مع بدء وتوقف المفاوضات في مايو 1953م.. ماذا فعل الإخوان؟

بدأ أول اجتماع بين المصريين والإنجليز في مفاوضات الجلاء في 27/4/1953م:
وكان الجانب المصري يتكون من محمد نجيب وجمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر والبغدادي وصلاح سالم ودكتور محمود فوزي.
وعقد الجانبان 6 اجتماعات، ثم أوقفت المفاوضات في 6/5/1953م؛ حيث لم تصل لاتفاق محدد.

 

ويبرر محمد نجيب قطع المفاوضات بقوله: "كان السبب وراء هذا القرار ما لمسته من مراوغات الجانب البريطاني، فقد وافقنا على بقاء الفنيين البريطانيين في القاعدة لمدة معينة، لكن البريطانيين أرادوا استغلال هذه الموافقة لزيادة عدد أولئك الفنيين بحيث يصبحون فعلاً في صورة احتلال جديد وإن كانت مختلفة.

 

ثم بدأت العمليات الفدائية للمصريين تنشط ضد قوات الاحتلال الإنجليزي في قناة السويس، وبمجرد تنشيط العمليات احتجت السفارة البريطانية بالقاهرة؛ فرد عليها محمد نجيب قائلاً: إنني سأعمل على حفظ الأمن مع تقديري للشعور الوطني الملتهب.

 

ماذا كان موقف الإخوان المسلمين؟

 
1- الدعم المعنوي والمساندة السياسية:

أرسل فضيلة المرشد العام بالبرقية التالية إلى الرئيس اللواء أركان حرب محمد نجيب قال فيها:

"موقفكم عظيم نؤيدكم فيه، الأمة كلها لن تتخلى عن حقوقها وهى ماضية في سبيل استكمالها، والله معنا وهو ولي التوفيق".

[ م.أ.د – س 3 - ع 118- 19-5- 53 ]

 

 
وفي خطابه في حفل الإخوان المسلمين بمناسبة غزوة بدر قال فضيلة المرشد العام:

"لقد كنا نود أن تنتهي المحادثات التي جرت بين الحكومة المصرية والإنجليزية لاعتراف الإنجليز بحق مصر في الجلاء الناجز فنوفر على البلاد مجهوداتها وأموالها وأوقاتها لتدعيم نهضتها في الإصلاح والتعمير وتمكين مصر من خدمة قضايا شقيقاتها العربية الإسلامية والمساهمة في قضية السلام العالمي الذي يتطلع إليه العالم، ولكن المطامع الاستعمارية تقلبت على الإنجليز وأبت أن تعترف بحقنا في السيادة الحقيقية على أرضنا، وتذرعت بأسطورة الدفاع عن العالم الحر لتبقى جيوشها مثلاً للعدوان على شعب حر يريد أن يعيش قويًا كريمًا، وبذلك أصبحت مصر في حل من أن تسلك كل طريق يؤدى بها إلى تطهير أرضها من الغاصبين".

 

"والإخوان المسلمون يضعون كل إمكانياتهم رهن وصول مصر إلى حقها الكامل لا يضنون في سبيل ذلك بدمائهم ولا بأموالهم ولا بجهودهم، وإن لهم من صدق وطنيتهم وقوة تربيتهم ما يجعلهم قادرين على تحمل الأعباء الجسيمة في معركة مصر المقبلة، وإذا كان غيرهم يتعين قيامه بهذا الواجب مما تفرضه عليهم الوطنية، فإن الإخوان يرون في قيامهم بنصيبهم في تلك المعركة عبادة يتقربون بها الى الله ويشترون بها الجنة".

[ م.أ.د – س 3 - ع 118- 19-5- 53 ]

 

وفى حديث فضيلة المرشد العام مع وكالة الأسوشيتدبرس
[ م.أ.د – س 3 - ع 121- 9/6/ 53]

سأل المحرر: هل الإخوان مستعدون للتعاون مع الحكومة في أي  إجراء مهما كان قد تتخذه لتحقيق الجلاء؟

أجاب فضيلته: "ليس هناك أي شخص يخامره أدنى شك في هذا الصدد، ولو أننا لم نر أن الصبر الذي تتذرع به الحكومة الآن في صالح مصر، لكنا قد سبقناها إلى اتخاذ الخطوات التي ينبغي لمصر أن تخطوها في سبيل الكفاح ضد البريطانيين بجميع الوسائل، وحين تقرر الحكومة أن الوقت قد حان للعمل فإنك ستجد الإخوان المسلمين على أهبة الاستعداد لتلبية نداء مصر".

 

وسأل المحرر: هل سيشترك الفدائيون من الإخوان في الأعمال التي قد تتخذ ضد البريطانيين في قناة السويس، وهل يمكن ذكر شيء عن استعداد هذه التشكيلات؟

أجاب فضيلته: "إن الشيء الوحيد الذي أستطيع قوله هو أن الإخوان المسلمين مستعدون للقيام بواجبهم، ولا أريد إذاعة أية تفاصيل أعتقد أنه ليس من المناسب الإعلان عنها الآن".

 

2- الدعم العسكري والعمليات الفدائية:

كثف فدائيو الإخوان المسلمين من عملياتهم ضد معسكرات الاحتلال في القناة قبل البدء في المفاوضات وأثنائها وبعد توقفها، وكان هذا من أهم الأمور التي تقوي ظهر المفاوض المصري، وتعطيه أوراقًا مهمة وفعالة للضغط على الجانب البريطاني، ويقول الأخ القائد كامل الشريف:

"كانت الحوادث والغارات تزداد عنفًا كلما بدأت المفاوضات بين الإنجليز وبين الحكومة المصرية".

 

"ولقد أحصينا في النصف الأول من عام 1953م أكثر من مائة حادث اغتيال أو نسف أو اختطاف أسلحة قام بها رجال الإخوان في القناة، وارتفع هذا الرقم أكثر من ذلك خلال النصف الأخير".

 

وكان الإنجليز يعرفون جيدًا أن الإخوان المسلمين وراء هذه الحوادث، وحين كانت سلطات البوليس المصري في الإسماعيلية تعتذر عن عدم معرفتها بالجناة، كانت المخابرات البريطانية تدلهم على أسماء الفعلة، وتدعوهم إلى معاونتها في العثور عليهم.

 

ونشرت مجلة روز اليوسف حديثًا مطولاً للشيخ  فرغلي مع مندوبها، وصفته فيه بالشيخ الغامض، الذي يحسب له الإنجليز ألف حساب، أكد فيه "أن الإخوان المسلمين لا يستطيعون الكف عن هذه الحوادث حتى يتم جلاء القوات البريطانية، وأن أفضل طريقة أمام القيادة البريطانية لحماية جنودها من أعمال العنف هي سحبهم من قناة السويس".