عماد الدين فصيح محامي أسرة المشير لـ(إخوان أون لاين):

- هدفنا من فتح القضية هو تصحيح أخطاء "كتبة" التاريخ

- المخلوع ضغط علينا لعدم إعادة فتح القضية

- عبد الحكيم عامر مات مقتولاً قسرًا بـ"سم الأكونتين"

- هيكل أجهض محاولات المشير للبدء بالضربة الأولى في1967

- المسئول الأول والأخير عن نكسة 1967م هو جمال عبد الناصر

 

حوار: أحمد هزاع

عاش الرأي العام المصري أربعة عقود مخدوعًا بقصة وهمية اختلقها جمال عبد الناصر وجهازة الإعلامي حول انتحار المشير عبد الحكيم عامر عقب نكسة يونيو عام 1967م، وبالرغم من أن العديد من الكتابات تناولت على استحياء القصة الحقيقية لاغتيال المشير عامر، وكشفت حقيقة الزعيم".

 

هذا ما يؤكده عماد فصيح محامي أسرة المشير عبد الحكيم عامر لـ"إخوان أون لاين".

 

ويضيف: إلا أن سطوة الدولة العسكرية، وخلفاء عبد الناصر سواء كان السادات أو خليفته المخلوع، دأبا على التغطية على جريمة الزعيم الراحل لصديق العمر ورفيق الدرب المشير عبد الحكيم عامر الذي خالف الحاكم المستبد فقرر التخلص منه وغطَّى جهازه الإعلامي- وعلى رأسه عقله المدبر الكاتب محمد حسنين هيكل- على الجريمة وأوهم الرأي العام المصري بأنه انتحر.

 

ويؤكد فصيح أن بلاغات عديدة قُدمت للنائب تطالب بإعادة فتح التحقيقات في واقعة اغتيال المشير عامر، إلا أن مصيرها المحتوم دائمًا كان الحفظ، حتى بعد رحيل قاتله بعقود.

 

وجاءت ثورة 25 يناير، وتم إنهاء الحكم العسكري على يد الرئيس محمد مرسي بعد أن جثم على صدر الشعب المصري لأكثر من 6 عقود؛ الأمر الذي فتح المجال أمام أسرة المشير عامر للتقدم مرةً أخرى ببلاغٍ للتحقيق في واقعة اغتياله، وإسقاط القناع عن أصنام ما زال يخلدها التاريخ المزيف.

 

"إخوان أون لاين" يحاور عماد الدين فصيح محامي أسرة المشير، بعد أن أثبت الطب الشرعي موت المشير متأثرًا بالسم، في محاولةٍ لكشف الحقيقة.. فإلى التفاصيل:

 

* بدايةً، ما الدافع لإعادة فتح ملف القضية في هذا الوقت بالتحديد؟

** هناك خطأ انتشر بين الناس أننا فتحنا القضية مرةً أخرى بعد وصول الإخوان للحكم وهذا غير صحيح، فقد قمنا بفتح القضية منذ ثلاث سنوات ولقينا معارضة شديدة من النظام السابق، واتصل بنا زكريا عزمي رئيس ديوان المخلوع في العهد البائد وطلب مني إغلاق ملف قضية مقتل المشير، وأبلغني برفض الرئيس المخلوع لها.

 

* ما الأدلة على اغتيال المشير؟

** لديَّ مستندات لا تدع مجالاً للشك تفيد بعدم صحة انتحار المشير، وتقابلتُ مع النائب العام، وقرر فتح القضية بعد التأكد من مقتل المشير بما لدينا من مستندات، وبدأ التحقيق الفعلي في الثالث من أغسطس 2010م، واستمرت لمدة عامين وشهرين، وشملت تقديم مستندات عبارة عن تسجيلات و4 تقارير طبية أثبتت مقتل المشير بالحقن بالسم.

 

* وما مصلحة المخلوع من التكتم على قضية مقتل المشير؟

** المخلوع كان يريد مجاملة أسرة عبد الناصر

 

* ولكن علاقة المخلوع بأسرة عبد الناصر لم تكن جيدةً في الفترة الأخيرة؟

** هذا غير صحيح؛ لأن علاقة المخلوع بأسرة عبد الناصر كانت جيدة جدًّا لآخر يومٍ في حكمه، والدليل على ذلك أن منى عبد الناصر لجأت إلى جمال مبارك بعد مقتل زوجها أشرف مروان بلندن، وطلبت منه تبرئة زوجها من قِبل المخلوع، وبالفعل خرج الرئيس المخلوع ليقول إن أشرف مروان رجلٌ وطني وليس جاسوسًا على مصر، وهذه مجاملة كبيرة لأسرة عبد الناصر.

 

* وما الدليل على مقتل المشير وأنه لم ينتحر؟

** لديَّ أربعة تقارير طبية ومراجعة علمية للتقرير الطبي الأول، تُثبت أن المشير عبد الحكيم عامر مات مقتولاً قسرًا بالسم، والتقرير الذي صدر وقت تشريح جثة المشير، والذي أعدَّه الدكتور عبد الغني سليم البشري كبير الأطباء الشرعيين في ذلك الوقت، والدكتور كمال السيد مصطفى كبير المفتشين الفنيين والدكتور علي عبد النبي أستاذ الطب الشرعي بكلية طب القاهرة، والدكتور يحيى الشريف أستاذ الطب الشرعي بكلية طب عين شمس، والذي أثبت في نهايته أن الوفاة نشأت عن حالة تسمم أدَّت إلى هبوطٍ سريع بالقلب والدورة الدموية وضيق التنفس؛ وذلك بسبب تعاطي الأفيون وتأثير مادة سم "الأكونتين" الموجودة بالشريط المعدني الملصوق بجثة المشير، وقد أثبتت التحقيقات التي أجراها النائب العام الحالي كل ذلك.

 

* على مدى 42 عامًا.. لماذا لم يتحرك أحد؟

** أولاً لم يكن أحد يجرأ أن يفتح فمه في هذه القضية بعد مقتل المشير، خاصةً أن جميع أفرادالأسرة تم اعتقالهم جميعًا، وحتى في عهد السادات خاف الكثير من الشهود التحدث في هذه القضية وطوال عصر المخلوع كذلك إلى أن امتلكنا الأدلة والبراهين لإثبات صحة مقتل المشير.

 

 

عماد الدين فصيح

* وما الذى دفعكم لفتح القضية في عام 2010؟

** تقرير د. خديجة عبد الفتاح مصطفى أستاذ الطب الشرعي والسموم الإكلينيكية بكلية طب عين شمس أثبت أن المشير مات متأثرًا بهبوط حاد في القلب والدورة الدموية الناتج عن حدوث ارتجافٍ بطيني كأثر مباشر للتسمم الحاد بمادة من أشباه القلويات بالحقن الوريدي، وأنه تبيَّن انتفاء شبهة الانتحار واستبعاد سم الأكونتين تحديدًا كمسببٍ للوفاة.

 

* ولكن التقارير التي ظهرت بعد الحادث مباشرةً أثبتت انتحار المشير وليس قتله؟

** التقرير الذي أعدَّه الدكتور البشري كان به مغالطات علمية فجَّة أثبتتها لجنة الفحص والتحقيقات، واعترف البشري نفسه عام 1975م بعدم صحة تقريره، كما أن تقرير د. علي محمد دياب أستاذ التحليل والسموم بالمركز القومي للبحوث والاستطلاع يؤكد أن الوفاة لم تكن انتحارًا وإنما كانت قتلاً بإعطائه سم "الأكونتين"، وبما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الوفاة جنائية مكتملة الشروط الجنائية من التعمد أي سبق الإصرار والترصد.

 

* كيف تثبت أنه تراجع؟

** نعم، والمراجعة العلمية على يد د. سليمان الجندي تثبت أن هناك مخالفات علمية واضحة لإيهام الرأي العام أن المشير مات منتحرًا، وتأخُّر فتح القضية كان هناك أمور كثيرة، كما ذكرت من ضمنها ألا أحد يجرؤ فتح القضية حتى المقربون من المشير أنفسهم، وأن معظم شهود الإثبات من الأطباء تعرضوا لضغوط.

 

* لمصلحة مَن تأخُّر فتح القضية؟

** هناك الكثير أصحاب المصالح ولا داعي لذكر أسماء بعينها الآن.

 

* ذكرت أن هناك شهودًا على اغتيال المشير ولم تذكر أسماءهم، فمَن هم؟

** القضية بها شهود كثيرون بعضهم مات والبعض الآخر ما زال حيًّا، ولكن أشهرهم حيًّا يُرزق وأدلى بشهادته أمام النائب العام، باعتباره الطبيب المنتدب من الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على المشير ليصرح بدفنه.

 

* لماذا لم تذكر اسمه؟

** أنا لا أستطيع ذكر اسمه الآن خوفًا على حياته من قِبل جهات معلومة وأخرى غير معلومة، ولكنه من أشهر أطباء مصر حاليًّا، وكان له موقف مُشرِّف؛ حيث رفض تهديدات شمس بدران له لأنه رفض أن يكتب في التقرير أن عبد الحكيم عامر مات منتحرًا.

 

* أي الجهات تذكر أن لها مصلحة في طمس الأدلة؟

** "يوه مش هقول"، لا تضغط عليَّ؛ لأن الأمورَ لم تتضح بصورةٍ كاملة بعد.

 

* ولكن الأستاذ محمد حسنين هيكل لم يقل إطلاقًا بأن المشيرَ مات مقتولاً؟

** مش هيكل لوحده دا أولاد عبد الناصر كلهم يؤكدون أن والدهم لم يكن له صلة في مقتل المشير ولكنه مات منتحرًا، وهذا محض افتراء، وتم تكذيب كل ذلك بشهادة الشهود ومنهم عصام حسونة وزير العدل وقتذاك؛ حيث أكد في  محمد حسنين هيكل لقتله، وأن قرار قتله صدر من عبد الناصر إلى وزير الحربية محمد فوزي مباشرةً أثناء وجوده في استراحة المريوطية، بالإضافة إلى شهادة صلاح نصر رئيس المخابرات التي تؤكد ذلك.

 

* بم تحلل موقف الأستاذ هيكل؟

** محمد حسنين هيكل كان العقل المدبر لعبد الناصر، وكان على علمٍ بكل صغيرة وكبيرة بما يفعله حتى إنه هو الذي أجهض محاولات المشير للبدأ بالضربة الأولى أثناء نكسة يوليو.

 

* وهل تتهم آخرين؟

** نعم الذين شاركوا في مقتل المشير كثيرون، ومنهم شمس بدران وزير الحربية في عهد النكسة، ومحمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة، وجميعهم عسكريون عدا المدني الوحيد، وهو محمد حسنين هيكل.

 

* ولكن عادةً ما يذكر الأستاذ هيكل في مذكراته أن المشير مات منتحرًا.

** هذا كذب وتزييف للحقائق، وسأقص عليك ماذا حدث بالتفصيل يوم وصول عامر إلى منزله بالقاهرة عقب عودته من المنيا حيث مسقط رأسه وموطنه، فوجئ في ظهر يوم 13 سبتمبر عام 1967م بعددٍ من ضباط القوات المسلحة يطلبون منه مغادرة البيت والذهاب إلى استراحة القوات المسلحة في المريوطية، ولكنه رفض فانهالو عليه بالضرب أمام أولاده الذين ما زالوا أحياء.

 

* الأستاذ هيكل ذكر أنه مات منتحرًا بسبب تعاطيه كمية كبيرة من الهيروين أثناء وجوده في المريوطية؟

** التقرير المبدئي نفى أكاذيب هيكل؛ حيث إن بطن المشير كانت خاويةً منذ 48 ساعة، فضلاً عن وجود علامات للضرب المبرح على جسده أي أنه تعرَّض للتعذيب قبل موته، أيضًا أُشيع أن المشير قام بالترجيع نتيجة تعاطيه الهيروين، وهذا لا يمت بالحقيقة بصلة لأن لجنة التحقيات وقت ذاك لم تجد علامات تدل على ذلك، فضلاً عن عدم وجود مياه أصلاً بالاستراحة، وهو ما ينفي قطعيًّا عدم إزالة آثار الترجيع.

 

* ومن الذي حقن المشير بالسم؟

** كما ذكرت فإن عبد الناصر المسئول الأول عن قتله يعاونه شمس بدران ومحمد فوزي، والعقل المدبر له حسنين هيكل، واستطاعوا تنفيذ المخطط عن طريق أحد أطباء مؤسسة الرئاسة بحقنه قسرًا بالسم؛ ما أدَّى إلى وفاته في الحال.

 

* هل لديكم معومات عن هذا الطبيب؟

** غادر هذا الطبيب في حينها إلى إيطاليا بعلم جهات أمنية، ولكني لا أعلم هل تُوفي أم ما زال على قيد الحياة.

 

* وما الدليل على أن هيكل متورط في قتل المشير؟

** هيكل كان على علم بكل صغيرة وكبيرة يفعلها عبد الناصر، بل كان يتدخل في إدارة شئون البلاد تدخلاً مباشرًا، وهو المسئول الأول عن تزوير تقرير الطب الشرعي الذي نُشر في وسائل الإعلام لتضليل الرأي العام، واختلق وقائع مزورة تُوحي بأن المشير مات منتحرًا إثر تعاطيه كميةً كبيرةً من الهيروين، فضلاً عن أنه مَن أتى بالمشير من قريته بالمنيا بعد أن ترك العمل العسكري والسياسي، وسيعلم جميع المصريين أن هيكل ضلل الرأي العام طيلة عشرات السنين.

 

* هل هناك متهمون آخرون ما زاولوا على قيد الحياة؟

** القضية كبيرة، وبها متورطون كثر وأسماء أخرى سيُعلن عنها في حينها؛ لأن التحريات عنهم وعن أماكنهم ما زالت مستمرة.

 

* ولكن ما سر انقلاب عبد الناصر على المشير؟

** بعد هزيمة 67 اتفقا الاثنان على التنحي بصفة الأخير نائب رئيس الجمهورية، ولكن عبد الناصر أذاع خبر تنحيه دون ذكر المشير، ثم توجَّه المشير إلى بلدته بالمنيا وتفرَّغ لزراعة الأرض التي ورثها عن والده، ولكن عبد الناصر علم من رجال المخابرات أن المشير يُخطط للانقلاب العسكري فأراد عبد الناصر أن ينقلب عليه أولاً وخطط لقتله بعد أن أتى به إلى القاهرة عن طريق إقناع هيكل له بالعودة.

 

* ولكن مقتل المشير تعد قضيةً عسكريةً من الدرجة الأولى، والذي قام بالتحقيقات التي أثبتت مقتله هو النائب العام؟

** بالفعل حصلنا على تبرئة المشير من تهمة انتحاره من القضاء المدني، وأثبتت التحريات التي أجراها النائب العام صحة مقتل المشير، ولكننا في الوقت ذاته قدمنا كل المستندات وأوقوال الشهود والتقارير الطبية في ذلك الشأن.

 

* وما الهدف من إثبات مقتل المشير بعد مرور أكثر من 4 عقود؟

** هدفنا هو تصحيح التاريخ، وأن يعلم الجميع أن المشير عبد الحيكم عامر مات مقتولاً بالسم عن طريق الحقن في الوريد.

 

* ألم تقصد تبرئة المشير من هزيمة 1967؟

** هذه حقيقة.. فالمسئول الأول والأخير عن نكسة 1967م هو جمال عبد الناصر وحده، ففي منتصف شهر مايو 1967 اجتمع عبد الناصر مع قادة الجيش بحضور محمد حسنين هيكل الذي كان الشخص الوحيد غير العسكري، وحدث خلاف بين عبد الناصر وعامر وعدد من قادة الجيش حول مَن يقوم بتوجيه الضربة الأولى، واقترح المشير توجيه الضربة للصهاينة، وناصره عدد من قيادة الجيش ولكن هيكل أقنع عبد الناصر بعدم قدرة مصر سياسيًّا على البدأ في توجيه الضربة الأولى.

 

وقام عبد الناصر بإغلاق مضيق العقبة، وهو ما يعني إعلانه الحرب؛ ما أعطى الفرصة للصهاينة لضرب مطارات مصر على الأرض؛ ما أدَّى إلى هزيمة ساحقة، وهناك معلومة لا يعرفها الكثير من المصريين بأن المشير عبد الحيكم عامر مات وهو نائب عبد الناصر وليس وزير الحربية ولا وزير الدفاع.