- الشريفين.. أماكن ضيقة ولا تصل لها الزبائن

- الألفي.. السكان وأصحاب المحلات رفضوا

- حديقة الأزبكية.. الباعة منقسمون بين الأحياء

 

تحقيق: يارا نجاتي

(إخوان أون لاين) زار مشروع سوق اليوم الواحد بمنطقة وسط القاهرة، بعد إعلان محافظة القاهرة عن البدء في تطبيق المشروع بنقل الباعة الجائلين من الشوارع لتخفيف الازدحام المروري وإعادة تنظيم الشوارع والمظهر الحضاري لها من جديد.

 

ويقوم المشروع على نقل كل مجموعة من الباعة الجائلين إلى أماكن مؤقتة للوقوف فيها لحين إنشاء أسواق كبيرة وثابتة تستوعب الأعداد الكبيرة من الباعة المتجولين في كل منطقة.

 

تجربة اليوم الأول لم تنجح في أغلب الأسواق، أو الأماكن المخصصة لنقل الباعة الجائلين لأسباب متشابهة وهي اعتراض أصحاب الأماكن على تواجد الباعة معهم في شوارعهم، إلى جانب سوء اختيار بعض الأماكن.

 

ففي شارع الشريفين والبورصة حيث قررت محافظة القاهرة نقل الباعة الجائلين رفض أصحاب المقاهي التي تملأ كراسيها وروادها الشارع دخول الباعة الجائلين واحتلال مكانهم أو التواجد فيما تبقى من الشارع؛ لأنه سيشكل مضايقة لزبائن ورواد المقاهي والكافيتريات هناك.

 

ويؤكد شهود عيان من العاملين أن الباعة المتواجدين بشارع قصر النيل والتي وجههتهم المحافظة للانتقال إلى شارعي البورصة والشريفين، حضروا في الساعة التاسعة صباحًا مع تواجد موظفي الحي لتسليم كل بائع من الـ240 المخصص لهم هذا الشارع للوقوف فيه كل يوم اثنين؛ وما حدث أن أصحاب المقاهي رفضوا إدخال الباعة الجائلين ببضائعهم، وحاول الموظفون التفاوض معهم بدون جدوى.

 

 

  شارع الشريفين مسدود ولا مجال لمرور الزبائن إلى الباعة

ويقول جعفر محمود "أحد الباعة الجائلين" إن الحي اختار لنا شارعًا مغلقًا من أكثر من 3 سنوات من جهة شارع قصر النيل ولا يمكن لأي زبون أن يعلم بهذا المكان أو يصل إليه بسهولة، مضيفًا أن المحافظة تطلب منّا الانتقال دون أن تقدم لنا أي تجهيزات أو تتفق مع أصحاب المقاهي الموجودة من عشرات السنوات في هذه الشوارع.

ويضيف: "إحنا الوحيدين المجبرين على تغيير أماكننا بدون ايجاد بديل مناسب، مع سنّ القانون الجديد الذي يقضي بالحبس لمدة 6 أشهر ومصادرة البضاعة وغرامة 5 آلاف جنيه ولما البورصة اشتكوا رفضت وجودنا معاها"، متسائلاً "هاعمل إيه يعني لما المحافظة والحي وحتى قسم البوليس معرفش يسلمني المكان اللي هو مخصصه ليا، لو جه حد يصادر بضاعتي ممكن أقتله وأدخل السجن بالمرة!!".

 

ويتابع: نائب المحافظ سيف الإسلام عبد الباري بيرفض كل الاقتراحات اللي بنقدمها له، رغم أنه الخطة اللي عملها غلط لأن البياعين معرفوش يستلموا أماكنهم في أكتر من مكان كان محدده في وسط البلد، مشيرًا إلى أن الزيارة الأخيرة من أيام قليلة لنائب المحافظ لمناقشة المشكلة معهم ومع أصحاب القهاوي في الشارع انتهت إلى قوله "خليهم يقتلوا بعض" وكأنه يعاقبنا على انتخابنا ونجاح د. مرسي بالتضييق علينا.

 

ويؤكد: نائب المحافظ سمعته سيئة من ساعة ما كان ضابط شرطة وحتى بعد تعيينه في المحافظة ظل يرسل لنا الضباط لأخذ الإتاوات بشكل دوري منّا، وإذا جاء كمحافظ فسينتقم من الجميع بدون رحمة، من أين نأكل عيش أو نُطعم أولادنا وأنا بقالي 35 سنة معرفش غير الشغلانة ديه.

 

حديث جعفر عن نائب المحافظ يؤكده أحد أصحاب المقاهي بالشارع "محمد رشاد"، ويقول إنهم تقدموا باقتراحات يوم الإثنين لنائب المحافظة لحل مشكلة الباعة الجائلين كي لا يجوروا على عملهم في المقاهي، ومنها توفير سيارة من سيارات شباب الخريجين المتنقلة لكل 4 بياعين، أو إعطائهم نفس مساحات شركة "صايدو" المملوكة لجمال مبارك والتي تأخذ مساحة من الشارع وتدفع للمحافظة؛ لكنه رفض بدون أن يقدم أي مبرر أو يوفر بديلاً أو يعطي سببًا لهذا الرفض.

 

كراسي القهاوي تحجز أماكن وقوف الباعة بالـ"الشريفين"

 

ويضيف: امتلك هذه القهوة عن والدي من 35 سنة، ندفع ايجار 9 آلاف جنيه شهريًّا ولدينا سجلات تجارية وضرائب، ولدي حوالي 15 عاملاً، ستقف أرزاقنا جميعًا إذا أدخلوا الباعة في هذا الشارع الضيق لمزاحمة رواد المقهي، قائلاً: إذا كانت الحكومة تفرض علينا رسوم إشغال فلتعطينا الحق في استغلاله كما ستعطيه للباعة، خاصة أن الشارع مغلق وليس به مرور للسيارات أو عمارات سكنية.

ويقول محمود على "بائع على رصيف قصر النيل": الحي لم يقدم لنا أي بديل وسنقف في أماكنا في انتظار الحملة التي ستزيلنا، لأننا لا نعرف مصدر رزق آخر غير هذا الذي ورثناه عن آبائنا، بالرغم من أن أغلبنا من أصحاب المؤهلات العليا ولا نجد أي عمل آخر للقيام به، موضحًا أن الشارع الذي اختارته الحكومة لهم مغلق ولا يمكن الوصول إليه بسهولة، كما أنهم سيقضون على مصدر رزق القهاوي.

 

ويؤكد أن المحافظة ادعت على صفحات الجرائد صرفها للملايين لنقلنا لأماكن أخرى، وهي لم تقم سوى بوضع بعض العلامات بالبوية على الأرض في أماكن تواجد كراسي المقاهي ولم يضعوا سوى 20 علامة في الشارع كاملاً بالرغم من أنه مخصص لـ240 فرشة، وحتى الشرطة حضرت مبكرًا ووقفت بدون حراك ثم تركتنا، وإذا حاول أحدنا الدخول ستحدث مجزرة بيننا وبين أصحاب المقاهي والعاملين بها.

 

"الألفي"

نفس المشكلة تكررت في شارع "الألفي" حيث قررت المحافظة نقل الباعة المتجولين بشارع "طلعت حرب" إليه، حيث رفض أصحاب المحلات والمطاعم والصرافات بالشارع دخول الباعة ببضاعتهم ليغلقوا الشارع والممر الذي وصفوه بأنه سياحي، بسبب ارتياد السياح عليه بشكل مستمر.

 

ويوضح وائل أحمد "صاحب كشك بالشارع" أن الباعة حضروا في الثامنة صباحًا ومعهم أيضًا مسئولون من الحي لتسليمهم أماكنهم الجديدة، ففوجئوا بسكان العمارات وأصحاب الأعمال يفترشون منتصف الشارع لمنعهم من الدخول، ولم يجدوا أي مفر أو طريقة في الدخول فرحلوا كما جاءوا.

 

ويقول: إن مساحة الشارع ضيقة، وبتواجد الباعة فيها لن يكون هناك أي مساحة ولو صغيرة للمارة وسينغلق الشارع تمامًا.

 

أما عم يوسف محمد "صاحب مكتبة لبيع لعب الأطفال" فيقول: إحنا عندنا المحلات ديه من 70 سنة ومسجلة وبندفع إيجارًا ولها ضرائب وكافة أوراقنا سليمة، فكيف تفكر الحكومة في إصلاح مشكلة بخلق مشكلة جديدة لنا، الحال واقف بقاله مدة طويلة من غير حاجة، لما يحطولي واحد على الباب هيجرى إيه تاني؟!".

 

ويستنكر محاولة المسئولين إخلاء أماكن تواجد الباعة الجائلين في وسط البلد لكيلا يشوهوا المظهر الحضاري للمنطقة، وينقلوهم إلى شارع مليء بالسياح والصرافات التي سيقف حالها إذا صار الوضع في الشارع متكدسًا، مضيفًا تكلمنا من قبل مع موظفي الحي والمحافظة على هذا الوضع ولم يستجب لنا أحد.

 

"الأزبكية"

 

تقسيم حديقة الأزبكية إلى بايكات للباعة

تجربة نقل الباعة الجائلين إلى حديقة الأزبكية كادت تنجح في بداياتها، مع تقسيم الحديقة إلى مربعات (1م×1م) وتسليم عدد من الباعة بميدان الموسكي والعتبة لأماكنهم الجديدة داخل الحديقة، إلا أن المشكلة ظهرت بسبب الباعة الذين يفترشون الرصيف خارج الحديقة، حيث يؤكدون أن رئيس حي الأزبكية التابعين لهم أخبرهم أن الحديقة هي المكان المخصص لنقلهم وهددهم في حال عدم الدخول سينفذ ضدهم القانون بالحبس والغرامة ومصادرة البضاعة.

وأكد عدد كبير من الباعة لـ(إخوان أون لاين) "رئيس حي الموسكي يخبرنا بحديث مخالف تمامًا، قائلاً إن الحديقة مجهزة للباعة المتواجدين بميدان العتبة والموسكي لأنها تتبع إداريًّا حي الموسكي، أما خارج الحديقة فيتبع لحي الأزبكية.

 

وقال صلاح الدين الديروطي "المتحدث باسم الباعة المتجولين في العتبة" أنه رغم جودة المشروع إلا أن المشكلة ترجع إلى التخطيط السيئ والمتسرع لها، حيث تم تخصيص أماكن خاطئة له وتم تنفيذه بشكل سريع دون دراسة متأنية أو دقيقة.

 

وأثناء جولتنا مع الباعة في حديقة الأزبكية، التقينا المهندس حسين الشاطر رئيس حي الموسكي وسط حديثه مع الباعة الجائلين لإقناعهم بأنهم ليسوا تابعين له في حي الموسكي؛ بل تابعون لأماكن أخرى في حي الأزبكية.

 

 

رئيس حي الموسكي بحدائق الأزبكية

ويوضح الشاطر أنهم انتهوا من تخطيط "البايكات" في الحديقة للبائعين الذين تم إخلاء حي الموسكي منهم بالكامل، أما البائعون في منطقة الأزبكية فسيتم تقسيمهم على أماكن أخرى لكنها تأخرت في التجهيز وهي (الألفي، والأزبكية، وساحة دار القضاء العالي)، مضيفًا أن الباعة خارج الحديقة أغلبهم جاء بعد الثورة من أحياء مختلفة.

 

ويقول: ما زالت الدولة العميقة موجودة وتعمل بكل قوتها لإفشال أي مشروع للتخلص من فساد النظام السابق، مبينًا أنه تم تسكين 2000 بائع متجول في منطقة "التطوير" من 3600 عامل بحي الموسكي.

 

ويشير إلى أن هناك أماكن أخرى لنقل الباعة الجائلين التابعين لحى الموسكي وهي (محور شمال الجمالية، والشيخ صالح الجعفري، ولكل بائع الحق في المكوث في المكان الذي يرغب فيه، مؤكدًا أن الانتهاء من حملة إزالة الإشغالات والباعة الجائلين سينتهي هذا الأسبوع في حي الموسكي.