الحكومة استجابت للحوار المجتمعي ورفعت العبء عن المواطنين

د. سامية مصيلحي: لا بد من إلغاء قانون الضرائب القديم وما يترتب عليه من آثار

حمدي عبد العظيم: يجب تفعيل القوانين لتجريم أي تهرب ضريبي

تحقيق- الزهراء عامر:

"المساواة بين الجميع ورفع العبء عن المواطن البسيط" كان الهدف من إجراء التعديلات الضريبة الجديدة، التي من المفترض أن يناقشها مجلس الشورى بعد طرحها للحوار المجتمعي.

ومن أبرز ملامح التعديلات الضريبية، بعد الحوار المجتمعي الموسع، الاكتفاء برفع سعر الحد الأقصى لضريبة الدخل إلى ٢٥% على ما زاد على مليون صافي ربح، مقابل زيادة حد الإعفاء للأعباء العائلية إلى ١٢ ألف جنيه سنويًّا، مقابل ٩ آلاف حاليًّا، مشيرًا إلى أن تعديلات القوانين الضريبية المجمدة سيتم عرضها على مجلس الشورى الأسبوع المقبل تمهيدًا لبدء العمل بها.

وحسب وزير المالية فإن التعديلات في الضرائب على السلع تضمنت الاكتفاء بزيادة سعر ضريبة المبيعات على ٦ سلع غير أساسية بنسبة تتراوح من ٢ إلى ٥%، بالإضافة إلى خفض الضريبة على بعض السلع التي تمثل مدخلات للصناعة المحلية، وفرض ضريبة بنسبة ١ في الألف على التعاملات في البورصة، في إطار الاتجاه إلى تحمل القادرين تكلفة الإصلاح الاقتصادي خلال المرحلة الراهنة.

كما أن الحوار المجتمعي لم ينتج عنه مطالبة بتعديل الضريبة العقارية، وتم الاكتفاء بتعديلها السابق، الذي تضمن زيادة حد الإعفاء إلى مليوني جنيه مقابل ٥٠٠ ألف جنيه حاليًّا، وقال إنه يدرس إنشاء صندوق لدعم الموازنة، اعتمادًا على مبادرة الدكتور علي لطفي، رئيس الوزراء الأسبق، المتضمنة تنازله وزوجته عن الدعم الذي يحصلان عليه سنويًّا بقيمة ١٦٠٠ جنيه، ودعا الأغنياء إلى التنازل عن الدعم مثله، مراعاة للظروف التي تمر بها البلاد.

وأكد الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط والتعاون الدولي أن التعديلات الضريبية على الدخل راعت تحقيق البعد الاجتماعي، كما راعت التعديلات الضريبية بشكل عام تحقيق أكبر قدر من الحماية للفقراء.

وأوضح العربي أنه سيتم تخصيص 25% من الأموال المحصلة من الضريبة العقارية لتطوير العشوائيات، و25% للقرى الفقيرة، كما ستتم زيادة مخصصات البعد الاجتماعي بنسبة 10% من برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي.

وحول عائد ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة بواقع 1 في الألف، توقع قدري أن تصل قيمتها إلى ما يقرب من 450 مليون جنيه سنويًّا، مع زيادة هذا المبلغ للضعف في حالة انتعاش الاقتصاد، وارتفاع حجم التداول إلى حوالي 800 مليون جنيه سنويًّا خلال السنوات القادمة.

بداية يوضح ياسر أحمد محارم المستشار القانون وعضو جمعية الضرائب العامة أن التعديلات الضريبية شملت تعديل أربع قوانين، وهي قانون الضرائب العامة، وقانون الضريبة العامة للمبيعات، وقانون الضريبة العقارية، وقانون ضريبة الدمغة.

ويرحب باستجابة الحكومة للحوار الوطني بشأن التعديلات الضريبية على الضريبية العامة للمبيعات وتم رفع العبء عن كاهل المواطن البسيط بتقليص الضرائب التي فرضت على 21 سلعة إلى 6 سلعة وراعوا فيها المواطن البسيط، موضحًا أن التعديلات بشكل عام مقبولة، وراعت البعد الاجتماعي.

ويشيد بزيادة حد الإعفاء من 9 آلاف جنيه إلى 12 ألف جنيه، والتي أعلن عنها رئيس الجمهورية في حواره، بجانب وجود شرائح ضريبة مختلفة، الأمر الذي سيعطي وفرًا لمحدودي الدخل، مطالبًا بأن يزيد حد الإعفاء إلى 15 ألف جنيه ليتامشى مع الحد الأدني للأجور، الذي حدده مجلس الشورى، وهو 1200 جنيه.

وفيما يتعلق بضرائب الطرح السنوي يؤكد أنه كان لا بد أن تخضع تعاملات البورصة للضريبة مثلما يحدث في جميع دول العالم، ولكنه يخشى من أن تفرض ضريبة على توزيعات الأسهم في البورصة، متسائلاً كيف سيكون التعامل مع هذا النوع من الضرائب حتى لا يكون هناك شبه في الازدواج ويدفع المستثمر ضريبة مرتين.

ويلفت النظر إلى أنه كان من الأفضل عدم فرض ضريبة دمغة على البيع والشراء في البورصة، وإنما تفرض الضريبة على أرباح التعامل، وهذا النوع من الضرائب متعارف عليه في جميع دول العالم؛ ولكن نسبه 1 في الألف بشكل عام لا تؤثر على المستثمر، مؤكدًا أنه ليس من العدل أن يدفع المواطن البسيط ضرائب والمستثمر الذي يحقق أرباحًا يعفى من دفع الضرائب.

ويحذر من فرض ضريبة على المؤسسات الخيرية التي لا تهدف للربح، لأن هناك بعض هذه المؤسسات تقدم دورًا اجتماعيًا كبيرًا يحمل عن الحكومة عبئًا كبيرًا جدًا، مشيرًا إلى أنه لا بد أن تعافي طالما أن الجمعية لم تغيير نشاطها، وتفرض عليها الضرائب إذا غيرت نشاطها كما في القانون القديم.

ويرى أن هناك سلبية تتعلق بالعفو الضريبي على السلعة الرأسمالية بشرط أن يصدر قرار من وزير المالية بالاتفاق مع وزير الصناعة، محذرًا من أن يخضع هذا الأمر للبيروقراطية ويتسبب ذلك في تعطيل القانون.

العدالة الضريبة

ومن جانبها تشيد الدكتور سامية مصيلحي، خبيرة الضرائب، ونائب رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، برفع حد الإعفاء والذي يعني زيادة المرتبات والدخول للأفراد، وبالتالي تتساوى الدخول مع الضرائب التي يدفعها المواطنون، موضحة أن فرض 25% من الضرائب على الدخول التي تزيد على مليون جنيه، هذا الأمر حقق العدالة الضريبية المنشودة التي كان خبراء الضرائب ينادون بها من قبل الثورة، وبالتالي تمت المساواة بين دخل الموظف وأي دخول أخرى.

وترى أن نسبة 1 في الألف التي فرضت كرسوم دمغة على تعاملات البورصة ضئيلة جدًا، ولا بد من زيادتها مقارنة بحجم التداول، موضحة أن فرض ضرائب على التعامل في البورصة لا يؤثر على عملية التداول، إنما عدم الاستقرار والاضطراب هو ما يؤثر على حركة التداول.

وتتساءل: ما الذي يقدمه المستثمر لمصر حتى يُعفى من الضرائب في البورصة، منتقدة قيام النظام السابق بتقديم المساعدات للمستثمرين الأجانب على حساب خزينة الدولة.

وتطالب بضرورة إلغاء قانون الضرائب القديم وما يترتب عليه من آثار، لأنه مازال حتى الآن يتم العمل به، بالرغم من إعلان الرئيس تجميده، لأنه لم يصدر مرسوم رسمي نشر في الصحيفة الرسمية بتعطيل القانون.

وتشير إلى أن المصالح الضريبية في موسم الإقرارات تعاني فوضى ضريبية، بعدم إلغاء القانون القديم وكل المواطنين يقدمون الإقرارات طبقا للقانون القديم، محذرة من التأخر في إصدار القانون الجديد، وبالتالي سيلجأ المواطنون للمحاكم ويحصلون على أحكام، تجعل موقفهم الضريبي سليمًا.

وتضيف أن الفوضى الضريبة والتأخر في إصدار القانون وراء زيادة الأسعار، موضحة أن فرض ضرائب على سلع غير أساسية كالسجائر والمشروبات الكحولية للمواطن أمر جيد، ومن يريد الرفاهية يدفع ولا يُحمل خزينة الدولة رفاهيته، مطالبة بأن يضاف إلى السلع الكمالية أكل القطط والكلاب.

وتتوقع أن تزيد الحصيلة السنوية المتوقعة من الضرائب بنسبة 25%، إذا فُعِّلت القوانين ومنع التهرب الضريبي.

تفعيل القوانين

ويرى الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات الأسبق أن فرض ضريبة على السلع الكمالية كالسجائر والمشروبات الكحولية خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، مطالبًا بضرورة إلغاء ضريبة المبيعات بشكل تدريجي، والتي كان معمولاً بها منذ عام 1991‏، وتغييرها بنظام الضريبة على القيمة المضافة.

ويوضح أن فرض 25% على من تتعدى أرباحه مليونًا كحد أقصي للضريبة غير كاف، لأنه لا بد أن يكون هناك تصاعد في النسبة التي يدفعها الأكثر ربحًا وثراء تصل إلى %30 أو 40% لجلب حصيدة على الدولة، فكلما زاد دخل الفرد، كلما زادت الضريبة، مشيرًا إلى أن قناة السويس والمؤسسات الكبيرة تدفع ضرائب تصل إلى 40%.

ويؤكد أن إدخال تعديلات جديدة على ضريبة الدخل يعد إجراء ضروريًّا، ولكن لا بد أن يوازيه تفعيل لكل القوانين والتشريعات المنصوص عليها لتجريم أي تهرب ضريبي.

ويلفت النظر إلى أن فرض ضرائب على التعامل في البورصة في حالة المكسب أو الخسارة من الممكن أن يؤثر بالسلب على عملية التداول، لأن المستثمر يدفع نسبة 6 في الألف للسمسار، وبالتالي من الممكن أن يلجأ المستثمرون للودائع في البنوك.