- المنزل له الأولوية في حياة الفتاة المسلمة 

- بناتي كنَّ يساعدنني حتى في أوقات الامتحانات

 

في بيت المرشد وبين أحضان الدعوة نشأت الحاجة سمية مشهور، ومنذ السن الباكرة كانت تدعو زميلاتها في المدرسة إلى الالتزام بالإسلام وتعاليمه، ولم يمنعها صغر سنها أن تكون داعيةً، وكيف لا يكون ذلك والدعوة تمثِّل ركنًا أساسيًّا من شخصيتها الحريصة على الأنشطة الدعوية منذ مراحل التعليم الأولى مع إخوتها وزميلاتها، والتي تمثَّلت في إلقاء الدروس الدينية في مسجد الحي والجامعة.

 

وعندما تزوَّجت وسافرت مع زوجها إلى فرنسا عملت على إنشاء مسجد وإقامة صلاة الجمعة والدروس فيه، وكانت تدعو جاراتها المسلمات إلى لقاءٍ أسبوعي.

 

هذا إلى جانب الدعوة والأعمال الخيرية كجمع التبرعات لصالح الفقراء وفلسطين والعراق وحقائب رمضان ودخول المدارس والمعارض.

 

ولما كان الداعية الجليل الأستاذ مصطفى مشهور- رحمه الله- صاحب رؤية مهمة في التربية، فإنه كان من المهم أن نسأل كريمته التي تربَّت في بيته وعلى أفكاره وأن نناقشها حول دور الفتاة المسلمة في هذا، نتعرف على ذلك من خلال هذا الحديث.

 

* سألناها: هل كان للدعوة الأولوية على الزوج أو الأسرة كما هو حال البعض الآن؟ وكيف تربي الأم ابنتها على تحقيق التوازن؟

** قالت لنا في البداية: لقد تأثرتُ بوالدي وشعرتُ بأهمية الدعوة منذ صغري، ففي أول زيارةٍ لوالدي في المعتقلِ قال لنا: أنا لن أورث درهمًا ولا دينارًا وأهم شيء الدعوة، نحيا ونعمل لأجلها، فشعرنا بأهميةِ هذا الشيء الذي يتعذب والدي لأجله، وهانت أمامنا الصعوبات البسيطة التي كنا نُقابلها مثل الاستهزاء، خصوصًا أن الإخوان في هذا الوقتِ كان وضعهم سيئًا جدًّا، وكنا مؤمنين بذلك، ونردُّ على مَن يُشكك في هذا الإيمان بأن أبي على حقٍّ رغم صغر سننا.

 

كما أننا تأثرنا بالوالدةِ كثيرًا، فقد كنت أرى والدتي تُساعد الجيران بتعليمهم بعض الأعمال اليدوية، وتُعطيهم من منزلنا أي شيء يحتاجونه، كما كان يأتي إلينا الكثير من الفقراء، ولم نكن منغلقين، رغم أنَّ الوالدَ كان معتقلاً لفتراتٍ طويلة، كما كان والدي في الفتراتِ التي يكون فيها خارج المعتقل يحرص في رمضان على إقامة التراويحِ في منزلنا، ويقول كلمة صغيرة، ونقدم مشروبًا للناس.

 

وكان والدي هادئ الطبع في البيتِ، لا يعيب طعامًا قط، وحتى إذا حدث خطأ ما فلا ينفعل؛ فقد حدث أن كان مسافرًا إلى مؤتمر بالخارج، وكان من عادته التخلص من الأوراقِ القديمة دائمًا، فتخلصت والدتي من الجوازِ الجديد بالخطأ، فكانت في قلقٍ شديدٍ بسبب ذلك، أما والدي فكان هادئًا جدًّا وقال لها هوني عليك، لا نعرف أين الخير، أما الأقارب فكان دائمًا ما يذكرهم بالاسم وهو داخل المعتقل، ويسأل عن أحوالهم بالتفصيل.. فلان كان مريضًا.. ما أخباره؟.. حتى الأطفال، ويبعث لهم السلام بالاسم، وعندما يخرج يُكثر من الزياراتِ والهدايا، ويُسافر في جميع المناسبات إلى الشرقية، وتجتمع في منزل الأسرة هناك كل العائلة حتى أهالي القرية والقرى المجاورة كانو يأتون إلى المسجد لحضورِ اللقاءات.. كما كان يسأل عن المعتقلين ويتصل بأسرهم.

 

* كيف كان الوالد يعاملكم كأب؟ وما دوره تجاهكم؟ وعلاقته بكم في إطارِ انشغاله بالدعوة؟

** كان يهتم بالأمورِ الدينية مثل الصلاة والورد القرآني والأذكار، ويتمم على قيامنا بها، وكان يخصص لنا جزءًا من وقته يومًّا، فيجلس بنا يوميًّا في حديث العصر يحدثنا عن السيرة، وكان يعطينا واجبًا نقوم به، وهو حفظ جزء من القرآن، ويتأكد من قيامنا بالواجب.

 

* ما أسلوب التوجيه الذي كان يستخدمه؟ وكيف كان يعاقبكم؟

** كان هادئًا ليس فيه شدة ولا انفعال ولا غلظة، ولا أذكر أبدًا أنه ضربني ولا عنفني، وكان يعاقب بالتصحيح والتوجيه غير المباشرين، أذكر مرةً أن أختي أعدَّت له كوبًا من ال