قال وزير المالية الدكتور المرسي حجازي خلال عرضه لموازنة العام الجديد 2013- 2014، بأنها الموازنة العامة الأولى في عهد أول رئيس مدني منتخب، موضحًا أنه مع انتقال السلطة في يونيو 2012  وانتقال مشكلات وأعباء السنوات الماضية إلى الحكومة الحالية حيث بلغ عجز الموازنة 167 مليار جنيه بنسبة 11% من الناتج المحلي، موضحًا أن الأداء الاقتصادي يظل ممثلاً للحد الأدنى من المطلوب للتنمية الاقتصادية المستهدفة.

 

وأضاف أن تراجع أداء الصادرات الخدمية، مع النمو الملحوظ لتحويلات المصريين بالخارج، وبالرغم من حصول مصر على  مساعدات بلغت تسعة مليارات دولار إلا أن رصيد الاحتياطي من العملات الأجنبية ظل في تناقص مستمر لينخفض أكثر من 50% عن مستواه في عام 2010، موضحًا أن تزايد الإنفاق الحكومي قد حد من خطر الانكماش في القطاع الخاص، موضحًا أن الأجور والتعويضات زادت بنسبة 63%، كما ساهم الإنفاق الحكومي على دخول 14 مليون موظف وهو ما انعكس  على الأداء الجيد لمعدل الإنفاق الاستهلاكي.

 

وأوضح أن الاقتصاد القومي بات مهددًا بالتراجع نتيجة انخفاض الإنتاج، لافتًا إلى أن السياسة المالية ستواجه ثلاثة تحديات رئيسة هي ضرورة العمل بشكل سريع لرفع معجلات النمو الاقتصادي وخفض العجز الكلي للموازنة في الدولة وأهمية الحفاظ على البعد الاجتماعي ومراعاة عدالة التوزيع، مؤكدًا أن الهدف الأساسي عند إعداد الموازنة الجديدة هو التركيز على خفض معدلات العجز والدين في الناتج المحلي الإجمالي، في الوقت الذي أكد فيه الاستجابة لعدد كبير من المطالب الفئوية والشعبية.

 

وأشار الوزير إلى ارتفاع عجز الموازنة عن العام الماضي بسبب تباطؤ معدلات النمو ونتيجة عدم اتخاذ إجراءات الضبط التي كانت مقررة لخفض العجز خاصة في ظل القروض التي أخذتها في البلاد بسبب الظروف الراهنة فضلاً عن الإضرابات العمالية المستمرة التي أثرت على مشروع الموازنة، في الوقت  الذي أكد أن الظروف الحادثة كانت ستؤدي إلى ارتفاع عجز الموازنة إلى 304 مليارات جنيه بنسبة 15% إلا أن تم الاعتماد على ترشيد الإنفاق في بعض الاعتمادات العامة ما أدى إلى خفض العجز إلى ما تم الوصول إليه.

وطالب نواب الشورى بإصدار عدد من التشريعات لترشيد دعم المواد البترولية وغيرها من بعض جوانب المصروفات وإلا سيترب على الاستمرار في هذا زيادة العجز في الموازنة، موضحًا أنه يجب إعادة هيكلة الدعم في المواد البترولية التي يذهب أغلبها لأصحاب الملايين من الشعب المصري وأصحاب السيارات الفارهة.

وقال الوزير إن السياسة المالية ستواجه ثلاثة تحديات رئيسية في إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة خلال المدى القصير والمتوسط، منها ضرورة العمل بشكل سريع نحو إعادة دوران عجلة النشاط الاقتصادي ورفع معدلات النمو الاقتصادي، لاسيما من خلال تهيئة المناخ لتحفيز نشاط القطاع الخاص:

1. وجوب خفض العجز الكلي للموازنة العامة للدولة بشكل تدريجي وبما يتلاءم مع حجم التمويل المتاح للحكومة، وبما يحافظ على التوازنات الأساسية على صعيد الاقتصاد الكلي ويتيح التمويل المناسب لتمويل احتياجات باقي القطاعات غير الحكومية.

2. أهمية الحفاظ على البعد الاجتماعي ومراعاة عدالة توزيع ثمار النمو الاقتصادي، وكذلك مراعاة توزيع الأعباء المصاحبة للإصلاح الاقتصادي على طبقات المجتمع المختلفة بما يتناسب مع ثروات ودخول كل منها.

وأكد الوزير أن مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2012/2013 تم وضعها في ظل توقعات بتطبيق إجراءات إصلاحية وتحقيق افتراضات اقتصادية معينة ستساهم في توفير الحيز المالي الكافي لتحقيق معدلات النمو المطلوبة ورفع مستوى معيشة المواطنين وتحسين الظروف الحياتية لهم، موضحًا أن الهدف الرئيسي والأساسي عند إعداد مشروع موازنة العام المالي 2012/2013 هو التركيز على استعادة التوازنات المالية للاقتصاد الوطني من خلال برنامج واضح يتسم بالمرونة لخفض معدلات كل من العجز والدين للناتج المحلي الإجمالي خلال الأجل المتوسط ليتراوح الأول بين 4- 4,5%، والثاني بين 60- 65%، وإعادة بناء قدرة الموازنة العامة على مواجهة ما قد يطرأ من ضغوط أو أزمات مستقبلية.

ومن هذا المنطلق، وحيث إنه تم استيعاب كثير من المطالب الشعبية والفئوية في موازنتي العامين الماليين 2010/2011 و2011/2012 وهو ما جعل الهدف الأساسي لموازنة العام المالي2012/2013 هو بدء تطبيق سياسات تدعم الضبط والاستدامة المالية، حيث تضمن مشروع الموازنة تخفيض معدل العجز الكلي بنحو 2,2% من الناتج المحلي ليصل إلى 135 مليار جنيه   (7,6 % من الناتج المحلي) في نهاية يونيو 2013، ولكن وفي نفس الوقت كانت التقديرات تشير إلى أنه في حالة عدم تطبيق الإجراءات المستهدفة فإن العجز الكلي للموازنة العامة قد يصل إلى ما بين 220- 223 مليار جنيه (12,5% من الناتج المحلي) بدلاً من العجز المستهدف بـ135 مليار جنيه (7,6% من الناتج المحلي)، متضمنًا في ذلك الأثر المالي لزيادة الاحتياجات التمويلية وعبء الفوائد. هذا بجانب زيادة عبء الاحتياجات التمويلية لتصل جملتها إلى 898,7 مليار جنيه تقريبًا، والصافي منها إلى نحو 328 مليار جنيه، وهي أعباء ضخمة جدًّا تحمل الاقتصاد والمجتمع بتكاليف باهظة.

وأوضح انه نتيجة لما سبق، فقد صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (100) لسنة 2012 بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2012/2013 بنحو 50 مليار جنيه موزعًا على النحو التالي:

•   6 مليارات جنيه بالباب الأول- الأجور وتعويضات العاملين: لمواجهة متطلبات الزيادة في الأجور للحتميات بأجهزة الدولة المختلفة.

•   5 مليارات جنيه بالباب الثالث- الفوائد: لمواجهة الزيادة في فوائد الدين العام المحلي والخارجي.

•   37 مليار جنيه بالباب الرابع- الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية: لمواجهة التزامات الهيئة العامة للبترول والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.

•   1 مليار جنيه بالباب الخامس- المصروفات الأخرى: لمواجهة التزامات حتمية قومية.

•   1 مليار جنيه بالباب السادس- شراء الأصول غير المالية "الاستثمارات": لمواجهة متطلبات الزيادة في استثمارات مياه الشرب والصرف الصحي.

ويمكن إيجاز أهم عناصر البرنامج الإصلاحي المالي المستهدف في الأجل المتوسط على النحو التالي: 

1. ترشيد دعم الطاقة لمختلف القطاعات والاستخدامات من خلال بدء تفعيل منظومة الكروت الذكية لتوزيع السولار والبنزين، واستكمال خفض الدعم الموجه للصناعة (مع إعفاء الصناعات الغذائية والصناعات التي تمس محدودي الدخل) وللسياحة وللقطاعات الاستهلاكية الأخرى، وكذلك العمل على إجراء مزيد من ترشيد دعم الكهرباء.

 2. استكمال إصلاح منظومة الضريبة على المبيعات تمهيدًا للانتقال إلى الضريبة على القيمة المضافة وهو ما يتضمن رفع حد التسجيل، وتقليص عدد السلع المدرجة على الجدول (ضريبة الإنتاج)، وتبسيط إجراءات وآليات خصم الضريبة وردها، بجانب حصر الإعفاءات المتنوعة وقصرها على عدد محدود من السلع والخدمات (صحة وتعليم وخدمات مالية).

3. تنشيط الإدارة الضريبية بما يضمن مكافحة التهرب الضريبي من خلال تفعيل النصوص القانونية الخاصة بتجريم عدم إصدار الفواتير وتكثيف المراجعة الضريبية.

4. تفعيل قانون الضريبة العقارية وتعديلاته.

5. تعديل قانون استغلال المحاجر والثروات المعدنية والذي لم يعدل لعقود طويل، مع استهداف زيادة سنوية متكررة في موارد الدولة  في حدود 10 مليارات جنيه.

6. التعجيل بطرح رخص الخدمة الشاملة والإنترنت فائق السرعة في قطاع الاتصالات.

7. تطوير إطار حساب الخزانة الموحد في ضوء ما أسفرت عنه التطبيقات الفعلية، مع إعادة النظر في استخدامات الصناديق والحسابات الخاصة بما يخدم الاقتصاد القومي ويعزز من موارد الدولة.

8. فض التشابكات المالية بين جهات الدولة الرئيسية (خاصة البترول والكهرباء والسكك الحديد واتحاد الإذاعة والتليفزيون) وبحث آليات مناسبة لإعادة الهيكلة المالية لهذه الأجهزة بما يساهم في علاج مشكلة تراكم مديونياتها وتفاقم هياكلها المالية وهو ما يمثل عبئًا إضافيًّا على الدولة ويتطلب سرعة العمل على معالجة تلك المشاكل بشكل جذري وسليم. 

9. العمل على إعادة إصلاح وهيكلة نظام الأجور والإثابة بالدولة بما يعالج أهم أوجه القصور والاختلالات الحالية والتي تتمثل في التفاوت الكبير بين إجمالي الأجر الشامل الذي يتقاضاه شاغلو نفس الدرجة الوظيفية في الجهات المختلفة بل وداخل نفس الجهة في بعض الأحيان، والتعقيد والمبالغة في المعالجة الضريبية لبعض أنواع الدخول وتعدد المزايا والمكافآت بشكل كبير ومعقد.   

10.   إصلاح نظام التأمين الصحي الشامل والعمل على زيادة أعباء المستفيدين منه مع ضمان وجود موارد تمويلية كافية تضمن استقرار النظام ماليًّا.

11.   التوسع في برامج الشراكة بين القطاع العام والخاص لتمويل مشروعات استثمارية وإتاحة الخدمات العامة وبما يساهم في إضافة طاقات اقتصادية إنتاجية جديدة خاصة في مجال البنية التحتية والخدمات العامة دون التأثير على استقرار مؤشرات المالية العامة والدين وكذلك الاستفادة من إقرار قانون الصكوك الذي سيتيح موارد مالية يمكن من خلالها القيام بمجموعة من المشروعات الاستثمارية التي تعجز الدولة حاليًا على القيام بها، على الرغم من أهميتها القصوى للإسراع بعملية التنمية.