- د. جمال عبد الهادي: المودة والرحمة رباط رباني بين أبناء الدعوة

- د. طارق الغندور: المعاتبة والمحاسبة أساليب قرآنية لعلاج الخلل

- د. أحمد سالم: الشورى والتناصح تقضي على الجفاء والقسوة

 

تحقيق- محمد سيد عمر

الدعوة إلى الله عمل الأنبياء وسبيل النجاة قوامها الداعية والرسالة والمدعو، والداعية هو المحرك الحقيقي للدعوة، فبدونه لن تتحرك الدعوة للأمام بل إنها قد تتأخر إذا لم يكن حريصًا على القيام بدوره.

 

ولأن للداعية نفسًا بشريةً تتأثر بالبيئة التي يحيا فيها وبالظروف المحيطة بها، فإنه من الطبيعي أن نجد آثار بعض هذه الظروف عليه وأخطر نتائج ذلك أن يُصبح هناك جفاء في العلاقةِ بين القائمين على العمل الدعوي؛ لأن ذلك لا بد أن تنسحب آثاره على الدعوة نفسها فضلاً عن أنَّ هذا السلوك لا يتفق والخلق الإسلامي الذى يُوصي بالتسامحِ والتناصح ويحض على توثيق الصلات بين المسلم وأخيه.

 

 د. جمال عبد الهادي

 

الدكتور جمال عبد الهادي- أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أم القرى سابقًا- يرفض أن يكون هناك جفاء بين أفراد الصفِّ الواحد، وذلك من منطلق قول المولى لرسوله- صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء) فالداعية جزءٌ من الرحمة، بل إنه صلى الله عليه وسلم يعلمنا في قوله "أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا"، والداعية صاحب الدعوة لن يقتنع به الناس إلا وهو يُطبِّق دعوته على نفسه، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- كان إسلامًا يسير على قدمين.

 

ويؤكد أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- في إشارةٍ لصحابته: "لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانًا" يبين لنا كيف تكون العلاقة بين أفراد الأمة المسلمة والمجتمع المسلم، فلا يصح أن يكون هناك حسدٌ أو بغضٌ، بل إنها مودة ورحمة كما امتنَّ الله عز وجل علينا ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)﴾ (التوبة)، فالداعية يجب أن يكون رؤوفًا رحيمًا، وهذا لن يتحقق بالشعارات وإنما يتحقق بالطاعات ومعرفة الله والإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم.

 

وفي هذا الصدد يُفرِّق الدكتور جمال عبد الهادي بين الدعاة الحقيقيين والمزيفين، فأنت إذا رأيت الرجلَ لا يستن بسنةِ الرسول في كلِّ كبيرةٍ أو صغيرةٍ فيجب أن يُراجع نفسه، ويسألها أين هو من سلوكِ النبي ومن هديه، كما أنَّ ظهورَ بعض تلك الأعراض في الصف إنما هو دليل على قلةِ الطاعة وضعف عقيدة الإيمان، والله عز وجل أكد على ذلك في سورة الأنفال عندما أشار إلى أن الإيمان لن يكتمل إلا بإصلاح ذات البين: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)﴾ (الأنفال).

 

الرفق والرحمة

الدكتور طارق الغندور- الأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس- يُشير إلى قول المولى عزَّ وجل، مخاطبًا نبيه- صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران: من الآية 159)، وفي هذا تأكيدٌ لأهميةِ رقة القلوب والرفق في تناول الأمور، موضحًا أنَّ هناك أسبابًا ترتبط بالمسئول مثل عدم تقدير ظروف الأفراد، والانشغال بت