إن مشروع النهضة الشامل هو المشروع الكلي الذي ينطلق من الواقع الوطني الملموس مستبطنًا كل المكونات الحضارية والتنوع الثقافي في الوعي المصري في اتجاه تحقيق الأهداف الإستراتيجية الكفيلة بوضع مصر على طريق عصر جديد؛ هو عصر ثورتها التي عبرت بوضوح عن رغبة وإرادة شعبية عارمة على التخلص من قيود الاستبداد والفساد وإحداث نهضة حقيقية تعبر عن هويتها وإرادة شعبها.

 

ومفهوم النهضة بمرجعية إسلامية يعني الوعي الدائم برسالة الإنسان، بوصفه خليفة عن الله في إعمار الكون، والروحية الإيمانية المنتجة الدافعة للعمل الصالح في جميع مجالات الحياة؛ لتحقيق مرحلة التميز الحضاري دون استعلاء أو طغيان أو ظلم.

 

وعلى هذا فإن فلسفة مفهوم النهضة تقوم على الجانب الإيماني الروحي، والجانب العملي التطبيقي، ولا يمكن أن نقدم مشروعًا للنهضة إلا إذا تحقق له شرطان: الفائض القيمي والفائض الاقتصادي؛ فالنهضة في المفهوم الإسلامي هي: العمران بجناحيه: "التمدن" الذي يتهذب به الواقع المادي، و"الثقافة" التي تتهذب بها النفس الإنسانية.

 

ونقصد بالفائض القيمي هو الوعي الجمعي الحاكم لقيم العمل والإنتاج والاستهلاك من مفاهيم حضارية ومرجعية مرتبطة بمركزية الإنسان في هذا الكون وارتباطه بالنظرة الإيمانية، ولا شك أن هذا البعد القيمي والفكري والثقافي مركوز في وجدان كل مصري؛ لأنه جزء من هويته ووجدانه، ولكنه يحتاج إلى إزالة التباس نتيجة تزاحم مفاهيم كثيرة حول إدراكنا للواقع ونمط الحياة الذي نحياه والذي ستكون له انعكاساته المهمة في مفهوم النفع والعمل الأهلي والمسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص وكثير من الأنشطة.

 

ونقصد بالفائض الاقتصادي هو العمل بكل جد لهيكلة الاقتصاد المصري؛ مما يحوله من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد قيمة مضافة تمكّن فيه كل شرائح المجتمع المصري من الإسهام في نهضة بلدها لمضاعفة الناتج الوطني والخروج من هيمنة العجز.

 

ولذلك فيمكننا القول بأن هذا المشروع هو الاسم النوعي لمجموعة مشاريع فرعية: المشروع السياسي، والمشروع الاقتصادي، والمشروع الاجتماعي، والمشروع الثقافي والمشروع الأمني ومشروع الريادة الخارجية، وغيرها.

 

إن إعادة تعريف هذه المشروع وأدواته وانعكاسه على حياتنا، هو أمر لا بد أن يشارك فيه الجميع، وهو أمر يحتاج إلى إسهام كل مصري متشوق لرؤية نهضة حقيقية لبلده ولمجتمعه ومستقبل أولاده ولذلك فنحن نعلنها عن إيمان أن: النهضة إرادة شعب.