رسالة إلى الإخوان


” وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ”. صدق الله العظيم

هذه إرادة الله الماضية في كل جيل..
وهذا وعده للمؤمنين في كل عصر..
وهذا قدره الغالب مع كل طاغية ومتكبر..
ما كان المستضعفون أئمة في الارض إلا حين صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون..
وما كان الذين استضعفوا أئمة الا حينما جعلوا بيوتهم للناس قبلة وأقاموا الصلاة..
وما كان الذين استضعفوا أئمة الا حين قالوا ” عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ “..
ولن يكون المستضعفون في عصرنا هذا أئمة إلا إذا ابتلوا كما ابتلي أبيهم إبراهيم ونبيهم محمد صلي الله عليه وسلم. فما صار إبراهيم عليه السلام إماما إلا بعد البلاء المبين وأتم كلمات ربه “إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ” ثم حين ابتلاه ربه بكلمات فأتمهن حتي صار علما علي الوفاء ” وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ” بل كان وحده أمه ” “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” وقد يكون ابتلاء الذين استضعفوا من داخلهم أشد من ابتلائهم من عدوهم.
فقد يكون الابتلاء أن يكون فيهم سماعون لغيرهم، كما قال الله تعالى ” وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ”.، وقد تصل الغفلة ببعضهم حتى تأتي عصبة منهم بالإفك ” إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم “. وقد يقولون ما ليس لهم به علم، فهم لم يسمعوه بأذانهم ولم يعرضوه على عقولهم ” إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ “.
لقد ضاقت صدور الاخوان بما ينشر في شبكات التواصل الاجتماعي وفيما يتحدث به بعض الإخوان في وسائل الإعلام حتى تساءلوا، هل يقع هذا من عاقل، فضلا ان يكون أخاً مسلماً.
وبلغ الضيق إلى عقد الألسنة كما قال موسي عليه السلام ” وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي ”
هل حدث ذلك أو بعضه في صفوف الاخوان؟، هل حدث في صفوف الذين قدموا قوافل الشهداء من الرجال والنساء؟ هل حدث في صفوف الثابتين الصابرين في السجون والمعتقلات؟ هل يعقل ان يكون مثل ذلك بين المرابطين في الميادين والشوارع يصدعون بالحق ولا يخافون لومة لائم؟، أقول للأسف كان كل ذلك أو بعضه بنزغ من الشيطان ووقع ما يحسبه البعض هيناً وهو عند الله عظيم.
وفي المقابل، فقد اطلعت على ما قامت به اللجنة الإدارية وأعضاء مجلس الشورى وأعضاء مكتب الإرشاد في الداخل والخارج من ردود منصفه فيها تمحيص للحقائق ونشر كثير من الوثائق والمستندات كما ورد بعضها فى الموقع الرسمي للجماعة رجاء ان يعقل العاقلون، فأوصي الاخوان جميعا بدراستها والتواصل مع من أثرت عليه بعض هذه الشبهات ولا بأس من تمحيص الحقيقة في ظل الاخوة. ولا بأس من التواصل على شبكة المعلومات ولكن بأدب الاسلام واخلاقه “قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم ” ثم انصرفوا الي مهامكم الدعوية الثورية، فقد أهل علينا شهر رجب شهر الاسراء والمعراج ” فاللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ” وليكن حراكنا الثوري فيه من الذكر والعمل الصالح والطاعات ما يربط الناس بربهم ثم بمسري نبيهم صلي الله عليه وسلم.
كنت في رسالتي الي الطلاب أوصيتهم بان يجعلوا من قرب الامتحانات مناسبة للتواصل والتعاون مع المجتمع كله وفي مقدمتهم الآباء والأمهات، فشباب الثورة لديهم من الجدية والشجاعة في مواجهة الظالمين، فقدم ما قدم من الشهيدات والشهداء، فان هذا الشباب يتطلع الي مستقبل يقوم فيه بدوره في نهضة وطنه وعزته بالاجتهاد والتحصيل رغم كل ما نعانيه من ظلم وبطش وفساد وإهدار لمقدرات الأمة وتضييع لحقوقها، ان هذا الشباب ما قام بثورته الا لعزة وكرامة امته ” ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ”
وإنني أؤكد اليوم ان ثورتنا ما قامت إلا لتستكمل إعداد الامة لمعركتنا الفاصلة بيننا وبين الصهاينة، وأول القوة التي نعدها هي قوة الايمان والعقيدة، ثم قوة الوحدة والاخوة، حتى يأتي اليوم الذي يقول فيه الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فاقتله، ولا شك ان حراكنا الثوري هو تنمية وتعبير عملي عن ذلك وليظل الهدف واضحاً لا ننحرف عنه أو نخدع بغيره.

د. محمود عزت
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين

الثلاثاء 5 رجب 1374 ه – الموافق 12 ابريل 2016