* تحولت من أماكن لاستقبال الحيوانات إلى اهتمام شبابي بها

 

* الأدوات الرياضية تتراكم عليها الأتربة من عدم الاستخدام

 

* د. جمال إمام: ضعف التمويل عائق يهدم الأنشطة الجديدة

 

* على خفاجي: الأولى بها أن تؤهل الشباب لخوض الحياة السياسية القادمة

 

تحقيق: الزهراء عامر

"30 عامًا يسيطر فلول الحزب الوطني عليها، أعضاء مجالس إدارتها لا يأتون إلا بانتخابات مزورة، التعيينات فيها أسرية فقط، فضلاً عن أنهم من "العواجيز" بالرغم من كونها أنشئت من أجل الشباب يعزفون عن المشاركة فيها لأنهم فقدوا الثقة في هذه الأماكن، بعد فترة من إنشائها استخدمت كإسطبل للخيول ومرتع للحيوانات والماشية لغياب الإشراف الحكومي عليها".. هذه هي حكاية مراكز الشباب والرياضة في مصر قبل الثورة في عهد النظام السابق الذي استخدمها كمنبر له وكمساعد قوي فساد المحليات، وكانت تعمل تحت إشراف جهاز أمن الدولة السابق، وهذا ما كشفته الوثائق السرية.

 

4352 مركز شباب في مصر لم تر الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية وغيرها فيهم النور إلا بعد إجراء أول انتخابات حقيقة لمجالس إدارة في الكثير منهم وبعد تولي وزير الشباب الجديد في أول حكومة بعد الثورة أجلت الانتخابات لقلة عدد أعضائها.

 

(إخوان أون لاين) استطلع آراء الشباب حول تقييمهم لأداء النوادي ومراكز الشباب، وكيف يمكن تطويرها لتحقيق الاستفادة الكاملة منها في سطور التحقيق التالي:
يقول موسى ضياء (19 سنة): إن أغلب الأنشطة الرياضية بمراكز الشباب غير مفعلة، حيث إنه لا يوجد اهتمام سوى بكرة القدم فقط، موضحًا أنه حاول أن يمارس تنس الطاولة بأحد مراكز الشباب ولكنه وجد أن الأدوات تراكمت عليها الأتربة في المخازن، فضلاً عن إهمال المتميزين في هذا النشاط.

 

ويضيف أن المراكز تأخذ اشتراكات من الأعضاء ولكنها لا تقوم بتطوير الألعاب والأنشطة بها، وإنما تقوم بصرف رواتب الموظفين فقط، مطالبًا بتشكيل لجنة لجميع المواهب المهملة خاصة التمثيل والغناء، حتى تجد الاهتمام المناسب من وزارة الشباب والرياضة.

 

ويؤكد أن الأنشطة الفنية غير متوفرة إلا للأطفال فقط، مضيفًا: "أنا أمتلك موهبة الغناء ولدي صوت حسن ولكني لم أجد أحدًا يتبنى هذه الموهبة حتى الآن".

 

رواسب النظام البائد

ويتفق معه عطية أبو العلا (28 سنة)، حيث يؤكد أن مراكز الشباب لم تتخلص بعد من رواسب النظام البائد، والتي سمحت للفساد بالتغلغل داخل هذه المؤسسات، مطالبًا بتكوين فريق عمل داخل كل مركز لتفعيله، والترويج للأنشطة التي تقام به حتى يجد الشباب مكانًا يستوعب مواهبهم ويستثمرها.

 

وتوضح أمنية عادل (18) أنها تمتلك موهبة الرسم وتشارك من فترة كبيرة في مسابقات الوزارة للفنون والتي يعلن عنها مركز الشباب التابع لها، ولكن لا يوجد اهتمام بالفن في المركز، خاصة أن الموظف المشرف على اللجنة الفنية لا يفقه شيئًا عنها ولا يقدر قيمة ما يبذله الشاب، فضلاً عن ضعف الإمكانيات.

 

ويوضح أحمد نجيب (23) أنه لا يستطيع أن ينكر وجود بعض التجاوزات والمخالفات، والفساد، في مراكز الشباب حتى بعد وصول الثورة إلى العديد منها، وذلك شأنه شأن مختلف الهيئات العاملة في مجتمعنا، مؤكدًا أنه للقضاء على الفساد يحتاج الأمر إلى تضافر كافة الجهود بداية من الشباب أنفسهم بالتواجد في تلك المراكز في أوقات فراغهم، ومتابعة حقوقهم بممارسة الأنشطة، وكذلك الالتزام بسداد المستحقات التي من شأنها أن تعطيهم الحق في المطالبة بحقوقهم بداية من الممارسة للأنشطة ومرورًا بحضور اجتماعات الجمعية العمومية وحتى الترشح لعضوية أو رئاسة مجلس الإدارة.

 

ويوضح أنس مجدي (25 سنة) مراكز الشباب من فترة كبيرة، وفي عهد النظام المخلوع كانت محصورة لأتباع النظام والحزب الوطني وكله بالوسايط، فضلاًً عن أنها كانت مهمشة، مبينًا أن دور مراكز الشباب في الفترة الحالية هام جدًّا، خاصة في ظل ارتفاع نسبة البطالة واتجاه الشباب إلى المقاهي لقضاء أوقات فراغهم فيها.

 

ويضيف أنه من الممكن أن تلعب مراكز الشباب دورًا في جذب هؤلاء الشباب لأنشطتها، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى إنشاء مراكز عدة في كل مكان وتمويلها كما يجب، فضلاً عن تخفيض رسوم الاشتراك فيها، بجانب الترويج والدعاية الجديدة لما تقدمه مراكز الشباب، لأن هناك شريحة كبيرة لا تعرف ماهية مراكز الشباب والدور الذي تقوم به، وهذا عقود الفساد التي نخرت في كل عظام المجتمع المصري

 

ويتمنى أن تستغل النوادي مواهب الشباب المعطلة وتنميها، وتنوع وتجدد من نشاطها الرياضي والثقافي والفكري، فضلاً عن مساهمتها في طرح المشاكل وكيفية حلها عن طريق إشراك الشباب والمجتمع في نقاشها.

 

ويرى أن هذه هي البداية الحقيقة لإصلاح المجتمع من الفساد المنتشر فيه، ولا بد أن تشرف عليها وزارة الشباب وتراقب أداءها، وتضرب بأيدٍ من حديد على كل فاسد ومقصر، مشددًا على ضرورة أن تنطلق أي مشروعات خاصة بالشباب منها، مثل الندوات والحوارات، بجانب تبني وزارة الشباب المشروعات الخدمية وعلى رأسها محو الأمية.

 

ويضيف أنه لا بد أن تكون هناك نية قوية وخطة محكمة لتطوير المشروعات الخدمية، بالإضافة إلى صبر وعمل جاد حتى تتحقق النتائج المرجوة.

 

إرث المخلوع

يوضح الدكتور جمال إمام أستاذ التربية الرياضية بجامعة الزقازيق ورئيس مجلس إدارة مركز شباب أحمد عرابي بالزقازيق أن مراكز الشباب تواجه العديد من التحديات، وعلى رأسها الإرث القديم الذي ورثته من نظام مبارك المخلوع، مؤكدًا أن اليد الأمنية كانت تسيطر على هذه المراكز، مما تسبب في تدهور أوضاعها وفقدان الشباب الثقة فيها.

 

ويضيف أنه من المفترض أن تكون المراكز تخلصت من هذه المشاكل، حيث أخذت مجالس الإدارات والشباب والموظفون فرصة أكبر لتحقيق الأهداف التي أقيمت من أجلها هذه المراكز، مبينًا أنها تتمتع بعد الثورة بقدر كبير من الحرية في إقامة الأنشطة وذلك بعد التخلص من العراقيل التي كان يختلقها الأمن.

 

ويشير د. إمام إلى أن هذه المراكز ما زالت تعاني  ضعف الإمكانيات والتمويل، حيث إن حجم الدعم المقدم لمراكز الشباب لا تتعدى الـ10 آلاف جنيه من ميزانية مديريات الشباب والرياضة، وهو ما يصعب معه تنفيذ الوزارة والأنشطة الإضافية، وذلك وسط إقبال الشباب وتحمسه لممارسة الأنشطة المختلفة.

 

ويوضح أن ارتفاع قيمة اشتراك العضوية تعوق رفع نسبة إقبال الشباب على ممارسة أنشطة المراكز، حيث زادت قيمة الاشتراك بعد الثورة حتى وصلت إلى 50 جنيهًا، مرجعًا عدم سداد الاشتراك إلى رواسب الخبرات السابقة من حيث إن مراكز الشباب غير فعالة وإن العضو المشترك مثله مثل غير المشترك.

 

ويضع د. إمام روشتة لزيادة إقبال الشباب على المراكز قائلاً: "يجب في البداية إقامة أنشطة مميزة وجذابة بهذه المراكز، كما يجب أن تعطى مجالس الإدارات اهتمام لهؤلاء الشباب لتحتوي هذا النشء وتحتضن مواهبه، هذا إلى جانب توفير مشرفين للأنشطة والاهتمام بالخامات المتوفرة لدى المراكز".

 

ويضيف أنه على الأجهزة الإدارية أن تروج للمراكز الشبابية، وذلك لتغيير الصورة السلبية المترسخة في أذهان الشباب منذ العهد البائد الذي سعى لأن تظل هذه المراكز مهجورة بسبب التضييقات الأمنية.

 

ويسترد قائلاً: "نحتاج إلى خطة عاجلة من وزارة الشباب والمديريات ومجالس إدارات المراكز، وذلك لزيادة إقبال الشباب على مقر المركز وممارسة الأنشطة، كما يجب أن يكون لرجال الأعمال والمهتمين بالرياضة دورًا في تنمية هذه المراكز وتجهيزها بالأدوات الرياضية اللازمة، حيث إن إمكانيات الدولة لا تسمح بتجهيز ملاعب لكرة القدم أو صلات تدريب".

 

ويوضح د. إمام أن مراكز الشباب تحتوي على عدد كبير من الأنشطة الفردية مثل الجودو والكاراتيه والمصارعة، ولكنها مهملة على الرغم من أهميتها، حيث إنه مطلوب نشر الوعي والترويج لأهمية هذه الأنشطة، وذلك لأنها تأتي بنتائج أسرع من غيرها من الأنشطة الجماعية، مشيرًا إلى أن مراكز الشباب تهتم بالأنشطة الجماعية الأكثر شهرة مثل كرة القدم.

 

تأهيل الشباب

ومن جانبه يوضح علي خفاجة أمين الشباب بحزب الحرية والعدالة بالجيزة أن مراكز الشباب عانت قبل الثورة من سيطرة أعضاء الحزب الوطني المنحل عليها، وبعد الثورة المصرية حدث تحسن نسبي في أحوالها بعد إجراء أول انتخابات داخلية، ودخل في مجالس إدارتها أشخاص أكفاء؛ ولكن ما زالت هناك مجالس تعاني الإهمال.

 

ويبين أن أمانة الشباب بحزب الحرية والعدالة استجابت لدعوة وزير الشباب الخاصة بحس الشباب على المشاركة في نوادي الشباب حتى يكون لهم دور فعال، وتواصل بين الأنشطة الشبابية والوزارة، مشيرًا إلى أنه يوجد بمصر 4352 مركز شباب على مستوى الجمهورية ولو لم يوجد شباب قادرين على حمل المسئولية، سيكون الجهد التي تقوم به الوزارة ليس له قيمة.

 

ويطالب جميع شباب الأحزاب والحركات الثورية بالمشاركة في نوادي الشباب كلاًّ حسب منطقته، لأنها ملك للدولة ومن حقهم أن يتفاعلوا معها.

 

ويلفت النظر إلى أنه هناك العديد من نقاط الضعف التي تعاني منها المركز وهي أن النوادي الشبابية منغلقة على فئة معينة من الشعب، ويعزف الكثيرون عن المشاركة فيها، وهذا أدى إلى قلة أعضاء الجمعية العمومية، بجانب أنها لا تتواصل مع الجمهور بأنشطة متجددة ولا تستعين بمتخصصين في الرياضة، بالإضافة إلى أنه ما زالت تقدم الأعمال والدورات بالفكر القديم الذي يفتقد التطوير والإبداع بالرغم من أن الكثير من مراكز الشباب لديها مساحات ضخمة لعمل أنشطة تطوعية وسياسية وثقافية.

 

ويرى أن مراكز الشباب بعد الثورة لا بد من أن تساهم بدور كبير في تأهيل الشباب لخوض الحياة السياسية وخاصة في انتخابات المحليات القادمة.