- دعوة الطرطور للتصويت بـ"نعم" فضيحة للانقلاب

- قضاة يرفضون الإشراف على جريمة الاستفتاء

تحقيق: شيماء الجنبيهي

 

أكد خبراء وسياسيون أن دعوة الطرطور عدلي منصور للاستفتاء على دستورالانقلاب في 14 و15 من يناير المقبل مرفوضة وغير قانونية، مؤكدين أن ما بني على باطل فهو باطل، فالانقلاب باطل ومن ثَمَّ أي تبعات له من قِبل الانقلابيين باطلة وغير مقبولة.

 

وانتقد عددٌ كبيرٌ من السياسيون إبراز الطرطور لموقفه من الدستور ودعوته صراحةً للتصويت بـ(نعم) مؤكدين أن الرئيس الشرعي للبلاد الدكتور محمد مرسي لم يفعلها قط، بل دعا جموع الشعب المصري لقراءة الدستور واتخاذ القرار بحرية وبإرادة مستقلة.

 

في السياق ذاته، أعلنت حملة الشعب يدافع عن دستوره التي دشنتها جبهة استقلال القضاء عن رفع دعوى قضائية للطعن على قرار الدعوة لما يُسمَّى الاستفتاء؛ وذلك لبطلان الدعوة للاستفتاء شكلاً وموضوعًا.

 

دستور الدماء

من جانبه الدكتور محمد محسوب نائب رئيس حزب الوسط على تلك الدعوة قائلاً: "عندما يدعونكم لدستورهم ذكروهم بمجزرتهم برابعة والنهضة وإذا حدثوكم عن ديمقراطيتهم، حدثوهم عن معتقلينا المطبوخين بسيارة ترحيلات أو حدثوكم عن عدلهم فحدثوهم عن تعذيب المعتقلين واختلاق التهم، ولو حدثوكم عن المستقبل فهو للحرية والشرعية ولا مكان لظلمهم فيه".

 

فيما علَّق حاتم عزام- نائب رئيس حزب الوسط- على إعلان الانقلابيين لموعد الاستفتاء على الدستور الانقلابي قائلاً: "كل الشرفاء ممن رفضوا الانقلاب العسكري رفضوا أن يصلوا للمناصب فوق أشلاء جثث المصريين في مذابحه المختلفة.. والآن نحن بصدد عملية انقلابية من الألف للياء".

 

وأشار خلال حوار له على قناة "الجزيرة مباشر مصر" إلى أن لجنة الخمسين هي والعدم سواء بالنسبة لنا وكل ما ينتج عنها كذلك؛ لأن تلك العصابة التي سرقت الديمقراطية في مصر لن تهنأ بسرقتها طويلة وستحاكم في القريب العاجل".

 

وتعجَّب عزام من تبرير اللجنة الانقلابية لمادة تحصين شخص وزير الدفاع قائلاً: إذا كان ما حدث في 30 يونيو هو ثورة؛ فإن العالم لم يشهد من قبل حراكًا ثوريًّا يهدف لتحصين شخص دستوريًّا! وكأن عبد الفتاح السيسي هو قائد ثورة المصريين لا قاتلهم".

 

وتوقع عزام تمرير الدستور القادم بالتزوير، مستشهدًا على ذلك بإلغاء مادة الفرز في اللجان الفرعية حتى يتمكنوا من التزوير في اللجان العامة؛ ولتسهيل مهمتهم جعلوا الاستفتاء على يومين متواليين حتى تبيت صناديق الاقتراع بحوزتهم ويصنعوا فيها ما يحلو لهم، بينما تم الاستفتاء على دستور 2012 الشرعي على مرحلتين، يفصل بينهما أسبوع كامل كي لا تبيت الصناديق دون فرز.

 

ودعا عزام جموع المصريين للاحتشاد في التظاهرات طوال أسبوع الاستفتاء، رافعين لافتات تطالب بعودة دستورهم الشرعي ورفضهم للانقلاب العسكري وكل ما يترتب عليه.

 

التزوير هو الحل

فيما قال الدكتور حامد قويسي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن كل الاستفتاءات التي أجريت في مصر من بداية حكم سلطة يوليو 1952وحتي الآن كانت النتيجة فيها "نعم"، تحديدًا الاستفتاءات علي دساتير وضعتها لجان حكومية معينة؛ مثل دستور 56، أو دستور 1971، أو تعديلات الأخير في عام 1980في عهد السادات، أو في عهد مبارك 2005، وآخرها المادة "76 - المطولة"، كل هذه الاستفتاءات كانت نتائجها تدور حول 99%، كما أن آخر التعديلات في عهد مبارك على ما أتذكر تجاوزت 88%.

 

وأضاف قويسي -على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"- أن الاستفتاءات أيضا كانت تتم لاختيار الرئاسة، وقد جاء ناصر والسادات للحكم باستفتاءات كانت أيضا 99%، ومبارك استمر في الحكم باستفتاءات خمسة كانت النسبة تدور بـ99,9 - 88,7%.

 

وأوضح أن الاستفتاءات التي تمت كانت أقرب للحقيقة، كانت تلك التي تمت على تعديلات الدستور في مارس 2011 وحصلت علي نسبة 74% تقريبا، والاستفتاء على دستور 2012 المعطل، الذي وضعته لجنة المائة - غير المعينة- حصل على أقل نسبة في تاريخ الاستفتاءات المصرية بلغت نحو 66,7%.

 

وأشار إلى أنه من المتوقع أن تعود الدولة القديمة لخبرتها الطويلة مع الاستفتاءات التي تمتد لقرابة ستة عقود، وسيكون ما تم عامي 2011-2012، الاستثناء المنكور الذي لا تسمح الظروف والمواءمات السياسية بتكراره.

 

وتساءل قويسي قائلًا: "ولكن هل تنجح في ذلك أم تفشل؟" مستكملًا حديثه: "هذه المرة في هذا الاستفتاء يرتبط ذلك بأربعة عوامل: حجم المشاركة الشعبية المتوقع، وحجم التعبئة السياسية الذي تقوم به سلطات الدولة القديمة العائدة بقوة، ومدي نجاح دعوة المقاطعة والرفض للاستفتاء، وحجم ومدى التزوير المتوقع، سواء الممنهج أو الفج، الخشن أو الناعم".

 

وأكد أن سلطات الانقلاب تريد هذا الاستفتاء كوسيلة لإضفاء الشرعية على ما أقدمت عليه مسبقًا من انقلاب، حصلت عليه باسم التوكيل والتفويض، هذا إلى جانب ما تريده لاحقًا من إعادة تأسيس دولتها التسلطية الجديدة.

 

التظاهر لإسقاطه

فيما قال الدكتور أحمد عبد العزيز، المستشار الاعلامي للرئيس الدكتور محمد مرسي، إن الشعب المصري سيزلزل الارض من تحت اقدام الانقلابيين يوم 14 يناير المقبل، المزمع فيه الاستفتاء على دستور الانقلاب العسكري.

 

وسخر عبد العزيز من سلطات الانقلاب قائلا: "إن المعين من قبل الفكيك أول أوميجا المنقلب- في إشارة إلى الطرطور عدلي منصور وقائده عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري طلب من الشعب المصري أن (يبهر) العالم مجددا يومي 14 و 15 يناير، مضيفا، أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي سيستجيب فيها الشعب لهذا الشبح الباهت، لا ليستفتي على وثيقة بانجو، ولكن ليزلزل الأرض من تحت أقدام الانقلابيين إن شاء الله".

 

ودعا عبدالعزيز جموع المصريين الرافضين للحكم العسكري وللانقلاب الدموي أن يجعلوا  14 و 15 بروفة لـ25 يناير ليكون يوما لتضحيات (جسيمة) ستصنع النصر بحول الله".

 

وقال إن اختيار الانقلابيين يوم 14 يناير لبدء الاستفتاء على وثيقة بانجو لأن هذا اليوم (14) يوافق الذكرى الشهرية الخامسة لمذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة"، متسائلا: أي استفزاز للثوار أكثر من هذا؟!.

 

مولود السفاح

ويقول المستشار عماد أبو هاشم رئيس نيابة النقض وعضو حركة قضاة من أجل مصر لـ(إخوان أون لاين): إن الانقلابيين يحاولون عبثًا اقتناص الشرعية، يحاولون النجاة ولكنهم يسيرون في طريقٍ مسدود، مؤكدا أنه لا شرعيةَ لهم والثورة ما زالت متأججةً، والناس يتوافدون إلى الميادين ليل نهار ألوفًا مؤلفة تهتف بسقوطهم وسقوط دستورهم.
ويضيف أن الشعب كلمته في خمس استحقاقاتٍ انتخابية شهد العالم بنزاهة الاقتراع عليها حتى هم أنفسهم شهدوا بنزاهتها، متسائلاً: وماذا كانت النتيجة؟ لافتًا إلى أن الانقلاب عصف بحصيلة هذه الاستحقاقات الخمس فاختطف الرئيس المنتخب وعطل الدستور وحل مجلس الشورى ومن قبل أطاح  بمجلس الشعب.

 

ويؤكد إن الانقلاب لم يحترم إرادة الشعب الذى خرج أبناؤه بالملايين للإدلاء بأصواتهم وأهدر أموالهم التي أنفقت على إتمام الاقتراع في كل استحقاق، مشيرًا إلى إنه لم ولن يحترم إرادة الأمة فكما قمعها وأبطلها من قبل سيكون من السهل عليه أن يزورها، وكما استحل لنفسه إهدار الشرعية سيظل يهدرها أبد الآبدين، وكما استخف بدماء وحرمات المصريين سيستخف بها أيضًا فيما بعد .

 

ويشدد على أن الشعب لن يزده طغيان الانقلاب إلا مقاومة أمام أى محاولةٍ منه للسطو على الشرعية من خلال مقاطعة كلِ ما يدعو إليه لأن الانقلاب في ذاته عملٌ باطلٌ ومنعدمٌ وكل ما بني عليه فهو أيضًا باطلٌ ومنعدمٌ .

 

ويوضح المستشار أبو هاشم إلى  الانقلاب في الأساس عمل محرمٌ شرعًا لأنه بمثابة الخروج على الحاكم من دون مقتضىً من الشرع، والقاعدة الشرعية - في عمومها - أن الحرام منعدمٌ لا وجود له، فلا يحل الحرام حرامًا، ولا يحرم حلالًا، ولا يترتب عليه أثر، واصفاً الانقلاب (كمولود الزنا)، لا يصبح ابنًا شرعيًا لأبيه ولو أقر به، أو تزوج من أمه، بل يظل ابن الزنا غير منسوبٍ شرعًا لأبيه ولا يستحق حقوق الابن على أبيه، ولا يرثه بعد موته.

 

ويقول: "الخلاصة أن الانقلاب باطل منعدمٌ قانونًا محرمٌ شرعًا، وكل ما أوجده أو قرره يكون في نظر الشرع والقانون منعدمًا بالضرورة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والمنعدم فاقدٌ لوجوده أصلًا، فلا يمكن أن يكون واهبًا الوجود لشيء خارجٍ عنه، والمشارك في إلصاق الشرعية بالانقلاب كالمشارك في إلصاق نسب ولد الزنا بأبيه يكون آثمًا مزورًا مدلسًا خائنًا للأمانةِ شاهدًا للزور، ويكون أيضًا عديم الأخلاق، لما في هذا الفعل من معنى الدياثة، لأنه لم يكتفِ بقبول الفاحشة على أهله فقط بل قبلها على نفسه وعلى عموم الناس في بلده".

 

مقاطعة الإشراف

ومن جانبه، دعا المستشار محمد عوض  رئيس محكمة استنئاف الإسكندرية والمنسق العام لحركة "قضاة من أجل مصر، جموع القضاة إلى مقاطعة الإشراف القضائي على الاستفتاء الانقلابي، قائلا:" أدعو كل زملائي القضاة الشرفاء لمقاطعة الإشراف القضائي على الاستفتاء علي دستور الانقلابيين لأنه في حالة إشرافك على هذا المسمى دستورًا كمن يشهد على زور وبطلان".

 

ويؤكد أنه لا عذرَ للقاضي الذي يُشرف على دستور جاء على أشلاء الأبرياء الذين قتلوا ظلمًا وعدوانًا في رابعة وكل ميادين مصر، فضلاً عن إصابة وسجن وتشريد عشرات الآلاف الآخرين، ليشرعن ويقنن ديكتاتورية العسكر".

 

ويستدرك قائلاً: "فأنت لست مضطرًا أيها القاضي في هذه الحالة؛ لأنه لا اضطرارَ في ظلم الآخرين وأنت بإشرافك ستشارك في ظلم الشعب المصري بأسره وتزييف إرادته وإهدار كرامته وسلب حريته".

 

ويطالب كل القضاة الشرفاء وكل أفراد الشعب المصري إلى مقاطعة الاستفتاء على هذا الدستور حتى لا نكون شركاء في جريمة تنصيب الفجرة البغاة حكامًا علينا (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) [هود: 113] صدق الله العظيم .