إعداد: عبد الحليم الكناني

تحدث الأستاذ البنا في المؤتمر السادس للإخوان عن الحالة الصحية في المجتمع المصري فقال: "لقد استقبلت العيادات الحكومية المصرية سنة 1934م (7.241.383) مريضًا منهم مليون بالبلهارسيا، وأكثر من نصف مليون بالأنكلستوما، ومليون ونصف المليون بالرمد، وفي مصر 90% مريض بالرمد والطفيليات، وفيها 55.575 من فاقدي البصر، ويكشف لنا الكشف الطبي في المدارس وفي المعاهد وفي الجامعة- ومنها الكلية الحربية- حقائق عجيبة عن ضعفِ بنية الطلاب وهم زهرة شباب الأمة، وكل ذلك في أمةٍ علَّمها نبيها أن تسأل الله أن يعافيها في أبدانها وفي سمعها وفي بصرها".

 

- صحافة الإخوان والتوعية الصحية:

اهتمَّت صحافة الإخوان المسلمون بالتوجيه والتوعية الصحية للشعب منذ وقتٍ مبكر، فنشرت أولى صحفهم (جريدة الإخوان المسلمون الأسبوعية) سلسلة مقالات عن الصحةِ والوقاية والتغذية بغرض التوعية الصحية ونشر الوعي الصحي السليم بين جماهير القراء، وتوجيههم إلى العاداتِ الصحية السليمة في الغذاء والمعيشة، والتحذير من مخاطر الآفات المنتشرة في المجتمع. (جريدة الإخوان- سنة 3- سلسلة أعداد 3 و25 و30 و31 و32 و38 و42 و40).

 

 الصورة غير متاحة

- دعم ومساندة دعوات التوعية الصحية:

ساند الإخوان جماعة "نحن أنفسنا" في دعوتها إلى تخصيصِ أسبوعٍ من أسابيع العطلة الصيفية لنشرِ الدعوة الصحية بين الفلاحين والعمال وسُمِّي "أسبوع الصحة":

 

- وخصصت عددًا خاصًّا من الجريدةِ عن الصحة، بهذه المناسبة وحرره كبار الأطباء المتخصصين، وجاء على غلاف المجلة: "عدد صحي ديني خاص". (مجلة جريدة الإخوان الأسبوعية- سنة 3- عدد 39 - 7-1-1936).

 

- البدء في المشروعات الطبية العملية:

- العيادة المجانية للإخوان بالمنصورة (1938):

"أنشأ الإخوان المسلمون بالمنصورة عيادة للفقراء لمعالجةِ الأمراض الباطنية وأمراض النساء والأطفال وقد تولى معالجتها الدكتور إبراهيم الوكيل، كما أنَّ الدكتور حلمي الجيار يقوم بعمل العمليات الجراحية للفقراء مجانًا، كذلك يوجد بالعيادة قسمٌ خاصٌّ لمعالجةِ أمراض الأسنان يقوم عليه الدكتور أحمد عبده، وتقوم الجمعية بصرف الأدوية اللازمة للعلاج من صيدليتها ونظير ذلك جعلت رسم الكشف قرشين صاغ فقط".

 

و"بلغ عدد المرضى المترددين على العيادة الخارجية المجانية، وصرف لهم الدواء اللازم نحو 2060 مريضًا وذلك خلال شهري يونيه ويوليه سنة 938". (مجلة النذير- سنة 1- عدد 12، سنة 2- عدد 17).

 

- جوالة الإخوان ودورها في الخدمات الصحية 1943م:

"وكانت المجموعات الأولى في الجمعية التي عملت على نشرِ المعلومات الصحية وعلى إدخال العناية الطبية إلى الريفِ هي مجموعات الجوالة، فكانت وحدة الجوالة المحلية تقوم فعلاً بأعمال كنسِ طرقات وشوارع وحارات القرى، وحث القرويين على الترددِ على المستشفياتِ والعيادات الطبية، وتقديم الإسعافات الأولية، وكانت أوجه النشاط هذه جزءًا من برنامجٍ اجتماعي شامل أُعد للجوالة عام 1943م، في حملةٍ سريعةٍ ضد القذارة والمشاكل الصحية لدى الجمهور المصري في المدن والقرى" (الإخوان المسلمون- ريتشارد ميتشيل- ص 452).

 

- القسم الطبي وتطور نشاطه 1944:

اختار المركز العام للقسم الطبي مقرًّا خاصًّا مناسبًا بحي السيدة زينب أمام المدرسة السنية مباشرة، وكان من نشاط هذا القسم آنذاك مستوصف نظير رسم دخول يسير.

- نشرة إدارية عامة رقم 2- قسم المراقبة العامة- يونيه 1944:

ثم انتقل المستوصف إلى دارِ الإخوان بالحلمية في 15 نوفمبر 1944م، وكان يعمل به عشرة أطباء في التخصصات المختلفة، منهم طبيبة لأمراض النساء، ونَشِطَ العمل في المستوصفِ حتى بلغ عدد الذين عُولجوا سنة 1945م 21877 مريضًا (مجلة الإخوان- سنة 2- عدد 46- 18 ذي القعدة 1363/4-11-1944).

 

وفي سبتمبر سنة 1946م، اختير له بناء ضخم بشارع خير بن حديد بالحلمية الجديدة، وأنشئ به معمل للأدوية يشرف عليه صيدلي قانوني، وفي هذا العام بلغ عدد المرضى الذين عُولجوا بالمستوصف (39039) مريضًا، وفي سنة 1947م، بلغ عدد المرضى المنتفعين (51300) مريضًا.

 

وفي سنة 1946م، أنشأ القسم الطبي مستوصفًا بشبرا، وبلغ عدد المرضى الذين عُولجوا به في سنة 1946م، و1947م، (0 5 275) مريضًا، ثم رأى القسمُ الطبي أن يُنشئ مستشفى به عيادة خارجية وأخرى داخلية، بشارع عبده باشا بالعباسية في أبريل سنة 1948م، (الإخوان والمجتمع المصري- محمد شوقي زكي- ص 225- 227).

 

- اللجنة الطبية للإخوان بالإسكندرية:

تكونت للإخوان المسلمين بالإسكندرية لجنة طبية تشرف على افتتاح عيادات ومستوصفات بالمدينة، وقامت اللجنة بافتتاح مستوصف في المبنى رقم 60 بشارع محرم بك وبالمستوصف صيدلية، كما تمَّ افتتاح مستوصف في المبنى رقم 10 بشارع الجمرك القديم، وكذلك مستوصف بشارع الإسكندراني (في قافلة الإخوان- عباس السيسي- 1/119).

 

- في أقاليم مصر المختلفة:

- في طنطا: أنشأ الإخوان مستوصفًا خيريًّا، وبلغ عدد الذين عُولجوا فيه خلال شهرين ونصف الشهر من نشأته 1233 مريضًا، وبلغ عدد المرضى الذين عُولجوا به سنة 1946م، خمسة آلاف مريض، وفي سنة 1947م، سبعة آلاف مريض (مجلة الإخوان المسلمين- عدد 70- 20-9-1945م).

 

- وفي أسيوط: افتتح الإخوان عيادة طبية يديرها د. عباس محمد حسين، تقوم بعلاج المرضى مجانًا من التاسعةِ إلى الحادية عشرة صباحًا يوميًّا ما عدا يوم الجمعة (مجلة الإخوان نصف الشهرية- عدد 58- 3-5-1945م).

 

الإخوان ومواجهة الأزمات المرضية والوبائية العامة

- وباء الملاريا 1945م:

وعندما انتشر وباء الملاريا في صعيدِ مصر في ذلك العام 1945م، بدأت "قيادة جوالة الإخوان تفكر في عمل من أجل هؤلاء، فجندت جميع جوالة الإخوان في بلادِ الصعيد لمواجهة هذا الخطر فعملوا جنبًا إلى جنب مع المسئولين من رجالِ الإدارة كرجالِ الصحة، وهيئات الهلال الأحمر وخلافه.

 

 

- وباء الكوليرا عام 1947م:

وفي عام 1947م، اشتد وباء الكوليرا في الوجه البحري، وكان كثيرٌ من المسئولين للأسف يفرون أمام خطر الموت، وانتشار الوباء، فإذا بقيادة جوالة الإخوان تضع تحت إمرة المسئولين سبعين ألف جوال ليعملوا في محاربة هذا الوباء، مما كان له أعظم الأثر في وقف تيار هذا الوباء الذي انتشر في ذلك الحين.

 

ولقد كان ذلك موضع التقدير من المسئولين في ذلك الحين، والإشادة بمبادرة الإخوان، وتلقي فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين من معالي وزير الصحة الدكتور نجيب إسكندر الخطاب التالي:

"حضرة صاحب الفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين تحية طيبة وبعد..
بالإحاطة إلى خطابكم الخاص باستعداد مستوصفات الإخوان المسلمين بجميع نواحي القطر بعمليات التطعيم في مناطقها ضد الكوليرا فإني أُقدِّر بالعرفانِ هذا الواجب الوطني لما ينطوي عليه من عاطفةٍ كريمةٍ وروح طيبة نحو مواطنينا الأعزاء، وسوف لا تتأخر الوزارة عن قبول مساهمتكم في العمل الذي أشرتم إليه في خطابكم في الوقت المناسب، ولا يسعنا إزاء هذه الوقفة الكريمة إلا أن أبعث لفضيلتكم بموفور الشكر مقدرين حسن معاونتكم لنا في مقاومةِ وباء الكوليرا، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام"
.

 

أما الأعمال التي قام بها الجوالة أثناء مدة الوباء فهي:

أولاً- في القرى:

1- التبليغ عن الحالات والإصابات.

2- محاصرة القرى الموبوءة لعدم دخول أو خروج أحد منها.

3- نشر النصائح الطبية بواسطة الإعلانات أو عربات وميكروفونات الدعاية الصحية.

 

ثانيًا- في المدن:

1- القيام بأعمال النظافة في الأحياءِ الوطنيةِ، مما كان له أعظم الأثرِ في تقدير الأهالي؛ حيث كان الجوالة ومعظمهم من الطبقاتِ المثقفة يقومون بأعمال الكنس بأيديهم.

2- القيام بتطهير المنازل برشاشات د . د . ت، وإقناع الناس بفائدتها مما كان محل ارتياح الجميع.

3- الإبلاغ عن الحالات إلى رجال الصحة والنظافة.

4- الدعاية بالمساجد والميادين ولصق الإعلانات على الحوائط (الإخوان والمجتمع المصري- محمد شوقي زكي- ص 168).

 

وتابعت جريدة الإخوان تطورات الأزمة، وجهود الإخوان تجاهها، وما يبذله شباب الإخوان وخصوصًا الجوالة لمواجهتها، ومن أمثلة ذلك:

 

"جاءنا أن الإخوان المسلمين بمحلة زياد يقومون بمجهودٍ كبيرٍ في نشرِ الدعاية الصحية، وكان لهذا أثره في انعدامِ حالات الإصابة وشفاء المصابين ومغادرتهم المستشفى" (جريدة الإخوان اليومية- عدد 475).

 

"تبيَّن للإخوان المسلمين بإمبابة أثناء طوافهم بالمنطقة للتفتيش على الصحةِ العامة أن مريضًا بالكوليرا يقطن جهة درب العبد فسارعوا إلى إبلاغِ الجهة المختصة وضربوا حصارًا حول منزله وحالوا دون وصول أحدٌ إليه، حتى حضرت عربة الصحة بعد أربع ساعات ونقلت المصاب إلى المعزل" (جريدة الإخوان اليومية- عدد 474)