- رسائل الثبات والصبر والاحتساب بعد الاعتقال
- قصة الخطبة في 20 دقيقة قبل المحاكمة الهزلية
حوار: شيماء الجنبيهي
لم يكن اعتقال الدكتور عصام العريان مفاجئًا أو غريبًا بل كان متوقعًا، خصوصًا بعد مجزرة فض رابعة العدوية وحملة الاعتقالات الشعواء التي شنتها قوات أمن الانقلاب تجاه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.
تاريخ جهاد الدكتور عصام العريان ونضاله ضد القمع والاستبداد يشهد أنه كان واحدًا من كتيبة الإخوان التي ضحت ودفعت من عمرها الكثير من أجل نشر الدعوة؛ فقد اعتقل 5 مرات قبيل ثورة الخامس والعشرين من يناير، أولها كان في عام 1981 ثم قضى 5 سنوات خلال المحاكمة العسكرية في عام 2000، و عام 2006 ، ثم في عام 2007 ، ثم في أحداث جمعة الغضب في عام 2011، وأخيرًا في 30 أكتوبر 2013.
بمجرد اعتقاله ونقله إلى سجن العقرب منعت قوات أمن الانقلاب عنه الزيارة من جانبه أهله وأسرته طيلة أسبوعين وتمكنوا من مقابلته يوم السبت 9 نوفمبر.
(إخوان أون لاين) حاور أسرته الصامدة، الثابتة للتعرف على ما دار بينهم وبينهم الوالد خلال أول زيارة لهم؟، وما هي الكواليس التي قصها لهم عن المحاكمة الهزلية التي عقدت له ضمن 15 آخرين مع رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي
التقيناها. مبتمسة راضية محتسبة، الاستغفار والدعاء هو لسان حالها واليقين في النصر القريب من الله هو عقيدتها الراسخة، ولم لا تكون كذلك وهي زوجة الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة والقيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، إنها الأم المجاهدة والزوجة المضحية والداعية فاطمة فضل.
الانقلاب إلى زوال
بادرتنا الزوجة الثابتة فاطمة فضل بأن اللقاء كان طويلاً بفضل الله امتد لما يقارب الخمسة والأربعين دقيقة، سرد خلالها الدكتور عصام العريان بعض الكواليس عن المحاكمة التي عقدت بالتجمع الخامس بمقر أكاديمية الشرطة، فضلاً عن وضعه داخل حبسه الانفرادي.
وعن الكواليس الخاصة بالمحاكمة الهزلية قالت إن الدكتور عصام أبلغهم خلال الزيارة أنهم حينما وصلوا إلى مقر قاعة المحكمة كان هناك عدد من الصحفيين في انتظار وصولهم فأجروا معهم لقاءات صحفية وأدلوا بعدد من التصريحات حول رأيهم في محاكمة الانقلابيين لهم، مضيفًا أنهم حينما دخلوا قاعة المحكمة كان هناك (ميكرفون) فأمسكه وبدأ يخطب في الحضور ويوضح لهم ملابسات اعتقالهم في قضايا ملفقة ووهمية.
وقالت إنه أخبرهم أنه كان حضور أجنبي من وسائل الإعلام فقام بترجمة ما يقول أمام الجميع، مشيرةً إلى أنه ظل يخطب في الحضور ما يقرب من 20 دقيقة.
وأشارت زوج العريان نقلاً عن كواليس المحاكمة إلى أن الانقلابيين في المحاكمة كانوا مرتبكين للغاية وكان يسيطر عليهم القلق والتوتر، بينما كان هو ومن معه في القفص ثابتين، واثقين من نصر الله وفي مقدمتهم الرئيس الدكتور محمد مرسي.
وكشفت عن أن الوضع داخل الزنزانة في سجن العقرب صعب كونه يجلس في حبس انفرادي ومنذ وصوله إلى سجن العقرب، لا يسمح له بالخروج من الزنزانة رغم أن قوانين الحبس تتيح فترة "تريض" خارج الزنزانة ولكن أمن الانقلاب يمنعونه من أدنى حقوقه الإنسانية حتى يلتقط بعض نسمات الهواء.
وعن ما دار أيضا خلال لقائهم به كأول لقاء لهم به بعد اعتقاله تقول فاطمة: "كان يسأل على أبنائه فردًا فردًا وعن أحفاده وعن أحوالهم، وطلب منا الثبات وإكمال الرسالة وأن نكون على يقين أن نصر الله آت لا محاله ولكن بميعاد وتدبير رباني".
أما عن الاتهامات الموجهة للدكتور عصام فتقول زوجه: إنها اتهامات ملفقة، غير واقعية وليس لها أي أساس من الصحة، وبالفعل تثير الضحك والاشمئزاز.
وتعود بذاكرتها للوراء وتتذكر لحظات اعتقاله فيما سبق، فتؤكد أن الاعتقال تلك المرة مختلف تمامًا عن سابقه، لا سيما وأننا مررنا بثورة على الظلم والطغيان فكان من الصعب أن نراه يكشر عن أنيابه مرةً ثانية فضلاً عن وحشية الانقلابيين تلك المرة فهم ليس لديهم شفقة ولا رحمة، ومجزرة رابعة خير دليل وشاهد على أفعالهم.
وأضافت: لم نفاجأ باعتقال الدكتور عصام بل كنا نتوقعه، وقد عرفنا بنبأ اعتقاله مثلما عرف الجميع عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قائلةً: "كنت عند أسماء ابنتي واتصلت بي ابنتي سمية وأخبرتني أنه تم اعتقال والدها، ونشرت صورته عبر الفيس بوك".
وقالت:" كنا مستعدين حتى إنني أرسلت له (ترنج) أبيض في المسكن الذي تواجد فيه لحظة الاعتقال، لكوننا نعلم أن الانقلابيين يريدون النيل من أي قيادي إخواني أو بالتحالف الوطني لدعم الشرعية".
انتقلنا معها من لحظات الاعتقال لتروى لنا محطة أخرى قد لا يعرفها الكثير وهي محطة الأسرة والبيت والأطفال مع الدكتور العريان، لنعرف من هو دكتور عصام الإنسان والأب والزوج، فقالت بصوت يملؤه الشجن الممتزج بالفرحة:" دكتور عصام إنسان بكل ما تعنيه الكلمة، فهو بسيط ومتواضع وبشوش، الضحكة لا تفارق وجه، هين ولين مع أبنائه وأحفاده، يلتف حول أحفاده ويجلس معهم، كان راضيًا وغير متكلف نهائيًّا".
وعن الأحفاد الصغار وارتباطهم بجدهم، قالت زوجة الدكتور عصام بثقة وثبات: إن لسان حال الأطفال هو لسان حال الكبار مشيرةً إلى أن الأطفال تعلموا ان السجن هو ضريبة الدفاع عن الحق فباتوا ثابتين، مدركين أن جدهم شريف وحر يدفع ثمن ثباته على الحق وهي ضريبة الشرفاء من الأمة جميعاً قائلةً:" لما بيشوفوا أبائهم ثابتين، لا يبكون حالهم فهم أيضاً كذلك".
وبعثت زوجة الدكتور عصام برسالتين: الرسالة الأولى كانت لزوجها قالت له:" اثبت على الحق وأعانكم الله وقوى ظهوركم، وهذه هي ضريبة العمل مع الله"،" أما الرسالة الثانية فكانت من نصيب الانقلابيين فقالت لهم:" دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة، وإن الله لا يصلح عمل المفسدين، وإن عملكم إلى زوال وستحاسبون على ما اقترفت أيديكم".
وعن وصية الدكتور عصام خلال زيارتهم له، قالت: أوصانا بالثبات وألا نكل أو نمل من النزول والمشاركة في المسيرات وكافة الفعاليات الرافضة للانقلاب لكشفه وفضحه، مؤكدًا أن النصر قريب ولكن يجب أن نبذل كي نناله".
"صامدين ومكملين"
وتروى ابنته الصغرى سمية عصام شعورها وإحساسها عند سماعها بخبر اعتقال والدها لاسيما وأنها أول من عرفت الخبر وأخبرت به والدتها، قائلة:" استقبلنا خبر الاعتقال باحتساب الاجر عند الله وهو كان متوقع وقلنا لعله خير، على الاقل هنتمكن من رؤيته ونطمئن عليه" .
وحينما سألناها عن دكتور عصام الإنسان والأب، قالت : ابى سهل لين فى المعامله ومتسامح ومتفائل لاقصى الحدود، يبدأ يومه قبل الفجر ليصلى ما تيسر له من القيام ثم يصلى الفجر فى المسجد ويعطى حكمه يوميا من الحكم العطائيه ثم يتمشى ويرجع على موعد الإفطار ليذهب بعدها إلى أشغاله".
وأردفت: إن أبي لم يجبرنا في يوم من الأيام على أي فعل لا في اختيار المجال التعليمي أو تبني أي آراء سياسية، وكان أي قرار جماعي يقوم بعمل شورى بيننا لنصل لقرار يرضي الجميع وكان يتقبل النقد والنصح، حتى لو أردنا أن نتناقش معه في أي تصريح أدلى به لوسائل الإعلام فكنا ننقاشه وأحيانًا نقنعه وأحيانا يقنعنا برأيه.
ووجهت الابنة سمية رسالة قوية للانقلابيين عبر (إخوان أون لاين) قائلة: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"، "ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذاب مهين".
ثم بعثت لأبيها خلف القضبان رسالة صمود قالت فيها: "يا أبي عهدناك دائمًا صامدًا قويًّا لا تأبه بالطغاه متوكلاً على مولاك مستأنسًا بالقرآن فهو خير جليس لك.. فاثبت على ذلك ونحن وراءك صامدون ومكملين للمسيرة".
فيما كتب الشاعر والمهندس محمد أسامة رسلان زوج ابنته أسماء عنه فقال: "في آخر تجمع لعائلة الدكتور عصام العريان قبل اعتقاله كان النقاش حول إنه وَحَشنا وأكيد احنا وَحَشناه وكان رأي الابنة الكبرى ساره إنه يسلِّم نفسه حتى نتمكن من رؤيته حتى ولو لثوانٍ في الزيارة، واتفقت نسبيًا معها زوجتي أسماء وتباينت الآراء بيننا".
وأضاف لا شك أنه قد يكون الاعتقال هو مشيئة الله أن يتم اعتقاله في الوقت الذي أحب فيه ذلك هو وأهله، بعد أن جُنَّت أجهزة الدولة في البحث عنه لأكثر من شهرين.