إعداد: ربيع عبد الباقي

سجَّل ويسجل التاريخ أنه لم يسبق لأمةٍ أن تعرَّضت لحروب متتالية على جميع الأصعدة سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا من أجل زحزحة هذه الأمة وفتنتها في قيمها وعقيدتها كما تعرضت أمة الإسلام، فلا يمر عام على هذه الأمة دون أن يسجل التاريخ مآسيَ وحروبًا ودماءً سالت لأبناء هذه الأمة منذ أن أسقطت الخلافة الإسلامية.

 

ماذا يريد الغرب منا؟

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفتته بدأ الغرب في البحث عن عدو يحل محل الاتحاد السوفيتي لتبدأ مرحلة جديد من الصراع بين الأيدلوجيات، ولم يجد الغرب سوى الإسلام وأهل الإسلام ليحل محل الاتحاد السوفيتي.

 

وفي الحقيقة إن الإسلام لم يغبْ عن هذا الصراع لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل؛ فمنذ أن ظهر الإسلام للوجود وتصدر لقيادة البشرية بمنهجه الفريد وشموليته وبما جاء به من خصائص ربانية إلهية لم تتوفر في ما سبقه من أديان أو أيدلوجيات منذ أن ظهر هذا الدين، بل بمجرد ظهوره بدأ الصراع مع الآخر سواء كان هذا الآخر متمثلاً في المجتمع المكي بوثنيته أو اليهود والروم والفرس، ثم كان أن حُسم الصراع لمصلحة الإسلام بما يمتلكه من قوة ذاتية وفطرية فانتشر وعمَّ الأرض، وأُقيمت دولة الإسلام، وانتهت إمبراطوريات، واختفى ملوك، وهُزمت جيوش، وانهارت عروش، ودخلت شعوب وممالك ودول في الإسلام، وتحدث العالم العربية، وكان منارة للشرق والغرب، ثم ما لبث أن عز على الآخر أن يترك هذه الحضارة لتقود العالم فماذا كان منهم؟

 

بدأوا سلسةً من الحروب الصليبية كان غرضها وأهدافها القضاء على الإسلام، وإعادة البشرية إلى الوراء، إلى عبادة العباد، لا عبادة رب العباد، فلما فشلت تلك الحروب اتجهوا نحو الخلافة العثمانية للقضاء عليها وتحقق لهم ذلك، فتمكَّن الاستعمار الصليبي من القضاء نهائيًّا على الخلافة، واصطناع حدود بين أقطارها لتفتيتها دويلاتٍ من خلال اتفاقية سايكس بيكو (عام 1915م)، وتم إلغاء الخلافة الإسلامية، وطَرد الخليفة خارج الحدود، وسلب أمواله، وإعلان تركيا دولة علمانية، وإلغاء الشريعة الإسلامية.

 

إن ما يدور حولنا من أحداث في فلسطين ولبنان والعراق ليدعو إلى التساؤل: لماذا كل هذا الحقد؟ لماذا كل هذه الدماء التي يسفكونها في لبنان وفلسطين؟

 

ألم يرتووا بعد؟ أما زالوا عطشى لدماء المسلمين؟ ألم يكفهم أنهار الدماء التي سالت في البوسنة والهرسك؟

 

ألم يرتووا من دماء أهل كوسوفا؟ أما زالت شهوة سفك الدماء المسلمة تطغى عليهم فلا يستطيعون دفعها؟ ألم يكفهم ما يسفك ليل نهار في فلسطين وفي العراق وفي الشيشان؟

 

ما طبيعة هذه الحضارة وما طبيعة هذا النوع من البشر؟ من أي نوعٍ هم من البشر؟ ما جنسياتهم؟ أسئلة عديدة تدعو إلى التفكير والتأمل والبحث والنظر لعلنا نجد الإجابة!!

 

قطعوا آلاف الكيلومترات بطائراتهم ومصفحاتهم وقنابلهم العنقودية وصواريخ "ألاب توما" لماذا؟ ليدمروا العراق ويستبيحوا بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية وحاضرة الإسلام ومنارة العلم والعلماء في زمن العزة.

 

عز عليهم أن يتفرد التتار والمغول فأرادوا أن يسجل لهم التاريخ نفس ما فعله المغول في بغداد وأكثر، دخلوا العراق بحجة نشر الديمقراطية فهلا أقاموا مُدنًا عما دمَّروه أو نهبوه من ثروات العراق؟!!

 

في حرب تحرير الكويت كان الشعار شعار الحرب (المجد للعذراء)!! نعم المجد للعذراء الطاهرة مريم ابنة عمران مَنْ مِن المسلمين لا يؤمن بهذا؟ والله تعالى يقول: ﴿وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)﴾ (آل عمران).

 

ولكنهم جعلوه شعارًا لإبادة العراق وشعب العراق بشتى ألوان الأسلحة المحرمة وما حدث لملجأ العامرية ليس ببعيد، فإنه في سجل التاريخ خير شاهد على بربرية هؤلاء أدعياء الحرية والديمقراطية.

 

وفي هذه الحرب تبدت وظهرت صليبيتهم وصهيونيتهم، فماذا فعل جنودهم كتبوا على الصورايخ الموجهة إلى العراق (سلم لي على الله، فإن لم تجده فسلم لي على محمد) ومن أراد المزيد فليطالع كتاب الأستاذ محمد حسنين هيكل (حرب الخليج أوهام القوة والنصر).

 

ثم لماذا يضحون بالغالي والنفيس ويعبئون جيوشهم من أجل الكيان الصهيوني؟

 الصورة غير متاحة

 بعض قوات الاحتلال الصهيونية في فلسطين

زرعوا البؤرة الخبيثة ورعوها حتى نبتت على جثث ودماء المسلمين في فلسطين، فلما نبتت واستوت على سوقها تبادلوا أدوار الرعاية، فلما شاخت وعجزت بريطانيا جاءت أمريكا لتتولى حماية ورعاية الدولة الصهيونية اليهودية ماليَّا واقتصاديًّا وحربيًّا وتجاريًّا ومعنويًّا ثم نكرر السؤال: لماذا كل هذه التضحية من أجل اليهود؟ لو توجهنا بهذا السؤال لأحد كتابنا لسطَّر بمداد قلمه صفحاتٍ في كيف أن مصالح أمريكا لدى "إسرائيل" وحاجة أمريكا والغرب "لإسرائيل"، وهكذا تزيف الحقائق وتبرر الجرائم بأقلام مَن ابتلينا بهم ليكونوا أوصياء على عقولنا وكأنَّ الأمةَ لم تبلغ الرشد بعد، وكأن الأمةَ عقمت فلم تلد إلا مَن تربوا على موائد الغرب ومَن نصبوا أنفسهم أو نصبهم الحكام أوصياء على عقولنا يفسرون لنا مضمون الديمقراطية ومعنى الحرية ويفكرون نيابة عنا.

 

ثم أتساءل لماذا كل هذا؟ ما مبررهم؟ ما حجتهم؟ فإذا الإجابة على لسان بوش: كل ذلك لأن الله أرسلهم لتحضيرنا!.. ألم يصرح بوش أن الله قد أمره بتحرير العراق!!

 

قلتُ لنفسي ربما يذكر ذلك للاستهلاك الإعلامي، ما باله يريد أن يُعلنها حربًا صليبية؟

 

أيريد- بزعمه- حرب الإرهاب أم نشر الإرهاب؟ وقد صرَّح وزير دفاعه أن الحرب ستشمل (60) بلدًا؟!!

 

لماذا كل هذه المجازر التي تُرتكب ليل نهار؛ قتل ودمار وهدم للبيوت بسياسة الأرض المحروقة من دير ياسين إلى صابرا وشييلا وبحر البقر ثم قانا الأولى وأخيرًا قانا الثانية.

 

ما حجتهم في ارتكاب كل هذه المجازر؟ لماذا يستهدفون الأطفال والنساء والشيوخ؟

 

تصفحتُ كتبهم فوجدتُ ما يبرِّر ذلك وأكثر: يذكر التوراة قصة الهجوم على مدينة فيقول: (وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل و شيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف (يشوع 6 : 21).

 

يا لها من إبادة جماعية شملت النساء والأطفال والشيوخ، حتى الحمير والبقر والغنم لم تسلم، ثم يتحدثون عن السلام والإرهاب.

 

فلنواصل لنرى ماذا فعلوا بهذه المدينة ولنقارن ما كان في الماضي وما يحدث الآن (فقام الكمين بسرعة من مكانه وركضوا عندما مد يده ودخلوا المدينة وأخذوها وأسرعوا وأحرقوا المدينة بالنار (يشوع 8 : 19).

 

(واحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها) (يشوع 6: 24).

 

إحراق المدينة بمَن فيها!! إذن هي عقيدة إبادة عنصرية تدميرية، أليس هذا ما نراه على الفضائيات من حرب إبادة في فلسطين ولبنان والعراق؟ إنهم لا يتورعون عن استخدام أحط الوسائل وأفظعها لإبادة البشر من الطائرات إلى قذائف اليورانيوم المنضب، إلى أسلحة الدمار الشامل حتى الفيروسات قد استخدموها ضد الهنود الحمر (فيروس الجدري) في قتل ملايين الهنود.. يا الله!!

 

ومن فيروس الجدري إلى القنبلة النووية في هيروشيما وناجازاكي، حيث اليابان الخاضع لأمريكا وتابعها الآن.

 

فلنواصل لعلنا نستوعب ما يحدث أمامنا ونراه على الفضائيات: لنرى ماذا فعل نبي الله داود بمدن بني عمون (كما يزعمون): (وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد، وأمرهم في أتون الآجر، وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون، ثم رجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم) ثم يتهموننا بالإرهاب... يا للعجب!!

 

يقولون على لسان السيد المسيح: (أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي).

 

(لا تظنوا أني جئت لألقي سلامًا على الأرض، ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا) (متى11/34)، (أتظنون أني جئتُ لأعطي سلامًا على الأرض، كلا أقول لكم بل انقسامًا لأنه يكون من الآن خمسة في بيت واحد منقسمين، ثلاثة على اثنين، واثنان على ثلاثة، ينقسم الأب على الابن والابن على الأب، والأم على البنت والبنت على الأم، والحماة على كنَّتها والكَنَّة على حماتها) (متى /12/51-53).

 

(انتقم نقمة لبني إسرائيل من المديانيين ثم تضمّ إلى قومك.(العدد 31/2) ماذا فعلوا بأهل مديان؟ (فتجندوا على مديان كما أمر الرب وقتلوا كل ذكر، وملوك مديان قتلوهم فوق قتلاهم.. قتلوهم بالسيف وسبى بنو إسرائيل نساء مديان وأطفالهم، ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم، وأحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار، وأخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم وأتوا موسى.. فخرج موسى وألعازار الكاهن وكل رؤساء الجماعة لاستقبالهم خارج المحلة، فسخط موسى على وكلاء الجيش ورؤساء الألوف ورؤساء المئات القادمين من جند الحرب) (عدد31/7-15).

 

فماذا قال لهم موسى: ( فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر اقتلوها) (العدد/31/17).

 

(وقال شاول لننزلْ وراء الفلسطينيين ليلاً وننهبهم إلى ضوء الصباح، ولا نبقِ منهم أحدًا، فقالوا افعل كل ما يحسن في عينيك) (صموئيل الأول 14/36).

 

ثم لماذا هذه الجرافات تهدم البيوت وتهلك الحرث والنسل؟ فوجدت الإجابة: (واحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار) (العدد31/10/10).

 

ثم قلتُ هل يمكن أن يوجد بشر يقتلون الأطفال والرضع هكذا؟ ما دافعهم وما مبررهم؟ فوجدت: (وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف (يشوع 6 : 21).

 

(فالآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعًا. بقرًا وغنمًا، جملاً وحمارًا، فاستحضر شاول الشعب وعده في طلايم مثنى ألف راجل وعشرة آلاف رجل من يهوذا) (صموئيل الأول/15/3-4).

 

ثم كان أن عفا شاول عن أجاج ملك العماليق وبعض الأغنام والبقر والخراف: (وامسك أجاج ملك عماليق حيًّا وحرم جميع الشعب بحد السيف، وعفا شاول والشعب عن أجاج وعن خيار الغنم والبقر والثنيان والخراف وعن كل الجيد ولم يرضوا أن يحرموها، وكل الأملاك المحتقرة والمهزولة حرموها) (صموئيل الأول15/8-9).

 

فماذا كان رد فعل الرب تجاه عفو شاول هذا: (وكان كلام الرب إلى صموئيل قائلاً ندمت على أني جعلت شاول ملكًا لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي، فاغتاظ صموئيل وصرخ إلى الرب الليل كله). (صموئيل الأول15/10-11).

 

لا حول ولا قوة إلا بالله رب يندم وكأنه كان جاهلاً بما يمكن أن يفعله شاول، هل هو رب جهول لهذه الدرجة!!

 

حتى العفو عن الأغنام والأبقار أغضب الرب، أين جمعيات الرفق بالحيوان التي صدعنا بها الغرب؟

 

ما هذه الإبادة للحرث والنسل بشر وحيوانات؟!! (وقال له الرب اعبر في وسط المدينة في وسط أورشليم وسم سمة على جباه الرجال الذين يئنون ويتنهدون على كل الرجاسات المصنوعة في وسطها، وقال لأولئك في سمعي اعبروا في المدينة وراءه واضربوا، لا تشفق أعينكم ولا تعفوا. الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك، ولا تقربوا من إنسان عليه السمة وابتدئوا من مقدسي، فابتدأوا بالرجال الشيوخ الذين أمام البيت، وقال لهم نجسوا البيت واملأوا الدور قتلى اخرجوا فخرجوا وقتلوا في المدينة (حزقيال 9/4-7).

 

انظر حتى الحوامل تشق بطونهم (تجازى السامرة لأنها قد تمردت على إلهها بالسيف يسقطون. تحطم أطفالهم والحوامل تشقّ) (هوشع 13/16).

 

 الصورة غير متاحة

 بعض قوات الاحتلال الأمريكية في العراق

ثم انظر كيف يظهر حقدهم الدفين على العراق وأطفال العراق: (على انهار بابل هناك جلسنا بكينا عندما تذكرنا صهيون على الصفصاف في وسطها علقنا أعوادنا؛ لأنه هناك سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة، ومعذبونا سألونا فرحًا قائلين رنموا لنا من ترنيمات صهيون، كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة، إن نسيتك يا أرشليم تنسى يميني ليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحي.. يا بنت بابل المخربة طوبى لمَن يجازيك جزاءك الذي جازيتنا، طوبى لمَن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة) (مزامير137).

 

نعم لقد أمسكوا بأطفال العراق فقتلوهم بالحرب وبالحصار الاقتصادي الذي حصد أرواح آلاف الأطفال، في سابقةٍ لم تحدث في تاريخ البشرية أن يتعرض شعب للتجويع والحصار لسنوات عديدة لا لذنبٍ ارتكبه ولكن لأنه شعب مسلم فقط شعب مسلم.

 

هذه هي خلاصة ومرجع تجربة الغرب الإبادية العنصرية التدميرية والعقائدية التي تنبع عن عقيدة راسخة يؤمنون بها وينفذونها حرفيًّا، فما أوردناه من أدلة وبراهين من كتابهم المقدس، ما يدل على هذه العقيدة، فالأدلة تتحدَّث وكأنها ترسم لنا صورةً مصورةً لما يحدث ليل نهار في فلسطين ولبنان والعراق.

 

إننا قد عرضنا هذه النصوص وتركناها تتحدث كما لعلنا لا نغالط أنفسنا ولعل أن يكف فلاسفة العالمنية أو كهنة الماركسية الذين يجاهدون من أجل تزييف الحقائق وإخراج الصراع من كونه صراعًا دينيًّا حضاريًّا إلى صراع قومي بين العرب واليهود.

 

ثم ماذا يريدون منا؟ أن نقبل طريقتهم في الحياة ثقافيًّا وحضاريًّا ونخضع لهم سياسيًّا أو يشن علينا حربًا يرغمنا بها لنقبل حضارتهم هذه.

 

رغم كل ذلك لا يتقدم الغزاة بل يتقهقرون وينهزمون ويفرون أمام جنود حزب الله، ويتفاقم مأزقهم يومًا بعد يوم في فلسطين ولبنان والعراق.

 

وكل ترسانة الغرب العنصرية التدميرية الصليبية الصهيونية هذه لن تجديَ مع صمودِ هذه الأمة وتمسكها بعقيدتها وحضارتها وقيمها، لا لأنها تمتلك القوة المادية لمجابهة التتار الجدد؟ وإنما لأنها تمتلك قوةً معنويةً عزيزةً على الانهزام أبيَّةً على الضيم قويةَ على الخضوع والإذعان، هذه القوة هي قوة العقيدة وقوة الإيمان.

 

﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)﴾ (آل عمران).

 

وإن كان ليل الغرب قد طال فإن شمس الشرق توشك أن تشرق على نظامٍ عالمي أكثر إنسانية وأكثر عدلاً، نظامٍ عالمي لا يستطيع فيه شعب أن يبيد شعبًا آخر، ولا تطغى فيه أمة على أمة ولا تستأسد فيه دولة على دولة، ولا نفع ولا مكان فيه لكل أسلحة الغرب العنصرية؛ لأنه لا محالة قائم على الحق والعدل، لا على البلطجة والعربدة ونهب ثروات الشعوب وتركيعها، ولا مكان لشرق أوسط جديد على النمط الأمريكي الإرهابي التوراتي.

 

وأخيرًا يبقى سؤال: هل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ويرى ما يجري يرضى لنفسه أن يضع أمواله في بنوك الغرب ليستثمروها ويعمروا بلادهم ويصنعوا بها أسلحة القتل والإرهاب؟!!