في خضمِّ ما يعتري المشهد السياسي المصري الحالي من تشويه متعمَّد وممنهج لكل ما يمتُّ للإخوان المسلمين بصلة، بات في مرمى بعض النيران الصديقة وكل غير الصديقة الأستاذ الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لرئاسة الجمهورية، وبحكم قربي منه عدة سنوات فإنني أعلنها شهادةً لله، وجبت عليَّ تبرئةً للذمة وإنصافًا لرجل في قامة وقيمة العالم الدكتورمحمد مرسي، الذي يقر كل من تعامل معه بوطنيته وعلمه وإخلاصه وتفانيه وجهاده، ولا أزكيه على الله.

 

فالدكتور محمد مرسي عالِم متميز، متقن لعمله؛ من حيث القيمة والأداء.. جادٌّ في سهولة، وحازم في لين، ومبادر في تواضع.. معتزٌّ بنفسه في غير غرور، ويخالط الجميع من غير نفور، على دينه غيور، ولوطنه محبّ، ولشعبه خادم، وله يضحِّي ويناضل ويستعذب في سبيل الله أشد الآلام.

 

على المستوى السياسي عاش السياسة واقعًا عمليًّا، عضوًا برلمانيًّا بارزًا، ورئيسًا للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين (دورة 2000- 2005) وحصل على جائزة أفضل برلماني عالمي عن تلك الفترة، ومسئولاً ثم مشرفًا على القسم السياسي بالجماعة، مع ما في ذلك من إدارة محتويات هذا الملف كافةً، من تخطيط وتنفيذ وتأطير وتنظير وإدارة وعلاقات مع كل القوى السياسية والتنفيذية بكفاءة شهد له بها كل من تعامل معه في أيٍّ منها، وأنا شاهد على هذه التزكية؛ ليس فقط من مصريين وعرب، بل من أجانب لهم خبرتهم ووزنهم السياسي.

 

وهو المرشح الذي يعلن برنامجه معتزًّا بأنه ذو مرجعية إسلامية، ويعلن أن في الإسلام الحل لكل مشكلاتنا بلا مواربة أو مداهنة أو حسابات انتخابية براجماتية.

 

كما أنه يحمل مشروعًا جادًّا وواقعيًّا لنهضة مصر، شارك في إعداده العديد من أبناء هذا الوطن الحبيب من أصحاب الخبرة التخصصية في جميع المجالات، من الإخوان ومن غيرهم.. مشروعًا يحمل خبرات أكثر من ثمانين عامًا من العمل العام.. مشروعًا سينقل مصر بإذن الله نقلةً تاريخيةً وحضاريةً كبرى في سنوات معدودة.

 

كما أنه جاء بطريقة مؤسسية على نهج الشورى، من خلال مؤسستين في ثقل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، ولم يقدم نفسه أو يعرض نفسه لطلب ذلك، ولكنه حاول مرارًا وتكرارًا أن يكون الأمر لغيره، لكنَّ قرار الشورى كان حاسمًا؛ فهل يستوي من طلبها وتشوَّق إليها ممن حُمِّلها؟!! لا يستويان.. وهل صار التزامه بالشورى وقراراتها وتعبُّده إلى الله بها وسيلةً لمهاجمته والنيل منه بدلاً من أن تكون ميزة له؟!

 

والدكتور محمد مرسي عنوان لمشروع تدفع به جماعة كبيرة وحزب يحظى بقاعدة جماهيرية وأغلبية نسبية في البرلمان، يستطيع بهما- ثم بالإرادة الشعبية التي ستأتي به إن شاء الله- مواجهة الفساد المنظّم الذي أسَّسه النظام السابق، فسيكون قادرًا على معرفة أدق تفاصيل الفساد في كل قرى مصر ونجوعها، وأيضًا يكون مدعمًا بقوة لا تسمح لأحد ولا لقوة أخرى أن تضغط عليه في أي اتجاه مخالف لإرادة الشعب ومصالحه، كما أنه يخاف الله عز وجل أن يتبع هواه، فقد عاش عمره يلتزم بقيم التجرد والثبات والتضحية والطاعة المبصرة للحق والتضحية، أحسبه كذلك والله حسيبه.

 

شهادتي للدكتور مرسي- عن تجربة شخصية قريبة- أنه حسَن التوظيف لمساعديه ومستشاريه، وذو قدرة على جعلهم يبذلون جُلَّ جهدهم ووسعهم في تحقيق الأهداف المتفق عليها، بل ويبتكرون ويبدعون فوق ما يُطلب منهم، كما أنه لا يستنكف أن يرجع عن رأيه الخاص إذا ما اتفق غالبية الحضور على خلاف ذلك؛ فهو مع قدره ومكانته يقبل- بسعة صدر- الرأي الآخر، بل ويتبنَّاه إذا ما اقتنع به وثبتت له صحته، وهو بشر يصيب ويخطئ نعم ولكنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".

 

ويشهد له كل من عمل معه بصلابته في الحق، وقدرته على مواجهة التحديات برباطة جأش وثبات يثير الدهشة والإعجاب؛ مما يعينه على اتخاذ القرار السليم والمناسب، فقد يكون القرار سليمًا، ولكنه ليس مناسبًا في هذه المرحلة فيقدم عليه قرارًا آخر، وهذا ما يستطيعه بكل كفاءة ومهارة، كما أنه لا يقبل الضغوط من أي جهة كانت، وهذا واضح في سلوكه المنتظم في كل الأحوال.

 

وفي الختام نختار الأستاذ الدكتور محمد مرسي لتغليبه المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وهذا ما تجلَّى في أوضح صوره عندما قبل بأن يكون مرشحًا (آخر)، وقبل ذلك رغم علمه التام بما سيقال ويتردَّد من بعض السفهاء هنا وهناك، يحاولون النيل منه ومن شخصه بهذا الموقف، ولكن هيهات هيهات لهم أن ينالوا من قيمة وقدر ومكانة رجل فعل ذلك تعبدًا لله واحتسابًا عنده، فمن أعزه الله فلا مذلَّ له، ومن ابتغى رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس وكفاه الله مئونة الخلق.

 

لذلك ولغيره من أسباب عديدة كان د. محمد مرسي- كما أعتقد- هو الأفضل والأنسب لقيادة مصر في هذه المرحلة، والأكثر قدرةً على تحقيق بقية مطالب الثورة، وحقوق الشهداء أولها، وحرية الأحياء، والمحافظة على مكتسباتها وبناء دولة المؤسسات، وأولها الرئيس المؤسسة الذي يعظِّم الشورى والمؤسسية، ولا يسير بمنطق ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد.

 

فهو يخشى الله فينا، ولن ينام عن مظلمة، ولن يتأخر عن صاحب حق، وسيقود البلاد إلى نهضة كم كنا تتوق إليها من عقود.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.