- مسألة صلاحيات الأجهزة الأمنية حائرة بين السلطة والحكومة

- لن يشارك أحدٌ من قيادات الخارج في الحكومة القادمة

- نتشاور مع مصر عن ترتيبات المستقبل في الحكومة والضغوط

- مستعدون للتحاور مع المجتمع الدولي في كل القضايا بدون استثناء

- الهدنة التي نطرحها ليست اعترافًا بالعدو وإنما وقف للقتال المتبادل

 

أجرى الحوار: عبد المعز محمد

قلَبَ فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني الطاولةَ في الساحة السياسية ليس داخل فلسطين فقط وإنما في الوطن العربي والساحة الدولية، فهو فوزٌ رغم أنف الضغوط الدولية على الشعب الفلسطيني، سواءٌ من الجانب الأمريكي الذي هدَّد بقطع المعونات عنه إذا انتخب حماس، أو من جانب الدول الأوروبية التي تعالت صيحاتُها ضد حماس.

 

ولعل فوز الحركة الإسلامية بأغلبية مقاعد التشريعي الفلسطيني طرحَ العديدَ من الأسئلة، منها ما هو متعلق بشكل ووضع الحركة بعد أن انتقلت لصفوف السلطة، وهل من الممكن أن تتخلى حماس عن سلاحها مقابل تهدئة الخواطر العربية والدولية؟! وما هي الوزارات التي ستسعى الحركة لها وتلك الأخرى التي ستهرب الحركة منها؟

 

هناك أسئلة أخرى أيضًا عن الدور المصري في الفترة القادمة؟ وما هي ملامح الهدنة التي طرحها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة؟ وغيرها من الأسئلة التي طرحناها على الدكتور موسى أبو مرزوق- نائب رئيس المكتب السياسي لحماس وأحد أبرز الشخصيات الفلسطينية- خلال زيارة رسمية له للقاهرة، فكان هذا الحوار:

 

* ما زالت قضية تكليف السيد محمود عباس للحركة بتشكيل الحكومة الجديدة محلَّ نظر وهو التأخر الذي يواكبه ضغوط أوروبية وأمريكية شديدة على الحركة والشعب الفلسطيني، فهل هذه الضغوط هي السبب في تأخر تكليف الحركة بالحكومة الجديدة؟!

** لا شكَّ أن عدم تكليف حماس هو أمرٌ متعلقٌ بمسألة لا تتعلق بحماس في الوقت الحاضر، وإنما هي مسألةٌ تتعلق باللوائح والنظم والأخ أبو مازن نفسه، كما أنه لكي تقوم حماس بتشكيل الحكومة فلا بد من اجتماع للمجلس التشريعي ثم أداء القسم وبعدها يَصدر تكليف أبو مازن للحكومة، وبعدها ستبدأ حماس في مشاوراتها الخاصة للحكومة ونتمنَّى أن يكون كل ذلك في وقته القانوني المحدَّد.

 

أما فيما يتعلق بالضغط الدولي والهروب منه فأعتقد أن المجتمع الدولي عليه أن يحترم خيارات الشعب الفلسطيني، وأعتقد أنه كان معروفًا أن الآليات التي مارسناها لاختيار ممثلينا في المجلس التشريعي أمرٌ شهد به الجميع كما شهد الجميع بممارسة الشعب الفلسطيني الراقي للديمقراطية، والذي جاء في النهاية بالأغلبية للحركة؛ ولذلك فعلى المجتمع الدولي أن يحترم ذلك وأن يتقبَّل خيارات الشعب الفلسطيني.

 

كما أن الأهمَّ من ذلك هو أن يتعامل الجميع مع حماس كما هي حماس ولا يملي عليها اشتراطاتٍ قبل أن تكون في السلطة، فعليهم أن ينتظروا ثم بعد ذلك تكون هناك حواراتٌ متعلقةٌ بتشكيل الحكومة مع الفصائل الأخرى والمستقلين، وهناك البرنامج السياسي الذي يحكم المرحلة القادمة، وهناك قضايا المجتمع الدولي المحتاجة لتفاهمات، وحماس مستعدةٌ للحوار مع كل المجتمع المدني فيما يتعلق بكل النقاط الجوهرية التي يطرحونها والأسئلة الصعبة التي يتحدثون عنها.

 

ونؤكد أن حماس مستعدة لكل شيء ولا تتهرَّب من مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني وليست مستغنيةً عن علاقاتها وعلاقات السلطة مع المجتمع الدولي ولا بالدول العربية والدول الأوروبية، وبالتالي فإن حماس ستتولَّى مسئولياتها، سواءٌ في الإطار الوطني أو الإطار الفلسطيني أو الإطار الدولي والإقليمي.

 

الهدنة

* خالد مشعل صرَّح قبل عدة أيام أنه لا اعتراف بالكيان الصهيوني وإنما من الممكن أن تكون هناك هدنةٌ طوليةُ الأمد.. فما معنى ذلك؟ وما شروط هذه الهدنة؟ وهل هذا يُعدُّ حلاًّ وسطًا لأزمة حماس مع الحكومة؟!

** أولاً الهدنة مشروع مطروح من السابق؛ حيث طُرحت عام 1994، ثم كان طرح الشيخ أحمد ياسين لمشروع هدنة، وقد تردد كثيرًا في الساحة السياسية وفي أوقات مختلفة هذا الموضوع، والهدنة هي إحدى القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية مع العدو والاحتلال، وبلا شك فإن موضوع الهدنة أحد أهم الموضوعات التي يمكن الحديث عنها وتكون مخرجًا في صياغة العلاقة بين الفلسطينين والصهاينة في الفترة القادمة لأسباب عدة، منها أن الفترة من 48 إلى 67 كانت العلاقات الحاكمة بين الدول العربية والكيان الصهيوني في شكل هدنة وكانت موجودةً حتى حرب 67.

 

هذا بالإضافة إلى أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة تَعتبر قطاع غزة والقدس والضفة الغربية أراضيَ محتلة، ويتحدثون عن هذه الأراضي باعتبارها أساس الدولة الفلسطينية، ونحن في حماس وفي برنامجنا الانتخابي- الذي استُفتي الشعب عليه- لدينا برنامج دولة كاملة السيادة على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس؛ ولذلك فإنه خيارًا دوليًّا وإقليميًّا ومعظم الدول التي تَعتبرها احتلالاً تَعتبر أيضًا أن هناك دولةً فلسطينية على هذه الأرض.

 

* وما هي ملامح تصورات هذه الهدنة؟!

 ** حماس تطرح على الأرض هدنةً يتم التوافق فيها على المدة الزمنية؛ بحيث تكون هي الحاكمة بين هذه الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وبين الكيان الصهيوني، ومفهومنا للهدنة هو ألا يكون هناك عملٌ مسلَّح بين الطرفين، وأن تكون هناك حدودٌ معروفةٌ بين الطرفين، وقد نناقش قضية وجود قوات دولية فاصلة تحت رعاية الأمم المتحدة أو مجلس الأمن.

 

هذا بالإضافة إلى القضايا الأخرى المتعلقة بنتائج الصراع، كالأسرى والمعتقلين والإفراج عنهم وقضية المعابر والتواصل بين الضفة وغزة، وقضايا أخرى عديدة يمكن الحديث عنها في المستقبل، وهذا هو مفهوم الهدنة كما طرحه كل قادة الحركة.

 

* زيارتكم لمصر تأتي في شكل رسمي.. فهل هي لاستبيانِ التصريحات التي نُقلت عن رئيس المخابرات المصرية والتي حدَّد فيها ثلاثة شروط لتولي حماس الحكم؟!

** التصريحات تم نفيُها من قبل المتحدث باسم السلطة الفلسطينية، وعندما طالبنا من مصر توضيحًا قال الإخوة المصريون إن التصريحات نُقلت خطأً وقد اكتفينا بما أوضحه الإخوة المصريون؛ ولذلك فإن زيارتنا لمصر ليست متعلقةً بهذا الأمر وإنما متعلقةٌ بالوضع القادم وشكل الحكومة، فمصر دولة كبيرة ودولة محورية في الموضوع الفلسطيني ولا يمكن الاستغناء عن مشاوراتها والتحدث معها في كل القضايا المطروحة على الساحة الفلسطينية ابتداءً من الوزارة وتشكيلها وانتهاءً بالضغوط القائمة على الحركة والدعم العربي والدعم الدولي للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال.

 

فهذه كلها قضايا مطروحة للنقاش مع الإخوة بمصر للتوافق على الشكل المستقبلي لهذه العلاقة وللسلطة الفلسطينية وعلاقاتها مع مختلف الفصائل والسلطة وعلاقاتها مع المجتمع الدولي والدول العربية، وهناك كثيرٌ من الملفات التي يجب التباحث عنها، ومصر هي محطتنا الأولى في هذه الزيارات.

 

الحكومة الجديدة

* هل هناك شكل محدد للحكومة الجديدة أو بمعنى آخر.. هل تم وضع الملامح الرئيسة لها؟

** لقد حددنا في برنامجنا الانتخابي أننا لا نستطيع أن نتحدث عن شيء قبل أن نتفق فيه مع الآخرين، وأي موضوع مطروح للبحث له أطراف متعددة ولا بد من بلورة كل ذلك من خلال الحديث مع الآخرين، وحتى هذه اللحظة لم يتم الحديث مع فتح ولا مع باقي القوى المختلفة حول موضوع الوزارة وتشكيلها.

 

وما زلنا ننتظر تكليف الأخ أبو مازن حتى نبدأ بالمشاورات، وما أحب أن أؤكد عليه هو أننا طرحنا في برنامجنا مبدأ المشاركة، وهو أمرٌ سنضعه على أرض الواقع؛ لأن ما طرحناه في برنامجنا ليس للاستهلاك المحلي أو المزايدة الانتخابية وإنما هو أمرٌ سيكون موجودًا على أرض الواقع.

 

الوزارات الخاصة

* د. موسى، هذا الموضوع يدفعنا للتساؤل حول الوزارات التي تسعى الحركة للحصول عليها وتلك الأخرى التي ستسعى الحركة لتجنُّبها، وهل هناك إمكانيةٌ لمشاركة قيادات الحركة بالخارج في الحكومة؟!

** هذه المسألة لم نتطرق إليها حتى الآن ولم نتحدث فيها مع الأخ أبو مازن؛ لأنه في النهاية هو رئيس السلطة ولا بد أن يكون هناك اتفاقٌ معه حول هذه القضايا وخاصةً المتعلقة بالوزرات السيادية، ولكن لا بد من التأكيد على أن الساحة الفلسطينية هي الآن في حالة مخاض نتيجة "الربكة" التي أحدثها فوز حماس، كما أن هناك خطواتٍ حدثت في نقل الصلاحيات، فقبل الانتخابات تم نقل صلاحيات الأجهزة الأمنية من منظمة التحرير للسلطة الفلسطينية، وبعد فوز حماس تم نقل هذه الصلاحيات من السلطة للمنظمة.

 

كما أن هناك صلاحيات خاصة لرئيس السلطة وأخرى لرئيس الوزراء وهناك أيضًا قضايا كثيرة عالقة، فمثلاً الأجهزة الأمنية هل ستكون تابعةً لوزارة الداخلية أم لرئيس السلطة!! وما هو دور الوزارة في هذا الوقت؟ وأيًّا من قوى الأمن سيكون تابعًا للحكومة؟ وأيًّا منها سيكون تابعًا للسلطة؟ هذا بالإضافة لأسئلة كثيرة تحتاج لإجابات قبل الحديث عمن سيتولى الوزارة، وكل هذا منوطٌ أيضًا بدعوة أبو مازن للمجلس التشريعي الفلسطيني للانعقاد ثم أداء القَسَم وبعدها تكليف الأغلبية بتشكيل الحكومة.

 

وفيما يتعلق باحتمالية مشاركة قيادات من حماس موجودة في الخارج في الحكومة.. فإن هذا الأمر مرتبطٌ بسلطات الاحتلال واللوائح والنظم المترتبة على عودتهم لفلسطين؛ ولأننا ما زلنا تحت الاحتلال فإنه من الصعوبة أن نتحدث عن عودة فلان أو غيره طالما ليست هناك ضماناتٌ قانونيةٌ لهم.