في إطار جولته العربية التي تشمل سوريا ومصر والمغرب، بالإضافة إلى جولته الدولية التي تشمل روسيا، قَدُم ولي العهد السعودي الأمير "عبدالله بن عبد العزيز" إلى مصر؛ لبحث آخر تطورات القضيتين الفلسطينية والعراقية، بالإضافة إلى أفكار العمل المطروحة لتطوير الجامعة العربية.

وتحاول القمة أن تؤكد على أن التضامن العربي من شأنه أن يدفع نحو تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، فضلاً عن أنه يدعم الصمود العربي للوقوف في وجه الهجمة التي يتعرض لها الوطن العربي.

كما تسعى القمة إلى البحث في سياسات الولايات المتحدة وآفاقها فيما يتعلق بالعراق والشرق الأوسط، خاصةً وأن العراق يشكل موضوعًا خطيرًا يستدعي التشاور الجاد والفعال.

وكذلك بعدما حذرت أمريكا من احتمال حدوث مواجهات دبلوماسية مع دول مجاورة للعراق، بسب تسلل مقاتلين عرب إلى داخل الأراضي العراقية لمهاجمة القوات الأمريكية.

ورغم أن هذه الجولة تهدف إلى تجميع التأييد الإقليمي والدولي؛ أملاً في التعامل مع السياستين الصهيونية والأمريكية اللتين تشكلان استفزازًا لأكثر من عاصمة عربية، الأمر الذي بات يهدد بتفجير إقليمي خطير عبر الاعتداءات وعبر المواقف السياسية غير المسئولة، إلا أن الطرفين حرصا على بث إشارات للجانب الأمريكي يُفهم منها أن ما يتباحث حوله الزعيمان لن يخرج عما أجرياه في شرم الشيخ على هامش القمة العربية- الأمريكية.

وفيما يخص القضية الفلسطينية تَمَّ بحث (إعاقات الكيان الصهيوني) لتنفيذ خريطة الطريق والجدار الأمني الذي يعوق خطة السلام حيث أكد الطرفان أن استمرار الكيان الصهيوني في مناورته تجاه تطبيق "خريطة الطريق" أمر يدعو إلى القلق، ومن ثَمَّ يتعين على اللجنة الرباعية حث الكيان الصهيوني على الوفاء بالتزاماته.

ولأن البلدين- مصر والسعودية-  يمثلان قطب العلاقات العربية ويقع عليهما العبء الأكبر في تعزيز التضامن العربي فقد سَعَيا لاتخاذ مواقف موحدة تجاه القضايا التي تقلق العرب وسَعَيا لها لتوفير أجواء على الساحة العربية يتوفر لها الأمن والاستقرار.

ويبدو أن القمة أيضًا تهدف إلى رفع مستوى العمل العربي المشترك، خاصةً وأن العمل العربي المشترك قد أصابه خلل وتراجع بيِّن في الفترة الأخيرة، أثناء وبعد الحرب على العراق، حيث لم يتفق القادة العرب على شيء محدد، سواء فيما يخص العراق، أو فيما يخص القضية الفلسطينية، وهذا يجعل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة تفرض سياستها وإملاءاتها على المنطقة العربية كلها دون رادع من أحد؛ وذلك بسبب التفرقة العربية.

وقد سبق أن دعا العديد من الكتاب والمثقفين- من أجل تفعيل العمل العربي المشترك- أن تكون هناك قاطرة تشد الكيان العربي الموحد، على تكرار ما حدث في الاتحاد الأوروبي، وقد اقترح هؤلاء أن تكون تلك القاطرة مكونة من مصر وسوريا والسعودية باعتبارها من أكبر الدول العربية وأقدرها على حل الكثير من المشاكل وتذليل الكثير من العقبات.

من هنا تأتي جولة الأمير "عبد الله" كبداية ربما تشير إلى السعي لتوحيد العمل العربي ليكون بمثابة ما يعين على التعامل مع السياستين الصهيونية والأمريكية وضغوطهما، ومن أجل أن يتحقق ذلك لابد من أن تعيد الأطراف المختلفة النظر في مسألة التنسيق والتشاور مع الولايات المتحدة فيما يخص أمن واستقرار المنطقة، والنظر في مسألة بثِّ إشارات للجانب الأمريكي يفهم منها أن ما يتم التنسيق والتشاور بشأنه يصب في المصلحة الأمريكية، وإن كانت تحركات الأمير "عبدالله" تأتي في أعقاب ما جاءه التقرير الذي اتهم فيه الكونجرس الأمريكي مسئولين سعوديين بدعم القاعدة والإرهاب الذي فجر مركز التجارة في نيويورك.