إعداد: عبد الحليم الكناني

اهتم الأستاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين مبكرًا بأحوال وقضايا العالم الإسلامي، ومن أمثلة ذلك الواضحة:-

 

أنه بمجرد تأسيس جماعة الإخوان في عام 1928 أرسل إلى مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني رسالةً  خاصةً يبشِّره فيها، ويعلن فيها تأييدَه ومناصرتَه للقضيةِ الفلسطينية.

 

- ومن نماذج الاهتمام والمشاركة المبكرة في قضايا البلاد العربية والإسلامية:

- حين وقع الخلاف بين ملك السعودية وإمام اليمن عام 1934م: أرسل الأستاذ البنا فضيلة الشيخ طنطاوي جوهري إلى الحجاز في موسم الحج، وهناك قابل الملك عبد العزيز، وخطب في حضوره خطبةً قويةً، داعيًا لنبذ الخلافِ وحل المشكلة سلميًّا والحفاظ على الأخوة والوحدة الإسلامية، وقد تأثَّر الملك عبد العزيز بها وأثنى على صاحبها. (جريدة الإخوان الأسبوعية- سنة 2- عدد 9).

الإخوان ومساعدة فقراء المدينة المنورة (1935).

وقام الإخوان بتأليف لجانٍ لجمع التبرعات من المساجد والمصالح الحكومية لأهل المدينة المنورة بمجرد معرفة الإخوان بحاجتهم إلى المال.

(جريدة الإخوان- س 2- عدد 43- 1 محرم 1354- 4-4-1935)

 

- جوانب من دور الإخوان في دعم ومناصرة العالم الإسلامي:

تأسس قسم الاتصال بالعالم الإسلامي عام 1944، فأصبح للإخوان المسلمين عملٌ منظمٌ ودورٌ كبيرٌ في دعم قضايا العالم العربي والإسلامي، واتخذ هذا الدعم صورًا متعددة:

 

1- استضافة قادة حركات الجهاد في العالم الإسلامي بالمركز العام للإخوان المسلمين:
"ولم يكن يمر أسبوعٌ حتى تظهر في المركز العام شخصيةٌ مرموقةٌ أو أكثر من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وكان القسم يهتم بوفادتهم والترفيه عنهم والإنفاق عليهم". (محمود عبد الحليم- أحداث صنعت التاريخ – 1/ ).

 

وكان منهم: الحبيب بورقيبة والشاذلي المكي من تونس، وأحمد سوكارنو وآجوس سالم من إندونيسيا، وإسماعيل الأزهري وأحمد خير من السودان، وعبد الكريم الخطابي وعلال الفاسي من المغرب، والفضيل الورتلاني من الجزائر، وأمين الحسيني وصبري عابدين من فلسطين.

 

2- رعاية طلاب العالم الإسلامي وتبني قضايا بلادهم:

كان قسم الاتصال بالعالم الإسلامي ملجأ الطلبة المسلمين الوافدين المنتسبين إلى الأزهر وغيره، وقد حدث أن منعت (سفارة إندونيسيا تحت الاحتلال الهولندي) الإعاناتِ التي يرسلها أهالي طلاب البعوث إليهم، واشترطت لصرفها أن يقوم هؤلاء الطلاب باستنكارِ الأعمال الوطنيةِ التي يقوم بها أهلوهم في بلادهم، فامتنعوا ولجئوا إلى قسم الاتصال، الذي شجَّعهم على موقفهم، وقرَّر صرف الإعاناتِ اللازمةِ لهم حتى تزول تلك الحالة الشاذة". (الإخوان والمجتمع المصري- محمد شوقي زكي- ص 155).

 

3-  تقديم المذكرات والاحتجاجات وإرسال البرقيات مناصرة لقضايا المسلمين

في وثائقَ رسميةٍ فرنسية نُشِرت رسالتان من السفارة الفرنسية بالقاهرة يقال فيهما لقد أرهقنا الإخوان المسلمون من كثرة ما أرسلوا إلينا من العرائض التي تندِّد ببقائنا في الجزائر وسائر دول شمال إفريقيا، وتطالب بجلائنا عنها والعديد من العرائض والاحتجاجات المتعلقة بفلسطين". (الحركة الإسلامية وقضية فلسطين- زياد أبو غنيمة- ص 150).

 

4- المظاهرات والمسيرات تأييدًا ودعمًا لقضايا العالم الإسلامي:

نظَّم الإخوانُ المسلمون الكثيرَ من المسيراتِ والمظاهراتِ في سبيلِ نصرةِ قضايا البلادِ العربيةِ والإسلامية (فلسطين- سوريا ولبنان- المغرب العربي- ليبيا- باكستان وإندونيسيا).

 

5- إقامة المؤتمرات لدعم قضايا العالم الإسلامي:

أقام الإخوان عدة مؤتمراتٍ لنصرةِ قضيةِ فلسطين، كان من أهمها مؤتمرُ الأزهر الشريف في 14-12-1947.

كما أقام الإخوان مؤتمرًا في المركز العام عام 1954لنصرة قضية مراكش.

(مجلة الدعوة- عدد 133، جريدة الإخوان- 15-7-54).

 

 

7- صحافة الإخوان وقضايا العالم الإسلامي:

حين صدر العدد الأول من جريدة الإخوان الأسبوعية عام 1933 كان بها بابٌ ثابتٌ ومنتظمٌ بعنوان "العالم الإسلامي"، واستمرَّ اهتمام صحف الجماعة بأخبار العالم الإسلامي وقضاياه المختلفة.

 

وخصَّصت صحافة الإخوان أعدادًا كاملةً منها لنصرةِ قضايا المسلمين:

- عدد خاص من مجلة النذير عن فلسطين، وعدد خاص عن قضية المغرب (1938).
- عدد خاص من مجلة الإخوان عن فلسطين (1945)، وعددان عن المغرب عام 1944.

 

 الإخوان المسلمون وقيام الجامعة العربية

اجتهد الإخوان المسلمون- رغم علمهم بملابسات إنشاء الجامعة العربية- في الاستفادة من إنشاء الجامعة ومحاولة توجيهها الوجهة التي تخدم العرب والمسلمين.

 

وحين دُعِي رؤساء وزارات الدول العربية المستقلة إلى الإسكندرية لوضع ميثاق للجامعة قام الإخوان بالخطوات التالية:

- استقبال شعب الإخوان للوفود العربية القادمة استقبالاً شعبيًّا وجماهيريًّا حافلاً.

- إرسال برقيات التأييد والتشجيع للوفود المشاركة في اللجنة التحضيرية لوضع ميثاق الجامعة.

- أعد الأستاذ البنا مذكرةً تفصيليةً تضع تصورًا عمليًّا مُقتَرحًا لميثاقِ الجامعةِ وأهم الخطوط التي يجب أن يتضمنها الميثاق وأهم القضايا التي يجب أن يعالجها، وقًُدِّمت إلى اللجنة، وصدر ميثاقُ الجامعة الأول ويكاد يكون نسخة من مذكرة الإخوان المسلمين". (محمود عبد الحليم- أحداث صنعت التاريخ- 1/320).

 

 نماذج من أدوار الجماعة في دعم الجهاد والمجاهدين

- الإخوان المسلمون وإنقاذ المجاهد الكبير عبد الكريم الخطابي:

ذكر الخطابي في مجلة الدعوة أن الأستاذ البنا اتصل به وهو في المنفى، ورتَّب معه طريقةَ تهريبِه، وأعد السفنَ والإمكاناتِ اللازمةَ لتهريبِه، وكان للإخوان المسلمين دورٌ مهمٌّ في إنزاله من السفينةِ التي كانت تقله إلى فرنسا ليقضيَ بقيةَ حياتِه سجينًا هناك، ومنحه حقَّ اللجوءِ السياسي والإقامةِ بالقاهرة".

 

- الإخوان المسلمون وإنقاذ مفتي فلسطين:

"كان سماحته لاجئًا سياسيًّا بعد الحرب في فرنسا، وخشي الإخوان من أن يسلمه الفرنسيون إلى الإنجليز، فاتصلوا به وعرضوا عليه فكرةَ الهروبِ إلى مصر فوافق، ودبَّر الإخوانُ كلَّ الترتيباتِ ومتطلباتِ الموضوع، وبالفعل نزل المفتي إلى مصر، وقَبِل الملك فاروق منحَ سماحته حقَّ اللجوء السياسي مع إنزاله ضيفًا عليه". (صالح أبو رقيق- تعليق على الإخوان المسلمين- ريتشارد ميتشيل- ص 143).

 

- الإخوان المسلمون ودورهم في استقلال إندونيسيا وباكستان:

"تبنَّى الإخوانُ الدعوةَ إلى استقلالِ إندونيسيا وباكستان.. وكان هناك اتصالٌ دائمٌ بين قادةِ الجهادِ في إندونيسيا والهند والإخوان المسلمين، وقَدِمت منها وفودٌ استقبلها الإخوان أحسن استقبال، حتى قدم السيد محمد علي جناح زعيم المسلمين في الهند والمطالب بتكوين دولة باكستان وقد استقبله الأستاذ المرشد وأحسن وفادته، وعرَّفه بعبد الرحمن عزام أمين الجامعة العربية.. ولما أثمر جهاد الإندونيسيين والهنود عن إقامة دولتين مستقلتين تخاذل الغرب عن الاعتراف بهما.. تقدَّم الأستاذ البنا بمذكرةٍ للجامعةِ العربيةِ يستثر في رجالها النخوةَ العربيةَ والغيرةَ الإسلاميةَ، طالبًا منهم الاعترافَ بالدولتين الناشئتين، ثمَّ كان لعبد الرحمن عزام الفضل في استصدار قرار باعتراف جامعة الدول العربية بالدولتين".