تحقيق- حفصة خيرت

ولدت ففرحوا بها.. ألقوا كلمات التوحيد في أذنيها.. ودعوا للعقيقة من أجلها.. واختاروا عائشة اسمًا لها؛ علَّها تكون كابنة الصديق في إيمانها وعلمها، لقَّنوها القرآن في مهدها، فكانت آياته أولى كلماتها، وعندما أصبحت الصغيرة آنسةً اختاروا الخمار زيًّا لها، وخرجت اللؤلؤة من محارها واحتكت بالعالم من حولها، وجدت الفتيات يتألقن بلا قيد أو رقابة، يضجُّ عالمهن بالمفاتن البراقة، فلقي ذلك صدًى في أذنيها، وبريقًا في عينيها، فبدأت الشكوك تساورها، ومن وراء خمارها نبض قلبها بتساؤلاتها..

 

هل تقبل الاختيار الذي اختاره أهلها وهذا الطريق الذي ارتضوه؟

هل هي سعيدة به مقتنعة باتباعه من داخلها؟

أم ترغب في التحرر قليلاً من هذه القيود التي باتت تثقل كاهلها، وتقف سدًّا مانعًا يئِد أحلامَها ويَحُوْل دون تحقيق رغباتها التي تمنَّت لو عايشتها ومارستها كباقي مثيلاتها؟

تجد هذه الاستفهامات مساحة في عقل كل فتاة التزمت بالوراثة، ولكن تتعدد الإجابات وتتباين من واحدةٍ لأخرى:

 

بإيماننا نحن أفضل

تحكي سمية محمد (طالبة جامعية) عن حياتها الأسرية الملتزمة بفضل الله قائلةً: لقد علمني والدي أن الإسلام منهج حياة يحقق لأتباعه المُتَع، وذلك بالتزامهم أوامر الله واجتناب نواهيه، كما حرصت أسرتي على أن لا تحرمنا من شيء، فأقامت لنا الحفلات بمناسبة حفظ جزء من القرآن، واشترت لنا ما تشتهيه أنفسنا من ملابس على الموضة نرتديها في زيارات صديقاتنا لنا، وتضيف: لم نشعر يومًا برغبة في أن نقلد زميلاتنا، بل كنا دائمًا ننظر لهم بعين الشفقة؛ لأنهم لم يتذوقوا معنى المتع الحقيقية.

 

وتشاركها الرأي زينب أحمد (تلميذة بالثانوي) وتقول إنها ستسلك نفس النهج في تربية أبنائها؛ حتى يصلوا إلى نفس النتيجة، وهي أنهم بإيمانهم أفضل ممن حولهم.

 

النشأة في أسرة ملتزمة كانت من نصيب عُلا سعيد (طالبة جامعية) أيضًا، وتقول إنها تعلمت العبادات كما تعلمت الكلام وأكل الطعام، لكنها حين خرجت للمجتمع تمنَّت من داخلها أن "تعيش" حياتها كباقي زميلاتها، ولكن مع الوقت عرفت معنى الطاعات الحقيقي وآثارها الإيجابية في الحياة، فحمدت الله على أسرتها الملتزمة.

 

تربية منغلقة

 الصورة غير متاحة

أما صفاء محمد (ثالثة إعدادي) فقد عانت من تربيتها في أسرة ملتزمة، وقد أدى ذلك إلى انغلاقها على نفسها؛ لأنها لم تجد من بين زميلاتها مَن تصلح أن تكون صديقةً لها، فهي لا تعرف كيفية التعامل مع مَن تربَّين في بيئة مخالفة لها، وتضيف قائلةً: إنها بالرغم من معاناتها إلا أنها من الصعب أن تربِّي أولادها على عكس ما تربَّت عليه؛ لأنها شربت الانغلاق فمن الصعب أن تربي على عكسه.

 

لن أعيش في جلباب أهلي

كلمة قالتها دعاء سعيد (ثانية ثانوي)، مستنكرةً على أهلها عدم ترك الفرصة لها في الاختيار كما اختاروا هم، وتسأل: لماذا يفترضون أن طريقهم هو الوحيد الصائب والباقي خطأ؟! وحتى لو كان هذا هو الصواب فهي تفضل أن تعيش كل الأحوال وبعدها تقرر الطريق؛ لأن ذلك سيكون إيمانًا من داخلها لله وليس من أجل إرضاء أهلها.

 

كذلك هو رأي فاطمة محمود (أولى جامعة) لكنها اختلفت قليلاً، فلقد التزمت بما أمرها به أهلها، وبعد أن خرجت للجامعة قررت تغيير نهجها، ولكنها تنتظر بعد الزواج حتى لا يحدث صدام بينها وبين أهلها.

 

بالإقناع

سارة عبد الرحمن (أولى ثانوي) التي فتحت عينيه