يجب أن تكون التربية الإسلامية للأولاد شاملة ومتوازنة حتى ينشأ الطفل نشأة صالحة ليس فقط في العقيدة والأخلاق بل أيضًا في السلوكيات المنضبطة بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ومنها السلوك الاقتصادي في الإنفاق والكسب والادخار والاستثمار، وكذلك في وقت الرخاء والكساد، وفي المكره والمنشط، وفي السلم والحرب.

وهذا المنهج التربوى الشامل يُعِدُّ الطفل منذ نعومة أظافره على أن الإسلام دين شامل، وفيه اقتصاد وسياسة وإدارة وتربية ونحو ذلك، وفي الدراسة التي بين أيدينا سوف نركز على الجوانب التربوية الإسلامية لأولادنا فى مجال المعاملات الاقتصادية: المشروع الواجب أن يكون، والمنهي عنه شرعًا.

وجوب التربية الاقتصادية الإسلامية للأولاد .

لقد تضمنت الشريعة الإسلامية أسس التربية الاقتصادية بصفة عامة، ويلزم تطبيقها على الفرد والأسرة والدولة والمجتمع، كما يجب تطبيقها على الصغير والكبير حسب الأحوال ومن ثم يجب أن نربي النشء على هذه الأسس ولا نتهاون فيها بدعوى أن هؤلاء أطفال صغار، فالتربية في الصغر كالنقش على الحجر، ومن شَبَّ على شيء شاب عليه، ولقد اهتم سلفنا الصالح بذلك، بل كانوا يدربون الأولاد منذ صغرهم على كيفية الكسب وكيفية الإنفاق، وكيفية إدارة الأعمال، فكانوا يؤسسون النشء على القيم الإيمانية والأخلاقية، وفوق هذا الأساس تكون النواحي الأخرى ومنها الاقتصادية، وكان هناك تفاعل بين هذه النواحي جميعًا بما تُكَوَّن الشخصية الإسلامية المتكاملة إيمانيًّا وسلوكيًّا واقتصاديًّا وهذا ما سوف نوضحه فى الصفحات التالية .

 التربية الإيمانية للأولاد وأثرها على سلوكهم الاقتصادي

يجب أن نغرس في معتقدات أبنائنا منذ الصغر بعض المفاهيم الإيمانية ذات الطابع الاقتصادي منها على سبيل المثال :

أن المال الذي معنا ملك لله، لأنه سبحانه وتعالى هو الذي رزقنا إياه، لذلك يجب أن نحب الله ونعبد صاحب هذا المال.

 أن هناك ملائكة تراقب تصرفاتنا ومنها الاقتصادية والمالية، ولذلك يجب أن نتجنب أن تسجل الملائكة في سجلاتنا شيء لا يرضاه الله.

 أن هناك آخرة سوف نقف فيها أمام الله سبحانه وتعالى ليحاسبنا عن هذا المال من أين اكتسب وفيم أنفق؟

وهذه المفاهيم الإيمانية الاقتصادية تنمي عند الأولاد منذ الصغر: الرقابة الذاتية، والخشية من الله والخوف من المساءلة في الآخرة... فإذا شَبَّ الولد على هذه القيم وطبقها في جوانب حياته كان فردًا مستقيمًا منضبطًا بشرع الله في كل معاملاته ومنها الاقتصادية ويعتمد عليه فيما بعد لإدارة اقتصاد بيته واقتصاد بلده على أسس إيمانية.

 التربية الأخلاقية للأولاد وأثرها على سلوكهم الاقتصادي

يجب أن ننمى عند الأولاد منذ الصغر الأخلاق الفاضلة ، ونبرز لهم آثارها الاقتصادية على سلوكهم، ومن هذه القيم: الصدق والأمانة، والاعتدال والقناعة، والوفاء وحسن المعاملة، والسماحة والبشاشة وطلاقه الوجه، كما نحذرهم من السلوكيات المنهي عنها شرعًا ومنها: الإسراف والتبذير، والإنفاق الترفي والبذخي، وتقليد الغير فيما نهى الله عنه، والغش والتدليس، وكل صور الاعتداء على أموال الناس .

كما يجب أن نفهم أولادنا أن الالتزام بهذه القيم جزءا من الدين، وعبادة لله سبحانه وتعالى وطاعة، وأن من يلتزم بالأوامر ويتجنب ما نهى الله عنه يكون له ثواب، ومن لم يلتزم له عقاب.

كما يجب أن نفهم أولادنا بأن الالتزام بالأخلاق الفاضلة له أثر مباشر فى تحقيق البركة في الأرزاق وتحقيق الأمن النفسي، والرضاء الذاتي، بالإضافة إلى الثواب العظيم المدخر لنا يوم القيامة، كما يجب أن يؤمنوا إيمانًا راسخًا أنه لا يمكن الفصل بين الأخلاق والاقتصاد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدين المعاملة".

 التربية السلوكية الاقتصادية الإسلامية للأولاد (الواجب شرعًا)

سوف ينجم عن التربية الإيمانية والتربية الأخلاقية لأولادنا سلوكيات اقتصادية سليمة تحقق البركة والرضا والإشباع المادي والمعنوي وزيادة الأرزاق، يمكن تلخيص هذه السلوكيات في الآتي:

الاعتدال في النفقات وتجنب الإسراف والتقتير، ولذلك يجب أن نعرف الأبناء ما هو الاعتدال وحدوده في المصروفات المختلفة، ومن ناحية أخرى عند تقدير المصروفات الشخصية للأولاد يجب عدم المغالاة فيها فوق الاعتدال حتى لا نشجعهم على الإسراف والذي يقود مفاسد الأخلاق ثم الانحراف.

 الإنفاق حسب السعة والمقدرة، ففي وقت الرخاء ندرب الأولاد على الادخار للمستقبل وأن نزودهم بالوسائل والأساليب المشجعة على ذلك، ومن ناحية أخرى يجب أن نربيهم على القناعة والتقشف وقت الأزمات وأن هذا كله بقدر الله سبحانه وتعالى، وَنَقُصُّ عليهم كيف كان سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الأزمات.

 ادخار الفائض لوقت الحاجة والفقر، من الأهمية أن نربي أولادنا على أن الله سبحانه وتعالى هو الباسط والمقدر للأرزاق، أحيانًا يكون هناك سعة في الرزق، وأحيانًا يكون هناك ضيق فى الرزق، وتأسيسًا على ذلك يجب على الأولاد عدم الإسراف وقت السعة ويجب عليهم الادخار لوقت الحاجة.

 استثمار المدخرات وفق شرع الله عز وجل بعيدًا عن الربا والخبائث، من الأهمية أن نفهم أولادنا منذ الصغر أن فوائد البنوك والمصارف والقروض هي عين الربا المحرم شرعًا، وأن البديل هو استثمار الأموال عن طريق المصارف الإسلامية وأن من يتعامل بالربا ملعون من الله ورسوله ويمحق الله رزقه ويعلن الله عليه الحرب.

 

 ترتيب النفقات وفق الأولويات الإسلامية وهي الضروريات فالحاجيات فالتحسينات، فعندما يطلب الولد شيئًا في مجال الكماليات وهو في نفس الوقت محتاج إلى شيء آخر في مجال الضروريات، فنعطي الأولوية للضروريات ثم يلي ذلك الحاجيات فالكماليات ونشرح له المبرر لذلك.

الصبر والتقشف وعدم الضجر وقت الأزمات، يجب أن نُفَهًِم أولادنا أن الله سبحانه وتعالى له حكمة في تضييق الأرزاق ومنها التربية على الصبر والرضا والقناعة، كما يجب أن نعطي لهم النماذج في صورة قصص من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ماذا كانوا يفعلون وقت الأزمات؟ أن هذا النوع من التربية يُِعُّد الأولاد منذ صغرهم على التضحية والجهاد.

 الكسب الحلال الطيب: يجب أن ينشأ الولد الصغير على الكسب الحلال الطيب من عمل يده خلال فترات الإجازات وهذا يتطلب من والديه وأخواته الكبار تدريبه على بعض الأعمال التى تناسب سنه، ويتعلم منه سواء مهنة والده أو أي مهنة أخرى ، كما يجب نفهمه بأن العمل عبادة وشرف وقيمة، واليد العليا خير من اليد السفلى، فإن تعويد الطفل على الكسب منذ الصغر يعالج مشكلة البطالة عند الكبر.

 الشورى في أمور البيت ومنها المالية، يجب أن نربي أولادنا منذ الصغر على كيفية المساهمة بآرائهم في النفقات ونشعرهم بالمسئولية، بل ننصح بأن ندربهم على كيفية إدارة ميزانية البيت.

إن تربية الأولاد على هذه السلوكيات الاقتصادية الإسلامية يَقُوُد إلى إعداد أجيال قادرة على إدارة اقتصاد البيت والشركة والمؤسسة والدولة على أسس الاقتصاد الإسلامي الذي يهدف إلى تحقيق الخير فى الدنيا ولآخرة.

سلوكيات اقتصادية منهى عنها شرعًا.

إن من يراقب سلوكيات بعض أولادنا الاقتصادية يجد أن بعضها بل معظمها منهي عنه شرعًا، وللأسف لا نهتم بها، أو لا نعبأ بذلك، بل نجد بعض الآباء يزكوا تلك السلبيات من باب العاطفة والتدليل.. وتكون من أخطر أبواب المفاسد عقديًّا وأخلاقيًّا وسلوكيًّا على الأولاد في الحاضر والمستقبل.

لذلك فإنه من الأهمية أن نربي أولادنا على ضرورة تجنب هذه السلوكيات السيئة ويكون من داخلهم الباعث والحافز والدافع على تجنبها عبادة لله وطاعة، وحبًّا وامتثالاً لرسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك حبًّا للوالدين، ومن بين هذه السلوكيات المنهي عنها شرعًا ما يلي:

 سلوك الإسراف: وهو الإنفاق فوق الحد المعتدل المباح شرعًا فأحيانًا نجد بعض الآباء يعطون الأولاد من المصروفات ما يزيد عن الاعتدال والقوام، فيجعل الولد يسرف، ويعتاد الإسراف، بل وينشأ على الإسراف وفى هذا إثم على الوالدين، ولا يجوز أن تطغى العاطفة والحب والتدليل على شرع الله، بل يجب أن يربى الأولاد على أن الله سبحانه وتعالى لا يحب المسرفين ، وأن هؤلاء المسرفين هم أصحب النار، فقد قال الله تبارك وتعالى: (وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ) (الأنعام:141)، وقال عز وجل: (وَأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) )غافر:43)، والواقع العملي الذي نعيشه نجد أن معظم الأولاد المنحرفين كانوا في صغرهم من المسرفين وأن آباءهم هم السبب في ذلك، بل قلدوا آباءهم.

 سلوك التبذير: ويقصد به الإنفاق على المحرمات والخبائث التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها، مثل الإنفاق على السجاير ونحوها وشراء الأشرطة المخلة بالآداب، والإنفاق على شرب الخمور والمخدرات والمسكرات وشراء الأفلام السينمائية السيئة ذات الطابع الجنسي ... ولعب القمار والميسر وممارسةالبغاء... وكل صور الفواحش ما ظهر منها وما بطن، يجب أن نفهم أولادنا بأن الله سبحانه وتعالى قد نهى عن التبذير بجميع صوره كما ورد في قوله تبارك وتعالى: (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا(26) إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً(27)) (الإسراء)، كما حذر رسول الله صلى الله وعله وسلم من التبذير فقال: "... وكره لكم قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال" (متفق عليه).

إن من يتدبر أحوال الأولاد الفاسدين نجدهم من المبذرين فعلاً، ويصاحبون قرناء الشيطان في المقاهي والنوادي وعلى قارعات الطرق، بل إن معظم حوادث سيارات الشباب من المفسدين.

يجب على الآباء أن لا تأخذهم رأفة أو عاطفة في منع أولادهم عن سلوك التبذير وإن لم يفعلوا فسوف يصيبهم عاقبة ذلك من الشرور والمصائب والذنوب.

 سلوك الترف والبذخ: ويقصد به الإنفاق من أجل التظاهر والتعاظم والمباهاة والتعالي.. حتى يقال أن ابن فلان يلبس كذا.. ويركب كذا.. إن هذه تربية فاسدة للأولاد تقود إلى الانحراف والبعد عن طريق الله العظيم المتعال، إن تربية الأولاد على الترف والبذخ والتدليل يكون سببًا إلى الفسوق والعصيان وتدمير حياتهم وحياة أسرهم، بل وتدمير المجتمع، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16)) (الإسراء) ، ولقد نهى  رسول الله صلى الله وعله وسلم عن الترف والبذخ والمظهرية والتدليل فقال: "إياكم والمخيلة، ولا تلام على كفاف" (رواه ابن ماجه).

والأدهى والأمر أن نجد الوالد يعاني من عجز في ميزانية البيت، ويقترض ليترف أولاده، تحت دعوى العاطفة والحب... فهذا السلوك خاطئ شرعًا، ولا يجوز أن نُرْضي الأولاد في معصية الله عز وجل.

 سلوك التقليد المخالف لشرع الله: من السلبيات المنتشرة ولاسيما بين أولادنا هو التقليد الأعمى للعادات والتقاليد المستوردة من المجتمعات غير الإسلامية وتتعارض مع قيمنا الإيمانية والأخلاقية، هي مخططة لأولادنا لطمس هويتهم الإسلامية، بل نجد بعض الآباء يتفاخرون بهذا السلوك المنهي عنه شرعًا، والذي يقود فى النهاية إلى البعد عن سنة رسول الله صلى الله وعله وسلم وقد حذرنا منها فقال: "لتتعبن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر، وباعًا بباع، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب خرب لدخلتموه، قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى، قال: فمن إذًا غيرهم" (رواه ابن ماجه).

يجب على الآباء تفهيم الأولاد منذ النشأة على أن تقليد اليهود والنصارى في عاداتهم التي تخالف شرع الله فيها إثم ومعصية، ولا يجب أن تتغلب العاطفة الجياشة والحنان على الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وأن نقنعهم بأن المسألة ليست سهلة بل خطيرة.. ولا بد أن نربي أولادنا على الهوية الإسلامية والاعتزاز بها.

 سلوك اتباع هوى النفس: أحيانًاً يصل تدليل الأولاد إلى درجة أن كل ما يطلبوه يُجَابُ فورًا حتى ولو كان ذلك على حساب الضروريات والحاجيات: "فلا يجب أن كل ما تشتهيه النفس يشتري"، بل نجد أحيانًا بعض الآباء يقوموا بالاقتراض لشراء كماليات وترفيات لأولادهم من باب العاطفة والحنان.. ويشب الأولاد على ذلك السلوك السيئ، ويكون من مضاعفات هو الوقوع فى مشاكل الاقتراض والتعامل بالربا وأحيانًا السرقة والرشوة.

يجب على الآباء كبح هوى نفوس أولادهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبالأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويمكنهم الاستعانة بقصص أولاد الصحابة رضوان الله عليهم كيف كانوا متقشفين يعيشون على الأسودين، وليكن لهم في بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء الأٍسوة الحسنة والتي كانت تدير الرحى من أجل الدقيق، ورفض رسول الله أن يعطيها خادمًا.

 سلوك عدم القناعة: يجب أن نربي أولادنا على القناعة والرضى بما قسمه الله سبحانه وتعالى من رزق، والإيمان الراسخ بأن الله سبحانه وتعالى هو مقدر الأرزاق لقوله تبارك وتعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) (هود:6)، ولقد أشاد الرسول صلى الله وعله وسلم بالقناعة فقال: "قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه" (رواه مسلم)، وقال: "... ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله" (رواه البخاري).

ففي وقت الأزمات وضيق الحال يجب أن نُقْنع أولادنا بأن هذا من قدر الله، ولا بد من الصبر والتحمل ولا يجب أن نكلف أنفسنا ما لا نطيق، فقد قال الله عز وجل:  (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ) (الطلاق:7) حتى في وقت الرخاء أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتقشف فقال: " "اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئًا" (رواه الطبراني).

ولا يجب على الأولاد الراشدين أن يحملوا آباءهم ما لا يطيقون والضجر والصخب بسبب ضيق الرزق، بل يجب عليهم الالتزام بشرع الله سبحانه وتعالى في المكره والمنشط، وفي السراء والضراء، وفي الرخاء والكساد، فالله سبحانه وتعالى هو مقدر الأرزاق، وكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في ذلك.. فكان يمر الهلال تلو الهلال ولا يوقد في بيته نار، وكان يعيش على الأسودين، كما أنه حوصر حصارًا اقتصاديًّا في شعب مكة ثلاث سنوات ولم يستسلم ولم يضجر هو ومن آمنوا معه، فعن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب قال: "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل يلتوي ما يجد دقلاً يملأ به بطنه" (رواه مسلم) .

يجب أن نربي أولادنا على القناعة والرضا وقت الأزمات فهذا من موجبات التربية الجهادية التي ننشدها.

 وجوب تعليم أولادنا الآداب السلوكية الاقتصادية الإسلامية .

إن من يتصفح ما يدرس لأولادنا في المدارس والمعاهد والكليات الاقتصادية يجده بعيدًا كل البعد عن التربية الاقتصادية الإسلامية المستمدة من مصادر الشريعة الإسلامية، بل يدرس لهم السلوك الاقتصادي الأمريكي والسلوك الاقتصادي الاشتراكي.. وليس هناك أي إشارة إلى السلوك الاقتصادى الإسلامي... وكان من نتيجة ذلك أن نجد أولادنا بعيدين كل البعد عن إسلامنا، وهذا ما نعانيه الآن من انحرافات إيمانية وأخلاقية وسلوكية واقتصادية ولقد محقت البركة من كل شيء، لقد شاع في معاملاتنا كل الموبقات الاقتصادية ومنها: الغش والربا والرشوة والسرقة والإسراف والتبذير والإنفاق الترفي والقروض بفائدة وأكل أموال الناس بالباطل.... ومن الأسباب الرئيسية لذلك هو أن أولادنا قد تربوا تربية اقتصادية غير إسلامية، ونهلوا من الشرق والغرب المفاهيم الاقتصادية الخاطئة التي تخالف عقيدتنا وأخلاقنا.

لذلك يجب على الآباء أن يعوضوا ويعالجوا الخلل في التعليم الاقتصادي الإسلامي بالاهتمام بأولادهم في البيت ، ويجب أن يكون السلوك الاقتصادى للأب وللأم مشروعًا مطابقًا لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وأن يورثوا هذا السلوك لأولادهم فهم مسئولون عنهم أمام الله عز وجل.

كما يجب على المساجد أن يهتموا بالدعوة إلى الالتزام بالسلوك الاقتصادي الإسلامي باعتباره جزءًا من سلوك المسلم القويم، وبهذا ينصلح الفرد والبيت وهذا يقود إلى إصلاح المجتمع، كما يجب ربط المفاهيم والتعاليم بالأفعال والأعمال وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وصايا اقتصادية إسلامية .

 أن تؤمن بأن المال الذي بأيدينا ملك لله سبحانه وتعالى والبشر مستخلفون فيه، وأن الرزق بيد الله، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها.

 أن تؤمن بأن هناك محاسبة أخروية يحاسبنا الله سبحانه وتعالى عن المال من أين اكتسب وفيم أنفق؟.

 

 

أن تعمل في مجال الحلال الطيب حتى يكون كسبك حلالاً طيبًا، وأن تؤمن بأن العمل عبادة وشرف وقيمة، واليد العليا خير من اليد السفلى.

 أن تلتزم بشرع الله في جميع معاملاتك، يبارك الله لك في عملك ورزقك وعمرك، فالدين المعاملة.

 اتق الله وتجنب المعاملات المنهي عنها شرعًاً مثل الإسراف والتبذير والإنفاق الترفي وتقليد الغير فيما نهى الله عنه والتقتير والربا حتى لا تحرم البركات.

تجنب التعامل مع أعداء الدين المحاربين، فالتعامل معهم خيانة للدين وللوطن واحرص أن تتعامل مع المؤمنين، فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض.

أن تتقن الأخذ بالأسباب لجلب الأرزاق مع حسن التعامل مع الناس، وصدق التوكل على الله، يرزقك الله من حيث لا تحتسب.

أد زكاة مالك فهي فريضة شرعية، وضرورة اجتماعية، وحاجة إنسانية، وطهرة للقلب والمال والمجتمع، وما نقص مال من صدقة.

طهر مالك من الحرام حتى تلقى الله سبحانه وتعالى طاهرًا زكيًّا وقد غفر لك.

أكثر من الدعاء والاستغفار لأنهما من موجبات البركة في الأرزاق.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

------------------------

* د. حسين حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر والخبير الاستشارى في المعاملات الشرعية.