- توقعات بانخفاض شديد بالدولار الأمريكي أمام الجنيه

 

 - 5 مليارات دولار عربية جديدة لدعم الاقتصاد المصري

 

تحقيق: عمر جويفل

 

أثار القرار القطري بالاستثمار في السندات المصرية بقيمة 3 مليار دولار، واتفاق مصر وليبيا على منح الأولى قرضًا بقيمة 2 مليار دولار بدون فوائد، ارتياحًا واسعًا لدى الأوساط المصرفية، والاقتصادية، في مصر وأكدوا أنها ستنعش الاقتصاد المصري وترفع من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، بالإضافة إلى أن هناك مشروعات ملحة تنتظر هذه الأموال، مؤكدين أن هذه الاستثمارات والودائع الجديدة تؤكد عودة ثقة المستثمر الأجنبي والعربي في الاقتصاد المصري وأن هناك ملامح تعافي بدأت تطفو على السطح.

 

من جانبهم أجمع خبراء الاقتصاد والبنوك على أن تلك التدفقات النقدية جاءت في أفضل توقيت لها حيث إن مصر تعاني نقصًا حادًّا في مستوى الاحتياطي النقدي اقترب من حافة الخطر، بالإضافة إلى العجز في العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار وعودة المضاربات لسوق الصرف، ومن ثم يعول الاقتصاديون على تلك التدفقات في وضع الاقتصاد المصري على المسار الصحيح، سواء من خلال دعم الاحتياطي أو إعادة الاستقرار لسوق الصرف، بالإضافة إلى أن ذلك يفتح الباب أمام حصول مصر على العديد من المساعدات المالية والقروض سواء من دول عربية أخرى أو من صندوق النقد الدولي.

 

وكانت قطر قد أعلنت شراء سندات مصرية إضافية بقيمة ثلاثة مليارات دولار دعمًا للاقتصاد المصري، وهو ما يرفع قيمة المساعدات القطرية المقدمة لمصر إلى حوالي ثمانية مليارات دولار.

 

كما اتفقت الحكومة المصرية مع نظيرتها الليبية للحصول على قرض بقيمة ملياري دولار بدون فوائد بهدف دعم الاقتصاد المصري والموازنة العامة للدولة والاحتياطي النقدي الأجنبي.

 

وقد انتهت المالية من الاتفاق بشكل نهائي على القرض مساء الأربعاء الماضي، وتصل مدة القرض إلى 5 سنوات وبفترة سماح 3 سنوات وبدون فوائد وهو ما لا يحمل الموازنة العامة للدولة أية أعباء إضافية على قيمة القرض.

 

وذكرت مؤسسة "فيتش" العالمية أن قرار قطر بدعم إضافي لمصر بـ3 مليارات دولار سيكون ذا مردودٍ إيجابي.

 

وأكدت في تقريرها أن هذا الدعم سيكون دفعةً كبيرةً لاحتياطيات النقد الأجنبي في ظلِّ استمرار غياب اتفاق صندوق النقد الدولي، على خلفية التدهور الاقتصادي.

 

أوضحت أن قرار قطر بدعم مصر جاء في الوقت المناسب، خاصةً مع تأجيل موعد انعقاد الانتخابات البرلمانية، وفي الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية مزيدًا من الاستقطاب.

 

أوضحت أن الانتخابات قد لا تُجرى حتى الخريف المقبل؛ وذلك رغم عدم التيقن من تأثير ذلك على توقيت إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والذي تجري الحكومة المصرية مفاوضات معه حاليًّا، وترى "فيتش" أن موقف محادثات الحكومة مع صندوق النقد لا يزال غير واضح.

 

وتوقعت فيتش أن تتصدر ضبط الأوضاع المالية العامة الاهتمام في أي برنامج اقتصادي جديدة، مشيرةً إلى أن العجز زاد خلال السبعة أشهر الأولى من العام المالي 2012-2013، بمقدار 55%؛ وذلك عن الفترة المقارنة من 2011-2012.

 

وأعلنت قطر عن اعتزامها شراء سندات مصرية بقيمة 3 مليارات دولار، فيما أعلنت الحكومة المصرية توصلها لاتفاق نهائي تحصل بمقتضاه على ملياري دولار قرضًا دون فوائد من ليبيا، ما عزز فرص نمو الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر.

 

وأكد مصدر مسئول بوزارة المالية لـ(إخوان أون لاين)  أن مصر ستحصل فعليًّا على القرض الأسبوع المقبل ليضاف إلى المليارات الثلاثة التي ستحصل عليها الحكومة من قطر نظير بيع سندات حكومية، ليصل إجمالي الدعم الذي سيوجه للاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي إلى 5 مليارات دولار ليرتفع بذلك إجمالي قيمة الاحتياطي النقدي لمصر إلى 4ر18 مليار دولار وهو أعلى مستوى له في الشهور الأخيرة.

 

وكشف المصدر أن حصول مصر على هذه التدفقات النقدية سيكون له العديد من العوامل الايجابية أهمها دعم موقف مصر التفاوضي مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض الـ8ر4 مليار دولار، فضلاً عن أنها ستمثل ضربة قاصمة للمضاربين على الدولار في السوق السوداء خاصة في ظل التوقعات بتدفقات نقدية أخرى ستدخل مصر خلال المدى القصير، إلا أن المصادر رفضت الكشف عن مصدرها، قائلاً إننا سنعلن عن التفاصيل في حينها.

 

وأكدت أن المضاربين في سوق العملات سيتكبدون خسائر فادحة خلال الفترة المقبلة خاصة مع التراجع الحاد المتوقع لسعر الدولار في ظل استمرار هذه التدفقات الدولارية، مشيرًا إلى أن الدولار بدأ بالفعل سلسلة التراجع المتوقعة خلال الأيام القليلة المقبلة سواء على صعيد السوق الرسمي بالبنوك أو السوق السوداء.

 

بدوره قال وليد الوكيل، أستاذ علم الإدارة والتنمية الاقتصادية، إن رفع قيمة السندات التي تعتزم قطر شرائها سيكون لها آثار ايجابية عديدة على الوضع الاقتصادي في مصر أهمها دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي خاصة بعد تراجعه إلى حدود الـ13 مليار دولار وهو مستوى ينذر بكارثة اقتصادية ولكن تم تداركها من خلال القروض والاستثمارات الجديدة.

 

وشدد الوكيل على ضرورة دعم الاحتياطي النقدي حتى لا يتم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر مجددًا وهو ما يضر بالاقتصاد على المدى القريب.

 

أما د. حاتم القرنشاوي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، فيرى أن هذه الاتفاقيات والتدفقات النقدية التي تتبعها، تعكس ثقة قطر في مصر كدولة قادرة على استعادة وضعها الاقتصادي وأحداث إصلاح حقيقي وقدرتها في المستقبل على رد التزاماتها الأمر الذي سينعكس علينا بالإيجاب وسيعطى انطباعًا جيدًا لدى صندوق النقد الدولي الذي من المقرر أن يرد على منح مصر قرضًا بنحو 4.8 مليار دولار قريبًا.

 

وعن أثر ضخ قيمة السندات التي تعتزم قطر شراءها بالعملة الأمريكية تدعم الاحتياطي النقدي أكد أن الإيداع لدى المركزي سيؤدي إلى زيادة الاحتياطي من العملة الأجنبية وعدم استخدام الاحتياطي الحالي في الاحتياجات العاجلة المتمثلة في الاستيراد وسداد بعض التزامات مصر الخارجية، مما يساعد على نمو الاقتصاد القومي ويساعد على الوفاء بالتزاماته في المستقبل وجذب المزيد من الاستثمارات خاصة الأجنبية المباشرة لحين عودتها لمعدلاتها السابقة قبل الثورة، مشيرًا إلى أن قيمة السندات سيتم سدادها على المدى الطويل بعد أن تكون مصر قد استطاعت أن تلتقط أنفاسها وعاد الاستقرار لاقتصادها من خلال عودة السياحة وتنشيط الإنتاج وارتفاع معدلات التصدير.

 

ويرى الدكتور وليد الوكيل خبير المخاطر المصرفية بأحد البنوك الخاصة  أن دخول قطر للاستثمار في السندات المصرية تأكيد على قوة مصر الاقتصادية، وتعطى نوعًا من الاستقرار في الأوضاع الاقتصادية، إضافة إلى أنه سيجعل الودائع الأجنبية والقروض ستنهال علينا من دول وجهات دولية أخرى خاصة مع اقتراب مواجهتنا مشكلة حقيقية وهي عدم كفاية الاحتياطي من النقد الأجنبي لتغطية فاتورة الاستيراد من السلع الإستراتيجية الأساسية لمدة ثلاثة شهور وهو الحد الأدنى الآمن لمعدلات الاحتياطي في العالم.

 

أما عما يثار حول أن هناك أهدافًا سياسية وراء وديعة قطر فيرى أن هذا الكلام مزايدات لا تفيد البلد ولا تدعم الاقتصاد بأي حال من الأحوال، ومن يردد ذلك يسعى لإحداث الفوضى وإثارة البلبلة دون داعٍ.

 

ووصفت بسنت فهمي  الخبيرة المصرفية ومستشار رئيس بنك أبو ظبي الوطني، أن ضخ 3 مليارات دولار في مصر خلال المرحلة الحالي يساعد الحكومة على مواجهة التزاماتها العاجلة من النقد الأجنبي، ويمنحها مهلة من الوقت لحين إعادة تنظيم أرصدتها.

 

وأكدت أن قيمة السندات التي تعتزم قطر شراءها تساهم في تأجيل أي تعثر مالي في النقد الأجنبي لدى الحسابات المصرية، وبالتالي اتخاذ السياسات وفقًا لموقف السيولة الناتجة عن السياحة والاستثمارات خاصة الأجنبية المباشرة لحين عودة لمعدلاتها السابقة قبل الثورة، مشيرًا أن قيمة السندات يجرى سدادها على مدى فترة طويلة.

 

وأضافت أن قيمة السندات تعد تأمينًا للاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي، وتسهم في تقوية مركز مصر الائتماني، إلا أنها تعد دينًا على مصر يجرى سدادها وفقًا لشروطها، وآجالها الزمنية.

 

وفيما يخص المساعدات المالية الليبية التي حصلت عليها مصر والبالغة ملياري دولار بدون فوائد قالت بسنت فهمي إنه ستدعم موقف مصر الاقتصادي لاسيما وأنها لا تكلف خزانة الدولة أية فوائد أو حتى مصروفات وفقًا للاتفاق المعلن بين الجانبين المصري والليبي.

 

أما د. خالد حسن، أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، فاستنكر أن تكون هناك شروط سياسية من الجانب القطري من أجل ضخ الاستثمارات الجديدة، مشيرًا إلى أن قطر لا تملي شروطًا على مصر، كما أن مصر لا تقبل بذلك، مؤكدًا أن الاستثمارات التي يتم ضخها السندات تزيد من حجم الاحتياطي الأجنبي لدي البنك المركزي، وتعطى رسالة للعالم بالترابط العربي في أوقات الأزمات، ويدعم الاستقرار السياسي، وانتقال البلاد للديمقراطية، ويبشر بتكوين تحالفات اقتصادية عربية قوية خلال المرحلة المقبلة، كما يعد ذلك مؤشرًا قويًّا على بداية تعافي الاقتصاد المصري وشهادة ثقة دولية يمكن الاستفادة منها مستقبلاً.

 

وأكد أن رفع الوديعة القطرية ثم إقبالها على شراء سندات حكومية يرفع حجم المساندة القطرية لمصر لتصل إلى 8 مليارات دولار، مشيرًا إلى أن هذه المساعدات سيكون لها تأثير إيجابي على وضع الاقتصاد المصري في مجمله والاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي بصفة خاصة.

 

وأشار إلى أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها قطر تمنح الاقتصاد المصري وتعد بمثابة شهادة ثقة خاصة من جانب المستثمرين العرب والأجانب وتساهم في جلب العديد من الاستثمارات الخارجية للسوق المصرية الفترة المقبلة.

 

وطالبا باستثمار هذه الأموال في المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تستوعب كمية كبيرة من العمالة المصرية والتي تساهم في زيادة النمو والمساعدة في حل مشكلة البطالة.