أحمد فارس عبد الغني- مصر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.. أما بعد تحيةً طيبةً لكم جميعًا وجزاكم الله خيرًا عما تقدِّموه لنا من إجابات شافية لكل أسئلتنا نحن فئة الشباب.
وأودُّ أن أُسرد لكم مشكلةً ما زلتُ واقعًا فيها حتى الآن، ولكن شرحها يطول جدًّا، والمشكلة أنني مهندس في مقتبل العمر (24 سنة) أكرمني الله بالعملِ بشركةٍ كبيرة أثبتُّ وجودي بها، ومرتبي والحمد لله مناسب جدًّا.. قرَّرت أن أرتبط، وفعلاً قدَّم لي إخواني فتاةً ملتزمةً في نفس تفكيرنا، وما زاد الأمرَ جمالاً وفرحًا بهم أنَّ والدها ووالدتها من الإخوةِ الأفاضل، فوجدتُ الأسرةَ الملتزمةَ التي حلمتُ دائمًا بالارتباطِ بها، وأنتم تعرفون البقيةَ.

 

المهم.. لديَّ من الأخوات ثلاثة.. أخت تكبرني بسنتين وأخ يكبرني بسنة وأخت تصغرني بسنة، وكلهم والحمد لله مؤهلات عليا، عندما أخبرتهم برغبتي وافقوا جميعًا حتى والدتي ووالدي، وكانت أختي الكبرى مكتوب كتابها من قريبٍ لنا من ناحية أبي، وكان أبي يثق به جدًّا، ولكن بعد ثلاث سنوات وضح لنا أن ارتباطهم بنا كان لمصالحَ شخصيةٍ من الدرجة الأولى، وانتهى الموضوع بالفشل، فرفض أبي بعد ذلك فكرة زواجي أو حتى ارتباطي، وكنت قد رأيت الفتاةَ وأعجبني التزامُها وعائلتها من كلام إخواني عنهم، وأعجبت عائلتي كثيرًا فأصرَّ والدي على رفضه القاطعِ بعدم قدومي على أي شيء إلا بعد زواج أختى الكبيرة، وهذا أثَّر عليها كثيرًا وكلمته كثيرًا أن كل شيءٍ بقدر، وحاولتُ معه كثيرًا وأصرَّ على الرفض القاطع، وتفهَّم والد الفتاة الموقفَ وجزاه الله خيرًا قال لي: "نصبر لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا"، ولكني قد حجزتُ الفتاةَ وما زال أبي حتى الآن رافضًا مع قَسَمي له أني سأحترمُ رغبته، ولا أتزوج إلا بعد أختي، ولكن سأتقدَّم للفتاةِ بشكلٍ رسمي، وأمامي ثلاث سنوات أو أكثر، ولكن الجديد وهو أنَّ والد الفتاة وبعد مرور سنتين يُفكِّر في إنهاءِ الموضوع على الصيف إذا لم يحدث جديد، وهذا من حقِّه، فماذا أفعل مع ارتباطي بهذه العائلة جدًّا، ولا أريد أن أغضب أبي إطلاقا؛ لأني أحبه جدًّا، فبرجاء الردِّ عليَّ سريعًا بالإفادةِ الواضحة كما عودتمونا بكل صراحة.

 

يجيب عليها الدكتور حاتم آدم الاستشاري الاجتماعي للموقع:

ابني الحبيب, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. قرأتُ رسالتك، ودعوت لك الله أن تعبر أزمتك بسلام، وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه, ولي عدة ملاحظات أود أن أُشير إليها قبل الرد:-

 

1- الله تعالى أكد في كتابه العزيز على برِّ الوالدين، ولم يأتِ اللفظ بالطاعةِ المطلقةِ إلا له سبحانه وللرسول، وعلى هذا فحين تختلف مع والدك فأنت ملزمٌ إلزامًا بالأدب والاحترام والصبر معه وتحمل الأذى، حتى يلين قلبُه أو يلين قلبُك, فالقضية هي الاحترام والأدب في المعاملة، حتى ولو كان كافرًا أو مخطأً في موقف، وحتى ولو كنت أنت على صواب وهو على خطأ.

 

2- لماذا انتظرت حتى يتكلم والد الفتاة ويطلب منك إنهاء الموقف, كان يجب أن تأخذ أنت زمام المبادرة وتعلنها صريحةً لأهل الفتاة وتقول لهم: "أنتم في حلٍّ من هذا الارتباط، وإن تقدم مَن هو أفضل مني فامضوا في أمركم".

 

لماذا فضلتُ مصلحتك في الزواجِ من الفتاة ولو مع الانتظار غير المحدد على مصلحتها هي, فاحساسك بنفسك أنك في مشكلةٍ طغى على  إحساسك بالآخر ومشكلته رغم أنكما في نفس الملعب.

 

3- انتبه يا بني.. قضية اتخاذ القرار واضح أنها ضعيفة عندك, فالمشكلة التي تعيش فيها عمرها الزمني سنتان, ووالدك اتخذ قراره من سنتين وأنت لم تفعل أي شيء, واعلم- حفظك الله- أن أصعب وأفظع قرار في أية مشكلة هو اللاقرار.

 

4- في بعضِ الأحيان يبدو أنَّ قضية "حل يرضي جميع الأطراف" تبدو مستحيلةً أو خرافيةً كالغول والعنقاء والخل الوفي, والمشكلة في حكايتك حلها (بأقل خسائر ممكنة وليس بإرضاء جميع الأطراف).

 

أقول لك بعد ذلك اطلب من والد الفتاة مهلةً شهرًا واحدًا فقط تقوم من خلاله بفعل كل ما يمكن فعله مع والدك من إظهارِ أن سعادتك في الارتباطِ بهؤلاء, وبعمل مظاهرة عائلية حاشدة تقودها أختك بمطالبته بالموافقة, أو تسوق إليه من الأقارب والأصدقاء مَن يحبه أو يستمع إليه فإذا لم تستطع فانتهِ من الموضوع ولا عزاء.