المشكلة: أنا شاب أريد الزواجَ من فتاة تحبني وأحبها، وأهلي وأهلها يعلمون ذلك جيدًا خاصةً وأني قد تحدثت مع أهلها من قبل على سبيلِ الحجز, وأنا الآن أريدُ أن أتقدم لها وأخطبها رسميًّا، ولكنَّ المشكلة أنَّ لي أخوين يكبرانني في السن، وأنا لا أستطيع أن أخطب قبلهم لأنهم غير خاطبين، حتى ولو سمحوا بذلك لي وفي نفس الوقت أنا أريد أن أُقدِم على أي خطوة رسمية وشرعية مع هذه الفتاة حفاظًا عليها وعلى مشاعرها خاصةً أنَّ الكثيرين  يتقدمون لخطبتها ولكنها ترفض هي وأهلها.

 

فأنا أريد حلاًّ يضمن لي الناحيتين، فمن ناحيةٍ لا أتركها معلقة هكذا, ومن ناحية أخرى لا أتعدَّى على إخوتي الكبار.. أريد حلاًّ وجزاكم الله خيرًا؟

 

المستشار : د. عمرو الشيخ*

حياك الله أيها الشاب الحريص على إعفافِ نفسك واستكمال نصفك الآخر الحريص على مشاعر إخوتك وعدم جرحها، وبارك الله فيك ونفع بك وحصَّن فرجك وربط على قلبك وجمع بينك وبين مَن تحب على طاعةِ الله في أقربِ وقت.

 

أخي الشاب الحبيب: لا شك أنَّ رغبتك هذه في الارتباط بهذه الفتاة هي رغبة طيبة، أسأل الله عزَّ وجل أن يُحققها لك ما دامت نيتك خالصةً لوجهه تعالى.

 

وأسأله سبحانه أن يُوفقكما لبناء بيت صالح يكون لبنة طيبة في صرحِ المجتمعِ المسلم الذي ننشده إن شاء الله.

 

ولكن أخي الكريم أذكِّرك ببعض الأمور المهمة التي أرجو أن تراعيها حتى تصل بهذه الرغبة إلى برِّ الأمان إنَّ شاءَ الله دون أن يجرح إيمانك ودينك أو شخصك شيء، وقبل أن أذكر لك هذه النقاط أحب أن أنوه إلى أنك لم تذكر لنا سنك ولا ظروفك، ولا سن هذه الفتاة ولا ظروفها، لذا يجب أولاً أن تنظر هل هذه الظروف مهيأة للارتباط بينكما الآن أو حتى بعد وقت قصير، أم أنه ما زال الوقت أمامكما طويلاً للتفكيرِ في هذه الأمور؟

 

على أيةِ حال إن كانت الظروف والأعمار مناسبة ومهيأة فأوصيك الآتي:

 

- صارح والدتك أو أختك الكبرى أو والدك بهذه الرغبة، وإذا منعك الحياء فكلِّف مَن تثق به بأن يُعلِم والدك بهذا.

 

- صارح أخويك برغبتك هذه، وثق أنه إذا كانت ظروفك مهيأةً فسيتفهمان موقفَك ويقدِّران ذلك، ولن يتردَّدا في دعمك وتشجعيك، ولست أدري حقًّا ما المانع في أن يتزوج الصغير قبل الكبير، فليس هناك أي مانعٍ شرعًا اللهم إلا الأعراف والتقاليد.

 

- كذلك قم بصلاة الاستخارة، ليختار الله لك الخيرَ وأسأل الله عز وجل أن يرزقك الزوجةَ الصالحة التي تقر بها عينك، وتسعد به أيامك في الدنيا، وتكون رفيقتك في جنات الخلد في الآخرة إن شاء الله.

 

أخي الحبيب: والله إني لأحمد الله الذي هداك إلى الخير، وعافاك من مزالق الشيطان، فلا شك أن إقامة علاقة مع فتاةٍ ليست بذات رحم، أمرٌ لا يجوز، إلا إذا كانت خطبة، ومن بعدها عقد ونكاح.. ولست أدري طالما أنك تجدها فتاةً طيبةً وجيدة, وكلمت أهلها لم لا تتوكل على الله وتتقدم لخطبتها؟

 

هيا أيها البطل.. تقدم وخذ خطوةً إيجابيةً، نحو علاقةٍ إسلامية صحيحة وبنَّاءة, إنني لا أطلب منك إلا خطوة لن تكلفك الكثير، بل ستثبت صدق نيتك وصفاء سريرتك، وهي أن تتقدم لخطبة الفتاة من أبيها، ثم تتفقا على تقليل النفقات قدر المستطاع، فأقلهن مهرًا أكثرهن بركة, لا سيما والفتاة كما يتضح ملتزمة وطيبة.

 

أخي الشاب الحبيب: إنَّ الحب الصادق الذي يغلب قلب الإنسان ليجعله أحرص الناس أن يحافظ على مَن أحب، حتى من نفسه، ولا يرضى له أن يُدنس هذا الحب بمعصية، وإن كان جادًّا وصادقًا في حبه، فالزواج طريق استكمال هذا الحب، أو قطع العلاقة بينه وبين من يحب، لينقلب القلب من حالةِ العصيان إلى التزام أوامر الرحمن.

 

وفي النهاية: سل الله دائمًا أن يحفظ عليك دينك، وأن يثبتك على الحق، وأوصيك ببعض الأدعية، فادع بها واحرص عليها:

 

اللهم اربط على قلبي لأكون من المؤمنين.

اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك،

 اللهم يا مصرِّف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك،

اللهم اصرف قلبي عن معصيتك.

اللهم حبب إليَّ الإيمان وزينه في قلبي، وكره إليَّ الكفر والفسوق والعصيان واجعلني من راشدين.

 

وفقك الله لما يحب ويرضى، وفي انتظار بطاقة الدعوة لعقد زواجك على من تحب، شريطة أن يكون حفلاً إسلاميًّا على هدى الله وسنة رسوله لندعو لك حينها ونقول: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، في الانتظار.. فلا تتأخر علينا.

--------------

* المدير التنفيذي لمؤسسة نور للتنمية البشرية