في خطوة غير مسبوقة قام قادة الانقلاب باعتقال قامة قضائية بارزة، رجل صاحب مواقف سجل له التاريخ أنها كانت مواقف ناصعة البياض في طريق العدالة والحرية، إنه المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، وأحد أكبر رجال القضاء المصري الشرفاء الذين خاضوا معارك ضارية ضد نظام المخلوع حسني من أجل استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية التي تغولت على جميع مؤسسات الدولة منذ عهد المخلوع.

 

المستشار محمود الخضيري لمن لا يعرفه هو نائب سابق لرئيس محكمة النقض المصرية وأحد زعماء حركة استقلال القضاء فيما عرف باسم أزمة القضاة في مصر عامي 2005 و2006 للمطالبة "استقلال السلطة القضائية ومنع سيطرة السلطة التنفيذية والسياسية على أعمالها".

 

تدرج في السلك القضائي حتى أصبح نائبًا لرئيس محكمة النقض، التي تعتبر أرفع المحاكم المصرية، وانتُخب رئيسًا لنادي قضاة الإسكندرية مطلع مايو2004. 

 

في 20 سبتمبر 2009 استقال الخضيري من منصبه كرئيس دائرة الخميس المدنية في محكمة النقض بعد 46 عامًا من الخدمة وقبل إحالة للتقاعد بأيام معدودة، مصرحًا: "أعتبر أن استقالتي صرخة احتجاج في وجه الأوضاع الحالية بالقضاء، وأتمنى أن تحدث نوعًا من الجدية لإصلاحه".

 

وفي ثورة يناير كان حاضرًا وبقوة لخلع نظام مبارك الفاشي وظل بالميدان طوال الـ18 يومًا حتى سقط النظام، ليخوض بعدها في أواخر عام 2011  أول انتخابات برلمانية نزيهة عقب ثورة يناير ليحقق فوزًا مستحقًا بمقعد البرلمان عن الدائرة الثانية بمحافظة الإسكندرية، ويصبح رئيسًا للجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة.

 

وبمجرد وقوع الانقلاب أعلن رفضه التام للانقلاب وممارساته وتوجه إلى ميدان رابعة العدوية مرة واحدة لكي يوجه رسالة للانقلابيين مفادها أنه يجب الرجوع إلى الشرعية والاعتراف بجرائمهم وقد يكون ذلك سببًا فيما لحق به من اعتقال واتهام بأمور مضللة.

 

ومؤخرًا أثار قرار "نيابة الانقلاب الدموي الإرهابي  بحبس المستشار محمود الخضيري-نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادي قضاة الإسكندرية الأسبق وأحد القيادات التاريخية لتيار استقلال القضاء- وإحالته إلى محكمة الجنايات، استياء واسعًا في الأوساط السياسية والقضائية والحقوقية.

 

وندد عدد من الحقوقيين والسياسيين بقرار النائب العام الانقلابي المستشار هشام بركات بإحالة الخضيري وآخرين لاتهامهم بتعذيب محام خلال أحداث ثورة 25 يناير، مطالبين بالإفراج عنه وإسقاط التهم عنه، واصفين القرار بأنه عقاب له على موقفة الرافض للانقلاب العسكري.

 

كما اعتبر بيان المرصد المصري للحقوق والحريات أن هذا الفعل "انتهاك صارخ للسلطة القضائية ورموزها ومحاولة لإرهاب الشرفاء من رجالها".

 

وأدانت جبهة "استقلال القضاء لرفض الانقلاب" اعتقال قوات الانقلاب للمستشار محمود الخضيري، دون مبرر قانوني، في خطوة تشكل إهانة للقضاء ورموزه التاريخيين الذين كانوا أحد أيقونات ثورة 25 يناير.

 

واعتبرت  الجبهة  أن "اعتقال الخضيري دون سابق اتهامات أو بلاغات وبصورة مفاجئة، في وقت يتم فيه تجاهل القضاة الانقلابيين المحالين للتحقيق في اتهامات بفساد مالي، يكشف أن الانقلاب يعاقب القضاة على دعمهم لثورة 25 يناير، واستقلال القضاء، ووقوفهم مع الشرعية الدستورية بعد انقلاب 3 يوليو".

 

وقال المستشار أحمد مكي- وزير العدل الأسبق، وأحد أبرز أعضاء تيار استقلال القضاة- إن "التهم الموجهة للمستشار الخضيري ليس لها أي أساس من الصحة".

 

وأكد  أن الخضيري "لم يتورط في أي قضايا من هذا النوع، فضلاً عن عدم انتمائه إلى جماعة الإخوان، مستنكرًا إجراءات الاعتقال الموسعة التي تقوم بها سلطات ما بعد 30 يونيو، والتي طالت الشخصيات والقامات التي تتسم بأنها فوق الشبهات.