- البترول ليس الهدف الوحيد للولايات المتحدة

- مطلوب زيادة الجرعة الدينية في الإعلام العربي

 

بقلم: نور محمود

أكد الخبير الإستراتيجي الدكتور محمد علي حوات- نائب رئيس جامعة آب اليمنية- أن إسقاط النظام العراقي والهيمنة الأمريكية على الوطن العربي ليست بهدف الحصول على البترول فقط كما تذهب بعض التحليلات.

 

وقال- في الندوة التي عقدها المركز الثقافي في اليمن- إن الأنظمة العربية حوَّلت بلادَنا إلى حقول تجارب، وما جرى في الوطن العربي ليس من فعل العدوّ وحده ولكنه أيضًا من فعل الأنظمة الموالية له، ودلَّل على ذلك بصمْت الحكومات العربية تجاه ما كان يجري على أرض فلسطين من بناءٍ لمؤسسات الكيان الصهيوني ثم القرار المفاجئ بدخول جيوشها أرض فلسطين ثم القبول المفاجئ بالهدنة والانسحاب.

 

وحول مفهوم العولمة في العالم العربي قال: إذا رجعنا بذاكرتنا لفترة الاكتشافات الجغرافية البرتغالية وغيرها.. نجد أن العولمة وليدةُ هذه الاكتشافات، وكذلك شركة الهند الشرقية تولَّدت عنها فكرة الشرق أوسطية، إذن فالعولمة والشرقية أوسطية ليستا وليدتي اليوم، ونحن لا ندري مصطلح الشرق الأوسط لمن؟ وممن؟!

 

ثم جاءت أمريكا وكان هدفها السيطرة الاستعمارية، وكانت العولمة سياسيةً وأيديولوجيةً وسلوكيةً وقيميةً، وجاء موضوع الشرق الأوسط مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بفلسطين؛ ولذلك تسابقت الصهيونية المسيحية مع الصهيونية اليهودية؛ لذا فإن أمريكا جاءت لغرس إسرائيل في الشرق الأوسط!! وإن كان الهدف ليس الغرس فقط بل لقيادة الشرق الأوسط لما يمتلكه الكيان الصهيوني من نفوذ مادّيٍّ وعلمي، فإستراتيجية أمريكا لها بُعد أيديولوجي وديني، والنفط ليس هو السبب الوحيد في مجيئها إلى الشرق الأوسط.

 

فالغرب لا يريد أن تكون الأمة العربية موجودةً، والحروب الصليبية خيرُ شاهد على هذا؛ حيث تم الاستيلاء على القدس ثلاث مرات، واستمر احتلالها وقتذاك حوالي 185 عامًا، فالحرب عقائدية، إضافةً إلى السيطرة السياسية والإستراتيجية.

 

ويؤكد الدكتور حوات أن أمريكا لم تأت للنفط في حرب الخليج الأولى أو الثانية، بل كان الهدف عقائديًّا، فنحن عرب، والقرآن شريعتنا، وما قاله بوش من أنها حربٌ صليبيةٌ خيرُ شاهد، وقد تمكنت الولايات المتحدة من إقحام العراق وإيران في حرب استمرت 8 سنوات كان الهدف منها إضعاف العراق وإيران معًا، ونحن نعرف أن هناك أيضًا أطرافًا عربيةً ساعدت العراق على دخول هذه الحرب؛ ولذا كان على أمريكا أن تتحرك سريعًا للوجود في منطقة الخليج، وكان هدفها ضرب الهوية وأيضًا النفط، ومن هنا انتهى النظام العربي في حرب الخليج الثانية بعد احتلال العراق للكويت وضُربت الأمة العربية في مقتل.

 

وها نحن نعيش تحت أقدام الولايات المتحدة، فصدَّام تنازل عن شطِّ العرب التي حارب من أجلها وأرسل طائراته إلى إيران، وهكذا كسبت إيران وبدأت تظهر على السطح، وعادت العلاقة بينها وبين الدول الأوروبية وأقامت علاقةً مع الصين وكوريا وروسيا، وبدأت في اقتناء التكنولوجيا النووية وبنَت جيشًا عسكريًّا كبيرًا وكسبت حوالي 7 مليارات دولار من النفط كل ذلك بعد احتلال صدام للكويت، ليس إيران فقط هي التي استفادت بل تركيا أيضًا عمَّقت علاقاتها مع الغرب وأصبحت من علاقة عادية إلى علاقة إستراتيجية، وفتحت كل قواعدها أمام أمريكا، وأنها تنتظر الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتحالفت عسكريًّا مع أمريكا أيام تانسو تشيللر، ومن هنا نقول إن أهداف الشرق أوسطية بدأت منذ مؤتمر مدريد، وكان هدفها تقويض ما تبقَّى من النظام العربي بل قبل المؤتمر.

 

وعندما تقرأ كتاب شيمون بيريز عن الشرق الأوسط والأبحاث التي قامت بها جامعة هارفارد تجد أن كلَّ ما جاء فيها نُفِّذَ بالحرف، فالدول الكبرى ترسم إستراتيجيةً ليست محصورةً في اتجاه معين، ويقول إن من تتهمهم أمريكا بارتكاب أحداث 11 سبتمبر 2001 لم يكونوا هم الذين قالت عنهم أمريكا، ولذلك أسأل سؤالاً- والكلام للدكتور حوات- إذا كان الحديد انصهر فكيف بقي جواز محمد عطا؟! وتابع: إن أمريكا- كما تدعي- تعرف الذبابة التي تطير في سمائها، فكيف لم تعرف كيف خرجت 6 طائرات من مطار واحد؟! إن ما تم في 11 سبتمبر من فعل الموساد وفعل المحافظين الجدد للسيطرة على الشرق.

 

ثم يشرح الدكتور علي حوات لماذا تم الاستيلاء على العراق أولاً فيجيب قائلاً: العراق أول التاريخ والحضارة والقوانين "حمورابي" والعراق به 50 ألف عالم العراق، شارك في الحروب العربية، ومعروف عنه الصمود والقتال، فكان الهدف بعد أحداث سبتمبر للسيطرة على المنطقة، ثم تأتي بعد ذلك العولمة، كما أن في العراق ثروةً ثقافيةً وتراثيةً عظيمةً؛ ولذلك عندما دخلت أمريكا كان أول ما قامت بحمايته هو وزارة النفط والقصور، وتركت الآثار تذهب والمكتبات تُسرق وتُدمَّر؛ وذلك للقضاء على الهوية العراقية والعربية.

 

ثم تاتي سوريا ولبنان ثانيا لاحتلالهما، ويأتي بعد ذلك السودان ثالثًا؛ لأنه مهم جدًّا لأمريكا وأيضًا للكيان الصهيوني، فبالنسبة لأمريكا فللسيطرة على القارة الأفريقية، أما بالنسبة للصهاينة فهو مهم بالنسبة للماء، وشيمون بيريز في إحدى زياراته إلى أفريقيا لم يحمل معه إلا ملف السودان..!!

 

وأوضح د. حوات أن الكيان الصهيوني ينفق على البحث العلمي حوالي 20 ضعفًا مما تنفقه الدول العربية، والميزانيات المخصصة للبحث العلمي تذهب إلى المرتبات فكيف نتقدم ونحن دول مقموعة..؟!

 

وحول سؤال عن العراق والدول التي ساعدت صدام حسين في حربه مع إيران قال د. حوات هناك دول ساعدت بالمال وأخرى بالتخطيط وغير ذلك، وذلك كان في غير صالح الدولتين، سواءٌ العراقية أو الإيرانية، فمتى نضع أيديَنا على الجرح؟!

 

وعن اتهام سوريا بمقتل رفيق الحريري قال لو فعلت سوريا هذا الفعل فستحصد ما تزرعه، وعبد الحليم خدام يتناسى نفسه لأنه كان يحمل الملف اللبناني لمدة 20 عامًا.

 

أما عن سياسة أمريكا تجاه أمريكا اللاتينية فقال حوات نحن كنا نقول إن المخابرات الأمريكية تعرف كذا وكذا حتى إنها تعرف ماركة الملابس التي نلبسها ونحن نتكلم عن الحقيقة الوهمية، فإذا نظرنا إلى شافيز هذا الإنسان البسيط الملتحم بالجماهير، فهي التي أعادته عند حدوث انقلاب؛ حيث أوقفت أمريكا أكثر من 400 مليون دولار لإسقاطه، فلم تستطع وأيضًا كاسترو الذي تحوَّل إلى بطل.. كل هؤلاء التحموا بالجماهير.

 

فكوبا أسقطت منذ فترة طائرتين أمريكيتين، فلو أن نظامًا عربيًّا فعل هذه الفعلة لكان هناك حديثٌ آخر؛ لذلك أقول "المرء حيث يضع نفسه".

 

وعن معرض الحديث الدائر الآن حول "هل تغامر أمريكا وتضرب إيران؟! ردَّ د. حوات قائلاً لا تستطيع.. أما عن جلد ذاتنا وأن العيب فينا لغياب الرؤية الإستراتيجية المستقبلية فقال حوات "الشعوب العربية بخير، لكن العيب في حكامنا لأن الشعوب قادرة على فعل المستحيل، فلا بد من زيادة الجرعات الدينية، وظهور الفضائيات لا ينسينا أصولنا وجذورنا".

 

وعن الإصلاح الأمريكي المزعوم قال: إن أمريكا لم تكن يومًا جادةً في الإصلاح والديمقراطية؛ لأنها إذا سعت إلى تحقيق ديمقراطية في الوطن العربي فالناس سوف تُنهي الحكام الذين يسيرون في ركاب سياستها.

 

فعملية الإصلاح لا تريدها أمريكا أبدًا، ومن مصالحها أن تقيم حكومات غير ديمقراطية لأنها لو أرادت الإصلاح لخاطبت الشعوب ولم تخاطب الحكام، فهي تريد عناصر على النمط الأمريكي وتريد أيضًا تطويع الأنظمة أكثر مما هي مطوَّعة وهي تركز على الآيات القرآنية التي تتكلم عن الجهاد وأما غير ذلك فلا يهم، أما المهم فهو تفتيت الوطن العربي ما بين مسلم ومسيحي، وللعلم هناك مسيحيون أكثرُ وطنيةً مثلهم مثل المسلمين.. فالتركيز على تجزئة الأمة العربية وتفتيتها هو هدف نظام الشرق الأوسط.