إعداد: عبد الحليم الكناني

منذ بدأت دعوة الإخوان المسلمين التربية البدنية تحتل فيها مكانةً ومنزلةً عاليةً، ولا عجبَ فالتربية الإخوانية تربيةٌ شاملةٌ، تُعنى بالجسدِ والروحِ والعقل، ولذلك كان النشاط الرياضي أحد العناصر الأساسية لنشاط شُعب الإخوان في كافةِ أنحاء البلاد، وكان بكل شعبةٍ نادٍ رياضي يمارس فيه شباب ورجال الإخوان مختلف الألعاب الرياضية، وتكونت بمعظم شعب الإخوان فرقٌ رياضيةٌ تمارس اللعبات الجماعية والفردية بصورة منظمة، وتشارك في مسابقاتها الرسمية في مختلف الدرجات.

 

ومن أجل تنظيم وتطوير النشاط الرياضي في محيط الإخوان المسلمين أُنشئت عام 1944م إدارة للفرق الرياضية يشرف عليها الأخ: عبد الغني عابدين يعاونه مجموعة من الإخوان.

 

وتعاونت شعب الإخوان مع الهيئاتِ الرياضية الرسمية في نشر النشاط الرياضي؛ فقرر مراقب منطقة وسط الدلتا للمعارف أن يكون نادي الإخوان بطنطا مقرًّا لنشاط المدرب العام للمنطقة، واعتمد اتحاد الملاكمة العام أن يكون نادي الإخوان بطنطا مقرًّا لمنطقة الغربية للملاكمة.

 

 

وأحصى الباحث محمد شوقي زكي عدد الفرق الرياضية للإخوان فكانت:

- 99 فريقًا لكرة قدم في مناطق القطر المختلفة منها 36 فريقًا في القاهرة وحدها.

- 32 فريقًا لكرة السلة، 28 فريقًا لتنس الطاولة، 19 فريقًا لرفع الأثقال، 16 فريقًا للملاكمة، 9 فرقٍ للمصارعة، 8 فرقٍ للسباحة.

 

وحين نُلقي نظرةً على نماذج من نشاط فرق الإخوان وإنجازاتها في بعض الألعاب نجد النماذج التالية:

- كرة القدم:

كان للإخوان 99 فريقًا لكرة القدم في أنحاء مصر، وتمَّ تسجيل فريق منتخب القاهرة للإخوان في الاتحاد المصري لكرة القدم، وضمَّ فريق الإخوان بالقاهرة عددًا من اللاعبين الدوليين المشهورين في مجال كرة القدم كعبد الرحيم وعمر شندي.

 

وكان من اللافت للنظر في مباريات فرق الإخوان مع غيرها من الأندية حرص أفراد فريق الإخوان على إقامة صلاة العصر بين شوطي المباراة.

 

- الملاكمة:

كان للإخوان 16 فريقًا للملاكمة، وكان الأخ عبد العزيز أحمد بطل الإسكندرية في الملاكمة، ونشرت المجلة تفاصيل مباراته العظيمة حين فاز على أنطونيو بولو بطل اليونان.

 

كما كان الأخ عرفة السيد من إخوان بورسعيد بطل مصر في الملاكمة، ونشرت المجلة تهنئةً حارةً من الإخوان له بمناسبة فوزه على الملاكم البطل محمد فرج.

 

وأجرت مجلة الإخوان حوارًا معه يُعطي صورةً للرياضي المسلم الحق:

 

ومن هذه الأسئلة: هل للناحية الدينية أثر فيما وصلتم إليه من مجدٍ في الملاكمة؟

فأجاب قائلاً: حقًّا لقد كان وصولي إلى هذه المرتبة العالية يرجع إلى الناحية الدينية التي بها وصلت إلى هذا المجد ومنها:

- إيماني بالله واستقامتي وإخلاصي للتمرين.

- لم أدخن ولم أتناول الخمور.

- زواجي واعتقادي أن زواجَ الرياضي يعصمه من الزلل.

- اعتقادي بحب الله للمؤمن القوي أكثر من حبه للمؤمن الضعيف.

- أنَّ الرياضي المؤمن إذا صحَّت عزيمته وقويت إرادته لا تقف أمامه أية قوة.

- ولقد كان لإيماني بنصر الله وتأييده لعبده المؤمن أثرٌ في الانتصارات التي حزتها رغم الظروف التي كانت تحوطني.

 

- المصارعة:

كان للإخوان 9 فرقٍ للمصارعة، وحين نظَّمت منطقة القناة بطولة المنطقة على ملعب الإخوان ببورسعيد كانت نتائجها كالتالي:

الدرجة الأولى:

وزن ذبابة: علي هلال  الثاني   من إخوان    بورسعيد 

            عبد المنعم تل الثالث       "          "

وزن الديك: نجيب فرج الله الثالث      "  الإسماعيلية

وزن الخفيف: أحمد النبغ الثاني        "    بورسعيد  

              فوزي شاهين الثالث     "         "

وزن المتوسط: نصر عبد الحليم الثالث "        "

وزن الثقيل: فؤاد الحمامي الأول       "        "

 

الدرجة الثانية:

وزن الديك: مرسي إبراهيم الأول     "       "

  أحمد شقبوي   الثاني               "       "

وزن الريشة: علي حاجة    الأول    "       "

وزن الخفيف : خليل إبراهيم  الثالث  "       ".

 

- الدراجات:

اشترك الإخوان في مسابقات الدراجات داخل القطر وخارجه، وفاز الأخ محمد مصطفى اللوري ببطولة فلسطين والشرق الأوسط.

 

- الأسكواش:

- كان الأخ محمود عبد الكريم بطل العالم في الأسكواش، واحتفظ ببطولة لعبة الأسكواش راكيت العالمية أربع سنوات متتابعة، مما لم ينجح فيه غيره فخلف بذلك زميله المصري عبد الفتاح عمرو على عرش البطولة العالمية، فكان أحسن دعاية عالمية للعبة وقدَّم لاتحادها أجلَّ الخدمات.

 

وكان انتصاره على البطل الإنجليزي العالمي جيمس دير مرتين متتاليتين حدثًا مدويًّا، حتى إنَّ الملكَ فاروق بعث إليه ببرقية مهنئًا بفوزه على جيمس دير في إحراز بطولة لعبة الأسكواش راكيت، ومما جاء فيها "أتمنى لكم أكبر التوفيق في الشوط القادم".

 

- السباحة:

كان للإخوان 8 فرقٍ للسباحة يُشرف عليها السباح العالمي الأخ حسن عبد الرحيم.
وتابعت مجلة الإخوان أنباء بطولات السباح الدولي العالمي حسن عبد الرحيم، ومن أمثلتها:
"سجَّل الأخ حسن عبد الرحيم بطل الجيش المصري ومدرب الإخوان رقمًا قياسيًّا في سباق 200 متر وقطع المسافة في دقيقتين وخمس وعشرين ثانية ونصف".

 

- شخصية رياضية فذة: الأخ حسن عبد الرحيم البطل العالمي في السباحة:

قدمته الدعوة قائلة: "يوزباشي حسن عبد الرحيم- صعيدي المولد والنشأة، وُلد تحت سفح الجبل فتعلم الكفاح أسمر- رقيق- مؤدب- مهذب- عريض المنكبين- مؤمنًا- عاملاً- ما أجمله جالسًا في حلقاتِ العلم والدرس مستمعًا، وما أعذب صوته في الصلاةِ للقرآنِ مرتلاً".

 

وتنقل الدعوة موقفًا أخلاقيًّا عاليًا ونادرًا لا يتكرر كثيرًا قام به البطل حسن عبد الرحيم خلال سباق النيل الدولي؛ حيث إن "تسابق أهل الفوضى وتدافع الأنانيين وطيش الحمقى يُعرِّض للخطر أرواحًا بريئةً خرجت من ديارها لا تبغي شرًّا ولا تدري ما يخبئه القدر، ويتلقف الموج المترقب أجساد الضحايا وأكثرهم قد جاء ليشاهد أبطال السباحة وما يدري شيئًا عن السباحة ولا يجيد.

 

وحسن عبد الرحيم الرجل الذي شبَّ على تقوى الله، وكان من تلاميذ حسن البنا، يرى هذا المنظر.. ولم يكن الرجل ليتردد في موقفه.. فيترك السباحين وقد انطلقوا إلى الألقاب والجوائز والمال والذكر العريض، ويسرع نحو المتردين في اليمِّ فيحملهم واحدًا واحدًا إلى شاطئ الأمان.

 

وينتهي السباق ويقف الفائز الأول بالجائزة وتبكي زوجته فرحًا بفوزه، ويخرج البطل بين التصفيق والهتاف وحفاوة الجماهير، ولكنَّ هناك رجلاً آخر لم تُصفق له الجماهير ولم ينل جائزة مالية.. هذا الرجل يرى الخيرَ هو الهدف وهو قصب السبق مهما تنوعت مظاهر هذا الخير، ويرى أن ما عند الله خيرٌ وأبقى.

 

فخبرني أيها القارئ وقد شاهدت السباق أو سمعت به، خبرني وقد شاهدت المتسابقين أو سمعت بهم، خبرني أيهم فاز؟".