هذا التساؤل كان يفترض أن يكون بصيغة لماذا أو كيف متبوعة بلا النافية، ولأنني أدرك الوضع الذي يعيشه فضيلة الإمام ، فقد آثرت أن يكون السؤال بهل ، فالرجل أعلن على الملأ انحيازه للانقلاب العسكري الدموي الفاشي الذي أطاح بالرئيس المسلم وألغى الدستور الحقيقي الذي حصّن منصب شيخ الأزهر وجعله مستمرا حتى نهاية العمر، كما جعل الأزهر مرجعية للدستور والقوانين، وأعاد هيئة كبار العلماء.

وأدرك أن فضيلة الإمام حضر حفلة إسقاط غرناطة الجديدة (مصر المسلمة) بالانقلاب العسكري الدموي الفاشي في 3/7/2013م ؛ بحضور المرشد الأعلى للانقلاب أعني رئيس الكنيسة الأرثوذكسية تواضروس الثاني، الذي لم يخافت برفض الإسلام والدستور الذي يشير إلى إسلامية الدولة ومرجعية الأزهر.

وأدرك أن فضيلة الشيخ بينه وبين الحركة الإسلامية مرارة غير مفهومة ، وأنها من وراء مواقفه بتأييد الحكم العسكري الدموي الذي سلب الشعب ثورته وحريته وكرامته وأدخل الشرفاء والفضلاء السجون والمعتقلات ، وحكم على المئات بالإعدام والمؤبد واغتصب البنات في مقار الاحتجاز وقعر مظلمة . وأغلق 3400 مسجد ، بعد أن أحرق مسجدي رابعة ورمسيس وقصفهما بالطائرات في مسلسل مذابحه غير المسبوقة في التاريخ.

أدرك هذا وغيره ، ولكن بقيت عندي أثارة من أمل في أن يغضب شيخ الأزهر من أجل الله، وليس من أجل الشهداء الذين قتلهم الانقلاب، ووضع عشرات الآلاف وراء القضبان، واقتحم الأزهر بمدرعاته وخوذاته ورصاصه الحي، وهو مالم يفعله من قبل غير المجرم الصليبي نابليون في حملته الدموية الشريرة على مصر.

هل يغضب فضيلة الإمام من أجل الإسلام الذي زعم معمم أزهري بأن "المسلم هو من سالم وليس المسلم من نطق الشهادتين بل لو نطق شهادة واحدة لا إله إلا الله فقط صار مسلما في قول كثير من أهل العلم"؟

هل يغضب فضيلة الإمام من ذلك المعمم الذي ينتمي إلى حزب شيوعي ويصفونه بأنه خطيب التحرير وهو يهدد ما يسميه المؤسسة الدينية "الأزهر، الأوقاف، دار الافتاء" أن تخرج ببيان قاطع وحاسم خلال 48 ساعة على الأكثر تقول فيه بأنه لا توجد فريضة اسمها الخلافة وحد اسمه "حد الردة" ونظرية "الحاكمية والتكفير"، ثم يكمل تهديده بالقول: "وإن لم يخرج هذا البيان فاعلموا أن المؤسسة الدينية تدعم داعش وتؤيد قتل جنود الجيش والشرطة وهدم الدولة المصرية"؟

هل يغضب فضيلة الإمام وهذا المعمم الشيوعي الذي يدعي انتسابا إلى الأزهر، يزعم أن ممارسة الجنس والدعارة مع دفع مبالغ مالية لا يعد زنا، وأنه "مفيش حاجه اسمها رجم في الإسلام!"؟

هل يغضب فضيلة الإمام عندما يتهم المعمم الشيوعي المذكور الإمام البخاري والأزهر وآخرين بأنهم يهدمون القرآن الكريم، وأن آية رجم الزاني نسخت أي تم حذفها من القرآن – على حد قوله؟

هل يغضب فضيلة الإمام الأكبر حين يزعم المكور أن الشريعة الإسلامية جاءت لخدمة الإنسان، ولم يأت الإنسان ليخدم الشريعة، مضيفًا: "إن الله جاء ليخدم الإنسان ويدافع عنه ولم يأتِ الإنسان ليدافع عن الله فهذا منطق معكوس"، ويعلل ذلك بقوله: "لولا الإنسان ما كان لله وجود"؟

هل يغضب فضيلة الإمام والتعيس المذكور يفتي أن ممارسة الجنس بين رجل أعزب وامرأة عزباء، لا يعتبر زنا، وأن حد الزنا لا يقع إلا عند اختلاط الأنساب؟

 هل يغضب فضيلة الإمام حين يطلب معمم بوزارة الأوقاف، من الأحزاب والجماعات والجمعيات التي تسمى نفسها بمسميات توحي بخصوصية إسلامية مثل "الجمعية الشرعية" و"أنصار السنة" و"دعوة الحق" بإعادة النظر في التسمية بما يعبر عن نشاطها الاجتماعي أو التنموي أو الحقوقي، بعيدًا عن الدلالات التي تحمل تمييزًا شرعيًّا هل الإسلام فيه تمييز، وهل أصبحنا طائفة في وطن المسلمين؟

هل يغضب فضيلة الإمام الأكبر حين يزعم بعض صعاليك الثقافة أن الآثار والنقوش والمقابر أوفي وأصدق في معرفة التاريخ من القرآن الكريم، وأن التاريخ في النص الديني- كما يسمي القرآن الكريم- وسيلة تستخدم لضرب المثل واستخلاص العبرة، وأن القيمة الأخلاقية هي الغاية المقصودة في النص الديني الذي يأخذ من التاريخ ويضيف إليه، وإن لم يتفق تمامًا مع الحقيقة العلمية؟

ثم يشكك المأفون في صدق القرآن الكريم وروايته للتاريخ حين يزعم أن علينا أن نميز بين التاريخ في النص الديني والتاريخ في مظانه ومصادره؟

هل يغضب فضيلة الإمام حين يبعث مثقفو الحظيرة مقولات طه حسين التي تشكك في القرآن الكريم وحديثه عن إبراهيم وإسماعيل بعد أن حذفها وتخلى عنها؟

هل يغضب فضيلة الإمام من أتباع الماسونية والروتاري والليونز، وبعضهم يدعي أن الخلافة الإسلامية ديكتاتورية دينية؟  

 هل يغضب فضيلة الإمام الأكبر حين يفتي الشيوعيون والناصريون والليبراليون والانتهازيون من خصوم الإسلام في شئون الدين الحنيف وهم لا يعرفون فرائض الوضوء ،وبعضهم لا يفارق خمارات وسط البلد ولا مقاهيها التي تمتلئ بالدخان الأزرق؟

أحدهم يستكثر على الأزهر أن يظل المرجعَ الأساسي دستوريًّا.. ويردد ما يدعي أنه مثل دارج فحواه : الاقتصاد أخطر من أن يُترَك للاقتصاديين، وبالأحرى فإن مصر أخطر من أن تُترَك للأزهريين.

إن الأزهر يسارع- ومثله دار الإفتاء- إلى إصدار البيانات التي تدافع عن الانقلاب وجرائمه، تحت دعوى محاربة الفتنة التي تُنسب إلى المطالبين بالحرية والكرامة الإنسانية والشرعية التي سلبها العسكر ، ويترك بعض صبيان الأجهزة الأمنية في مجلة الأزهر العريقة ليسبوا الأحرار والشرفاء- ولا أزكي أحدًا على الله- وفي الوقت نفسه لا يسارع بل لا يغضب أبدًا من أجل الله والإسلام والشريعة الإسلامية!.

بالطبع لا أطلب من فضيلة الإمام أن يغضب من الصليبية الهمجية مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية فى فرنسا التي تحارب الإسلام علنًا في فرنسا، وتهاجم رؤساء فرنسا الذين يسمحون ببناء المساجد هناك، ولا أطلب منه أن يغضب من بابا الفاتيكان الذي يطلب من المسلمين أن ينددوا بالإرهاب، وكأنه لم يسمع عن بيانات التنديد الأزهرية وغيرها، في الوقت الذي لا يندد فيه بالإرهاب الصليبي الوحشي الذي يقتل الملايين في أفغانستان والعراق وسورية ومالي وإفريقية الوسطى والصومال وغيرها.

هل يغضب شيخ الأزهر؟ ربما!