ابنتي تبلغ الحادية عشرة من عمرها وترفض ارتداء الحجاب، وتشترط لقبول ارتدائه أن ترتديه بمواصفاتٍ لا تتفق مع الزيِّ الشرعي.. فما السن المناسب لارتداءِ الفتاة الحجاب؟! وكيف نُحبِّب إليها الحجاب؟!

 

الرد على الاستشارة: أمل عز الدين

بارك الله فيكِ أختي الكريمة وزادَكِ حرصًا على تنشئةِ ابنتكِ تنشئةً إسلاميةً صحيحةً، وكما يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته"، وأنتِ كأم راعيةٌ في بيتك، قائمةٌ على تربية أولادك وبناتك، ومِن كَمالِ الرعاية الحرص على تخلُّق الأبناء بالأخلاق الإسلامية، والتزامُهم بالعبادات والفرائض الشرعية، ومِن أهم الأخلاق الإسلامية التي يجب أن تتحلَّى بها الفتاةُ خلُق الحياء ويرتبط بالحشمة والوقار، وهي المعاني التي يجمعها الحجاب.

 

ويجب الاهتمام بتربيةِ بناتنا على الحجاب وتدريبُهن عليه تمامًا كالصلاةِ والصيام، وإذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم- قد أمرنا بتدريبِ الصغار على الصلاةِ قبل مرحلةِ التكليف بها- أي قبل البلوغ- فقال: "علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبع سنين, واضربوهم إذا بلغوا عشرًا, وفرِّقوا بينهم في المضاجع"، ذلك حتى إذا بلغوا سنَّ التكليف تكون الصلاة قد غُرِسَت في قلوبهم وتمكَّنت منهم واعتادوا عليها، وقد قاسَ علماءُ الشافعية الصوم على الصلاةِ وقاسَ العلماء بقية العباداتِ على ذلك.

 

لذا نقول إنَّ أفضلَ سنٍّ لتدريب الفتاة على الحجاب هو من 7 إلى 10 سنوات؛ لأن هذه المرحلة- كما يقول علماء نفس النمو- هي مرحلة الهدوء الذي يسبق العاصفة؛ لأن المرحلة التالية لها تكون بداية المراهقة، وهي بداية التمرد وتكوين الشخصية، فيجب البدء في هذه المرحلة المبكرة واستثمار خصائصها بترغيبِ الفتاة في الحجابِ بالتدريج، ثم الأمر به في العاشرة.

 

وتكمن خطورة الانتظار لمرحلةِ المراهقة في أنَّ الفتاةَ تبدأ التمرد، فتسمعي كلمات مثل "أقنعيني أولاً" أو "صديقاتي لا يرتدين الحجاب" أو "المهم طهارة القلب".. إلخ، والتكليفات الإلهية لا يُؤمَر بها الطفل فجأةً، ولا يمكن فرضُ الحجاب على الفتاةِ مرةً واحدةً بلا مقدماتٍ؛ لذا اتبعي أسلوب التدرج مع الفتاةِ منذ طفولتها المبكرة:

 

- ففي عمر الثالثة إلى الخامسة نجد الطفلةَ تميل للتقليدِ.. فتجدينها مثلاً قد أمسكت (بالإيشارب) أو الخمار ووضعته على رأسها، ووقفت بجانبكِ تُقلِّد حركاتِ الصلاة، فانتهزي هذه الفرصة في تشجيعها وتحفيزها، فابتسمي لها واحتضنيها وقبِّليْها وأسمِعِيها كلماتِ الثناء، ومن الوسائل المحبّبة تصوير الطفلة بالكاميرا وهي مرتديةٌ الحجابَ مع الاحتفاظِ بهذه الصورة في ألبومٍ خاص.

 

- أما في عمر الخامسة إلى السابعةِ فاحرصي أمامها على ارتداءِ الحجاب الكامل أمام الضيوف وأثناء الخروج للشرفةِ لنشر الملابس، مع لفتِ نظرها بطريقٍ غير مباشر كأن تطلبي منها إحضار إسدال الصلاة لكِ؛ لأنك ستقابلين الضيوف، أو لأنك ستَخرجين للشُّرفةِ فتترسَّخ لديها هذه المعاني.

 

- وحينما تبلغ السابعة وتبدأ في التعوُّدِ على الصلاةِ اختاري لها حجابًا جميلاً مزيَّنًا ومنقوشًا، وأشرِكِيْها معكِ في اختياره، وكثيرٌ من الفتيات من تُحبُّ في هذا السن تقليد الأم تمامًا، فيمكنك شراء إسدالٍ لها يُشبه ما تلبسينه، وضَعِي دائمًا في حقيبتك (إيشاربًا) لها أثناء خروجكما معًا، حتى إذا صادفتْكما صلاةٌ في الطريق ترتدي حجابها، واحرصي على اصطحابها معكِ للمسجد وهي مرتدية للحجاب، وفي هذه المرحلة من العمر يبدأ تعويد البنت على عدم الاختلاطِ بالرجالِ أو مصافحتهم أو اللعبِ مع الصبيانِ؛ لتغرسي الحياء فيها، كما يجب حرصك على شراءِ ملابس متحشمة للفتاة، مع عدمِ تعويدها على الملابس الضيقة أو القصيرة كملابسِ البحر مثلاً؛ بحجةِ أنها ما زالت صغيرةً لتعتاد على أن جسدها لا يجب أن يظهر منه شيءٌ في كل الأوقات وكل الأماكن.

 

- أما في سن التاسعة أو العاشرة فيجب التمهيد لها بأنها أصبحت فتاةً كبيرةً، فيجب أن ترتدي الزيَّ الشرعيَّ، ومن الأفكار الجيدة عمل حفلة للفتاة تُسمَّى (حفلة الحجاب) تقومين فيها بدعوةِ بعض الأقارب والجيران والصديقات، وفاجئيها فيها بحجابٍ مطرزٍ باللونِ الذي تُحبه كهديةٍ لها.

 

- أما إذا وصلت الفتاة للحادية أو الثانية عشر ولم تَعْتد على ارتداء الحجاب وأظهرت تمردًا أو رفضًا له فيمكنك أن تقومي بما يلي:

 

1- اغرسي فيها أولاً حبَّ الله والرسول، حتى إذا تمكَّن منها أطاعت أوامرَهما دون ترددٍ، وقُصِّي عليها سيرةَ الصحابياتِ والمسلمات الأوائل ومدى حرصهن على التزام أمر الله.

 

2- احرصي على ربطها بالقرآن لتتلوَه وتحفظَه، واجعليه رفيقَها في كلِّ وقت.

 

3- احرصي على مصاحبتها والرفق بها، وأشعريها بحبكِ وحرصِكِ على مصلحتها.

 

4- أحيطيها بصحبةٍ صالحةٍ من الفتياتِ المحجباتِ حتى يُشجعْنَها على الحجاب.

 

5- علِّميها أنَّ الأناقةَ لا تتعارض مع الحجابِ أو مواصفات الزيِّ الشرعيِّ، وساعديها في اختيار العباءاتِ الجميلة المطرَّزة، سواءٌ كانت جاهزةً أو تفصيلاً، مع اختيار (الإيشارب) المناسب، مع الحرصِ على اختيار الألوان المتناسقة مع الحذاء والحقيبة.

 

6- لا تعتقدي أنها سترتدي الخمارَ والعباءةَ الفضفاضةَ هكذا مرةً واحدةً، بل يجب التدرج حتى في نوعيةِ الثيابِ، فيُبدأ (بإيشارب) قصيرٍ، ثم يُبدأ في الطول بالتدريج، وكذلك يمكن ارتداء التونيك (بنطلون وعباءة قصيرة)، ومع الوقت تبدأ العباءة في الطول والاتساع.

 

7- عوديها على الحياءِ، وأكِّدي عليها ألا ترفع صوتَها في الطريقِ أو تضحك بصوتٍ مرتفعٍ حتى لو كانت مع صاحباتها.

 

8- اتركيها ترتدي في البيت ما تشاء من أدواتِ الزينة والحُليِّ بشرطِ ألا تقابل بها أحدًا من الرجال.

 

9- عوِّديها الاهتمامَ بمظهرها في المنزل وتنويع (تسرحات) الشعر، واختاري معها (الإكسسوارات) (وتِوَك) الشعر التي تتفق مع الموضة؛ حتى لا تشعر أنَّ الإسلامَ يدعو إلى الكبتِ، فإذا تشبَّعت من كل هذه الأشياء سهُل عليها الخروج بالزِّيِّ الشرعيِّ دون أن تشعر بالحرمان.

 

10- اصطحبيها معك لدروسِ العلم وأهديها من أشرطةِ العلماء التي تتحدَّث بأسلوب مبسط والكتيبات الصغيرة والمطويات الجذَّابة.

 

11- ناقشيها في أهميةِ الحجاب وفوائده التي تعود عليها، مع ضربِ الأمثلة للفتيات المتبرجات اللاتي يتعرضن للمعاكسات والمضايقات لارتدائهن الملابس الضيقة أو القصيرة.

 

12- وأخيرًا.. أكثري من الدعاءِ لها بالهداية.