على مدار الأيام الماضية وجدنا شباب القوى السياسية المعارضة، ينشرون حالة من الرعب فى الشارع المصرى، وذلك بترديدهم عبارات تنم عن عدم تقدير حقيقة الواقع السياسى، حيث وجدناهم فى المحافل العامة والخاصة يرددون شعار «هنولعها يوم 25» و«لن نرحم من يقف فى وشنا» و«25 يوم الانتقام» وغيرها من العبارات التى أشعرت بعض المصريين بالخوف من هذا اليوم، كما تسببت هذه الكلمات فى حالة من «القرف» من هؤلاء الشباب الذين بعدوا عن روح الثورة، وأساسيتها التى من أهمها السلمية، والبعد عن العنف الذى يرفضه كل عاقل ينحاز لهذا الوطن.

 

ولا أدرى عمن يتحدث هؤلاء الذين يرفعون شعار «هنولعها»، هل يستهدفون إحراق هذا البلد، أم يريدون أن يقفزوا على الشرعية التى جاءت من الصناديق الانتخابية، بإرادة شعبية من خلال انتخابات حرة لأول رئيس مدنى، وللأسف نجد أن رموز المعارضة يلزمون الصمت نحو هذه الشعارات المتهورة، والتى من الممكن أن تزج بالوطن فى فتنة لا يعلم مداها إلا الله، ونجد أنفسنا أمام مشهد دموى من جديد، يضيف لأحزاننا حزنا جديدا، ويفرق شمل المصريين ويبعدنا عن أهداف الثورة.

 

وعلى كل حال أرى أن مثل هذه الدعوات ستموت، وسيلفظها الشارع المصرى، وسيحجمها وعى المصريين، وسيتصدى لها المخلصون الذى نراهن عليهم فى صفوف المعارضة، ولن ينجح المتهورون فى إحراق مصر، تحت مظلة الثورة، فالعقل يحتم عليهم أن يترفعوا عن الدعوات العبثية الصبيانية، التى لن تزيدهم إلا خسارة فى الشارع، ولن تدفعهم إلى للوراء.

 

وعليهم أن يتعلموا ممن رفعوا شعار «معا نبنى مصر» فما قمنا بثورتنا إلا لهدم الفساد والنظام البائد، ثم نتجه بقوة نحو بناء مصر الجديدة، مترفعين عن الطمع فى السلطة إلا من خلال الصندوق الانتخابى، الذى هو الفيصل بين الجميع، وهنا لابد أن نشير إلى الموقف العاقل المتزن الذى اتخذته القوى الإسلامية تجاه الاحتفال بالعيد الثانى للثورة، فها هم الإخوان المسلمين يطلقون حملتهم الإصلاحية لتطوير الخدمات فى المجتمع، والتى تقبلها معظم المصريون بقبول حسن، كما نجد أن التيارات السلفية والجماعة الإسلامية أيضا اتجهت نحو المطالبة باستكمال أهداف الثورة من خلال احتفالات رمزية، واتفق الجميع على تجنب الأماكن التى يتظاهر فيها إخوانهم فى المعارضة، حتى لا ينجر أحد لأى أحداث عنف أو احتكاك بين القوى السياسية، وذلك انطلاقا من الشعور بالمسؤولية، وفهمهم الجيد لواجبات الوقت الذى من أهم أسسه لم الشمل وعدم التفرق.

 

وعلى كل حال أستبشر بأن يوم 25 يناير سيمر بكل خير، ولن ينجح من يريد حرق مصر فى تحقيق هدفه، وسيكون انطلاقا جديدا لاستكمال بناء مصر الحديثة إن شاء الله.