حكمه الوارف ثلاثين عامًا، عَّمنا فيها الأمن، وتمرغنا في الحرية، انتشت كرامتنا، تقدمنا في مجال العلوم، ارتفعت راياتنا في كل محفل، اختفت العشوائيات، وصلت البطالة إلى أدني مستوياتها، قلت لعل الآسفين على خلع المخلوع أرادوا أن يقولوا إننا أوفياء للرجل على كل الذي ذكرتُ آنفًا، ولما كان الواقع المؤلم الذي عشناه كشعب ثلاثة عقود ينافي ما ذكرت تعجبت من هذه الحملة، فلماذا يبكون على المخلوع الذي لم يقدم لنا أكثر من تحت الصفر الاقتصادي، والصفر الرياضي، ولم يقدم سوى الأمن الذي عجز عن إنقاذه حين ثار الشعب عليه جملة وتفصيلاً.
قلت حتى الأمن لم يستطع حين جد الجد أن ينقذ بقايا النظام الفاشل بلا منازع، وزاد عجبي تلك الحملة المشابهة التي تصدى لها القائمون على سابقتها ليدعموا ظل مبارك والحارس الأمين لأسراره على مدار العقود المنصرمة، تعجبت من شعارهم الذي اتخذوه وصدروه بـ" يا عصابة البرلمان خايفين ليه من سليمان؟" كما أوردت صحيفة اليوم السابع في عددها الصادر الخميس 12 أبريل 2012 أن أعضاء صفحة "أنا آسف يا ريس" قد تواجدوا أمام مقر اللجنة القضائية العليا، لانتخابات الرئاسة في آخر أيام التقدم بالأوراق الرسمية لخوض الانتخابات، وذلك لدعم نائب رئيس الجمهورية السابق مرددين هتافات "الشعب يريد عمر سليمان رئيسا"، "يا سليمان خلصنا من الإخوان"، "العووو أهو".
لماذا يصر هؤلاء على تأييد رجل لطالما أذاق الإسلاميين ألوانًا وصنوفًا من العذاب!
- دوره في توقيع اتفاقية الغاز مع الصهاينة، والذي بيع بأبخس الأثمان لا يخفى على المقربين من دائرة الحكم عبر حقبة المخلوع.
- دوره في الاجتياح الصهيوني لغزة وإحكام الحصار حول القطاع ومن يومها والقطاع يعاني أزمات مميتة.
- تحيزه لصالح الإسرائيليين في علاقاتهم مع الفلسطينيين ومسئوليته عن تعطيل المصالحة بين حركتي فتح وحماس.
- رجل أدار موقعة الميدان وكان شاهدًا وربما مخططًا لوأد الثورة مهما كان الثمن.
لم يكن هذا مستغربًا على أمثال هؤلاء، لكن الأمر أثار حفيظتي لأوجه رسالةً إلى برلمان الشعب والثورة ليعلنها صريحة بقوله "آسفين يا شعب"، وأسف البرلمان لا بد أن يكون لأنهم تأخروا في المضي قدمًا نحو عزل كل الذين أفسدوا الحياة السياسية في مصر، لا بد أن يعتذر البرلمان للشعب وساعتها سيكون أسفه أوقع من آسف أولئك المناهضين للشعب الحقيقي، لا بد أن يعتذروا للعشب لأنهم تأخروا في إقصاء الفلول عن الساحة السياسية وهم وراء كل ما يحدث في مصر، ومع الأسف أدركتُ السر الدفين لحالة اللا أمن التي عاشها المصريون عبر عام وثلاثة أشهر هي عمر ما مضى على الثورة، وحالة الأزمات التي افتعلت، وحالة الفوران التي أريد بها الوقيعة بين الشعب ونوابه.
أدركت أن السبب هو إعطاء الشرعية لعودة أمثال هؤلاء ظنًا منهم أن الشعب يترحم على المخلوع ورجاله الذين جنبوه هذه الأزمات رغم سنوات الاستبداد، إن أداء الحكومة المترهل وتعاطيها مع الأزمات، وترك مصر أرضًا محروقة لتمهد السبيل لعودة الفلول من جديد وقد ساهم الإعلام في التمهيد لهذا المشهد المريب الذي يمثل لطمةً على وجه شعب بأسره خرج في ثورة رائعة ليغير نظامًا فاسدًا مستبدًا، وإذا بالدوبلير يعود في صورة جديدة، ليس أمام الشعب سوى أن يقولها هذه المرة لا وألف لا لكل من تلطخت يده بدماء أبنائه، ولكل من أفسد الحياة في مصر، فإذا قال الشعب كلمته فلن يسمع لغير صوته دوي.